02-11-2024 01:25 PM بتوقيت القدس المحتلة

إسرائيل و"حماس": مخاوف من انفجار جديد

إسرائيل و

للمرة الأولى منذ انتهاء حرب "الجرف الصامد" على قطاع غزة أرسلت إسرائيل طائراتها الحربية لتقصف ما اعتبرته مواقع للمقاومة في محيط مدينة خان يونس

 

حلمي موسى

 
للمرة الأولى منذ انتهاء حرب «الجرف الصامد» على قطاع غزة أرسلت إسرائيل طائراتها الحربية لتقصف ما اعتبرته مواقع للمقاومة في محيط مدينة خان يونس، بذريعة الرد على إطلاق صاروخ من القطاع. وقامت حركة «حماس» بتحذير إسرائيل من مغبة العودة إلى ما كان قائماً قبل الحرب الأخيرة، والإيحاء بأن صبرها ينفد.

ويتحدث معلقون في الجانبَين، الإسرائيلي والفلسطيني، عن عدم وجود رغبة لدى الطرفين بالتصعيد في هذا الوقت بالذات لاعتبارات مختلفة. ومع ذلك هناك من يسأل: ألم يقل الطرفان إنهما غير معنيين بالحرب عندما وقعت الحرب الأخيرة؟

وينطوي التساؤل على تقدير بأن الرغبة في الحرب شيء ونضوج الظروف لنشوبها شيء آخر. وهذا ما دفع معلقين فلسطينيين للإشارة إلى أن الوضع الراهن في قطاع غزة هو أكثر سوءا مما كان عشية الحرب الأخيرة، ما يجعل دوافع نشوب الحرب ليست أقل مما كانت عليه حينها.

وقد أدرك كثير من قادة الأمن والاقتصاد في إسرائيل، حتى أثناء الحرب الأخيرة على غزة، أن بقاء الحال من المحال، وأنه يحسن بإسرائيل أن تغير سياستها تجاه غزة. فالقطاع في نظر إسرائيل بات بحاجة ماسة إلى إعادة بناء أساسية، وفق أحد المعلقين، «ليس فقط من أجل إعادة إعماره، وإنما أيضا من أجل توفير أفق وأمل لسكانه. فبعد سنوات الحصار، والإدخال المحدود لمواد البناء خشية استخدامها من جانب الذراع العسكري لحماس، من الواضح لإسرائيل الآن أنها ستضطر لإدخال كميات كبيرة منها».

وأيا يكن الحال، يكتب المعلق العسكري في «يديعوت احرونوت» أليكس فيشمان أن تقديرات شعبة الاستخبارات الإسرائيلية للعام 2015 تقرر وجود أرجحية لاستئناف الصدام المسلح مع الفلسطينيين في الضفة والقطاع، بوتائر مختلفة، خلال العام.

ويوضح أن قيادات العمليات والإمداد في الجيش الإسرائيلي أعطت الأوامر بالاستعداد لمواجهة عسكرية كهذه. ولاحظ أن هذا يجعل كل نار تشتعل، سواء في الضفة أو القطاع، تأخذ معنى مختلفا، حيث التساؤل يتعمق حول ما إذا كانت حدثاً محلياً، أم حدثا سيخلف أبعاداً فورية على أمن المنطقة، وأن أحداث قطاع غزة في اليومين الأخيرين تقع ضمن هذا التصنيف.

ويكتب المعلق العسكري في موقع «والا» الإخباري أمير بوحبوط أن العرض العسكري الذي أجرته «حماس» في القطاع، لمناسبة ذكرى انطلاقتها، كان مقلقاً، لما احتواه من أنواع صواريخ مضادة للدروع والطائرات. وأوضح أن «نوعية القوات التي واجهت الجيش الإسرائيلي طوال أكثر من 50 يوماً تشكل مصدراً للقلق، فضلا عن قدرات السيطرة والقيادة. وإذا تم تحسينها، فمن الواضح أن الجيش الإسرائيلي يتوقع مواجهة أشد تعقيداً من أي وقت مضى، تشمل أيضا الأنفاق التي يتم الآن حفرها، وفق التقديرات، باتجاه إسرائيل».

ويشير بوحبوط إلى أن «إسرائيل ليست حقا العنوان في كل ما يتعلق بإعادة إعمار القطاع، والتخفيف من الوضع الاقتصادي الصعب، لكن عندما يتنحى رئيس السلطة (محمود عباس) أبو مازن جانبا عما يحدث في قطاع غزة جراء توتر علاقاته مع حماس، وتعلن مصر عن حماس عدواً، فإن سكان النقب الغربي هم العنوان الوحيد الذي يبقى لحماس من أجل إرسال الرسالة له. لهذا السبب مطلوب من حكومة إسرائيل العمل لتخفيف الضائقة الاقتصادية في القطاع، وتسريع وصول أموال إعادة الإعمار، القادرة على التحول إلى محرك تنمية هائل لمصلحة سكان القطاع الذين، على الأقل وفق وسائل الإعلام، سيدعمون حماس إذا قررت الذهاب لمواجهة أخرى مع إسرائيل».

غير أن الحرب يمكن أن تنشأ بسبب عجز إسرائيل عن بلورة موقف صحيح مما يجري. وفي هذا السياق ثمة أهمية للانتقادات الواسعة في الجيش للمفاهيم القائمة بشأن الحرب غير المتماثلة التي وقعت حتى الآن مع كل من «حزب الله» في لبنان و»حماس» في غزة. ويتساءل قادة إسرائيليون عن معنى الحديث عن الردع، وهو أمر غير ملموس، بعد أن كانت نظرية الحرب الإسرائيلية تستند إلى الحسم. ويقول خبراء إسرائيليون إنه تَطَوَّرَ في الجيش الإسرائيلي وَهمٌ يفيد أن بالوسع قياس فعالية الردع.

ويرى خبير إسرائيلي أن الردع كان يعني تأجيل المواجهة المقبلة أطول وقت ممكن بسبب الثمن الذي يدفعه العدو. لكن هذا، كان يتطلب، طوال الوقت، خوض نوع من المعارك المستترة لمنع العدو من تعزيز قدراته بشكل كبير. وفي قطاع غزة أفلحت المساعي في منع وصول إمدادات كبيرة، سواء عن طريق اعتراضها في البحر، حتى وهي قبالة السودان في البحر الأحمر، أو عن طريق تشجيع مصر على مكافحة التهريب عبر الأنفاق. غير أن عرض «حماس» العسكري، وتجاربها الصاروخية الأخيرة والمتكررة، تثبت أن الردع مشكوك فيه، وأن الجهود لمنع تعزيز القوة ليست مضمونة طوال الوقت. ويذهب خبراء إسرائيليون إلى حد القول إنه رغم العراقيل التي تضعها مصر وجهود الإحباط الإسرائيلية فإن «حماس» تستعيد قدراتها التي كانت. وربما أن هذا دفع كل الصحف الإسرائيلية تقريبا للحديث عن عودة الحركة لبناء أنفاقها الهجومية التي تصل في بعض فتحاتها إلى داخل الخط الأخضر.

عموما يخلص اليكس فيشمان في «يديعوت» إلى القول بأنه «منذ انتهاء القتال في نهاية آب فضلت إسرائيل الهدوء في غلاف غزة على معالجة عملية ترميم حماس لقدراتها العسكرية. لا أحد ساذجا هنا: إسرائيل رأت أن حماس تبني قوتها، لكنها فضلت الهدوء على العودة للصدام».


http://assafir.com/Article/1/391635

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه