تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 25-12-2014 عن موضوع الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وملفات اخرى منها الترقيات الاستثنائية لضباط الجيش والأجهزة الامنية
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 25-12-2014 عن موضوع الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وملفات اخرى منها الترقيات الاستثنائية لضباط الجيش والأجهزة الامنية وموضوعات اجتماعية بيئية كملف النفايات الضلبة وملف قانون السير.
اقليميا، تحدثت الصحف عن التطورات العسكرية الاخيرة في سورية.
وأتت افتتاحيات الصحف على الشكل التالي:
السفير
مصيبة التطرف التكفيري تجمع ما فرقته السياسة
هل ينجح الحوار الثنائي في إنتاج «تحالف خماسي»؟
بداية جولتنا مع صحيفة "السفير" التي كتبت تقول "لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس عشر بعد المئتين على التوالي.
أرخت أجواء عيد الميلاد بظلالها، ليس فقط على اللبنانيين المتعطشين لاقتناص لحظة فرح وسلام وسط الضغوط التي يرزحون تحتها، وإنما ايضا على الوسط السياسي الذي حلّت عليه بركات الحوار، فالتقى «حزب الله» و«تيار المستقبل» بعد قطيعة، وانكسر الجليد بين الرابية ومعراب ما سمح لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بأن يتصل بالعماد ميشال عون معايدا، كما فعل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس أمين الجميل.
في ظل هذا المناخ، استمرت أجواء جلسة الحوار الاولى بين «حزب الله» و«المستقبل» بالتفاعل، فيما يرى كثيرون أن معيار نجاح الحوار الثنائي يكمن في مدى قدرته على فتح باب التوافق الوطني حول ملفي الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب، ربطا بالتحالفات الداخلية لطرفيه.. مما يدفع الى التساؤل عما اذا كان بإمكان هذا الحوار ان ينتج «تحالفا خماسيا» يصون دور العماد عون ويراعي هواجسه وتطلعاته، ام سيخفق، بعد عشر سنوات، في التعويض عن خطأ التحالف الرباعي الذي استبعد في حينه الجنرال؟
الارجح، أن كثيرين في «حزب الله» و»المستقبل»، وربما أعضاء الوفدين ايضا، لم يتوقعوا أن تفرز الجلسة الاولى من الحوار، برعاية الرئيس نبيه بري، هذا المنسوب المقبول من الايجابية، بعد مرحلة طويلة من الخصومة التي لامست حد العداء.
في الأصل، دخل وفدا «الحزب» و»المستقبل» الى الحوار بتوقعات متواضعة، وجرى توزيع الادوار بين أعضاء كل وفد على هذا الاساس.
كانت فكرة كسر الجليد الذي تراكم خلال شتاء العلاقة الطويل هي اقصى ما يطمح اليه الطرفان في هذه اللحظة.
لكن، مع انطلاق الاجتماع الاول ودخول ضيوفه شيئا فشيئا في «فورمة» الحوار، بدا ان الآفاق المفتوحة هي أوسع مما كان مقدرا، وبالتالي سرعان ما تجرأ الفريقان على التطلع الى ما هو أبعد من تنفيس الاحتقان.
لقد بدا واضحا من المناخ الذي ساد جلسة أمس الاول، أن هناك قرارا إستراتيجياً لدى كل من «الحزب» و»المستقبل» بالذهاب حتى الحد الاقصى في حوار جاد ومسؤول ومتفهم للآخر، بمعزل عما إذا كان سيصل في نهاية المطاف الى نتائج نوعية.
ولأن النائب وليد جنبلاط شريك في المبادرة الحوارية، فقد كان هناك حرص من الرئيس نبيه بري و»المستقبل» على وضعه في صورة اللقاء الاول، فزاره أمس كلٌ من الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، فيما تردد ان وفدا من «حزب الله» قد يلتقيه ايضا في السياق ذاته.
ولكن، ما المعنى السياسي لقرار «الحزب» و»المستقبل» بخوض الحوار في هذا التوقيت؟
يمكن القول تأسيساً أن مصيبة الإرهاب والتطرف جمعت الفريقين المستهدفين والمتضررين من الجماعات التكفيرية، الامر الذي جعلهما معنيين معاً بالتصدي لهذا الخطر المشترك.
الى ذلك، ليس خافياً أن «حزب الله» مهتم بتخفيف حدة الغليان المذهبي الذي ارتفعت حرارته في لبنان خلال السنوات الماضية لاسباب داخلية وخارجية، قبل ان يلامس الخط الاحمر مع نشوب الازمة السورية ودخول الحزب على خط المواجهة العسكرية مع الجماعات المسلحة.
لا يوحي «الحزب» انه معني بالصراع على السلطة من حيث توزيع المغانم والحصص، كما يُبين حجم مشاركته في الحكومة الحالية. ما يعنيه بالدرجة الاولى ان يحمي ظهره ومقاومته، وهو يدرك ان هذا لا يتحقق إلا بحماية الحد الادنى من السلم الاهلي اللبناني، ومحاولة تنظيم العلاقات تفاهما او اختلافا مع الخصوم.
وإذا كان شائعا ان «حزب الله» يُمسك بالارض، فإن «تيار المستقبل» يُمسك بالسلطة من خلال الرئيس تمام سلام الذي وصل الى رئاسة الحكومة بتسمية من سعد الحريري وبمباركة سعودية. وعليه، فإن من مصلحة «المستقبل» المهدد أيضا بالمد التكفيري ان يعيد ترتيب أوراقه الداخلية وأن يحصّن دوره وحضوره في السلطة من خلال التفاهم او أقله ربط النزاع مع الطرف الأقوى على الارض.
وليست الرياض بعيدة عما يجري في بيروت، إذ ان انطلاق الحوار في هذا التوقيت ما كان ليحصل لولا غطاء السعودية التي يهمها ان تحافظ على موقعها المتقدم على الساحة اللبنانية، وعدم تعريض التوازن مع النفوذ الايراني لأي خلل.
ولئن كان طرفا الحوار وراعيه الرئيس نبيه بري أصحاب مصلحة في نجاح الحوار، كلٌ لأسبابه واعتباراته، إلا ان هؤلاء جميعا يعلمون جيدا ان الاختبار الحواري الجديد يواجه تحديات صعبة وأزمة ثقة مستفحلة، قياسا الى التجارب السابقة غير المشجعة، والى الهوة السياسية الواسعة التي تفصل بين قطبي «8 و14آذار».
من هنا، سيحتاج «حزب الله» و»المستقبل» الى بذل جهد كبير لاستعادة «خصوبة» الحوار الذي عانى في محطاته السابقة من عقم سياسي، سواء لجهة انتاج الحلول أو لجهة تنفيذ ما كان يُتفق عليه برغم تواضعه.
واستنادا الى الدروس المستقاة من الماضي، تعمّد الطرفان منذ البداية عدم رفع السقوف، وفضّلا اعتماد الحد الاقصى من الواقعية في صياغة جدول الاعمال، فنزعا منه البنود الخلافية «الخبيثة»، وأبقيا على تلك «الحميدة» والقابلة نظريا للمعالجة.
وبقدر ما أوحى هذا «الفرز» ببراغماتية ضرورية من قبل الجانبين، إلا انه دفع الكثيرين في الوقت ذاته الى التساؤل عن جدوى الحوار إذا أصرّ على تجنب الخوض في الاسباب العميقة للازمة، واكتفى بمقاربة النتائج التي تطفو على السطح، لأنه في هذه الحال سيكون اقرب الى العلاج النفسي من السياسي.
وعلى قاعدة حماية فرصة الحوار المرهفة والمفتقرة الى المناعة من «العمليات الانتحارية» السياسية، وُضع التدخل في سوريا وسلاح المقاومة خارج التداول، وتقدمت في المقابل بنود من نوع الأمن، مكافحة الارهاب، الاستحقاق الرئاسي، قانون الانتخاب، وتفعيل المؤسسات الدستورية.
وإذا كانت هذه الملفات تحتمل من حيث المبدأ تطويعها لمنطق التسوية، إلا ان تدقيقا بسيطا في مواقف «المستقبل» و»حزب الله» منها، يُبين ان الشياطين الكامنة في تفاصيلها تحتاج لمواجهتها الى قدرات استثنائية وخيارات جريئة، ليس معروفا بعد مدى جهوزية الطرفين لانتاجها في هذه اللحظة.
ما هو مؤكد بعد الجلسة الاولى، ان مجرد انطلاق الحوار سيساهم تدريجيا في إذابة الجليد المتراكم وتبريد اللغة السياسية وتهدئة الخطاب الاعلامي وإراحة القاعدة الشعبية، لكن هذه المفاعيل الأولية المرتقبة لن تصمد على المدى الطويل ما لم يتم تصفيح الحوار بتوافقات الحد الادنى، على الاقل، إذا تعذر ما هو أبعد من ذلك.
هوامش التنازل
ولكن، ما هي الهوامش التي يستطيع كلٌ من الفريقين تبادل التنازلات بين ضفافها؟
في مسألة الأمن، تبدو مساحة التوافق المحتمل أكبر منها في السياسة، إذ لن يكون صعبا ان يتفاهم الطرفان على وجوب منح كل التغطية للجهد المبذول من الجيش وقوى الامن الداخلي لفرض الاستقرار وملاحقة المرتكبين.
ولئن كان «المستقبل» يشكو من ممارسات بعض عناصر «سرايا المقاومة» ومن ضعف الخطة الامنية في البقاع قياسا الى الحزم الذي ظهر في الشمال، فإن المتوقع ان يبدي «حزب الله» كل مرونة لمعالجة هواجس الفريق الآخر، وتسهيل مهام القوى الشرعية في المناطق الخاضعة لنفوذه، خصوصا ان الحزب وجمهوره هما في الاصل الاكثر تضررا من جرائم الخطف والقتل.
أما في ما خص مكافحة الارهاب، فإن «حزب الله» و»المستقبل» يلتقيان على ضرورة مواجهة الجماعات التكفيرية التي تشكل تهديدا للداخل عموما، ولكل منهما خصوصا، لكنهما يختلفان على توصيف أسباب تهديدها للبنان وتمدد خطرها في اتجاهه، في ظل قناعة «الحزب» بأن هذه الجماعات تحمل بحد ذاتها مشروعا تدميريا عابرا للحدود، وقناعة «المستقبل» بأن التدخل في سوريا هو الذي أتى بها الينا.
وإذا كان تنفيس الاحتقان المذهبي هو أحد حوافز الإقبال على الحوار، فإن التحدي يتمثل في مدى قدرة طرفيه على عزل لبنان فعليا عن المؤثرات الإقليمية السلبية، وسط ما يجري من صراعات في سوريا والعراق واليمن والبحرين والسعودية.
وبالنسبة الى تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، كان لافتا للانتباه إشارة البيان الختامي للجلسة الاولى أمس الى «فتح ابواب التشاور والتعاون لتفعيل عمل المؤسسات والمساعدة على حل المشكلات التي تعيق انتظام الحياة السياسية». ومع ان هذه الإشارة لا تخلو من الأهمية والإيجابية، إلا انها قد توحي للبعض بأنها تنطوي على نوع من الاختزال للآخرين ولدور المؤسسات الدستورية التي يُفترض ان تتحرك وفق دينامية داخلية، بالدرجة الاولى.
أم المشكلات
وتبقى أم المشكلات في ملف الاستحقاق الرئاسي.
صحيح، ان الجانبين لن ينزلقا الى لعبة الاسماء، أولاً لكونهما لا يتفقان على اسم أساساً، وثانيا لأنهما يحاذران أي استفزاز للحلفاء المسيحيين، إلا ان الصحيح ايضا هو ان المواصفات المطلوبة في من سيسكن قصر بعبدا تشكل بحد ذاتها مادة خلافية مستعصية، في ظل تركيز «المستقبل» على مرشح توافقي من خارج دائرة الاقطاب الاربعة، وإصرار «حزب الله» على دعم العماد ميشال عون حتى النهاية، ما دام مستمرا في ترشيحه.
وما يزيد الموقف تعقيدا في هذه النقطة، هو ان أيا من طرفي الحوار لا يملك لوحده القدرة على الحسم الرئاسي، ذلك ان لكل منهما شريكه المسيحي الذي يحتفظ بحق النقض «الفيتو».
وعقدة الرئاسة تنسحب على قانون الانتخاب، حيث يمكن لأي مكوّن داخلي ان يكون لاعبا مؤثرا في هذا المجال، بفعل التوازنات اللبنانية المرهفة، والتي كثيرا ما تتساوى فيها الأدوار، وإن تباينت الأحجام، الامر الذي يعني ان أي توافق انتخابي بين «الحزب» و»المستقبل» لن يلزم الآخرين.