لن يستمر الهدوء طويلاً على جبهة القلمون. هدنة «أُخوة الجهاد» تترنّح، بعدما وصل موفدو الخليفة البغدادي لرصّ صفوف جنود «الدولة الإسلامية» على حدود لبنان
رضوان مرتضى
لن يستمر الهدوء طويلاً على جبهة القلمون. هدنة «أُخوة الجهاد» تترنّح، بعدما وصل موفدو الخليفة البغدادي لرصّ صفوف جنود «الدولة الإسلامية» على حدود لبنان. سلاحهم شرعيون مخضرمون ورواتب شهرية تُدفع للمنضوين الجدد لاستنزاف «جبهة النصرة» قبل وقوع الواقعة.
لم توقف هدنة القلمون المؤقتة صراع «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية». نأي هذه الجبهة عن صراع الإخوة في سوريا لن يستمر طويلاً، بل بدأ كسابقه على الساحة السورية، بمناظرات شرعية. وبالتالي، تكون حرب البيانات مقدمة لحرب الجبهات، ولا سيما أن حضور «الدولة الإسلامية» على هذه الجبهة لم يعد ثانوياً. إذ يُحاول التنظيم، الذي يُعيد ترتيب صفوفه، تسلّم زمام قيادة الجبهة هنا وسحب البساط من تحت أقدام «النصرة». لذلك أرسل شرعيين مخضرمين وعناصر مدججة بالسلاح النوعي وكميات كبيرة من المال. وبذلك تكون محاولات أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلّي لتجنّب الفتنة ولملمة الصف الجهادي قد ذهبت أدراج الرياح. وتكشف المعلومات أنّ «الدولة الإسلامية» التي يقودها هذه الأيام الشيخ أبو عبد الله المقدسي، الذي يُعرف أيضاً بلقب «أبو الوليد المقدسي»، لجأت إلى دفع رواتب شهرية قدرها ٤٠٠ دولار أميركي لكل عنصر. وهذا يُشكّل عامل جذب إضافي لجلب عناصر جدد إلى صفوف التنظيم المتشدد في ظل الوضع المادي المتردي للمسلّحين والنازحين المنتشرين في تلك المنطقة.
فضلاً عن حملة المناظرات الشرعية التي أطلقتها «الدولة» ضد «النصرة» في الفترة الأخيرة لشدّ العصب وإلقاء الحجة الشرعية لخروج أفراد «النصرة» عن المنهج. وتجدر الإشارة إلى أن المقدسي، وهو قاضي القضاة في «الدولة»، وصل ضمن وفد مؤلف من ثلاثة شرعيين مرسلين من القيادة المركزية للتنظيم في الرقة، أحدهم يُعرف بـ«أبو كفاح العراقي».
أمام ذلك، يُصبح التساؤل بشأن تحضير تنظيم «الدولة» لاستكمال حربه على «النصرة» في القلمون أمراً حتمياً. وفي هذا السياق، تكشف معلومات لـ«الأخبار» أن أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلي، دُعي إلى اجتماع مع الوافدين الجدد من شرعيي «الدولة»، مشيرة إلى أنّ هؤلاء عرضوا عليه أن يبايع «الخليفة ابراهيم». وذكرت المعلومات أن أحد «الشرعيين» (عراقي الجنسية) الذين التقوا التلّيّ خاطبه قائلاً: «ندعوك للبيعة»، مؤكدة أنهم وعدوه بإمارة التنظيم إن هو وافق، لكن الأخير رفض قائلاً: «والله لو رأيت أن دولة الخلافة على صواب، لكنت بايعتها منذ قامت». وقد دفعت هذه العبارة إلى ردّ «شرعي الدولة» بالقول: «أنتم طائفة كُفر وردّة ، فانفروا بدينكم»، نتج من ذلك تلاسن بين الرجلين. لم يلبث الاحتدام أن هدأ بعد الاتفاق على هدنة وقف القتال والتعاون حيث يلزم لـ«رد عدوان العدو الصائل» المتمثّل بالجيش السوري وحزب الله. ويأتي هذا الاتفاق في إطار التوجه الذي يسوّق له مقربون من «الدولة» عن الإعداد لهجوم على القرى والبلدات اللبنانية تنفيذاً لخطة «طموحة» تقضي بالسيطرة على منطقة البقاع الأوسط.
في موازاة ذلك، كانت «الدولة» قد بدأت معركة «تطهير القلمون من الجيش الحر». وهذا الشعار رفعه جنود «الدولة» وفق خيار «بايع أو تُقتل»، متّهمين «الحرّ» بالخيانة وببيع المناطق المسيطر عليها للنظام السوري وحزب الله. لكن رغم الاشتباكات العنيفة التي وقعت في الأيام الماضية بين التنظيم المتشدد وفصائل الجيش الحر وشيوع خبر مقتل قائد لواء مغاوير القصير عرابة إدريس، نفت مصادر سورية مقتل عُرابة، كاشفة أنه كان مُعتقلاً لدى «الدولة» قبل أن يُطلق سراحه.
وبالعودة إلى خلاف إخوة المنهج الذي استعر بين شرعيي التنظيمين، بدأت حرب البيانات المكتوبة والصوتية. وبعد بيان «الدولة» الصوتي الذي نُسب إلى «أبو الوليد المقدسي»، الذي أعاد التذكير بأن «النصرة» أخلّت بالبيعة للبغدادي وانشقت عنه، مؤكداً أن عناصرها ارتكبوا ناقضاً من نواقض الإسلام بموالاتهم المجالس العسكرية المرتدة، أي أنّهم وقعوا بالكُفر وجاز قتالهم وقتلهم، والذي استجلب ردّ أمير «النصرة» ببيان مكتوب ليرد على سؤال عن تنظيم «الدولة الإسلامية» هل يُعتبرون كفّاراً أم مسلمين؟ والذي تريث فيه ليبدو كمن يمشي بين قطرات المطر رافضاً تكفير أحد. فاكتفى بالقول إن بين جنود «الدولة» خوارج وغلاة، بالاستناد إلى قول الشيخ أبو محمد المقدسي. وفي موضع آخر، لم يكن مباشراً، بل اكتفى بالقول إن دفع أذى «من يوغل في تكفير المسلمين ويستحل دماءهم وجب دفع صياله، سواء كان من تنظيم الدولة أو أي جماعة أخرى». لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل نشر موقع «المرابطون» بياناً آخر نقلاً عن أحد شرعيي «النصرة» للرد على المسؤول الشرعي لجماعة «الدولة» في القلمون، فقام بتفنيد التهم التي سيقت ضد «النصرة» والردّ عليها.
تجدر الإشارة إلى أن الخلافات بين «النصرة» و«الدولة» استعرت بعد انشقاق قيادي في «النصرة» يلقّب بـ«الأهوازي» عن التنظيم ليلتحق بـ«الدولة» ويُصبح المسؤول العسكري فيها. وتحدثت المصادر عن انشقاق قرابة ثلاثين «جهادياً» عن «النصرة» في الفترة الأخيرة التحقوا جميعهم بـ«الدولة».
http://www.al-akhbar.com/node/222670
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه