بعد انطلاق الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، شاعت في البلد أجواء الارتياح والترحيب من مختلف الاطراف السياسية، فهل يمكن الحديث عن حوار بين المسيحيين في لبنان؟ انطلاقا من رغبة للحفاظ على الاستقرار.
بعد انطلاق الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل برعاية الرئيس بري وبمباركة النائب وليد جنبلاط، شاعت في البلد أجواء الارتياح والترحيب من مختلف الاطراف السياسية، سواء من قوى 8 او 14 آذار، كما تبين ان هناك دعما خارجيا لهذا الحوار انطلاقا من رغبة للحفاظ على الاستقرار في لبنان وامكانية الوصول لانتخاب رئيس للجمهورية.
وملف رئاسة الجمهورية قد يكون نافذة من نوافذ الحوار بين اللبنانيين عامة وليس فقط بين قطبين اساسيين يقعان على ضفتي الانقسام السياسي في البلد، وهذا الملف قد يشكل -وربما يجب ان يشكل- مادة اساسية تتحاور عليها بالتحديد الاطراف المسيحية في لبنان، لا سيما ان المؤشرات تشير الى انه اذا توافقت الاطراف المسيحية على اسم لرئاسة الجمهورية فلا يمكن لاحد منع وصوله الى قصر بعبدا.
كما ان المرشحين المفترضين حتى اليوم اي رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، لا زالا على موقفهما فيما يتعلق الاستحقاق الرئاسي، بل ان الامور أخذت منحى اكثر جدية بالنسبة للرجلين:
-فمن جهة جعجع، تمسكه بترشحه للرئاسة أصبح أهمية خاصة بعد زيارته الاخيرة الى السعودية، هذه الزيارة بما تضمنته من لقاءات واستقبالات قد أوحت بتبني السعودية لترشيح جعجع كورقة يمكن ان تفاوض عليها في الاستحقاق الرئاسي ومن ثم الملف الداخلي اللبناني بوجه عون وحلفائه، ما جعل جعجع يعزز مكانته لدى السعودية، أقله معنويا بمواجهة حلفائه في "14 آذار" وفي طليعتهم "تيار المستقبل"، كل ذلك يجعل جعجع قادرا على الدخول منفردا بأي تفاوض او حوار محتمل مع عون او غيره من الاطراف المسيحية، أسوة بما فعله "تيار المستقبل" الذي بدأ حوارا ثنائيا مع حزب الله.
- من جهة العماد عون، تأكد بقاء استمراره بالترشح، بعد تأكيد حزب الله في أكثر من مناسبة انه لن يتخلى عن عون للرئاسة، حتى ان مصادر الحزب تحدثت عشية الحوار مع "المستقبل"، ان ملف الاستحقاق الرئاسي يناقش في الرابية مع رئيس اكبر كتلة نيابية مسيحية في البرلمان اللبناني.
هل يمكن الحديث عن حوار مسيحي قريب؟ وماذا سيكون جدول اعماله؟
وانطلاقا من كل ذلك، بات مطروحا بصورة جدية الحديث عن امكانية انطلاق حوار بين الاطراف المسيحية في لبنان سواء كان ثنائيا او موسعا، تحت رعاية بكركي او جهات اخرى، لا سيما ان القطبين المسيحيين الآخريين أي رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب "الكتائب اللبنانية" أمين الجميل، ليسا بعدين عن أجواء الانفتاح والحوار.
- فبالنسبة للجميل، الرجل لم يقطع صلات التواصل بتاتا مع أغلبية الافرقاء بدءا من العماد عون وفرنجية، وصولا الى باقي فريق 8 آذار، حيث توج هذا التواصل بزيارته الاخيرة الى الجنوب وما رافقها من اجواء انفتاح على حزب الله وحركة امل.
- أما بالنسبة للنائب فرنجية فهو أيضا طالما كان من دعاة الحوار وهو منفتح على غالبية الاطراف السياسية اللبنانية ولا معوقات لديه من التواصل مع الجميع.
فهل يمكن الحديث عن لقاء قد يعقد بين عون وجعجع؟ وهل يمكن ان نرى لقاء بين الاقطاب المسيحية الاربعة كمقدمة لحوار بين بين فريقين او اكثر؟ هل يمكن لبكركي ان تكون راعية لهكذا حوار على شاكلة رعاية عين التينة للحوار بين حزب الله والمستقبل؟ وماذا يمكن ان يضم جدول اعمال اي حوار مسيحي مفترض؟ هل يكون محصورا فقط بالاستحقاق الرئاسي ام انه يمكن ان يشمل ملفات اخرى كمواجهة الارهاب التكفيري مثلا؟
حول هذه التساؤلات اشار رئيس "المجلس العام الماروني" في لبنان الوزير السابق وديع الخازن الى ان "هناك تحضير جاد للحوار بين الدكتور جعجع والعماد عون وحتما سيحصل هذا الحوار في وقت قريب جدا على الارجح بعد عيد رأس السنة"، ولفت الى ان "هناك فريق من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يحضّر لورقة عمل لمناقشة بنودها في اللقاء المرتقب بين الرجلين".
وأكد "عراب الحوار بين جعجع وعون" الوزير الخازن في حديث خاص لموقع "قناة المنار" ان "بكركي تبارك دائما الحوارات بين اللبنانيين ولاسيما بين المسيحيين لانها تجمع وتعطي المناعة للبلد وتوقيه شرور ما يمكن ان يحصل من انعدام الاستقرار في المنطقة التي تحيط بلبنان".
ولفت الخازن الى ان "الاجواء ايجابية جدا بين الرابية ومعراب"، واضاف ان "هناك مواضيع عديدة سيتم البحث بها خلال اللقاء بين جعجع وعون وفي مقدمتها الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب بالاضافة الى الوجود المسيحي والتعاون المسيحي والحوار الاسلامي المسيحي والتهديد التكفيري"، وشدد على ان "الوحدة الوطنية في لبنان هي امضى سلاح لمواجهة الارهاب التكفيري الذي يعيثون خرابا في المنطقة ويهددون وجود الاقليات".
البطريرك الراعي يشجع دائما على اي حوار خاصة بين المسيحيين
وحول امكانية توسيع الحوار المسيحي، قال الخازن "البداية يجب ان تكون باجتماع الثنائي عون جعجع كي ننطلق بعدها بخارطة طريق تحصن الساحة المسيحية واللبنانية ايضا"، واكد ان "رأي النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل مهم جدا بالنسبة للحوار وكذلك مباركة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي"، واكد ان "البطريرك الراعي يشجع دائما على اي حوار خاصة بين المسيحيين".
وقال الخازن "كان لي الدور في أساس المبادرة للجمع بين العماد عون والدكتور جعجع"، واعتبر ان "ما سعى إليه في هذا الاطار تمّ"، واضاف "بالتقريب بين جعجع وعون استطعنا ان نحدث خرقا في جدار الجمود في العلاقة بين الرجلين"، متمنيا ان "يكون العام الجديد عام الانفراجات في مختلف الملفات العالقة في لبنان".
ولفت "عراب الحوار بين جعجع وعون" الى انه "وضع غبطة البطريرك الراعي في أجواء التحضير للقاء جعجع وعون وكل الاتصالات التي حصلت في هذا الاطار"، واضاف "البطريرك كان مسرورا جدا وشجّع على فكرة الحوار"، وتابع "لكن الامور التفصيلية والتقنية للحوار تعني بشكل اساسي ومباشر اطراف هذا الحوار اي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية".
يغلق العام 2014 ابوابه مع اجواء تفاؤلية بالحوار على أمل الانطلاق بفعالية اكبر في العام 2015، فلقاء كسر الجليد بين حزب الله وتيار المستقبل تم قبل الاعياد على ان يستمر بزخم اكبر من بعدها، ليواكبه حوار مسيحي - مسيحي يكسر الجمود والقطيعة بين اللبنانيين، ويكسر معها حدة الانقسام العامودي الذي عانى منه لبنان في الفترة الماضية، مع كل التمنيات بتحقيق انجازات مهمة في الحوارات الثنائية لا تنحصر بملفات معينة ولا تنتهي بإطلاق عجلة الحوار الشامل بين اللبنانيين الذي بات ضرورة ملحة مع كل ما يجري حولنا.