لا يبدو أنّ القوى الاستخبارية التي سهلت لـ»داعش» دخولها الدول التي تمركزت فيها وصلت الى قناعة وجوب الإحجام عن مدّ يد العون او الدعم له
روزانا رمّال
لا يبدو أنّ القوى الاستخبارية التي سهلت لـ»داعش» دخولها الدول التي تمركزت فيها وصلت الى قناعة وجوب الإحجام عن مدّ يد العون او الدعم لها، بعدما يقارب أربع سنوات على تمدّد الإرهاب في مناطق عربية استراتيجية تقع في قلب العالم السياسي، وهي سورية العراق ولبنان وسيناء المصرية… بل يتضح من الأحداث الأمنية اليومية أنّ هذه القوى لا تزال تدفع وتسهّل لـ»داعش» تمرير فشلها في مشروع ما بمشروع جديد تعمل على البدء به بمقدمات وإشارات.
ليس سهلاً النظر إلى سقوط دول عربية رئيسية رهينة الإرهاب، وليس سهلاً كذلك انقلاب مشهد الجيوش في تلك الدول الى جيوش دفاع تعمل على تحرير مدن وقرى سقطت في يد الإرهاب.
سياسياً أكثر القوى التي دعمت «داعش»، والتي لم يكن محرجاً لمواقفها او سياساتها عدم المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، كانت تركيا التي يحكمها اليوم حزب العدالة والتنمية، وجماعة «الإخوان المسلمين» ليست عبارة عن حزب داخلي تركي لا يتطلع إلى نفوذ خارجي، إنما تركيا الباحثة منذ أربع سنوات عن نفوذ وخطط توسعية لم توفر جهداً في خوض مشاريع مدروسة ومخططة تتعلق بامتداد حقيقي للسلطة التركية خارج حدودها، فكانت الآمال كلها معلقة على مصر وتونس بحكم الوجود الضخم للجماعة فيهما، وفي سورية، فأصيبت السياسة التركية بخلل واهتزاز كبيرين أدّيا الى مرحلة بسيطة من الستاتيكو السياسي، ربما كانت فيه تركيا مراقباً جيداً للمحادثات الإيرانية ـ الاميركية ليعود ويتبيّن بعدما جرى في الأردن من خضة داخلية نتيجة سقوط الطائرة الحربية وأسر طيارها، أنّ هناك من يحاول أن يستنهض الجماعات الإسلامية النائمة من «إخوان» وغيرهم من المتطرفين للانقضاض على قرارات الدولة الأردنية، وخصوصاً دخولها التحالف الدولي، فلمَ لا تكون تركيا الراعي الرسمي هذه المرة مجدّداً؟
بغضّ النظر عن قدرة السياسة التركية على فرض أجندتها أو الاقتناع بأنّ هناك أموراً لم تعد قادرة على السيطرة عليها فإنّ الأكيد إذا صحّت نوايا العبث في الداخل الأردني انّ تركيا لم تنضمّ حتى الساعة الى فريق التسويات السياسية في المنطقة، او ربما تكون تركيا على موعد جديد مع آخر رهاناتها أمام سيّدها الأميركي قبل الانضمام قسراً الى سلة الحلول السياسية، فهل يعجّل هذا في الأحداث الدراماتيكية في الأردن كآخر الرهانات قبل إعلان الاستسلام؟
اما على صعيد «داعش» فإنّ جلّ ما تحلم به هو أرض آمنة قابلة للامتداد، وهو حلم لم تستطع تحقيقه حتى الساعة، خصوصاً أنّ الخناق يضيق عليها يوماً بعد آخر، والعراق الذي جاء الدخول إليه بعد سورية، أثبت أنه ليس مفتوحاً أمام «داعش»، ولا يمكن الرهان عليه أبداً، فإنجازات الضلوعية واستعادة السيطرة عليها والتقدم الكبير للجيش العراقي في محافظة صلاح الدين، بالاضافة الى عمليات البيشمركة لا تنبئ بـ«داعش» عراقي مستقرّ.
تتجه «داعش» تلقائياً في نهاية عام 2014 لتبدأ عام 2015 بخطة جديدة بدأت مؤشراتها تلوح في إقحام الاردن بلعبتها رسمياً عبر البروبغندا التي أثارتها حول الطيار الأسير، واذا كان الأردن قد علّق مشاركته في التحالف الدولي ودخل مرحلة التواصل مع «داعش»، فإنّه أدخل نفسه بالتأكيد في نفق مظلم من الصعب التخلص منه مع كلّ ما يوحيه من مغريات وأرض تحوي مؤيدين ومتطرفين أردنيين وخلايا ضخمة نائمة قد تجد أمامها اليوم فرصة لن تتكرّر بالانقضاض على الحكومة الأردنية وملكها.
اخطأت الحكومة الأردنية بالخضوع لمطالب «داعش» او ترك انطباع المسايرة والاستعداد للتفاوض معها، وإذا كانت بعض الأخطاء قابلة للتصحيح فإنّ الأردن إنْ لم يستدرك ويصمد في وجه ابتزاز «داعش» او يعيد النظر في مواقفه، مقبلٌ على الدخول في أتون مظلم أسرع من أي دولة مجاورة في أي وقت مضى.
الخناق يضيق على «داعش» والحلّ الهروب بدخول دولة جديدة ولا شيء يدلّ انها لن تكون الأردن…
http://www.al-binaa.com/?article=24722
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه