تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس 8-1-2015 الهجوم المسلح الذي تعرضت له صحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية، كما تناولت العديد من الملفات الداخلية منها ما يتعلق بالعاصفة المناخية وملف النازحين السوريين.
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس 8-1-2015 الهجوم المسلح الذي تعرضت له صحيفة "شارلي ايبدو" الفرنسية، كما تناولت العديد من الملفات الداخلية اللبنانية منها ما يتعلق بالعاصفة المناخية التي تضرب لبنان وملف النازحين السوريين وما يعانونه من جراء هذه العاصفة، بالاضافة الى ملفات اخرى.
السفير:
درباس: التدابير الحدودية لا تشمل اللاجئين السوريين في لبنان
العاصفة «تهجّر» النازحين من الخيام إلى.. الخيام
كتبت صحيفة "السفير" اللبنانية "لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم التاسع والعشرين بعد المئتين على التوالي.
احتلت العاصفة "زينة" صدارة اهتمامات اللبنانيين، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى تنظيم حياتهم على إيقاع العاصفة العاتية، التي حملت معها الثلوج والصقيع، وأعادت تذكير الناس بـ"طقوس" فصل الشتاء العائد بقوة، بعد مروره العابر خلال العام الماضي
وإذا كانت «زينة» قد حملت معها في إحدى يديها الخير الوفير بعد جفاف، إلا أنها حملت في اليد الأخرى قطْعاً للطرق وانقطاعاً في الكهرباء وإغلاقاً للمدارس وأضراراً في بعض الممتلكات، فيما تساقطت الثلوج على ارتفاع 400 متر أحياناً، وتدنت درجة الحرارة الى بضع درجات تحت الصفر في البقاع.
أما في مخيمات النازحين السوريين، فإن للشتاء قصة أخرى تفوح منها رائحة الموت. هنا أيضاً، نشبت معركة ولو كانت هذه المرة مع الطبيعة، وهنا أيضاً اصبحت الإمرة لـ «جنرال» وإن كان يرتدي البزة البيضاء.
فقد حاصرت الثلوج عمار أحمد كمال (35 عاماً)، ومحمد أبو ضاهر (41 عاماً) وماجد خير البدوي (6 سنوات) في مرتفعات جبل الشيخ، بعدما غادروا بلدتهم بيت جن (سوريا) قاصدين بلدة شبعا عبر هذه المرتفعات، في ظل حرارة متدنّية تراوحت ما بين 5 و8 تحت الصفر، مما أدى الى وفاتهم، بينما نجا نازح رابع، كان برفقتهم.
وقضت النازحة الطفلة هبة عبد الغني (10 سنوات)، في أحد مخيمات عرسال، فيما أدخل عشرات الاطفال السوريين الى مستشفيات البقاع، نتيجة معاناتهم من نزلات برد حادة.
وأمضى حوالي 140 الف نازح سوري، يتوزعون على 835 مخيماً في منطقة البقاع، يومهم أمس وهم يزيلون الثلوج عن خيمهم، خوفاً من انهيارها.
وفي المشاهدات المؤلمة، أن النازحين كانوا يهربون من خيمة متهاوية الى أخرى، بعدما تبين ان الكثير من الخيام يفتقر الى الحصانة في مواجهة الرياح التي اقتلعت، على سبيل المثال، 20 خيمة منصوبة في سهل البقاع، ما أجبر القاطنين فيها على «النزوح» إلى أربع خيام ناجية.
ونتيجة الانخفاض الكبير في درجة الحرارة، تجمدت المياه في الخزانات، كما ان انقطاع الطرق وتوقف الإمدادات تسببا في نقص حاد في كميات الطعام. وسُجلت كذلك حالات إخلاء قسري لعائلات سورية نازحة من منازل كانت تستأجرها، بعدما قرر أصحاب تلك المنازل تأجيرها لـ «زبائن» دفعوا أكثر.
وبرزت شكوى لدى النازحين من غياب مواد التدفئة مع تأخر صرف «المفوضية الدولية» بدلات التدفئة للمستحقين كافة، وإن كانت قد وصلت الى بعضهم، على ان تصل الى الباقين في الأيام المقبلة، وفق ما قال مصدر في المفوضية، مؤكداً لـ «السفير» أنه جرى تجهيز مخيمات النزوح بأغطية من النايلون والأقمشة والحرامات!
وحتى تكتمل المعاناة، بدأ بعض «التجار» يستغلون أوضاع النازحين ويعرضون عليهم ترتيب أوضاعهم القانونية، عملاً بالإجراءات التنظيمية الجديدة، في مقابل بدل مادي كبير.
درباس: الإجراءات لا تشمل النازحين
لكن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس قال لـ «السفير» إن التدابير المتخذة على الحدود لا تشمل النازحين الذين يحملون بطاقة «لاجئ» والمسجلين على لوائح مفوضية شؤون اللاجئين، لافتاً الانتباه الى ان هذه البطاقة تحصن اللاجئ السوري داخل الاراضي اللبنانية، لكنه إذا غادر الى بلاده وقرر العودة مجدداً فسيكون عليه ان يخضع للإجراءات المستحدثة وان يحدد سبب عودته.
ونفى أي طابع عنصري او شوفيني للتدابير التي بوشر في تنفيذها على الحدود لتنظيم دخول السوريين الى لبنان، مشدداً على ان المقصود منها وقف النزوح «الذي لم يعُد بمقدورنا تحمّل ضغوطه الاجتماعية والاقتصادية، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الإنسانية الاستثنائية».
وتساءل: أين الخطأ في أن نطلب تحديد الهدف من الزيارة مرفقاً بالأوراق الثبوتية الضرورية، ليُمنح مقدم الطلب الإذن بالدخول او يُحجَب عنه؟ أليس هذا من أبسط واجبات الدولة؟
وكشف درباس عن أنه سيطرح على جلسة مجلس الوزراء اليوم أفكاراً لمساعدة النازحين السوريين على تحمل ضغوط فصل الشتاء.
توزُّع المسؤوليات
.. في الاساس، وفد النازحون الى شبه دولة، كانت تفتقر قبل مجيئهم الى الانتظام في الخدمات الضرورية المتعلقة بالكهرباء والمياه والصرف الصحي وغيرها، فكيف إذا تضاعف عدد المستفيدين من البنى التحتية والفوقية بفعل النزوح الواسع، فيما بقيت هي على حالها المزرية، بل إن بعضها تراجع مع الوقت!
وما زاد من تفاقم هذا الواقع هو أن السلطة اللبنانية تأخرت كثيراً في بلورة رؤيتها لملف النازحين وفي صياغة استراتيجية متكاملة للتعامل معه، ما أدى الى تمدد الازمة خلال الوقت الضائع واتخاذها أشكالاً متعددة، بينما كان ممكناً الحد من تفاعلاتها وعوارضها لو وُضعت السياسات المناسبة والخيارات الملائمة منذ البداية، من دون إغفال حقيقة ان أعباء المعالجة الجذرية تفوق طاقة الدولة على الاحتمال.
وهنا، تُطرح تساؤلات ايضاً حول أسباب غياب أي دور حقيقي او مبادرة جدية لدمشق حيال هذه القضية الإنسانية التي يٌفترض ان تعني بالدرجة الاولى الدولة السورية، كما يُستغرب غياب التنسيق اللبناني - السوري الضروري في هذا المجال والذي ينبغي تحييده عن الحسابات السياسية.
وبدل أن يبادر المجتمع الدولي الى تحسين ظروف النازحين، بالحد الادنى الذي تستوجبه الكرامة الانسانية، اقله للتكفير عن ذنبه في سوريا، وهو المتورط في أزمتها وتهجير أبنائها، إذ به ينفض يديه من هذا الملف الانساني مكتفياً بمنح النازحين بعض الفتات، وتاركا الدولة اللبنانية تنوء تحت أعبائه الثقيلة.
وليس العرب افضل حالاً، ذلك ان معظمهم ومن بينهم المقتدر، يكتفي بالمراقبة او بإعطاء القليل من المساعدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بينما يهدر الكثير من المال على صفقات الاسلحة التي يتسرب اليها الصدأ في المخازن".
النهار:
هكذا سننتقم من قاتلي رسامي "شارلي ايبدو"
من جهتها، كتبت صحيفة "النهار" اللبنانية "تم الاعتداء مرة جديدة على حرية الرأي والتعبير. ليست جريمة العصر بل منذ ولادة الصحافة وهناك من يحاول اسكات الصوت الحر، و"النهار" شهدت مثل هذه الجرائم منذ العام 2005، حينما تم اغتيال النائب والصحافي جبران تويني والصحافي سمير قصير، وتعتبر "النهار" من أشد المدافعين عن حرية الصحافة، وبالرغم من اغتيال تويني أبت الخضوع أامام كل انواع التهويل والوعيد وستبقى منبراً يصرخ في وجه القتلة.
واليوم مع هذا الاعتداء الارهابي الذي شهدته العاصمة الفرنسية، نستذكر ومع الاسف الشديد ابشع اللحظات التي مرت على الصحافة اللبنانية التي لم ترضخ للمجرمين والحاقدين وندين بشدة ما حصل أمس في مكاتب "شارلي ايبدو" ونقول لزملائنا هناك: لا تيأسوا فمهما طالت الصعاب نؤكد أن السلاح لن يقوى على القلم ولن يستطيع المجرم اسكات الرأي الحر.
صحافيون كثر سقطوا من أجل الحقيقة، والعام 2014 شهد على مقتل نحو 60 صحافياً في مناطق مضطربة، ومنهم الصحافي الأميركي جيمس فولي الذي ذبح على يد "داعش" في 19 آب 2014، فهو خسر حياته أمام العالم، ومثل الالاف، كي يستطيع ايصال الحقيقة، وأيضاً الزميل حمزة حاج حسن الذي قتل بنيران ارهابية في سوريا خلال تأديته واجبه، أو علي شحادة أبو عفش الذي قتل في فلسطين وغيرهم كثر. كل هذه الأسماء وغيرها لم تمت رغم قتلها بل كانت شعلة لباقي الصحافيين، حفزتهم على الاستمرار في ايصال الحقيقة مهما كان الثمن. ومهما حاولوا أن يضيّقوا على الصحافة ستبقى الكلمة قنبلة موقوتة لا بد أن تنفجر يوماً في وجه الارهاب والارهابيين".
الاخبار:
مذبحة «شارلي ايبدو»: فرنسا تواجه إرهابها
بدورها، كتبت صحيفة "الاخبار" اللبنانية "دخلت فرنسا، أمس، نفقاً ينبئ بأكثر المراحل خطورة على المستوى الفرنسي والأوروبي عموماً، حيث لم تنفع الإجراءات المشدّدة ولا التحذيرات والتهديدات، في الحؤول دون أسوأ هجوم تشهده باريس منذ عقود؛ فما تجاهلته فرنسا من انعكاس لرعايتها الإرهاب في ليبيا وسوريا وجنونها الدموي في مالي وأفريقيا، عادت وتذكرته على أيدي فرنسيين وجدوا أنفسهم في مواجهة راعيهم
كانوا في غرفة الاجتماعات يتداولون في شؤون تحرير مجلتهم الأسبوعية. نقاش في موضوع العدد المقبل، واستماع إلى اقتراحات وتوزيع لتكليفات. صوت إطلاق نار خرق السجال المحتدم. مجموعة مسلّحين فاجأت المتحلقين حول طاولة الاجتماعات من دون سابق انذار. 12 قتيلاً ونحو 20 جريحاً. وتمتمات بكلمات ذات طابع إسلامي.
هذا باختصار ما حصل في مقر مجلة «شارلي ايبدو» الساخرة في باريس أمس. هجوم برشاش وقاذفة صواريخ شنّه مسلّحون ملثمون. أما الضحايا، فمعظمهم من الصحافيين، بينهم رسامو الكاريكاتور الأربعة الكبار، الأكثر شهرة في فرنسا، وضابطا شرطة. السلطات الفرنسية سارعت إلى إعلان حالة الإنذار القصوى في العاصمة، أي رفعها إلى «انذار بوقوع هجمات».
وسائل إعلام غربية تحدثت عن أن «رجلين يحملان كلاشنيكوف وقاذفة صواريخ اقتحما مقر صحيفة شارلي ايبدو في الدائرة الحادية عشرة من باريس حيث حصل تبادل إطلاق نار مع قوات الأمن». وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازونوف، قال في ختام اجتماع أزمة في الإليزيه، إن «ثلاثة مجرمين» شاركوا في الهجوم الدموي، كاشفاً عن أن كل الإجراءات تتخذ «للقضاء في أسرع وقت ممكن» على من يقف «وراء هذا العمل الهمجي».
إلا أن الشرطة الفرنسية، وحتى كتابة هذا التقرير، لم تكن قد تمكنت من إلقاء القبض على الملثمين الذين فروا باتجاه ضواحي باريس الشرقية، بعدما استولوا على سيارة، وذلك في ظل تأكيدات الدوائر الأمنية لاحتمال شنّ هجمات أخرى.
وفيما أفادت الشرطة بأنها حدّدت هوية المهاجمين الثلاثة، وهم فرنسيون، من بينهم شقيقان (32 عاماً و34 عاماً) إضافة إلى شاب (18 عاماً)، كشفت وسائل إعلام غربية وفرنسية عن أسمائهم وهي: سعيد كواشي وحميد كواشي وحميد مراد. وأشار مسؤول في الشرطة إلى أن أحد الشقيقين سبق أن مثل أمام المحكمة في اتهامات بالإرهاب.
ومع وصف الشرطة لما حصل في «شارلي ايبدو» بأنه «مذبحة»، أظهرت لقطات فيديو قصيرة لأحد الهواة بثتها محطات تلفزيونية فرنسية، رجلين ملثمين خارج المبنى. وحين شاهد أحدهما رجل شرطة يرقد مصاباً على الأرض، خطا فوقه ليقتله بالرصاص من مسافة قريبة. وفي مقطع آخر على محطة تلفزيون «إي تيليه»، سُمع الرجلان يهتفان: «قتلنا شارلي ابدو، انتقمنا للنبي محمد».
وفيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، إلا أن ذلك لم يمنع مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» من الإشادة بالهجوم. وقال أحدهم، على ما نقلت عنه وكالة «رويترز»، إنه «انتقام من إهانة المجلة الساخرة للإسلام». وأضاف المقاتل السوري، أبو مصعب، في صفوف «الدولة الإسلامية» عبر الإنترنت من سوريا: «لقد ثأر أسود الإسلام لنبيّنا»، مشيراً إلى أن «هؤلاء هم أسودنا. هذا هو أول الغيث... والقادم أسوأ».
وقال أبو مصعب: «ليخف أولئك الصليبيون، إذ يتعين عليهم أن يخافوا»، مضيفاً أنه لا يعرف المسلحين الذين نفذوا الهجوم، لكنه أشار إلى أنهم «يمشون على خطى أمير المؤمنين (زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي). وشيخنا (زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن)».
وعقب الهجوم، هرع الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، إلى المكان، حيث أكد أن «هذا هجوم إرهابي من دون شك». وشدد الرئيس الفرنسي على أنه اتُّخذت إجراءات للعثور على المسؤولين، مشيراً إلى أنهم «سوف يُطاردون حتى الإمساك بهم وتقديمهم للعدالة». وفي كلمة قصيرة للأمة نقلتها شبكات التلفزيون، مساءً، أكد هولاند أن «سلاحنا الأفضل هو وحدتنا. لا شيء يمكن أن يقسمنا ولا شيء يجب أن يفرقنا»، موضحاً أن الأعلام ستنكس لمدة ثلاثة أيام، ومعلناً الخميس «يوم حداد وطني».
من جهته، قال رئيس الوزراء، مانويل فالس، إن إجراءات الأمن ستعزّز في مراكز النقل والمواقع الدينية والمكاتب الإعلامية والمتاجر الكبيرة.
وتلبية لدعوة العديد من النقابات ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية، تجمّع مئات آلاف الفرنسيين في مختلف المدن الفرنسية. وحمل بعضهم شارة سوداء كتب عليها «أنا شارلي»، ورفعت لافتات كتب عليها «شارب مات حراً» في إشارة إلى رسام الكاريكاتور ومدير الصحيفة الذي قتل في الاعتداء مع ثلاثة رسامين آخرين. كذلك فعل آلاف المواطنين الأوروبيين في كل من برلين وبروكسل ولندن ومدريد.
وفي إطار ردود الفعل الإسلامية الرسمية الفرنسية، سارع رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية إلى إدانة الهجوم، مؤكداً أن مهاجمي «شارلي إيبدو»، «انتقموا من المسلمين أولاً بأفعالهم اليوم».
ورأى عمر الأصفر أن «قيام مجهولين، بقتل صحافيين، عمل إجرامي، ولا يمكن أن نسميه إلا إرهاباً حتى لو كان صاحبه، يحمل عقيدة أو ديناً، وإذا كانوا يريدون أن ينتقموا بفعلهم، اليوم، فنقول إنهم انتقموا من المسلمين أولاً، لأن هناك من سيحاول أن يستغل الحادث، باعتباره فرصة للنيل من الإسلام». وتمنّى الأصفر، الذي أرسل وفداً من اتحاد المنظمات إلى مكان الحادث فور وقوعه لإدانته، ألا يؤثر الحادث بوضع المسلمين في فرنسا، أو إعادة مفهوم الإسلاموفوبيا مجدداً.
ودفع هذا الهجوم الأزهر إلى إصدار بيان إدانة شدّد فيه على أن الهجوم «إرهابي»، مؤكداً أن «الإسلام يرفض أي أعمال عنف». كذلك أثار الهجوم موجة تنديد واسعة من قبل قادة دول وممثلي منظمات إقليمية ودولية، فشجب مجلس الأمن «الهجوم الإرهابي الهمجي الجبان» على مقر الصحيفة، داعياً إلى إحالة مرتكبي الهجوم على العدالة.
ووصف الرئيس الأميركي، باراك أوباما، الهجوم بأنه «إرهابي»، عارضاً المساعدة على فرنسا. وقال إن إدارته على اتصال بالمسؤولين الفرنسيين لبحث «تقديم المساعدة المطلوبة لإحضار الإرهابيين أمام العدالة».
من جهتها، أدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مرضية أفخم، هذه الأعمال التي اعتبرتها «استمراراً لموجة تشدّد وعنف جسدي ونفسي لا مثيل له انتشر في العالم خلال السنوات العشر الماضية»، إلا أنها رأت أن هذه الأعمال سببتها أيضاً «السياسات السيئة وسياسة الكيل بمكيالين بمواجهة أعمال العنف والتطرف».
وتطرّقت المتحدثة الإيرانية إلى مسالة نشر رسوم اعتبرت مسيئة إلى النبي محمد من قبل «شارلي ايبدو» وغيرها من الصحف الأوروبية، فقالت إن «استخدام حرية التعبير وإهانة الديانات السماوية وقيمها ورموزها غير مقبول».
وبعث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، برسالة تعزية إلى نظيره الفرنسي، فرانسوا هولاند، يدين فيها بـ«حزم» الهجوم الذي يعد الأكثر دموية منذ أربعين عاماً على الأقل. وعبّر الفاتيكان عن استنكاره للهجوم المزدوج الذي استهدف مواطنين فرنسيين وحرية التعبير، فيما أدان رئيس المفوضية الأوروبية، جون كلود يانكر، الهجوم الذي وصفه بالبربري، وعبّر في بيان عن صدمته من الحادث غير المبرّر.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، دفيد كاميرون، إن بلاده تقف متحدة مع الشعب الفرنسي. كذلك فعلت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي أكدت أن ألمانيا تقف إلى جانب فرنسا في «هذه الأوقات العصيبة». ووصفت مدريد الهجوم بأنه «عمل إرهابي جبان وخسيس»، مؤكدة دفاعها اليوم أكثر من أي وقت مضى عن حرية الصحافة".
البناء:
العاصفة تهبّ مرتين... تبدأ من تركيا وتنتهي بفلسطين
11 أيلول شامل ومستمرّ يجتاح الغرب
بري: لا تأشيرة دخول على السوريين
اما صحيفة "البناء" اللبنانية فكتبت "لمرتين متتاليتين هبّت العاصفة على لبنان، والثالثة على الطريق، والجليد سيغطي مساحات واسعة من المناطق اللبنانية، والعاصفة بطبيعتها كما سائر العواصف التي تضرب لبنان، ذات منشأ ومدى إقليميّين، تبدأ من تركيا وتنتهي بفلسطين.
سورية في قلب العاصفة، جغرافيتها ومواطنوها، وخصوصاً النازحين منهم، الذين غرّر بهم خلال بدايات الأزمة بوعود المنّ والسلوى، وتُركوا يلاقون مصيرهم، ولا من يسأل إلا للمتاجرة بتقارير البكائيات الفضائية التي يموّلها ذات مموّلي الجماعات المسلحة، وذات الذين يبخلون بأموالهم على النازحين، وذات الذين يمنعون دول الجوار التي تستضيف أغلبهم من التنسيق مع الحكومة السورية، لتأمين عودة كريمة لمن باتت مناطق سكنهم الأصلية آمنة، أو الذين يمكن استيعابهم في مراكز إيواء أشدّ أمناً وكرامة إنسانية من تلك المعتقلات الجماعية التي ينتظرون فيها الموت البطيء.
الحقد والكيد اللذان حرّكا كثيراً من السياسة نحو سورية، وبرّرا للكثيرين في العالم والجوار مدّ اليد للإرهاب، يصنعان مسرحاً جديداً في العالم والمنطقة. قال بسمارك إنّ الحقد أسوأ موجه في السياسة، ربما كان قصده أن يقرأه الملك السعودي الذي واجهت حكومته أول من أمس أولى طلائع عاصفة اقتراب «داعش» من الحدود مع العراق، وهي هجمات كما قالت مصادر سعودية أمنية لوكالات الأنباء يتوقع لها أن تتصاعد، ويخشى معها، كما قال القادة الأمنيون السعوديون، من دواعش الداخل، الذين ليسوا صناعة الاستخبارات السورية بالتأكيد، كما يحبّ الوزير أشرف ريفي أو زميله أحمد فتفت أن يصدّقا وأن يصدّقهما الآخرون.
كان في ودّ بسمارك ربما أن يسمعه رجب أردوغان وداود أوغلو، مع الهجوم الإرهابي الذي تعرّضت له الشرطة التركية، لكن الأقربين أوْلى بالسماع، فهل سمع فرانسوا هولاند وهو يبشر ويحذر من أنّ حادي عشر من أيلول شامل ومستمرّ يهدّد الغرب ويجتاح دوله، أنّ طابخ السم آكله، وأنّ الذين ضربوا في فرنسا هم الذين وقف وزير خارجيته لوران فابيوس على الحدود التركية السورية يتفقد معسكراتهم ويسميهم أبطال الحرية؟
«داعش»، مشروع يلفظ أنفاسه في المنطقة حيث ولد، فيسعى إلى التمدّد حيث المناعة أقلّ وأدنى، إلى الأردن، إلى السعودية، إلى فرنسا وتركيا.
العالم يدقّ جرس الخطر، لكن هل بات يدرك اليوم ولو بعد فوات أوان كثير، أنّ وحش الإرهاب لا يمكن تشغيله في الوقت الإضافي وبالفاتورة، وأنّ الحرب على الإرهاب لا تستقيم مع مواصلة الحرب على الدولة السورية، النموذج الفعلي للدولة التعدّدية التشاركية بين الديانات، التي تشكل النقيض الجدي لمشروع الإرهاب، والتي تملك وحدها بنك المعلومات اللازم والعزيمة والجيش والبنية الشعبية، التي تتشكل منها وحدها عناصر الفوز في هذه الحرب!
بين سورية والحرب على الإرهاب تتركز عيون العالم، وخياراته، وكيفية الجمع والضرب والقسمة، ولبنان من ضمن المعنيين بالخيارات.
لا يزال لبنان يتلمّس الطريق، يقع في الحفرة ويحاول النهوض، مقيّداً بمراضاة وحسابات خارج، خارج يضعه في عين العاصفة ويتركه وقت الشدّة وحده.
مثلما كان حوار تيار المستقبل بحسب الرئيس نبيه بري، وفقاً لما نقل عنه زواره، شبكة الأمان التي ستبقى الأهمّ للأمن الوطني ولاستقبال الإيجابيات المتوقعة نحو الاستحقاقات المقبلة، فهذا الحوار هو منصة العزل للإرهاب عن البيئة الحاضنة التي كان يسعى إليها، وبحرمان الإرهاب من هذه البيئة يستطيع الجيش اللبناني أن يحقق النصر منفرداً على كل مكوّنات «القاعدة»، ولذلك يضع بري وفقاً لزواره ثنائية تسليح الجيش وتنشيط الحوار بين المستقبل وحزب الله وتدعيمه، كرمحين للحرب على الإرهاب والفوز بها.
يؤكد زوار بري نقلاً عنه أنه يدرك أهمية تبريد التوترات المتصلة بالعلاقة بين لبنان وسورية، لأنّ اللعب بخيوط التوترات يستنفر كلّ عناصر إضعاف الموقف اللبناني في وجه الإرهاب، ويتسبّب بضرب كلّ منجزات التهدئة التي تتحقق بين الأطراف اللبنانية على أكثر من صعيد، عدا عن الضرر الذي يلحقه بالعلاقة بين البلدين.
ينفي بري لزواره نهائياً أيّ صحة للكلام عن فرض سمة دخول على السوريين الراغبين بزيارة لبنان عبر الحدود. يقول لزواره بنبرة استنكار، إنه استوضح فوراً من وزير الشؤون الاجتماعية ومن مدير عام الأمن العام طبيعة الإجراءات المتخذة، عندما سمع سؤالاً من ممثلة المفوضية الأوروبية بهذا الصدد، وهو يجزم أن لا تأشيرة دخول تفرض على السوريين، وأنّ ما يقوم به الأمن العام اللبناني لا يتعارض مع مبدأ التنقل من دون تأشيرة بين البلدين، وهو يتضمن الحصول على معلومات من الوافدين تحدّد وجهتهم وغرض زيارتهم وبعض التفاصيل الضرورية أمنياً.
انتهت عطلة الأعياد التي تجمّدت فيها الحركة السياسية، لتأتي العاصفة الثلجية وتشلّ البلد من جديد. لم تنجح الجلسة 17 أمس في انتخاب رئيس للجمهورية، فالستاتيكو القائم لا يزال على حاله، بانتظار التطورات الإقليمية، ما استدعى من رئيس المجلس النيابي نبيه بري إرجاء الجلسة الأولى في مطلع العام الحالي، إلى 28 من الشهر المقبل.
في هذا الوقت لا يزال الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل في الواجهة ويحظى بالأهمية في ظلّ الأجواء الإقليمية. وفيما تعقد جلسة الحوار الثالثة في 16 الجاري في مبنى المختبر المركزي التابع لمجلس النواب في عين التينة، أبدى الرئيس نبيه بري بحسب ما علمت «البناء» ارتياحه لجلسة الحوار الثانية بين حزب الله وتيار المستقبل، واعتبر «أنها وفرت غطاء أمنياً للقوى الأمنية لكي تتحرك من دون قيود»، لافتاً إلى «أنّ هذا سيترك آثاره على الأمن الوطني ككلّ بما يتجاوز العلاقات الثنائية بين الطرفين». واعتبر «أنّ الدعم الإيراني والسعودي للحوار هو مسألة شديدة الأهمية، يهيّئ لبنان لكي يكون المتلقّي الأول لأية تحوّلات إيجابية على المستوى الإقليمي». في حين أكد النائب أحمد فتفت في حديث إلى «المركزية» أنّ جلسة الحوار بين حزب الله و»المستقبل» طرحت فيها كيفية تطبيق الخطة الأمنية في البقاع، سرايا المقاومة، الاستفزازات في شوارع بيروت من رفع أعلام وما شابه.
وفي السياق لم ينف النائب سمير الجسر لـ«البناء» كلام النائب فتفت، وأكد أنّ جلسة الحوار الثانية في عين التينة بحثت في مسبّبات الاحتقان والتشنّج المذهبي، لافتاً إلى «أنّ الحوار أتى على موضوع سرايا المقاومة والخطة الأمنية وغيرها من المواضيع، وأنّ كلّ فريق أبدى رأيه وقدّم وجهة نظره حيال المواضيع التي طرحت»، معتبراً «أنّ الأجواء كانت ايجابية».
في المقابل، استغربت مصادر مطلعة لـ«البناء» الكلام الذي صدر على لسان النائب فتفت، وطرحت أسئلة حول خلفية تشكيكه بالحوار». وشدّدت المصادر على «أنّ أجواء الجلسة كانت ايجابية وأنّ الفريقين عبّرا عن نية جدية في البحث في أيّ موضوع وعدم القفز بين المواضيع لكي لا تتشتت الجهود، لا سيما أنّ العنوان الرئيسي للحوار خفّض مستوى التشنّج على الساحة اللبنانية عموماً والساحة السنية الشيعية خصوصاً». ولفتت المصادر إلى «أنّ الفريقين أشعرا بعضهما بعضاً بالاهتمام المتبادل للبحث في مسبّبات الاحتقان المذهبي الحاصل وأهمية تنفيسه.
وأبدى المطارنة الموارنة خشيتهم أن يبقى الحوار على مستوى إدارة الخلافات الثنائية، فيما نحن أحوج ما نكون إلى حوار شامل يستلهم الثوابت اللبنانية، المتضمّنة في الميثاق الوطني وفي الدستور، حتى تصبّ هذه الحوارات في مصلحة لبنان ومنعته ورقيّه، ومصلحة اللبنانيين جميعاً»، وأكدوا في اجتماعهم الشهري برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي «أن لا مستقبل واعداً للبنان، إذا استمرّ أسير المحاور الإقليمية وتلك الداخلية الناشئة عنها، ورهين المصالح الفئوية المذهبية والحسابات الخارجية».
إلى ذلك أكد رئيس حزب القوات سمير جعجع في مؤتمر صحافي عقده في معراب بعد تأجيل جلسة انتخاب الرئيس، «أن لا مشكلة لديه في الذهاب إلى الرابية، وأنه يوافق رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على مقولة الجمهورية قبل الرئاسة ومن خلال وجود النيات الحسنة يمكن الوصول إلى تصورات مشتركة معه».
وفي إطار آخر، يبحث مجلس الوزراء في جلسته اليوم في السراي الحكومية، إضافة إلى جدول الأعمال، في تداعيات العاصفة التي تضرب لبنان. كما سيبحث المجلس في ملفي النفايات والفساد الغذائي. وسيتطرق إلى السجالات الإعلامية بين الوزراء لا سيما بين وزيرَي الاقتصاد آلان حكيم والصحّة وائل أبو فاعور، وضرورة وضع حدّ لها».
وعلمت «البناء» «أنّ وزراء 8 آذار سيثيرون في الجلسة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية بحق السوريين لجهة فرض تأشيرة دخول عليهم»، لجهة تعديلها وإيجاد حلّ يحترم واقع العلاقة بين البلدين واتفاق الطائف».
وفي السياق ذاته، أشارت مصادر مطلعة للبناء إلى أنّ فرض التأشيرة اتخذ في وزارة الداخلية وبالتشاور مع رئيس الحكومة وأبلغ إلى الأمن العام للتنفيذ»، مشيرة إلى «أنّ الأمن العام لم يكن مستعداً لمثل هذه الخطوة التي تتطلب جهازاً مختصاً غير متوافر حالياً، وإجراءات إدارية ولوجستية غير متوافرة أيضاً». وشدّدت المصادر على «أنّ هذه الخطوة هي بمثابة إسقاط لاتفاق الطائف الذي ينص على العلاقات المميّزة مع سورية».
وفيما حضر فرض التأشيرة على السوريين في اللقاء الذي جمع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بأمين عام المجلس الأعلى السوري ـ اللبناني نصري خوري. أكد الرئيس بري أمام زواره «أنّ الإجراء ليس تأشيرة دخول إنما هو بيان يوضح طبيعة الزائر السوري ويسمح بتوثيق هدف الزيارة»، واعتبر أنّ هذا الإجراء يجب أن يتمّ بالتنسيق مع السلطات السورية».
من ناحية أخرى، ترأس الرئيس سلام اجتماعاً طارئاً للجنة الوطنية لمواجهة الكوارث والأزمات في رئاسة مجلس الوزراء في السراي الكبيرة، بحضور رئيس اللجنة الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير، وأعضاء اللجنة. وبحث المجتمعون في تداعيات العاصفة والإجراءات التي تتخذها المؤسسات والإدارات الرسمية في مختلف المناطق اللبنانية لمواجهة الأضرار الناتجة منها على صعيد المواطنين والممتلكات، لا سيما إقفال الطرق والانزلاقات الترابية والأعطال التي لحقت بشبكات المياه والكهرباء والهاتف.
وأعطى سلام توجيهاته إلى اللجنة وكل أجهزة الوزارات والإدارات حول ضرورة استنفار كل أجهزتها والتحاق الموظفين بمراكز عملهم لتأمين حسن سير العمل وبخاصة في المرافق الحيوية. وشدّد سلام على ضرورة الاهتمام بمخيمات النازحين السوريين وتأمين المساعدات المطلوبة لمواجهة أضرار العاصفة وتداعياتها.
الجمهورية:
الحوار إلى 16 والرئاسة إلى 28 والملف اللبناني بين باريس وطهران
من جهتها، كتبت صحيفة "الجمهورية" "في الخارج، لا صوت يعلو على صوت الإرهاب الذي دقّ أمس أبواب العاصمة الفرنسية، فشهدَت هجوماً مسَلحاً على مقرّ صحيفة «شارلي ايبدو» أسفرَ عن مقتل 12 شخصاً بينهم شرطيّان، واستجلبَ مواقفَ مندّدة بالعمل الإرهابي الجبان، فيما أخلت السلطات الإسبانية مقرّ مؤسّسة «بريسا» الإعلامية في مدريد بعد تلقّي طردٍ مريب. أمّا في الداخل فلا صوتَ يعلو على صوت العاصفة التي يشهدها لبنان منذ أيام، وتبدأ غداً بالانحسار تدريجاً، في وقتٍ قطعَت الثلوج أوصالَ المناطق وغمرَت المياه الشوارع وحصدَت ثلاثة قتلى وخلّفَت أضراراً مادّية جسيمة في المزروعات والممتلكات. وترَأسَ رئيس الحكومة تمّام سلام اجتماعاً طارئاً في السراي الحكومي للّجنة الوطنية لمواجهة الكوارث والأزمات، ومدَّد وزير التربية الياس بوصعب عطلةَ المدارس الرسمية والخاصة في كلّ المناطق، وأقفلَ وزير الصحة وائل أبو فاعور دورَ الحضانة لليوم الثاني على التوالي.
هزّت جريمة «شارلي ايبدو» الضمير العالمي والانساني إلى حد وصفها من قبل بعض المحللين بـ11 أيلول فرنسية، نظراً لطبيعتها وحجمها وخطورتها، خصوصاً لجهة اختيار الهدف وتنفيذه ببرودة أعصاب، وتركِ المجموعة المنفّذة عمداً بصماتٍ تؤشّر إلى هويتهم.
وقد تحوّل هذا الاعتداء الإرهابي سريعاً إلى الحدث الأوّل في العالم، فتصدّر كلّ العناوين في محطات التلفزة والإذاعات والمواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي، فضلاً عن إبداء القيادات والشعوب على امتداد الكرة الأرضية تضامنَها الكامل مع الشعب الفرنسي والدولة الفرنسية، كما مع الجسم الإعلامي الذي تعرّض لعملٍ إرهابي في محاولةٍ لضرب الحريات الإعلامية من خلال توسّلِ العنف.
ولا شكّ في أنّ الحدث المأسوي سيترك بصماته على السياسة الفرنسية واستطراداً الدولية، وسيؤدي إلى تزخيم المواجهة ضد الإرهاب الذي أظهرَت الوقائع أنّه لا يمكن حصره في بلد أو منطقة محدّدة، بل يتطلب مواجهة شاملة تبدأ بالإسراع في إنهاء بؤَر التوتر التي أجّجت الدور الإرهابي وفي طليعتها سوريا، حيث لا يمكن مقارنة هذا الدور قبل الأزمة السورية وبعدها، فضلاَ عن أنّ الدوَل الأوروبية لمسَت لمسَ اليد الأعداد الهائلة التي تركت الغربَ للقتال في سوريا، وبالتالي كان من المتوقع أن يرتدّ هذا الإرهاب إلى أوروبا وغيرها.
وما حصلَ مع «شارلي ايبدو» ليس الجريمة الإرهابية الأولى ولن تكون الأخيرة، حيث سُجّلت في الأسابيع الأخيرة اعتداءات إرهابية عدة في عواصم أوروبية مختلفة، ولكنّ الجريمة الأخيرة تختلف عمّا سبقها شكلاً ومضمونا.
وإذا كانت فرنسا قد لعبَت دور رأس الحربة في الملف النووي الإيراني وأخيراً التحالف الدولي ضد الإرهاب، فإنّ الاعتداء الأخير سيجعلها أكثر تشدّداً وحزماً وتدخّلاً في مقاربة الملفات الساخنة والمتفجّرة.
الملف الرئاسي
وفي وقتٍ فرضَت العاصفة نفسَها بنداً أوّلاً في اهتمامات لبنان الرسمي والشعبي، راوحَ الملف الرئاسي مكانه، ورحَّل رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى ظهر يوم الاربعاء في 28 من الشهر الجاري، بعدما انضمّت الجلسة السابعة عشرة أمس الى سابقاتها من حيث عدم اكتمال النصاب.
جيرو
وفي هذا السياق، وفي إطار الجولات التي يقوم بها مدیر شؤون الشرق الاوسط وشمال افریقیا فی الخارجیة الفرنسیة جان فرانسوا جیرو من أجل تذليل العقبات أمام انتخاب رئيس جديد في لبنان، التقى جيرو الذي يزور طهران مساعد الخارجیة الایرانیة للشؤون العربیة والافریقیة حسین أمیر عبد اللهیان، وقد أفادت الدائرة العامة للدبلوماسیة الإعلامیة فی وزارة الخارجیة الایرانیة أنّهما أکّدا «دعمَهما للمسیرة السیاسیة لحلّ وتسویة القضایا الإقلیمیة والوصول إلی حلول سریعة للقضایا، وانتخاب رئیس جمهوریة لبنان، ولفَتا إلی ضرورة الدعم والمواکبة من الدوَل الصدیقة للبنان فی تقریب وجهات النظر بین الأطیاف السیاسیة فی هذا البلد. وأعلنا الدعمَ للحوار بین ممثّلی «حزب الله» وتیار «المستقبل»، وأكّدا علی انّ تحسین الظروف الراهنة في لبنان یتیسّر فقط عبر الاتّفاق والإجماع بین الفئات السیاسیة فیه.
الحوار
وحدَه الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» ظلّ حديث الساعة، واتّسعَت دائرة الترحيب به، وعلمَت الجمهورية» أنّ الجلسة الثالثة ستُعقَد مساء الجمعة المقبل في 16 كانون الثاني الجاري، حيث سيستأنف المتحاورون مناقشة بند تنفيس الاحتقان المذهبي بعدما سجّلوا تقدّماً في هذا المجال، في ظلّ تصميم الطرفين على مواصلة الحوار في أجواء من الجدّية.
«حزب الله»
وتتّجه الأنظار إلى المواقف التي سيعلنها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله» ظهر غدٍ الجمعة، والتي سيتناول فيها مسألة الحوار مع «المستقبل» ويؤكّد على أهمّيته وجدّيته، كذلك سيؤكّد على أهمّية الوحدة بين المسلمين في وجه الحركات التكفيرية والتطرّف والإرهاب.
وكان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قال من طهران: «إنّنا وصلنا في لبنان إلى درجة من التماسك الداخلي، وأدركَ الجميع ضرورة الحوار الداخلي ورفع العنوان المذهبي، من هنا أتت لقاءات «حزب الله» و»المستقبل» لتنفيس الاحتقان المذهبي ومواجهة الإرهاب».
من جهته، أكّد رئيس المجلس السياسي في الحزب السيّد ابراهيم أمين السيّد أنّ حوار الحزب و»المستقبل» «أظهر وجود أجواء واستعدادات ونيّات جدّية للوصول إلى نتائج بين الطرفين».
الرفاعي
وفي المواقف، أبدى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي اعتقادَه بأنّ ضوءاً أخضر إقليمي وصلَ بوجوب أن يحمي لبنان نفسَه، وأكّد لـ«الجمهورية» أنّ أجواء اللقاءات الحوارية إيجابية، وتحدّث عن خطة موضوعة لتنفيس الاحتقان، وأنّ التعليمات قد أعطِيت لوسائل الإعلام الخاصة بكلّ فريق ولسياسيّي الطرفين بأن يكون الخطاب السياسي مرِناً وبعيداً من التحريض والمذهبية.
وقال الرفاعي: «نحن الآن في انتظار لقاء عون ـ جعجع»، مشيراً إلى أنّ كلّ هذه اللقاءات ستساعد الجميع على الذهاب الى طاولة حوار مستديرة، بدل أن يحاور كلّ فريق حولَ مواضيعه الخاصة أو القضايا التي تهمّ جمهورَه، فيجتمعون جميعاً ويتحاورون في سبيل المصلحة اللبنانية».
ولفتَ الرفاعي الى أنّ تنفيس الاحتقان بدا جليّاً في منطقة البقاع الشمالي والبقاع الأوسط، وإنّ لقاءات مشتركة ستُعقَد بعد أن تهدأ العاصفة بين شخصيات قريبة من تيّار «المستقبل» وحلفاء فريق 8 آذار، خصوصاً في مناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية ومولد الرسول.
الحوار المسيحي
في الموازاة، تتكثّف الاستعدادات للّقاء بين رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، والذي لن يحضره أيّ شخص آخر. وقد أكّد جعجع أمس أنّ هذا الحوار»جدّي، ولكنّ المسألة ليست سهلة»، واعتبرَ «أنّ 30 سنة من الخصام السياسي لم تكن من أجل شيء سخيف»، مشيراً إلى أن لا مشكلة لديه في الذهاب إلى الرابية، موافقاً عون «على مقولة الجمهورية قبل الرئاسة»، ومؤكّداً أنّه «من خلال وجود النيّات الحسَنة يمكن الوصول إلى تصوّرات مشترَكة معه»، وشدّدَ على ضرورة تنفيس الاحتقان وتطبيع العلاقات مع «التيار الوطني الحر».
في غضون ذلك، أملَ منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعَيد في أن يؤدي أيّ حوار إلى إخراج لبنان من الشلل الحاصل، وقال: «نحن في 14 آذار ندعم الحوارات الوطنية الجامعة، ونطالب الجميع بإجراء هذه الحوارات الثنائية التي تبدو كأنّها من لون واحد، وأن تسعى القوى الوطنية وعلى رأسها «القوات اللبنانية» و»تيار المستقبل» من أجل الوصول إلى حوار جامع وإخراج لبنان من الأزمة الراهنة».
المطارنة الموارنة
وأشادَ المطارنة الموارنة بجوِّ الحوار الناشئ بين أفرقاء الداخل اللبناني، لكنّهم أبدوا خشيتهم من «أن يبقى هذا الحوار على مستوى إدارة الخلافات الثنائية، فيما نحن أحوَجُ ما نكون إلى حوار شامل يستلهم الثوابت اللبنانية، الواردة في الميثاق الوطني وفي الدستور، حتى تصبّ هذه الحوارات في صالح لبنان ومنعتِه ورقيّه، وصالح اللبنانيين جميعًا». وشدّدوا على «وجوب إيجاد الآليات للحؤول دون تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية في كلّ استحقاق، وتعطيل المؤسسات الدستورية الأخرى».
مصادر وزارية
وعشيّة جلسة مجلس الوزراء، قالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» إنّ الجميع مقتنعٌ في النهاية بأنّ أيّ سلبية في المواقف يجب أن لا تؤثّر على استمرارية الحكومة».
ملفّ النفايات
وأفادت مصادر وزارية أخرى أنّ ملف النفايات سيكون البند الأوّل من جدول أعمال مجلس الوزارء، فيما لم تكشف عن نتائج الاتصالات بين وزير البيئة محمد المشنوق ووزيرَي الحزب التقدمي الإشتراكي أكرم شهيّب ووائل ابو فاعور بإشراف رئيس الحكومة تمام سلام للبحث في موضوع تمديد فتح مطمر الناعمة أمام نفايات بيروت والضاحية الجنوبية ومحيطهما، إلّا أنّ الإتصالات التي بدأت قبل عطلة عيد ميلاد الأرمن الأرثوذكس بين المشنوق وحزب الكتائب قطعَت محطات متقدّمة باتّجاه التفاهم.
وعُقِد عصر أمس اجتماع بين وفد كتائبي برئاسة النائب سامي الجميّل وممثلين عن وزارة البيئة ومجلس الإنماء والإعمار في مبنى وزارة البيئة امتدَّ حتى ساعة متأخّرة، وشكّلَ امتداداً للاجتماع الموسّع الذي رأسَه رئيس الحزب أمين الجميّل ظهراً في البيت المركزي للحزب في الصيفي وشاركَ فيه المشنوق وفريق عمله بحضور وزراء الكتائب سجعان قزي وألان حكيم ورمزي جريج ونوّاب الحزب وبعض أعضاء المكتب السياسي وفريق من الخبراء وضعَ ملاحظاته على مسوّدة دفاتر الشروط المرفوعة امام مجلس الوزراء اليوم.
وشهدَ الاجتماع الذي دام أربع ساعات ونصف الساعة نقاشات عميقة علمية ومالية وإدراية وتقنية شاملة انطلقَت من الملاحظات التي تضمَّنتها ورقة الكتائب التي اقترحَت خطوات بديلة من تلك المطروحة في المشروع الحكومي.
وقالت مصادر كتائبية لـ«الجمهورية» إنّ البحث تركّزَ حول خمس نقاط أساسية، أولاها: تحديد مكان المطامر من قبَل مجلس الوزراء بدلاً من الشركات المتعهّدة. وثانيها: خَفض نسبة الطمر إلى 20 بالمئة مقارنةً مع 80% اليوم، مع إمكان إعادة تدوير بعض النفايات وإنتاجها.
وثالثها: تمديد المهلة لتقديم الشركات عروضَها في المناقصات المقترحة الى شهرين بدلاً من الشهر، ورابعها: الإقرار مسبقاً أنّ عائدات المواد المعاد تدويرها تعود الى الدولة أو تُحسَم من الكلفة التي تدفعها الدولة للمتعهّد، وخامسها: إعادة النظر في تقسيم المطامر التي يجب ان تكون على قاعدة اعتماد القضاء، لأنّ أيّ منطقة لن تقبل بتحمّل نفايات منطقة أخرى.
وأضافت المصادر أنّ الاتفاق تمّ على تعديل الشروط الرئيسة لملف النفايات، بما يضمن شفافية المناقصات وأفضل الشروط البيئية، وأفادت أنّ العمل بقيَ حتى ساعة متأخّرة من ليل أمس لوضع الصيغة النهائية التي تمّ التفاهم بشأنها.
وأكّدت مصادر المجتمعين أنّ الأجواء إيجابية الى الحدود القصوى، في ضوء الطرح العِلمي الذي تقدّمَ به النائب الجميّل الذي ظهرَ أنّه ممسِك بالملف من جوانبه المختلفة، وشدّدَت أنّه لا بدّ من الوصول الى حلّ متوافَق عليه بين الحزب ورئيس الحكومة ووزير البيئة قبل جلسة اليوم.
لقاء كتائبي والأهالي
تزامُناً، كشفَت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» أنّ مسؤولين كتائبيين التقوا وفداً من لجنة أهالي القرى المحيطة بمطمر الناعمة وناقشوا الظروف التي رافقَت ما هو مطروح على مستوى التمديد التقني للعمل في المطمر. وتلمّسَ المسؤولون رفضَ الأهالي المطلق لاستكمال عمليات الطمر بعد السابع عشر من الشهر الجاري «ولو أدّى ذلك إلى سَيلٍ من الدم» كما قالت المصادر.
جنبلاط
وعلى رغم تشدّد الأهالي، كشفَت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّ رئيس الحكومة ووزير البيئة وعدداً من المسؤولين المتخصّصين يراهنون على موقف النائب وليد جنبلاط الذي يمكن أن يتجاوب في الساعات الأخيرة من المهلة التي تقلّصَت إلى الحدود الدنيا، ما يؤدّي إلى حلّ مشروط رهناً بالتفاهمات المتوقّعة على مستوى الحوافز التي سيجنيها أبناء المنطقة من المراحل التي سترافق تثمير النفايات في المطمر وإنتاج الطاقة التي يمكن استخدامها أيضاً، بالإضافة إلى سكّان المنطقة الذين تضرّروا من المطمر، على رغم أنّ الحوافز المقرّرة فقدَت من أهمّيتها في ظلّ انخفاض أسعار المشتقات النفطية العالمية.
ترتيبات الحدود
وفي الوقت الذي واصَلت فيه مراكز الأمن العام الحدودية تنفيذ الإجراءات الجديدة على المعابر البرّية والبحرية والجوّية بشأن تنظيم انتقال السوريين بين لبنان وسوريا، عُقد مساء أمس إجتماع بين المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والأمين العام للمجلس الأعلى السوري- اللبناني نصري خوري خُصّص للبحث في الترتيبات المتّخَذة.
وعُلِم أنّ خوري نقلَ إلى اللواء ابراهيم الموقفَ السوري من هذه الترتيبات، وقد جرى التداول في الظروف التي قادت لبنان إلى مثل هذه الإجراءات التي لا يمكن اعتبارها خارجَ نطاق تنظيم الدخول السوري وضمان حقوق النازحين السوريين والفصل النهائي بين معاناتهم ومستغلّي صفةِ اللجوء، بعيداً من المواقف السياسية التي تُعتبَر خارج مفاهيم ضمان المصلحة المشتركة للبنان والنازحين الحقيقيّين على كلّ المستويات الاقتصادية والإنسانية والأمنية منها بنوع خاص