ليس سراً انّ رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري يتنقل بين فرنسا والسعودية منذ بدء الأحداث في سورية، اي منذ ما يقارب السنوات الأربع
روزانا رمّال
ليس سراً انّ رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري يتنقل بين فرنسا والسعودية منذ بدء الأحداث في سورية، اي منذ ما يقارب السنوات الأربع.
غادر الحريري لبنان بسبب الوضع الأمني الخطير، ولكي لا يلحق بآل الحريري مصيبة جديدة ربما، ولأنّ الحريري حسب اطلاعه ونصائح الأمنيّين من حوله الذين يحرصون على سلامته نصحوه بذلك.
لا ينقص لبنان اي مشكلة او مصيبة جديدة بالتأكيد، ولا أحد يتمنى اي خضة في البلاد التي افتقدت الكثير من رجالاتها، لكن هذه الحال اليوم لم تعد مفهومة…
الحريري قبل كلّ شيء نائب في البرلمان اللبناني، وفي كلّ الأحوال يجب أن يكون حاضراً بين شعبه وناسه، عدا عن أنّ البلاد تحتاج إلى تواجد قادة يصولون ويجولون ويستقبلون ويناقشون ويشرفون على اجتماعات من أجل حلّ الملفات والقضايا العالقة.
نعم وجود الحريري ضروري في لبنان، ولماذا على كلّ من يودّ اللقاء به الذهاب او السفر لملاقاته؟ هل تحتمل البلاد هذه الحال الى ما لا نهاية؟
الحريري لم يغب وحده بل غابت معه شخصيات أخرى بينها نائب لبناني آخر هو عقاب صقر، حتى باتت النيابة في لبنان أسهل وأكثر الوظائف راحة لا تتطلب حتى تسجيل حضور، يكفي ان تفوز بالكرسي النيابي حتى تأخذ الفيزا او الباسبور لتجول حول العالم.
كيف يمكن مثلاً لنائب مضى على غيابه عن لبنان سنوات ان لا يسمع عنه او منه تصريح حتى منذ سنين… كيف يمكن ان لا يمارس نائب لبناني مهامه السياسية.
الجواب معروف، فكلاهما لهما ما يكفي من نصيب في الأزمة السورية، ففي بدايتها دعما واجتمعا مع معارضين بين فرنسا وتركيا، وكلّ هذا معروف، وربما حسب مفهومهما مقبول من حيث دعم قضية يؤمنان بها، على الرغم من انها لم تكن سوى دعماً لـ«ثورة» أصبحت إرهاباً على الصعد والجوانب كافة.
طالما أنّ الإرهاب اليوم بات يضرب الجميع في هذا العالم، وطالما انّ العالم تظاهر ليؤكد المؤكد «الإرهاب لا ولن يوفر احداً»، فلماذا لا يعود الحريري ويوفر عناء المراسلة، وحتى من دون اي تفاعل او لقاء، يكفي حضوره لتشعر قاعدته بوجوده وتغطيته لها واهتمامه بها…
حضور الحريري في هذا الزمن المتشنّج يبدو حاجة أكثر من أيّ وقت مضى، فلا تحلّ كلّ الأمور على «تويتر» أو عبر تصريحات او جمل يخاطب بها الناس الذين يحتاجون الى ملاقاة مرجع سني معتدل وسط الإرهاب المتفشي إذا صحّت تسميته «بالاعتدال».
وعلى انّ الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله قد انطلق، فهذا يبشّر بأن نجاح هذا الحوار سينتج عنه بالتأكيد مشهد لقاء ثنائي بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
ويبدو هذا اللقاء أقرب من أيّ وقت مضى، لكن حتى يحين موعده، أليس من الأفضل عودة الحريري والشخصيات الأخرى التي تتمتع بصفات دستورية إلى البلاد، فتمارس مهامها وتناقش في ملفاتها وأهمّها إيجاد حلّ لانتخاب رئيس بشكل اجتماعات مكثفة قبل ان يلوموا نواب فريق 8 آذار على عدم حضورهم لإكمال النصاب أصلاً؟
الإرهاب الذي يضرب فرنسا اليوم ضرب السعودية وتركيا بالأمس، وكذلك ضرب لبنان، وأعداء الحريري الذين يتربّصون به شراً حسب ما يعتقد لن يوفروه حتى لو كان خارج البلاد، ولن يوفروا أحداً من مجموعته طالما أنّ الإرهاب استطاع أن يجول في شوراع فرنسا بكلّ حرية ويطلق العيارات النارية في وضح النهار بكلّ جرأة… أصلاً الإرهاب الانتحاري لا يحدّه ولا يطوّقه سياج او حدود او إجراء أمني…
متى سيعرف الحريري ومن معه انّ الخطر عليه ليس أكبر من الخطر على أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي وبالرغم من انه لا يشهد له اي تنقل علني الا انه لم يغادر البلاد، ولم يذهب الى ايران مثلاً ليشرف على أعمال حزب الله من هناك بحجة الخطر «الاسرائيلي» ولم يفعل هذا الأمر أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا وليد جنبلاط ولا حتى سمير جعجع، أليس الكلّ مهدّد؟
حان الوقت ليعود كلّ من غادر البلاد بعد مشهد الإرهاب الدامي في فرنسا وقبله استراليا وتركيا والسعودية، فالحجة سقطت من الجميع.
فليعد الجميع الى عمله، فإدارة الأعمال والعقارات والمشاريع من الخارج ليست أعلى رتبة او وساماً او شرفاً من منصب منحه اللبنانيون ودستورهم لمسؤول أرادوا من خلاله ان يتفيأوا ويستشعروا الطمأنينة.
«شارلي إيبدو» أسقطت الحجة.
وحان وقت العودة.
http://www.al-binaa.com/?article=25504
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه