أعلن عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة أبو عماد رامز عن رفضه لخطوة توجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية
حسين عاصي
الاسرائيلي سيتحرر من مسؤولياته الأخلاقية
ملف اللاجئين في الشتات سيصبح في مهب الريح
المجتمع الدولي سيجد نفسه محرّراً من مسؤوليته
المصالحة لم ترَ النور بسبب عقبات وشروط عباس
خطوة عباس أحادية وكان عليه أن يدعونا للتشاور
عباس يجرّنا للتنازل عن أرض فلسطين التاريخية
صفقة تقضي بمنح الفلسطينيين عضوية المراقب
هل يتحوّل الصراع مع العدو لنزاع بين "دولتين"؟!
أعلن عضو المكتب السياسي ومسؤول إقليم لبنان في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة أبو عماد رامز عن رفضه لخطوة توجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، أوضح أبو عماد رامز أنّ هذه الخطوة المنفردة التي تقدم عليها السلطة الفلسطينية دون التشاور والتنسيق مع مختلف الفصائل من شأنها أن تلحق الضرر بالقضية الفلسطينية عموماً وبملف اللاجئين خصوصاً الذي سيصبح بمهبّ الريح، محذراً من أنّ طلب الاعتراف بدولة على حدود العام 1967 يلغي حقوق الشعب والأمة في فلسطين التاريخية، ويحوّل الصراع من صراع إلى نزاع على الأرض بين دولتين وليس بين قوة احتلال وشعب تحت الاحتلال. ونبّه إلى أنّ الدولة الفلسطينية إذا ما اكتسبت العضوية ستكون مطالبة بتطبيق القانون الدولي وعندها سيجد الإسرائيلي نفسه متحرراً من مسؤوليته التاريخية والقانونية تجاه اللاجئين.
ورأى أبو عماد رامز أنّ خطوة بهذه الأهمية والتحول التاريخي كانت يجب أن تفرض على عباس أن يعقد لقاءً من كل الفصائل من أجلها خصوصاً في ظل المصالحة التي مضى على توقيعها في القاهرة أكثر من ثلاثة أشهر دون أن ترى النور من الناحية العملية حتى الآن.
وكشف أبو عماد رامز عن ضغوط يتعرض لها رئيس السلطة الفلسطينية للتراجع عن مطلبه، متحدثاً عن صفقة تقضي بأن يُمنح الفلسطينيون عضوية المراقب بصورة دائمة في مجلس الأمن على غرار الفاتيكان، معرباً عن خشيته في الوقت عينه من أن يتمّ توظيف الضغوط التي تمارَس وحاجة الرئيس الفلسطيني الماسّة لتحقيق هذا المطلب من أجل أن يتمّ تمرير الاعتراف بيهودية الدولة.
مقوّمات الدولة غير متوافرة
مسؤول الجبهة الشعبية – القيادة العامة في لبنان أبو عماد رامز أكد لموقع المنار أنّ الشعب الفلسطيني، مثله مثل كل شعوب العالم، يتطلّع إلى أن يكون له دولة يعيش في كنفها وتحت علمها ويطبّق قانونها ويحترم سيادتها. وإذ تمنى أن لا يُفهم موقفه بصورة سلبية، أوضح أنّ الموضوع مختلف تماماً بالنسبة للفلسطينيين، حيث لا أرض بمعنى التواصل الجغرافي تجمعهم كما أن لا سيادة لهم على أرضهم، وبالتالي فإنّ كلّ المقومّات المطلوبة لهذه الدولة غير موجودة في هذه الحالة.
وانطلاقاً من ذلك، رفض أبو عماد رامز التوجه للأمم المتحدة من خلال ما أسماه الاستجداء وطلب عطف الادارة الأميركية والدول الأوروبية والمجتمع الدولي الذي يحابي الولايات المتحدة الأميركية وبالتالي فهو يحابي الكيان الصهيوني، محذراً من أنّ خطوة من هذا النوع من شأنها أن تلحق الضرر بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني. ورأى أنّ هذه الدولة، في حال أصبحت حقيقة وهو ما شكّك به انطلاقاً من الموقف الأميركي المعلَن في هذا السياق، ستكون إرادتها مستلبة لصالح واشنطن وكلّ من سيعطفون على الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن).
الحلم الاسرائيلي سيتحقّق..
ورداً على سؤال عن سبب عدم توحّد الفلسطينيين حتى في مواجهة قضية بهذه الحساسية وهذه الأهمية وهي قضية تتعلق بدولتها قبل أيّ شيء آخر، لفت أبو عماد رامز إلى أنّ الفلسطينيين كانوا يتمنّون أن يكونوا موحّدين. وإذ لفت إلى أنّه مضى على توقيع المصالحة الفلسطينية في القاهرة ما يزيد على الثلاثة أشهر، أعرب عن أسفه لكون هذه المصالحة لم ترَ النور حتى الآن وذلك نتيجة العقبات والاشتراطات والعوائق التي يضعها أبو مازن في طريقها.
وانتقد مسؤول الجبهة الشعبية مشروع تقدم السلطة الفلسطينية لنيل مقعد في الامم المتحدة ومجلس الأمن، واصفاً ذلك بالخطوة الأحادية والمنفردة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، متسائلاً لماذا لم يدعُ الأخير الفصائل الفلسطينية للنقاش والتشاور في هذه الخطوة التي تُعتبَر نقطة مفصلية وتاريخية، وهي التي قد تجلب المزيد من المشاكل والمخاطر وخصوصاً الخطر الأساسي المحدق بملف اللاجئين الذي سيصبح بمهبّ الريح، باعتبار أن الدولة الفلسطينية إذا ما اكتسبت العضوية ستكون مطالَبة بتطبيق القانون الدولي وعندها سيتحقق الحلم الاسرائيلي وسيجد الإسرائيلي نفسه متحرراً من مسؤوليته التاريخية والقانونية تجاه اللاجئين.
من صراع.. إلى نزاع!
وفيما شدّد أبو عماد رامز على أنّ الاعتراف بالدولة الفلسطينية كما هو حاصل سيحوّل الصراع مع اسرائيل من صراع إلى نزاع على أراضٍ وحدود وهذا يشكل خطراً كبيراً على القضية الفلسطينية واللاجئين في الشتات، حذّر من أنّ الذهاب بهذا الاتجاه يعني تسليماً مباشراً بأن الفلسطينيين تنازلوا عمّا يزيد عن 78% من أرض فلسطين التاريخية، وهو أمر خطير جداً ينطوي على تنازل عن الأرض والمقدّسات، وهو الأمر الذي سيلحق الضرر أيضاً بالفلسطينيين داخل أراضي 48، خصوصاً أنّ الكيان الصهيوني يعدّ العدّة منذ مدة لتنفيذ عملية ترانسفير لهؤلاء.
ونبّه إلى أنّ الذهاب بهذا الاتجاه يحرّر الاسرائيلي من مسؤولياته التاريخية والقانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين كما بحق الشعب الفلسطينيين بعد كل ما اقترفته يداه من مجازر ومذابح وعمليات تهويد واستيطان، فضلاً عن كونها تحرّر المجتمع الدولي أيضاً من مسؤولياته التاريخية والقانونية. وإذ أكد أنه لا يعترف بقرار التقسيم، حذر من أنّ هذا الاتجاه سيُسقِط كل حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية لصالح دولة "لا نعرف حتى الساعة معالمها ولا حدودها ولا مقوّماتها ولا نتمتع بأيّ سيادة عليها".
هل يمرّرون يهودية الدولة؟
ورداً على سؤال عن السيناريوهات المنتظرة بانتظار الاستحقاق المرتقب يوم الجمعة المقبل، لفت أبو عماد رامز إلى أنّ الادارة الأميركية لا تزال حتى الآن متمسكة، وفق ما تعلنه، بحق النقض (الفيتو) وهي تؤكد أنّها لن تسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم. وأشار إلى أنّ كل المعطيات والمعلومات الصحفية التي تأتي تباعاً من واشنطن تدلّ على وجود بحث لمخارج محتملة للأزمة وممارسة لضغوط على الرئيس أبو مازن لدفعه للتراجع عن مطالبه. وتحدّث عن صفقة يجري العمل على تمريرها وتقضي بأن يُمنح الفلسطينيون عضوية المراقب بصورة دائمة في مجلس الأمن على غرار الفاتيكان.
وأعرب أبو عماد رامز عن خشيته من أن يتمّ توظيف الضغوط التي تمارَس وحاجة الرئيس الفلسطيني الماسّة لتحقيق هذا المطلب من أجل أن يتمّ تمرير الاعتراف بيهودية الدولة على اعتبار أنه شرط أساسي وضعه منذ البداية رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى معضلة خطيرة جداً.
وعمّا إذا كان هذا الاحتمال قائماً فعلياً من الناحية العملية، أوضح أبو عماد رامز أنّ الظروف الذاتية والموضوعية ليست مهيّأة ليخطو رئيس السلطة الفلسطينية خطوة من هذا النوع، ولكنه تخوّف من أن تؤدي الضغوط التي تمارَس عليه إلى ما لا تُحمد عقابه، داعياً لرفع الصوت عالياً لكي لا تتمّ هذه الخطوة أياً كان الثمن.
المشاعر والعواطف ليست الأساس
وفي ختام حديثه لموقع المنار، أقرّ مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان بأنّ الساحة الفلسطينية منقسمة بين إطارين يتمثلان بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية من جهة وفصائل المقاومة الفلسطينية والشخصيات المستقلة من جهة ثانية. وأشار إلى أنّ هذه الفصائل اجتمعت في دمشق قبل يومين حيث أصدرت بياناً طالبت فيه عباس بأن لا يسير بهذه الخطوة المنفردة التي تقدم عليها السلطة بمعزل عن توافق وطني فلسطيني، ودعته إلى التشاور والبحث المعمق. وأشار إلى أنّ الفصائل الأخرى منضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وبالتالي فهي تتبنى خطوة أبو مازن، لكنه دعا هذه القوى لتدرك أنّ الصفة القانونية لها باعتبارها عضواً مراقباً ستسقط مباشرة بعد أن يتمّ قبول العضوية بصفتها دولة وليست إطاراً كفاحياً نضالياً تمثله منظمة التحرير.
وإذ أعرب عن تقديره لمشاعر الشعب الفلسطيني ورغبته الصادقة بأن تكون له دولة، ولكنه شدّد على وجوب أن لا يصيب الشعب الفلسطيني حالة من القنوت والاحباط مثلما حصل بعيد اتفاقات أوسلو حين حضر الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى الضفة واستُقبِل بالمن والسلوى، داعياً إلى التأني والتدقيق في ذلك، مشدداً على أنه ليس للمشاعر والعواطف أهمية في المفاصل التاريخية بالنسبة للقضية الفلسطينية.