24-11-2024 08:53 PM بتوقيت القدس المحتلة

البحرين، مملكةٌ من كرتون وهيكلٌ يتهاوى!

البحرين، مملكةٌ من كرتون وهيكلٌ يتهاوى!

لسنا بحاجة للتوقُّف طويلاً أمام مسألة استدعاء الخارجية البحرينية للقائم بالأعمال اللبناني في المنامة، على خلفية ما ورد من حقائق عن الواقع البحريني في كلمة سماحة الأمين لحزب الله السيد حسن نصرالله

أمين أبوراشد

لسنا بحاجة للتوقُّف طويلاً أمام مسألة استدعاء الخارجية البحرينية للقائم بالأعمال اللبناني في المنامة، على خلفية ما ورد من حقائق عن الواقع البحريني في كلمة سماحة الأمين لحزب الله السيد حسن نصرالله، علماً بأن ظروف اعتقال أمين عام جميعة الوفاق الوطني الشيخ علي سلمان -المعروف بمواقفه المشددة على سلمية الحراك الشعبي-، وما يحيط بها من وقائع ويوميات تعيشها المعارضة البحرينية، قد كانت موضع استهجان واستنكار دول العالم الحليفة للبحرين كأميركا والدول الأوروبية، إضافة الى الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان المُطالِبة بالإفراج الفوري عن الشيخ سلمان، لأن الشوارع الشعبية البحرينية المشتعلة غضباً باتت تشكِّل تهديداً لإستقرار هذه المملكة، التي لن تستقرّ بعد الآن بتدخُّل قوات "درع الجزيرة" ولا بقمع المواطن البحريني المُطالب بحقوقه البديهية التي يُفترَض أن تؤمنها له جنسيته البحرينية.

لقد سبق لمنتدى البحرين لحقوق الإنسان أن اعتبر منذ سنوات، أن التجنيس السياسي الذي يتم على أساس مذهبي "يرقى إلى الجريمة"، وأكَّد أن النظام الحاكم لم يتفاعل مع السكان الأصليين كشركاء للوطن، بل على أساس "عقيدة الغنيمة والاستحواذ التي فتحت الباب خصوصاً في العقود الثلاثة الأخيرة على مخطط التجنيس الطائفي لتوفير الولاءات للنظام الحاكم"، وأن التجنيس في البحرين يستهدف طائفة محددة لصالح "مواطنين مستَوردين" من الجنسيات  العربية كالأردنية والسورية والعراقية واليمنية والسعودية ومن غير العرب كالباكستانيين والبلوشستان والبنغال والهنود، علماً بأن هذا الاستهداف الديمغرافي مخالفٌ للقانون الدولي كونه يُعتبر استهدافاً متعمَّداً لمجموعة من السكان أو مجموعة إنسانية، ومخالفٌ للدستور البحريني ولقانون الجنسية الذي يضع شروطاً للتجنيس منها الاقامة في البحرين مدة 15 سنة للعرب و20 سنة لغير العرب، وهذا لا ينطبق على غالبية الغرباء الذين مُنِحوا الجنسية.


ويُجمع الحقوقيون البحرينيون إستناداً الى إحصاءات دقيقة، بلوغ عدد المجنسين ما يفوق  120 ألفا،  وأنه إستناداً الى معلومات صادرة عن السجلّ السكاني في البحرين، فإن عدد السكان عام 2027 سيصل إلى مليونيّ نسمة، وهي زيادة غير طبيعية قياساً لعدد السكان الأصليين ونسبة المواليد، مع ما ستحمله سياسة التجنيس المذهبي من تهديدات تطال الحق السياسي للشريحة الأكبر من أبناء البلد، والحق الاقتصادي في توفير العمل والوظائف، والحق الاجتماعي من طبابة وتعليم، خاصة أن ما كانت تطمح إليه البحرين لبناء إقتصادها قد تبخَّر نتيجة المتغيِّرات الإستراتيجية الإقليمية.

لثلاثة عقودٍ خَلَت، كانت العاصمة البحرينية المنامة، المركز المالي الأول في الخليج، وقِبلَة رجال الأعمال والعاملين في مجال البورصة ومُضاربات الأسهم، وخسِرت هذا الموقع بشكلٍ دراماتيكي لصالح مدينة دبي بدولة الإمارات العربية المتَّحدة، التي شهِدت فورةً إقتصادية وعمرانية واستثمارية هائلة جاءت على حساب المنامة، بالنظر الى الإستقرار السياسي والمغريات التي حفَّزت أصحاب الرساميل لتحويل وجهة استثماراتهم الى دبي الواعدة، مع ما تشكِّله الإمارات من ضمانات تفوق بأضعاف ما كان متوفِّراً في البحرين ذات الجُزُر التي لا تتعدى مساحتها الستمئة وبضعة كيلومترات مربَّعة، وذات الإقتصاد الخدماتي غير المبني على موارد مستقرَّة وثابتة.

نتيجة هذه التحوّلات، خاب أمل البحرين ومعها السعودية من جدوى بناء "جسر المحبَّة" الذي تمّ التخطيط له على مدى خمسة عقود، وتمَّ إنجازه عام 1986 ليربط البحرين بالسعودية، والذي هدفت من خلاله هذه الأخيرة الإستفادة من الموقع المالي والتجاري للمنامة، لأن المنامة خسرت الكثير لصالح دبي، وباتت اليوم مجرَّد منتجع وتجمُّعات فنادق للسعوديين لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بحريَّة حيث تتأمَّن لهم كل المحرَّمات...!


يُضاف إلى الإنتكاسة الإقتصادية، عدم الإستقرار السياسي والأمني، طالما الحقُّ يُصادر من أصحابه ويُمنح للمجنَّسين في البحرين، وكل السياسات المعتمدة حتى الآن، سواء عبر التجنيس المذهبي أو قوانين الإنتخابات لم تُجدِ نفعاً يوم كانت البحرين إمارة، ولن تُجدي نفعاً الآن في ظلّ النظام الملكي، طالما أن الشريحة الأكبر من الشعب البحريني مستهدفة مذهبياً، وطالما أن تطبيق القوانين وبشكل خاص قوانين الإنتخاب تستهدف خنق الحريَّات وكمَّ الأفواه، التي قد لا يكتفي أصحابها مستقبلاً بمظاهرات سلمية وسط القمع غير المسبوق لشعبٍ يُطالب بأبسط الحقوق !!