قال الرئيس السوري بشار الأسد إن جوهر مشكلة سورية مع الغرب أنه يريد "دول تابعة تحكمها دمى"، مشيراً إلى أن "لا يتعلق بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بدعم شعوب هذه المنطقة"
قال الرئيس السوري بشار الأسد إن جوهر مشكلة سورية مع الغرب أنه يريد "دول تابعة تحكمها دمى"، مشيراً إلى أن "لا يتعلق بالديمقراطية ولا بالحرية ولا بدعم شعوب هذه المنطقة"، مستشهداً بالعنف الذي تشهده ليبيا.
وفي مقابلة مع صحيفة "ليتيرارني نوفيني" التشيكية، نُشرت اليوم، برر الرئيس بشار الأسد وقوف الغرب ضد الرئيس الأسد بالقول: "كانت فرنسا تريد من سورية أن تلعب دوراً مع إيران فيما يتعلق بالملف النووي. لم يكن المطلوب المشاركة في ذلك الملف بل إقناع إيران باتخاذ خطوات تتنافى مع مصالحها، فرفضنا ذلك. كما أرادوا منّا أن نتخذ موقفاً ضد المقاومة في منطقتنا قبل إنهاء الاحتلال والعدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والبلدان المجاورة، فرفضنا ذلك أيضاً. أرادوا منّا أن نوقّع اتفاقية الشراكة الأوروبية التي تتعارض مع مصالحنا وتحوّل بلادنا إلى سوق مفتوح لمنتجاتهم، بينما يمنحوننا جزءاً صغيراً جداً من أسواقهم. رفضنا القيام بذلك لأنه يتعارض مع مصالح الشعب السوري".
هجمات باريس أثبتت صحة تحذيراتنا المتكررة من الارهاب
وفي تعليقه على هجمات باريس الدموية، قال الرئيس السوري: "عندما يتعلق الأمر بقتل المدنيين، وبصرف النظر عن الموقف السياسي، والاتفاق أو الاختلاف مع الأشخاص الذين قُتلوا، فإن هذا إرهاب. ونحن ضد قتل الأبرياء في أي مكان في العالم. هذا مبدؤنا. نحن أكثر بلدان العالم فهماً لهذه المسألة لأننا نعاني هذا النوع من الإرهاب منذ أربع سنوات، وقد خسرنا آلاف الأشخاص الأبرياء في سورية".
وذكّر الأسد بالتحذير السوري الذي تكرر سابقاً من تداعيات أزمتها.. "كنّا نقول: لا يجوز أن تدعموا الإرهاب وأن توفّروا مظلة سياسية له لأن ذلك سينعكس على بلدانكم وعلى شعوبكم. لم يصغوا لنا، بل كان السياسيون الغربيون قصيّري النظر وضيّقي الأفق. وما حدث في فرنسا منذ أيام أثبت أن ما قلناه كان صحيحاً".
وميّز الرئيس السوري بين "محاربة الإرهابيين ومكافحة الإرهاب"، وقال إن ما هو أكثر الحاحاً هو محاربة الارهابيين كونهم يقتلون الابرياء، وأشار إلى أن مكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى جيش، بل هي بحاجة إلى سياسات، موضحاً: "تنبغي محاربة الجهل من خلال الثقافة. كما ينبغي بناء اقتصاد جيد لمكافحة الفقر، وأن يكون هناك تبادل للمعلومات بين البلدان المعنية بمكافحة الإرهاب".
مسؤولون أوروبيون أقروا بأن سياساتهم كانت خاطئة
وعن السياسات الأوروبية، اعتبر الرئيس الأسد أنه "ثمة تغيّر بطيء وخجول، لكنهم لا يعترفون علناً بأنهم كانوا مخطئين". وتساءل:"ما الذي يستطيعون قوله للرأي العام عندهم الآن بعد أربع سنوات؟ هل يقولون إنهم كانوا مخطئين؟"
وأضاف أن هناك اتصالات غير معلنة مع بعض المسؤولين على مستويات مختلفة. "وقد قال هؤلاء المسؤولون إن السياسات الأوروبية كانت خاطئة، وإنهم يريدون تصحيح هذه السياسات.... لكني لا أعتقد أنهم سيحدثون تغييرات سريعة لأننا لم نرَ أي جهود جدية يبذلها أي بلد أوروبي حتى الآن".
وأشار إلى أن دول الاتحاد الأوروبي "لم تتخذ مواقف متماثلة خلال الأزمة. كانت جمهورية التشيك ورومانيا من البلدان التي احتفظت بعلاقاتها مع سورية خلال الأزمة، وهذا أمر مهم، رغم أنه لا يعني أنهما تدعمان حكومتنا أو تتفقان معها حول كل شيء...بل يعني أنه طالما ظلت هذه العلاقات قائمة فإنهما يستطيعان فهم ما يحدث بطريقة أفضل".
الشعب السوري يدعم رئيسه
وقال الرئيس السوري، في مقابلته مع الصحيفة التشيكية، "نتعرض لعدوان من الولايات المتحدة، ومعظم البلدان الأوروبية، والعديد من البلدان الإقليمية، ومنها بعض البلدان المجاورة لسورية، مثل تركيا، والأردن، وبعض الأطراف في لبنان، وبلدان الخليج بمليارات الدولارات التي تمتلكها. إذاً، كيف نستطيع الصمود من دون دعم الشعب السوري؟" وأضاف: "كيف يمكن لرئيس أن يقتل شعبه، وبالتالي أن يكون شعبه ضده، والعالم كله ضده، ورغم ذلك يستمر في المنصب نفسه. ما القوة التي تبقي الرئيس في هذا المنصب؟"
وأردف: "نحن نتحدث هنا عن أغلبية الشعب السوري، وهي بالملايين، هل يمكن لكل هؤلاء أن يدعموا الرئيس فقط كي يتعرضوا للمزيد من الإرهاب؟ أليس في ذلك اتهام للشعب نفسه بأنه لا رؤية واقعية له. إن هذا غير منطقي."
"في الحقيقة إنهم يدعمون الرئيس لأنهم يعرفون أن ما حدث في سورية منذ البداية كان بسبب الأموال التي أنفقتها قطر في البداية على دعم المظاهرات ولتكوين حالة دعائية بأن ثمة ثورة في سورية، ومن ثم الأموال التي أنفقتها قطر والسعودية دعماً للإرهابيين بالمال والسلاح والدعم اللوجستي، ولاحقاً تركيا التي قدمت وتقدم كل الدعم اللوجستي وقنوات الإمداد للإرهابيين في سورية، وهناك بالطبع الأردن والبعض في لبنان. هذا هو الواقع. هذا ما حدث في سورية، الأمر لا يتعلق بالرئيس ولا بوجود الرئيس في هذا المنصب".
التفسير الوهابي للإسلام يشكل أساس الإرهاب في هذه المنطقة
وحول ما تقدمه الجماعات التكفيرية من صورة عن الاسلام، قال الأسد: "نحن كمسلمين معتدلين لا نعتبر هذا الإسلام المتطرف إسلاماً". وأوضح أن التطرف فهو انحراف عن الدين. وقال إن "الإسلام الراديكالي تم غرسه في أذهان شعوب المنطقة لما لا يقل عن أربعة عقود بتأثير من الأموال السعودية ونشر التفسير الوهابي للإسلام، وهو تفسير متطرف للغاية ومنحرف جداً عن الإسلام الحقيقي، ويشكل أساس الإرهاب في هذه المنطقة".
وقال الأسد إن "الأبواب مفتوحة أكثر من أي وقت مضى للمزيد من المصالحات"، وأضاف أن جهود المصالحة نجحت في معظم المناطق لأنهم أدركوا "أنهم كانوا يُستعملون كأدوات مقابل الأموال التي كانت تتدفق من قطر والسعودية وفي خدمة ايديولوجيا أردوغان الإخوانية المنغلقة في تركيا. وأدركوا أنهم ألحقوا الضرر ببلادهم".
التسوية: إذا لم ننجح فإننا لن نخسر شيئاً
وقال الرئيس بشار الأسد إن موقف بلاده يتطابق مع الموقف الروسي فيما يتعلق بفتح الباب أمام مسار سياسي، قائلاً: "لا نرغب بإضاعة أي فرصة سياسية، وهذا ما نحاول فعله، وإذا نجحنا فهذا أمر جيد، وإذا لم ننجح فإننا لن نخسر شيئاً"، معتبراً أنه "من السابق لأوانه الحكم على إمكانية نجاح هذه الخطوة أو فشلها".
وتابع الرئيس السوري: "ذاهبون إلى روسيا ليس للشروع في الحوار وإنما للاجتماع مع هذه الشخصيات المختلفة لمناقشة الأسس التي سيقوم عليها الحوار عندما يبدأ، مثل: وحدة سورية، ومكافحة المنظمات الإرهابية، ودعم الجيش ومحاربة الإرهاب، وأشياء من هذا القبيل".