في الوقت الذي تتوقع فيه القيادات الإسرائيلية استمرار الفوضى الإقليمية في المنطقة، تشير قيادات عسكرية إلى أن الجيش يعيش ضائقة مالية شديدة ستقود إلى تقليص نشاطاته العملياتية بنسبة النصف في أيار المقبل
حلمي موسى
في الوقت الذي تتوقع فيه القيادات الإسرائيلية استمرار الفوضى الإقليمية في المنطقة، تشير قيادات عسكرية إلى أن الجيش يعيش ضائقة مالية شديدة ستقود إلى تقليص نشاطاته العملياتية بنسبة النصف في أيار المقبل.
ومعروف أن الأزمة المالية التي يعانيها الجيش الإسرائيلي تأتي برغم الزيادات الكبيرة التي تم توجيهها للميزانية العسكرية على حساب التعليم والصحة. وتجدر الإشارة إلى أن جانباً مهماً من أزمة الجيش المالية تعود إلى نفقات الحرب الأخيرة على قطاع غزة والأثمان الباهظة للذخائر المستخدمة.
وفي مقابلة مع صحيفة «إسرائيل اليوم»، كشف الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية إيتاي بارون أن «الجيش السوري لا يزال يستخدم أسلحة كيميائية في حربه ضد المتمردين وأنه ليس بعيداً اليوم الذي يمتلك فيه المتمردون أو حزب الله مثل هذه الأسلحة». وأشار بارون إلى أن «هذا ربما ليس تهديداً إستراتيجياً على الجبهة الداخلية، لكن هذا بالتأكيد تهديد كبير على القوات».
ولفت بارون للمرة الأولى إلى احتمالات أن يقوم «حزب الله» بالرد على الغارات التي تستهدف شحنات الأسلحة الموجهة إليه، مبدياً تقديره أن الحزب يسعى إلى إعادة فتح جبهة مزارع شبعا للصدام مع الجيش الإسرائيلي. وقال إن «حزب الله» يخطط في الحرب المقبلة لإطلاق أكثر من ألف صاروخ في اليوم، وأنه سيحاول إلحاق أذى بليغ بالمنشآت الإستراتيجية الاسرائيلية.
وأضاف بارون أنه «خلافاً لحرب لبنان الثانية، تقديري أننا سوف نجد في المرة المقبلة قوات من حزب الله في أراضينا، على شكلين: الأول بشكل عمليات ـــ وخز موضعي في نهاريا أو شلومي أو معلوت ـــ والثاني عبر هجمات أوسع للسيطرة على أرض في إسرائيل»، أي قوة من حزب الله تسيطر على مستوطنة كاملة»، معتبراً أن «حماس غير معنية حالياً بالمواجهة مع إسرائيل كما أن أبو مازن لا يريد الإرهاب». وشدد على أنه لا يمكن هزيمة «داعش» من الجو، وأن إيران تشكل خطراً كبيراً وكذا الحرب السيبيرية.
من جهة أخرى، وبرغم كثرة التوقعات باحتمال شن إسرائيل حروباً في العام المقبل، نشرت صحيفة «ذي ماركر» الاقتصادية أن المؤسسة العسكرية تعيش ضائقة مالية شديدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي قوله إن الجيش قد يوقف التدريبات في أيار ــــ حزيران المقبلين بسبب مشاكل ميزانية كما سبق وفعل في العام 2014. وأوضحت «ذي ماركر» أن الميزانية المخصصة للنشاط العملياتي للقوات الاحتياطية تراجعت من 1.1 مليار شيكل (حوالي 280 مليون دولار) في العام 2014 إلى 448-500 مليون شيكل (حوالي 127 مليون دولار) في العام 2015.
وبحسب المسؤول العسكري، فإن واقع عدم إقرار ميزانية العام 2015 واضطرار الجيش إلى مواصلة التصرف وفق ميزانية العام 2014 وهي ميزانية شهدت عجزاً كبيراً يمكن أن يؤثر على الخطط والبرامج العسكرية. ووفق كلام المسؤول فإن الأموال التي تلقاها الجيش مؤخراً ذهبت غالبيتها لتغطية التزامات سابقة ولتغطية جانب من تكاليف حرب «الجرف الصامد» على غزة. ولهذا السبب يحاول الجيش التوصل إلى اتفاق متعدد السنوات مع وزارة المالية يسمح له بالتصرف بشكل موثوق لتمويل برامجه.
ولاحظ المسؤول أن برامج التسلح الجديدة التي أقرت باهظة التكلفة أصلاً، وأن القيادة القتالية في الجيش صارت أكبر سناً، وهذا غير مجد اقتصادياً.
ونفى المسؤول العسكري الإسرائيلي الحديث عن تبذير في الجيش، مبيناً أن الموضوع الاقتصادي صار جزءاً بارزاً في دورات الأركان والقيادة بهدف إطلاع الجيل الجديد من القادة على أهمية وحيوية هذا الجانب.
وبحسب رأيه، فإن «الاعتبارات الاقتصادية تؤخذ طوال الوقت في الحسبان». وأعلن المسؤول العسكري أن المشاكل الاقتصادية في المؤسسة الأمنية يتم عرضها في وسائل الإعلام بشكل يضر بالجيش. وفي رأيه ينبغي للحكومة والجيش أن يحددا «ميزانية العضلات» لإسرائيل، أي تكلفة منظومات السلاح والعتاد ومخازن الذخائر والتدريبات، وبعد ذلك وضع باقي ميزانية الدولة.
وختاماً، حذر المسؤول نفسه من واقع أن الجيش ليس دوماً اقتصادا، لأن دواعي غير اقتصادية تتحكم في الأمر أحياناً. وخلافاً لما تنشره الصحف «فإننا لا نشتري الأسلحة الأعلى سعراً لأننا لا نملك الموارد. عموماً محظور أن ننسى المكان الذي نعيش فيه، حيث لا يريدوننا أن نكون هنا. ولو كان بمقدور حماس وحزب الله، لما كنا موجودين. فقط مؤخراً أعلن رئيس شعبة الاستخبارات أن حزب الله يمتلك 170 ألف صاروخ».
وفي هذا السياق، أشار معلق اقتصادي إلى أن الناس لا تعرف كثيراً عن ميزانية الدفاع. ففي حين تم الإعلان عن أن الحكومة استنفدت 99.7 في المئة من ميزانية العام 2014، لا يعرف الكثيرون أن الوزارات الخدماتية والاجتماعية أنفقت أقل من ميزانياتها المقررة، في حين أنفقت وزارة الدفاع أكثر بكثير من ميزانيتها المقررة.
ويكشف المعلق النقاب عن أن حوالي ستة مليارات شيكل كانت مقررة للوزارات المدنية اقتطعت وأعطيت للجيش. وبين أنه برغم أن الميزانية الأصلية للعام 2014 تحدثت عن تقليص ميزانية الدفاع بحوالي 6.5 في المئة إلا أن نفقات الجيش زادت عن الميزانية المقررة في العام 2014. وبدلاً من إنفاق 53.7 مليار شيكل، أنفق الجيش 68.7 ملياراً.
http://assafir.com/Article/1/396206
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه