19-04-2025 09:20 AM بتوقيت القدس المحتلة

من رومية الى المطامر.. حتى "النفايات" في لبنان تحتاج الى تسوية!!!

من رومية الى المطامر.. حتى

لا شي يدعو الى الغرابة اذا ماقيل ان لبنان بلد تسووي بامتياز، طالما ان الشواهد كثيرة على ذلك، فمن الاستحقاق الرئاسي المعلق الى الحكومة المكبلة وقانون الانتخاب الى التمديد لمجلس النواب.

لا شي يدعو الى الغرابة اذا ما قيل ان لبنان بلد تسووي بامتياز، طالما ان الشواهد كثيرة على ذلك، فمن الاستحقاق الرئاسي المعلق الى الحكومة المكبلة وقانون الانتخاب الذي لم يعرف طريقا للاقرار ما نتج عنه التمديد "القسريّ- التوافقي" في آن، وغيرها الكثير الكثير من الامثلة، كلها كانت بسبب وجود تسويات احيانا وغياب هذه التسويات أحيانا اخرى، مع العلم ان التسوية في بعض المواضيع اللبنانية لا سيما الحساسة والمهمة منها تكون عادة تسوية خارجية ولكن لا ضير ان تكون التسوية في بعض الامور داخلية لبنانية.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، عدم إقرار اي قانون جديد عصري للانتخاب تحت أي صيغة كانت، سببه عدم وجود تسوية لاقرار اي من القوانين التي طرحت في بورصة التداول، رغم كل الحوارات واللقاءات الثنائية والرباعية التي تمت بين الحلفاء والخصوم في آن، إلا ان التمديد للمجلس النيابي الحالي للمرة الثانية على التوالي تمَّ بسهولة فائقة وبسلاسة مفرطة نتيجة وجود تسوية على ذلك.

وعلى مستوى الاستحقاق الرئاسي، لم يمدد للرئيس السابق ميشال سليمان ولو ليوم واحد لان لا تسوية على ذلك، بينما يبقى لبنان لما يزيد عن المئتي يوم بدون رئيس للجمهورية طالما ان لا تسوية لانتخاب هذا الرئيس، وبالتأكيد حين تنضج التسوية سينتخب في اليوم التالي الرئيس العتيد للبنان، وسيستقبل من الجميع بأحر التصفيقات في مجلس النواب وبالترحيب من كافة الاقطاب والمؤيدين.

"أي شي في لبنان أساسه التوافق بين زعماء الطوائف"

وهناك الكثير الكثير في لبنان من الامثلة التي لا حصر لها في هذا المجال، وحول ذلك يقول "مصدر اداري مطلع" ان "في لبنان كل شيء يحتاج الى توافق وتراض بين الزعماء السياسيين الذين يتزعمون طوائفهم ويتحملون مسؤولية الدفاع عن حقوق الطوائف"، وتابع "تبعا لذلك يحصد الزعيم كل الحصص التي تكون لطائفته ليوزعها بمعرفته على المؤيدين وبما يخدمه ويخدم الطائفة"، واضاف "اي شي في لبنان، من الحكومات الى الوزراء وصولا الى تعيين أصغر الموظفين مرورا بعملية الانماء للمناطق وحتى الامن في لبنان، أساسه التوافق بين هؤلاء الزعماء".

وما جرى في ملف النفايات وسجن رومية مؤخرا رغم انه يثير الدهشة إلا انه اكبر دليل على مقولة ان "كل شي خاضع للتسوية"، فالامن في لبنان يخضع للتسوية وما "تنظيف" سجن رومية في المخالفات الامنية إلا دليلا على وجود تسوية وتوافق ادى الى القضاء على "الامتيازات" المعطاة لبعض ممن ارتكب الجرائم ومن المفترض انه يقضي عقوبته في السجن، وفي السابق عندما "استبيح" السجن وجُعل مركز اتصالات وتنسيق وتخطيط للجماعات الارهابية، كل ذلك لم يجر سوى بتسوية صريحة او ضمنية.

ففي لبنان كل شيء خاضع للتسويات، بما فيها "النفايات"، نعم بما فيها النفايات، لان النفايات بملفها الشائك فيها الكثير من المطبات والعقبات والحوافز، فمن الاضرار البيئية والصحية المحقة التي تنزل بمنطقة معينة وسكانها دون غيرها، وإمكانية الاستثمار في النفايات وما يمكن ان يُجنى من الاموال الطائلة جراء ذلك، او بالعكس، وصولا لاغلاق المطامر وترك البلد يعوم على جبال من "الزبالة".

"البنية الطائفية للنظام السياسي في لبنان أنتجت عقلية التسويات والمحاصصة"

وحول كل ما سبق يعتبر الوزير السابق علي قانصو ان "البنية الطائفية للنظام السياسي في لبنان أنتجت منذ الاستقلال وما زالت عقلية التسويات والمحاصصات في أي شان من شؤون البلد كبيرا كان أم صغيرا"، ويضيف "ان مثال النفايات وما قامت به وزارة الداخلية في سجن رومية تعد امثلة بسيطة على الواقع التسووي في لبنان"، ويلفت الى ان "الامثلة في هذا الموضوع كثيرة لا تعد ولا تحصى"، ويشير الى ان  "لبنان لا يعبر اي استحقاق وطني إلا على هذه قاعدة المحاصصة".

وفي حديث لموقع "قناة المنار" يقول قانصو إنه "إذا سَأل المواطن اللبناني اليوم لماذا تعجز الطبقة السياسية في لبنان عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ سيجد الجواب سريعا بأن هذه البنية الطائفية هي المسؤولة عن هذا العجز"، ويؤكد ان "هذه البنية الطائفية فشلت في بناء دولة في لبنان لكنها نجحت في إدخال لبنان في كل عقد من الزمن في حروب ومنازعات داخلية"، ويعتبر ان "الحال سيبقى هكذا طالما ان هذه البنية الطائفية هي ركيزة النظام السياسي في لبنان".

ويرى قانصو ان "لبنان امام خيار من اثنين، هما:

- إما ان يستمر بهذه الصيغة الطائفية وفي هذه الحال لن يشهد اللبنانيون دولة قادرة قوية عادلة ولن يشهدوا ادارة كفوءة او استقرارا امنيا ثابتا او اقتصادا ناهضا.

-إما ان يذهب لبنان الى اصلاح هذا النظام السياسي".

فكيف تتم عملية إصلاح النظام السياسي اللبناني؟

حول هذه النقطة، يوضح قانصو ان "إصلاح هذا النظام السياسي الطائفي الفاسد تبدأ بخطوة أولى تتمثل بقانون جديد للانتخابات النيابية يقوم على النسبية واعتماد الدوائر الانتخابية الكبير كلبنان دائرة واحدة او أقله اعتماد المحافظة كدائرة انتخابية"، ويرى ان "هكذا قانون يفتح في المجال امام الفئات اللبنانية جميعها بأن تتمثل في الندوة البرلمانية ويسمح لقوى جديدة مدنية مؤمنة بالاصلاح بالوصول الى المجلس النيابي لتنتقل هذه القوى من قانون الانتخاب الى إصلاحات جذرية في بنية النظام لالغاء الطائفية في لبنان"، ويضيف ان "لا شك ان المستفيدين من هذه البنية سيحاولون بكل ما اوتوا من قوة للحؤول دون التوصل الى هكذا قانون للانتخابات".

وعن سؤالنا عن دور الاحزاب الوطنية في محاربة الفساد، يؤكد القيادي القومي الوزير قانصو "يجب ان يكون هناك دور للاحزاب والمجتمع المدني والمثقفين للعب دور لتوعية المواطن والعمل للوصول الى هكذا قانون في لبنان"، ويشدد على ان "الاحزاب الوطنية والقومية في لبنان لم تتأقلم مع هذه العقلية المتخلفة الطائفية والفاسدة"، ويرى "لكن لا يمكن الجلوس خارج هذه المعادلة اللبنانية وتقول انك تريد اصلاح هذا النظام المتخلف بل يجب عليك الدخول للتغيير من الداخل وتحاول التصدي ومواجهة العقلية الفاسدة".

ويوضح الوزير قانصو ان "الوجود داخل هذا النظام يساعد على حماية مصالح الناس اولا من الفساد المستشري في البنية الطائفية وايضا هو امر ضرروي لحماية الخيارات الاستراتيجية التي تتعلق بلبنان كوطن ودولة كموضوع المقاومة مثلا او العلاقة مع الدول الشقيقة كسوريا التي يجب ان تكون علاقة سليمة وصحية"، ويؤكد "نحن نحاول الوقوف لحماية خيارت البلد الوطنية لان هذه العقلية الطائفية لا تؤتمن على اية خيارات وطنية تصب في مصلحة الوطن والمواطن".

رغم كل التحليلات والمبادرات بين اللبنانيين سيبقى لبنان يعاني طالما ان الطبقة السياسية او اغلبها لن يسعى للتغيير الصحيح الذي يحقق فعلا مصلحة الوطن والمواطن في لبنان، والذي يبدأ بإلغاء الطائفية بدل تكريسها يوما بعد يوم، وهذا الامر الجميع يعلمه في لبنان والخارج ومع ذلك يحاول البعض التلطي وراء امور ما انزل الله بها من سلطان كي يمرر مصالحه الضيقة، وإلباسها لبوس الحسابات الوطنية وصبغها بانها حساسة ودقيقة وكله فقط لابقاء الحال في لبنان كما هو لانه هكذا تتحقق مصالحهم، ولكن يبقى السؤال الاهم والاغرب أين الشعب اللبناني من كل الفساد المتغلغل في بنية الدولة والنظام في لبنان؟؟