فاطمة الآن بنت الشهيد وأخت الشهيد وابنة «بيت الشهداء». شيّعت أخاها، أمس، إلى مثواه الأخير في روضة الشهيدين - الشيّاح. اليوم، هي، أكثر من أي زمن مضى، روضة الشهيدين اسماً ومعنىً لعائلة عماد مغنيّة خاصّة.
فاطمة، ابنة عماد، التي اعتادت كل عام أن تُحيي ذكرى استشهاد والدها إعلامياً، سيكون عليها في العام المقبل أن تُضيف إلى صورته صورة أخيها... جهاد عماد مغنيّة. فاطمة الآن بنت الشهيد وأخت الشهيد وابنة «بيت الشهداء». شيّعت أخاها، أمس، إلى مثواه الأخير في روضة الشهيدين - الشيّاح. كانت هنا، في المكان نفسه، قبل 7 سنوات يوم تشييع والدها. تلك البقعة، اليوم، هي، أكثر من أي زمن مضى، روضة الشهيدين اسماً ومعنىً لعائلة عماد مغنيّة خاصّة.
منذ عدّة سنوات وتلك الزاوية المخصصة لشهداء حزب الله، ضمن الروضة الواسعة، لم تعد تتسع لمزيد من الأضرحة. نحو 3 عقود من الزمن وهي تستقبل الشهداء. لكن سيكون لجهاد مكانه هناك، قرب ضريح أبيه، وإلى جانب ضريح الشهيد هادي حسن نصر الله. منذ الثمانينيات وصوت «الحاج يحيى حدرج» يصدح في تشييع كل شهيد من حزب الله.
أمس، عند الثالثة عصراً، كان حدرج على الموعد، وكان يُردد لازمته الشهيرة: «بأمان الله يا شهيد الله...
اهدِ السلام لأبي عبد الله». لم تكن مسافة مسيرة التشييع طويلة، من الغبيري إلى الشيّاح، والناس خلف النعش يهتفون. ما عاد حزب الله يحتاج أن يُنظّم حركة الناس في مسيرات الشهداء، اعتادوا الأمر، وحفظوا صرخات أسى الوداع، كما صرخات العنفوان، عن ظهر قلب. يصرخ حدرج: «مقاومة».. فيرد المشيّعون: «إسلامية».. ثم يُكمل: «قد علّمت إسرائيل، شعبنا ليس ذليل، يا فرج الله».
قبل انطلاق موكب التشييع، كان نواب من حزب الله وقيادييه يتقبلون التعازي ــــ التهانئ في حسينية «الحوراء» - الغبيري. وقف الحاضرون وصلّوا على جثمان الشهيد مغنيّة، بإمامة رئيس المكتب السياسي في حزب الله السيّد إبراهيم أمين السيّد. قدر السيّد أن يصلّي على عشرات، أو مئات، الشهداء، قبل نقلهم إلى روضة الشهيدين، حيث المكان الذي كان قد أذاع فيه، قبل أكثر من 3 عقود، بيان ولادة حزب الله.
في موكب التشييع لا جديد في المشاهدات. ليس الشهيد الأول لحزب الله ولن يكون الأخير. دموع الوداع المستتبعة مباشرة بأهازيج العنفوان والثبات والتحدّي. لكن يُلاحظ نوع من الأسى الخاص كان، أمس، في عيون بعض المشيعين. ليس عاديّاً أن يكون الشهيد ابناً لشهيد. صحيح، ليست سابقة في حزب الله، فبعض العوائل الصغيرة قدّمت 3 أو 4 شهداء، غير أن هذا ابن عماد مغنيّة.
ابن «رضوان» الذي حاكى مشاعر الناس وعواطفهم، والذي، عند كثير منهم، لم يُعرف إلا يوم استشهاده وإعلان هويته. عرفوه تماماً يوم خرج السيّد حسن نصر الله وكاشفهم: «لقد كان الحاج رضوان قائد الانتصارين». انتصار التحرير عام 2000 وانتصار كسر أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر» عام 2006. الشهيد أمس هو ابن ذاك الشهيد. داخل الروضة لن يكون ضريحه مميزاً، تماماً كضريح هادي، نجل السيّد نصر الله، مجرّد رخامة وعليها اسمه كسائر الشهداء. هكذا تعامل حزب الله، منذ البداية، مع كل شهدائه، وفق قاعدة «كلّهم سواسية كأسنان المشط».
لكن يبقى لوجدان الناس، الذين حضروا بالآلاف إلى التشييع، حديث خاص عن الشهيد ابن الشهيد. لهذا ستسمع أحدهم يهمس لآخر: «الآن سيكون الثأر مضاعفاً، للحاج رضوان وجهاد، للأب والابن معاً».