23-11-2024 04:58 PM بتوقيت القدس المحتلة

الشيخ دعموش : كيف تكون الإختبارات الإلهية بين الصبر والتسليم؟

الشيخ دعموش : كيف تكون الإختبارات الإلهية بين الصبر والتسليم؟

عرّج الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة الدينية إلى أن شهادة شهداء القنيطرة تأتي في السياق الطبيعي وفي الإطار المتوقع..لإننا مع العدو الصهيوني نحن في معركة مفتوحة وفي مواجهة حقيقية

عرّج الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة الدينية إلى أن شهادة شهداء القنيطرة تأتي في السياق الطبيعي وفي الإطار المتوقع..لإننا مع العدو الصهيوني نحن في معركة مفتوحة وفي مواجهة حقيقية ولسنا في نزهة. وقال: نحن أمام عدو متوحش وغدّار ، طبيعته وعقليته عدوانية ووحشية ، وديدنه الغدر والقتل وسفك الدماء وارتكاب المجازر.وكل مجاهدينا عندما اختاروا طريق المقاومة كانوا يعرفون أنهم أمام عدو من هذا النوع وفي مواجهة دموية من هذا النوع، كانوا يعرفون انهم قد يسقطون شهداء، بل بعضهم يعشق الشهادة ويتمناها ويسعى إليها ويندفع نحوها.

عرّج الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة الدينية إلى أن شهادة شهداء القنيطرة تأتي في السياق الطبيعي وفي الإطار المتوقع..لإننا مع العدو الصهيوني نحن في معركة مفتوحة وفي مواجهة حقيقيةورأى: ان دماء الشهداء تزيدنا قوة وتماسكاً وصلابة ووحدة وحافزاً لمواصلة الطريق, وتشعل من جديد جذوة وروح المقاومة في مواجهة الصهاينة، وتعيد الصراع معهم إلى الواجهة من جديد بعد محاولات التكفيريين حرف الصراع عن الاسرائيلي .

واعتبر: أن الدماء الزكية للشهداء صنعت من جديد وحدة وطنية والتفافاً شعبياً ووطنياً حول المقاومة , وأعادت الوهج من جديد إلى حزب الله والمقاومة وسلطت الضوء على دورها الاستراتيجي في مواجهة العدو. وعززت ايضاً من قوة الحضور الشعبي الى جانب المقاومة , وهذا ما شهدناه خلال تشييع الشهداء وخلال مراسم تقبل التبريك بشهادتهم . 

وشدد: على أن ما جرى في القنيطرة يؤكد: ان الصورة الحقيقية للصراع الدائر في سوريا هو صراع مع اسرائيل وأدواتها ومشروعها , ويكشف عن مدى العلاقة والترابط الميداني بين العدو الاسرائيلي وبين الجماعات التكفيرية, ويؤكد أيضاً أننا في مواجهة عدو واحد ولكن بوجهين , وجه تكفير ووجه اسرائيلي , وأننا نقاتل عدواً واحداً على جبهتين ، جبهة صهيونية وجبهة تكفيرية.

نص الخطبة :

يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(153 البقرة)- وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِنْ لَا تَشْعُرُونَ(154) . الابتلاء هو أمر واقع وقانون ثابت في الحياة الدنيا .. والانسان في كل مراحل حياته هو في دائرة الابتلاء والاختبار الالهي يواجه تحديات وضغوط وأزمات ومصائب وحوادث مفجعة, ويمر بمراحل قاسية وظروف صعبة ,ويخضع لامتحانات عسيرة, ويُفتتن وتُقدم له المغريات وتزين له الشهوات والأهواء ..
والمؤمنون مهما كانت درجة ايمانهم عالية هم ليسوا بمنأى عن الابتلاء ولا هم خارج دائرة الاختبار بل هم مشمولون بهذا القانون.

من الاخطاء الكبرى ان يظن المؤمنون انهم في الحياة الدنيا لن يمروا بامتحانات ومصائب ولن يتعرضوا لاختبارات صعبة. يقول تعالى: وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب. (آل عمران / 179)
 أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ وسُئل رسول الله (ص) أي الناس أشد بلاءً ؟. قال: الانبياء ثم الاولياء ثم الأمثل فالأمثل ، يُبتلى الناس على قدر دينهم, فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه, ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه . وفي حديث آخر : ما زال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة. لأن البلاء يزيل الخطايا ويمنح الثواب والأجر.

والله سبحانه وتعالى يبتلي الانسان لا لأنه يجهل ما في داخله ويريد ان يعلم بذلك عن هذا الطريق , او لأجل انه يريد يميز الصادق من الكاذب والطيب من الخبيث والمؤمن من المنافق,فالله عالم بما في دخائل الناس واسرارهم وحقائقهم منذ الأزل, فليس بحاجة الى اختبارهم لمعرفة حقيقتهم ومكنوناتهم ومدى صدقهم او كذبهم .. وإنما يختبرهم ويبتليهم ليبرهن الانسان على صدق ايمانه واخلاصه وثباته وصبره , وليكشف الانسان ما في نفسه وداخله وباطنه , لأن الانسان لا تظهر حقيقته في الحالات العادية وفي اوقات الرخاء والدعة والعافية, وانما تظهر هوية الانسان في حالات الشدة وعند البلاء ,هنا يكشف الانسان عن مكنوناته وتظهر كمالاته وصدقه او كذبه ونفاقه.

وفي مواجهة البلاء المطلوب ايمانياً :
أولاً: الرضا بالقضاء والتسليم بأمر الله سبحانه وتعالى , بأن نعرف موقع البلاء وحجم المصاب ونشعر بألمه  ونحس بمرارته ولكن مع ذلك نرضى به , ونسلم لأمر الله تعالى .
والرضا بالقضاء , من علامات الايمان والالتزام الديني .

ولذلك يقال انه جاء قوم إلى رسول الله(ص) فقال لهم : ما أنتم ؟
قالوا: مؤمنون يا رسول الله.
فقال : وما علامة ايمانكم ؟
قالوا: نصبر على البلاء, ونشكر عند الرخاء, ونرضى بالقضاء .
فقال : مؤمنون ورب الكعبة.

ثانياً: الصبر والاحتساب, بان نصبرعند البلاء وعند مواجهة المصاعب والتحديات والضغوط , والصبر هنا ليس بمعنى الاستسلام والسكون والخمول او الجزع والفزع والمذلة او الخضوع أمام التحديات والازمات والأحداث التي يواجهها الانسان ,وإنما الصبر الذي يعني المقاومة والثبات ومواجهة المصاعب والإبتلااءت والظروف الصعبة بمسؤولية وقوة وحكمة , صبر أهل التقوى وأهل العبادة, صبر الواعين والعارفين، الذين يتصورن ويعتقدون بان الله خصهم بالبلاء من دون الناس تكريماً لهم ,بأن نظر اليهم وتطلع فيهم واختارهم لموضع ثوابه وكرمه وفضله, وصاروا ملحوظين بنظرته (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ , الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157البقرة ).

فالمؤمنون كغيرهم..هم في دائرة الاختبار والافتتان الإلهي, وعلى الإنسان المؤمن أن يتنبه لذلك دائماً وفي جميع المراحل حتى يكون مستعداً لمواجهة الاختبارات التي يمر فيها في حياته ليفوز فيها بجدارة.

والاختبارات التي يتعرض لها الإنسان متعددة ومتنوعة، فهي لا تحصل مرة واحدة ثم تنتهي القضية , ولا تأخذ شكلاً واحداً أو مستوى واحداً أو مساراً واحداً أو منحىً واحداً، وإنما قد تشتد وتضعف وتأخذ أشكالاً متنوعة، فقد يكون البلاء في بعض الأحيان فتنة دينية وقد يكون الاختبار سياسياً أو عسكرياً أو أمنياً أو اقتصادياً أو غير ذلك..

ألم نتعرض نحن هنا في لبنان لاختبارات أمنية في مراحل وحقبات متعددة..؟ لقد ابتلينا بالاحتلال، وواجهنا عدوان تموز وآب 2006، وسقط لنا آلاف الشهداء خلال مراحل الصراع مع العدو الصهيوني, وسقط لنا قادة شهداء وكوادر شهداء , وصبرنا وبرهنّا وبرهن أهلنا في كل المراحل عن إيمانهم وثباتهم وصبرهم وتسليمهم والتزامهم خيار المقاومة مهما كانت التضحيات.

لقد سقط لنا في الأسبوع الماضي شهداء أعزاء كرام في القنيطرة, اختارهم الله لمواضع الكرامة عنده, فاكرمهم بالشهادة. يجب ان نعرف ان هذه الشهادة المباركة تأتي في السياق الطبيعي وفي الإطار المتوقع..لإننا مع العدو الصهيوني نحن في معركة مفتوحة وفي مواجهة حقيقية ولسنا في نزهة. نحن أمام عدو متوحش وغدار ، طبيعته وعقليته عدوانية ووحشية ، وديدنه الغدر والقتل وسفك الدماء وارتكاب المجازر.

وكل مجاهدينا عندما اختاروا هذا الطريق كانوا يعرفون أنهم أمام عدو من هذا النوع وفي مواجهة دموية من هذا النوع، كانوا يعرفون انهم قد يسقطون شهداء، بل بعضهم من عشاق الشهادة يعشقها ويسعى إليها ويندفع نحوها, كاندفاعة ذلك الصحابي الذي كان في معركة أُحد وقد احتدمت المعركة واشتد القتال, فنظر الى تمرات كان يأكلها بيده وقال: لا يفصلني عن الجنة سوى هذه التمرات, فرماها من يده وانخرط في القتال حتى نال شرف الشهادة.

هذه الارادة .. ارادة الشهادة في سبيل الله, وجدناها في كل شهدائنا , في القادة والكوادر وكل الشهداء الذين مضوا على طريق المقاومة . وفي كل مرة كان يسقط لنا فيها شهداء, كانت تكبر المقاومة ويتصاعد فعلها وانجازها وانتصارها, وتقوى ارادتها وعزمها, ويشتد ساعدها..الصهاينة  والتكفريون لا يعرفون ماذا تصنع دماء الشهداء بحزب الله ومجاهديه وأهله وشعبه, هم لا يعرفون ان دماء الشهداء تزيدنا قوة وتماسكاً وصلابة ووحدة وحافزاً لمواصلة الطريق بأفق أوسع وأكبر.هم لايعرفون الروح التي تصنعها دماء الشهداء في داخل جسد المقاومة, والوحدة العاطفية والروحية التي تصنعها لشعبها وأهلها.

هذه الدماء تشعل من جديد جذوة المقاومة وروح المقاومة في مواجهة الصهاينة، وتعيد الصراع مع الصهاينة إلى الواجهة من جديد بعد محاولات التكفيريين لحرف الصراع عن الاسرائيلي .هذه الدماء الزكية تصنع من جديد وحدة وطنية والتفافاً شعبياً ووطنياً حول المقاومة . هذه الدماء تعيد الوهج من جديد إلى حزب الله والمقاومة وتسلط الضوء على دورها الاستراتيجي في مواجهة العدو, وتعزز ايضاً من قوة الحضور الشعبي الى جانب المقاومة , وهذا ما شهدناه خلال تشييع الشهداء وخلال مراسم تقبل التبريك بشهادتهم . 

ما جرى في القنيطرة يؤكد:

ان الصورة الحقيقية للصراع الدائر في سوريا هو صراع مع اسرائيل وأدواتها ومشروعها.
لم يعد هناك التباس في ان المعركة التي نخوضها في سوريا هي مع اسرائيل لأنها جزء من المعسكر الذي يسعى لتغيير دور سوريا في المنطقة .ما جرى يكشف أيضاً عن مدى العلاقة والترابط الميداني بين العدو الاسرائيلي وبين الجماعات التكفيرية, ويؤكد أننا في مواجهة عدو واحد ولكن بوجهين , وجه تكفير ووجه اسرائيلي , وأننا نقاتل عدواً واحداً على جبهتين ، جبهة صهيونية وجبهة تكفيرية. 

وكل الذي جرى لن يخيف المقاومة, ولن يثني المقاومة عن متابعة عملها وجهادها وتحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها على صعيد المواجهة المفتوحة مع الصهاينة والتكفيريين..الخائف والقلق اليوم هو العدو الاسرائيلي وليس المقاومة ,ويكفي أن تسمعوا ماذا يقول الصهاينة عن الورطة التي دخلوا فيها بعد هذه العملية لتعرفوا حجم القلق والاضطراب والارباك الذي يعيشه الصهاينة بعد جريمتهم . هم خائفون ومرعوبون ومضطربون وقلقون .. وهذه المخاوف باتت تضرب عميقاً في نفسية العدو ووجدانه وتربك عقله وتوهن وتضعف إرادته.

لأول مرة يشعر الاسرائيلي انه في مواجهة خصم يحسب له ألف حساب , لأنه يعرف انه أمام مقاومة جادة وصادقة وشجاعة , أمام مقاومة قوية وجدية لا وهن فيها ولا ضعف ولا خلل.. أمام مقاومة هي اليوم أقوى وأشّد وأمّنع وأكثر إرادة وعزماً على مواجهة العدوان من أي زمن مضى, مقاومة لا تسكت على ضيم ولو بعد حين ..