24-11-2024 04:48 PM بتوقيت القدس المحتلة

الشبكات الاجتماعيّة يضربها نقدٌ أميركي قاسٍ يخترق «هوليوود»

الشبكات الاجتماعيّة يضربها نقدٌ أميركي قاسٍ يخترق «هوليوود»

يرتكز الفيلم على رؤية مفادها أن الشبكات الرقميّة الاجتماعيّة تؤدي دوراً تمزيقيّاً للعلاقات الانسانيّة الأساسيّة في المجتمع الأميركي، ومن يعيش عوالمها الافتراضيّة تصبح علاقاته متطرّفة في العوالم الواقعيّة

في عزّ رواجها، بل في السنة المكرّسة لمشهدية اختراقها ملابس الحياة اليوميّة للناس، تواجه الشبكات الرقميّة الاجتماعيّة نقداً مريراً، تندلع نيرانه في قلب البلد (الولايات المتحدة) الذي يشهد تألّقها بعد ولادتها فيه!.

أحمد مغربي/ جريدة الحياة

الشبكات الاجتماعيّة يضربها نقدٌ أميركي قاسٍ يخترق «هوليوود»وفي السنة الحالية، تنتظر عوالم المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة حدثّاً يكرّس اندراج التقنيّات الرقميّة في ملابس الحياة اليوميّة، يتمثّل في ساعة «آبل» الذكيّة.

وبقدر ما تشكّل تلك الأداة علامة على تغلغل التقنيّات الرقميّة في قلب الأشياء العاديّة للأفراد، يكاد يسود إجماع على أن أبرز ما تقدّمه ساعة «آبل» وما يشبهها من أدوات «التقنيّات الملبوسة» («ويرابل تكنولوجيز» Wearable Technologies) هو الاتصال بالشبكات الاجتماعيّة على مدار الساعة.

ولا يتردّد بعض متابعي الشأن التقني في جعل الرغبة الجارفة لدى الأجيال الشابة في البقاء على اتصال مع الشبكات الاجتماعية على مدار الساعة، بوصفه القوة الدافعة الأساسيّة لانتشار أجهزة الـ «ويرابل تكنولوجيز» وأدواتها الذكيّة.

من قلب فكر رائج

على الضد من تلك الصورة الزاهيّة للشبكات الاجتماعيّة، فاجأت استوديوات «هوليوود» عوالم المعلوماتيّة بفيلم حمل نقداً مريراً للشبكات الاجتماعيّة، إلى حدّ تحميلها مسؤوليّة انهيارات إنسانيّة واجتماعيّة وأخلاقيّة ضخمة، في أسس المجتمع الأميركي.

لم يعد الأمر يتعلّق بخيال علمي عن تهديد الشبكات الرقميّة تصل إلى حدّ الانسحاق تحت تأثيرها، ولا بتوقّعات عن مستقبل مظلم تتحكّم فيه الشبكات وعوالمها الافتراضيّة بالحياة الإنسانيّة قاطبة. هناك مجموعة ضخمة من الأفلام التي تحمل تلك المعاني، لعل أشدها كثافة تمثّل في سلسلة أفلام «ماتريكس» Matrix التي أخرجها الإخوة واتشوفسكي، بل شارك في كتابة سيناريو أولها المفكر الفرنسي الراحل جان بودريار المعروف بشدّة نقده للعوالم الافتراضيّة وسطوتها وشركاتها العملاقة.

تجاوز الأمر تلك الحدود كلها، لأن النقد صدر من أفلام ما يسمّى «التيار الرئيسي» Main Stream في «هوليوود»، بمعنى أنها أفلام لا تصنع من مساحات نخبويّة، بل تصدر من قلب الأفكار السائدة. وتجسّد ذلك النقد قبيل ختام العام 2014، بفيلم «رجال، نسوة وأطفال» (سيناريو وإخراج: جايسون ريتمان، بطولة: آدم ساندلر).

الشبكات-الاجتماعيّة-يضربها-نقدٌ-أميركي-قاسٍ-يخترق--هوليوودغني عن القول إن هوليوود ليست معقلاً للمحافظة والتشدّد، وهي أنتجت مجموعة كبيرة من الأفلام التي رافقت ظاهرة الشبكات الاجتماعيّة بطريقة إيجابيّة، على غرار «شبكة اجتماعيّة» و «الولاية الخامسة» وغيرهما.

وباختصار، يرتكز الفيلم على رؤية مفادها أن الشبكات الرقميّة الاجتماعيّة تؤدي دوراً تمزيقيّاً للعلاقات الانسانيّة الأساسيّة في المجتمع الأميركي، ومن يعيش عوالمها الافتراضيّة تصبح علاقاته متطرّفة في العوالم الواقعيّة، بل أنها تميل إلى التهاوي أخلاقيّاً إلى قعر سحيق. لا يوفر الفيلم فرصة للقول إن المسألة تتعلّق بالشبكات وآثارها، وليس بصراع الأجيال، بل تشمل الجميع. ومع إضافة بعد ماورائي ميتافيزيقي، ليس دينيّاً ولا ملحداً، يحمل فيلم «رجال، نسوة وأطفال» كثيراً من تيارات معاصرة في الغرب، بل أنها فائقة الانتشار، خصوصاً بفضل الطابع المعولم للعوالم الافتراضيّة والشبكات الاجتماعيّة نفسها!

يصعب عدم القول إن الفيلم تقاطع مع مرور أربع سنوات على الحراك السياسي - الاجتماعي الذي حمل اسم «الربيع العربي»، هو كثيراً ما ارتبط بالشبكات الاجتماعيّة، بل إن البعض لم يتردّد في تسميته «ثورات الفايسبوك»!

كيف صعدت ظاهرة الشبكات الاجتماعيّة؟ كيف وصلت إلى ذلك الحدّ من الهيمنة على صورة المعلوماتيّة والاتصالات؟ ما الأماد التي تتفاعل عبرها الشبكات الرقميّة مع المجتمعات المعاصرة؟ تلك الأسئلة، تستأهل محاولة الإجابة عنها.