26-11-2024 06:25 AM بتوقيت القدس المحتلة

جنبلاط لـ"النهار": تطبيق "إعلان بعبدا" مستحيل اليوم ويتطلّب ظروفاً دولية

جنبلاط لـ

سريعا جاء رد "حزب الله"، ومن حيث لم يكن متوقعا. وسع ميدانه لتمتد جبهته من الجنوب اللبناني الى الجولان السوري، ويحمل وزري مقاومة اسرائيل ومكافحة التكفيريين

جنبلاط راض عن الحكومة وسلام سيتقدّم باقتراح لاتخاذ القرارات بالغالبية

 

مي عبود أبي عقل

 

سريعا جاء رد "حزب الله"، ومن حيث لم يكن متوقعا. وسع ميدانه لتمتد جبهته من الجنوب اللبناني الى الجولان السوري، ويحمل وزري مقاومة اسرائيل ومكافحة التكفيريين، الى وقوفه خط دفاع اول عن مصالح ايران في المنطقة. لكن اين لبنان في هذه الحسابات؟ وما نفع "المعادلة الذهبية" حين تنفرد المقاومة باتخاذ القرار بعيدا عن الجيش والشعب؟ اسئلة كثيرة حملناها الى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط " الواقعي" الذي يعتبر ان هناك امورا سياسية اكبر من لبنان وشعبه وحكومته ولا رأي لهم فيها، والاجدى التركيز على الامور الحياتية والمعيشية من معالجة ازمة الكهرباء، الى مكبات النفايات، الى انشاء مسلخ جديد، الى مكافحة الفساد، ففي لبنان نهرب دائما الى الاكبر الذي لا يحل، تفاديا لمعالجة الاصغر.

 

■ بعد اعتداء القنيطرة وعملية شبعا ، لبنان الى اين؟

- اتى رد الحزب في منطقة حيث السيادة متنازع عليها مبدئيا. فقد احتلتها اسرائيل تباعا منذ العام 1967 وحتى الثمانينات، وكنا على وشك تحديد هويتها بأنها لبنانية، لكن لم نستطع ان نحدد او نرسم الحدود مع الدولة السورية. فهي اذاً اولا منطقة محتلة اسرائيليا، وثانيا، الى ان يتم ترسيم الحدود هي منطقة سورية، وجاء الرد مدروسا بحيث لا نقاش حول هويتها. عندما ترسم الحدود من مزارع شبعا الى تلال كفرشوبا مرورا بغيرها من المناطق في الشمال وعلى البحر، عندها يكون لنا جغرافيا جديدة. لكن في الوقت الحاضر هذه هي حدود الامر الواقع، والعملية وقعت خارج نطاق القرار 1701 ، والحزب لم يخرقه.

 

■ "حزب الله" يعتبر هذه الارض لبنانية محتلة، وتاليا عمليته مشروعة؟

- كنت في مرحلة معينة معترضا، لكن بعد نقاش طويل في جلسات الحوار عام 2006 ، وافقنا بالاجماع على انها منطقة لبنانية. لكن بحسب القانون الدولي، لكي تصبح لبنانية يجب ترسيم الحدود بيننا وبين سوريا. وآنذاك اقترح السيد حسن نصرالله استخدام كلمة تحديد عوض ترسيم، لكن هذا الامر لم يحصل. هي محتلة لكنها سورية. كان لبنان وسوريا تحت الانتداب الفرنسي، ولم تحدد آنذاك الحدود بين بلدين تحت الانتداب نفسه، بينما حددت بشكل واضح بين لبنان وفلسطين لأن الانتداب الفرنسي حددها مع الانتداب البريطاني، وأصبحت حدودنا مع فلسطين واضحة.

 

■ الى أين تريد الوصول بهذا الكلام؟

- هذا من الناحية التقنية الجغرافية. من الناحية العسكرية والسياسية، رد الحزب على عملية القنيطرة بضربة موجعة، ولا تستطيع اسرائيل اليوم، وهي على مشارف انتخابات، ان تقوم بعدوان. وحتى لو فعلت، ندرك من اعتداءاتها المتوالية منذ الاجتياح عام 1982 ، الى عناقيد الغضب عام 1996 ، الى حرب تموز عام 2006، ان الاسرائيليين يملكون قدرة تدمير هائلة للبشر والحجر، لكنهم لا يملكون قدرة الاستيلاء على الارض. المواطن اللبناني، والمقاتل الفلسطيني، والمقاومة الوطنية سابقا والاسلامية اليوم، اقوى من الجيش الاسرائيلي. هذه طبيعة جيش كبير ومغرور مع المقاومة وابن البلد .

 

■ المقاومة ربطت بين الجنوب وجبهة الجولان، والحديث اليوم عن جبهة واحدة من الناقورة الى الجولان. هل تؤيد هذا الطرح؟

- تأييدي او عدمه لا يؤثران. نظريا أفضّل فصل لبنان عن سوريا. لكن اليوم تداخلت الساحتان اللبنانية السورية تقريبا في كل الجبهات. افضل الفصل، لكن كلامي لن يقدم ولن يؤخر.

 

■ هل تتوقع عدوانا آخر؟

- ما من احد يستطيع ان يتنبأ بالجنون والغرور الاسرائيليين، وخصوصا ان نتنياهو على ابواب انتخابات، وقد رأينا هذا الجنون في غزة. بالامس تلقّن الاسرائيلي درسا صغيرا لكنه موجع. اذا قام بعدوان، يستطيع ان يدمر، لكنه لن يستطيع ان يحتل، وسيُبلى بخسائر كبيرة.

 

■ هل من تأثير ايراني في هذه العملية؟

- اؤيد كلام الرئيس بري عندما قال بعد العدوان الاسرائيلي على قافلة "حزب الله" التي كان في عدادها جنرال ايراني، ان اسرائيل ارتكبت خطأ كبيرا، فقد فتحت على نفسها جبهة في الجولان على ايران. هذه لعبة الامم.

 

■ واين لبنان في هذه اللعبة؟

- لنكن واقعيين. هناك امور نستطيع نحن اللبنانيين معالجتها، واخرى لا. فلنترك الصراع العربي- الاسرائيلي جانبا. في المواجهة مع اسرائيل المقاومة موجودة. واذا خرج البعض ليقول مزايدا لنطبق "اعلان بعبدا"، فهذا أمر مستحيل. فلنعالج الامور الحياتية والاجتماعية، مثل موضوع مكب النفايات في الناعمة الذي عالجناه ونجحنا، ويجب متابعته ، والكهرباء، ولا بد من حل هذه المعضلة ذات الطابع السياسي، كي نخفف عن الخزينة خسارة 3 مليارات دولار سنويا.

 

■ هل تعتبر ان "اعلان بعبدا" انتهى ولم يعد في امكان لبنان ان يكون على الحياد؟

- لم أقل انتهى. قلت اذا خرج احدهم ليقول فلنطبق "اعلان بعبدا"، فهذا مستحيل. "اعلان بعبدا" يأتي في الظروف الملائمة الاقليمية والدولية، وهذا امر يبدأ من ايران، وربما من المحادثات النووية الايرانية - الاميركية. انا من الذين وقعوا الاعلان ، لكن تطبيقه مستحيل اليوم. يجب ان ننتظر. ولنقم في هذه الاثناء بالامور العملانية والحياتية، وخصوصا ان الدين يزداد. واذا وصلنا الى مرحلة ازداد فيها ضغط الدين على المصارف، من ينقذ البلد؟ السوق الاوروبية؟ هل هولاند مستعد لعقد باريس 4 ؟ لن ينقذنا احد . علينا نحن تولّي أمرنا.

 

■ يصر الحزب على ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، ولكن ما فائدتها عندما تتفرد المقاومة بالقرار بدون الجيش والشعب؟

- الجواب عن هذا الاصرار هو في "اعلان بعبدا"، لكن كما سبق ان ذكرت لا فائدة اليوم من تأكيده. للحزب استراتيجية واضحة هي الدفاع عن لبنان والرد على اي عدوان. رد الحزب بالامس في شكل دقيق على العدوان الاسرائيلي، لكن من خارج الاطار اللبناني. اما اذا جرى الاعتداء على لبنان فلا حول ولا قوة، وعلينا ان نتضامن جميعا وراء الحزب واهل الجنوب، وعلى اللبنانيين ان يقفوا صفا واحدا في مواجهة اسرائيل. هنا تزول تلك المصطلحات. امام العدوان الاسرائيلي السفسطة الكلامية لا معنى لها.

 

■ ما فائدة حكومة ائتلافية تضم جميع الاطراف عندما يخرج طرف عن هذا الائتلاف ويتفرّد بالقرار؟

- هذه حكومة ائتلافية أمنت على الاقل مشاركة جميع الافرقاء. لكن في هذه الحكومة هناك وجهات نظر متفاوتة حول معادلة" الشعب والجيش والمقاومة"، وهناك فريق يقول بالسيادة و"اعلان بعبدا". ثمة خلاف لكنه لا يعالج بالتصريحات، لأن الوصول الى "اعلان بعبدا" ليس موضوعا محليا. لنكتف بذلك. لماذا الدخول في شريعة لا فائدة منها؟

 

■ كيف تصمد هذه الحكومة في ظل 24 رئيس جمهورية وفيتوات متبادلة؟

- سمعت ان الرئيس تمام سلام سيقدم اقتراحا لتتخذ القرارات بالثلثين او الغالبية في بعض الامور، وفي مقدمها الحياتية، لانه ليس معقولا انتظار الاجماع حول الكهرباء والنفايات مثلا.

 

■ هل انت راض عن المواكبة الحكومية لما يجري؟

- نعم انا راض، والرئيس سلام يتمتع بصدقية كبيرة ويدير الحكومة احسن ادارة، وتجري النقاشات بالحوار الهادىء. يبقى تعاطي الامور الحياتية ومعالجتها. وانجاز وائل بوفاعور في قضية الفساد هو انجاز للحكومة.

 

■ ماذا عن معالجة قضية العسكريين المخطوفين والارهاب؟

- قضية العسكريين تتولاها خلية الازمة من خلال اللواء ابرهيم. عندما طرحت التبادل عارض الجميع، الاردن اليوم مستعد للمبادلة. الارهاب معركة طويلة جدا، امنية وعسكرية وانمائية في الوقت نفسه. هناك مواطن محروم في عكار وطرابلس، لم ير شيئا حتى الان. خروجه من الحرمان الاقتصادي يتطلب اعطاءه فرص عمل في منطقته، واقامة مستشفيات ومستوصفات ومدارس.

 

■ هناك ارهابيون اجانب ايضا؟

- هناك 900 لبناني ملتحقون بجيش الاسلام. يجب ان تحصل معالجة عقائدية لهم، وأملنا بالتغيير معقود على المفتي الجديد الشيخ عبد اللطيف دريان، بارساء خط الاعتدال في المساجد والحوزات العلمية. هذا مهم جدا.

 

■ هل يمكن ان يبقى الاستحقاق الرئاسي معلقا على الملف النووي والوضعين الاقليمي والدولي؟

- المسؤولية تقع اولا على القيادات المسيحية الاربع.

 

■ الى متى التلطي بميشال عون والخلاف المسيحي - المسيحي؟

- ليس تلطيا ابدا. يعرف العماد عون انه يشكل تحديا لشريحة من اللبنانيين، ويعرف سمير جعجع انه يشكل تحديا لشريحة اخرى. فليتفضلا ويتفقا، مع الرئيس الجميل وسليمان فرنجيه، على مرشح توافقي لجميع اللبنانيين.

 

■ هل تتوقع تغييرا في التعامل السعودي مع لبنان بعد تغيير الملك؟

- لا، المملكة العربية السعودية كان خطها البياني واضحا في حماية لبنان واستقراره ودعمه المالي والنقدي، وهي تحضن عشرات الآلاف من اللبنانيين، ولا ننسى الدعم العسكري الذي قدمه المغفور له الملك عبد الله، والملك سلمان في الخط نفسه.

 

■ هل من توضيح عن نيتك الاستقالة وتسليم تيمور في هذه الظروف؟

- الاستقالة من المقعد النيابي شيء، ومن السياسة شيء آخر. وسأجيب في الوقت المناسب.


http://newspaper.annahar.com/article

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه