بذكاء، اختار «حزب الله» المكان والزمان المناسبين للردّ على عمليّة القنيطرة. الردّ على اغتيال الكوادر، جاء سريعاً، فلم ينتظر «الحزب» أكثر من 10 أيّام حتى يردّ الصاع الصاعين للعدوّ الإسرائيلي
لينا فخر الدين
بذكاء، اختار «حزب الله» المكان والزمان المناسبين للردّ على عمليّة القنيطرة. الردّ على اغتيال الكوادر، جاء سريعاً، فلم ينتظر «الحزب» أكثر من 10 أيّام حتى يردّ الصاع الصاعين للعدوّ الإسرائيلي.
اختار «الحزب» مكان الردّ بعناية ودهاء: ضربة قويّة، ولكنّها ضمن قواعد الاشتباك المعتمدة بين «الحزب» والكيان الصهيوني. إسرائيل انتقت الجولان المحتلّ، فردّت المقاومة من مزارع شبعا المحتلة بـ «عمليّة نظيفة» وهذه المرّة «من خلف خطوط العدو»، كما يطلق عليها خبراء عسكريون.
هؤلاء يجزمون أنّ الفارق بين عملية القنيطرة وعمليّة شبعا هو أن الأولى تظهر تفوّق العدو استخباراتياً في منطقة كاشفة، فيما الثانية لا تترك شكاً بأن المقاومة نفذّت، بحِرفيّة، عمليّة معقّدة ومتعدّدة المراحل وأصابت داخل شبعا المحتلّة. وأكثر من ذلك، فإن الحزب بقي ضمن القواعد نفسها: عسكر بعسكر، من دون استهداف مدنيين أو مؤسسات أو ممتلكات.
وبالرغم من ذلك، الجميع يسأل هل خرق «حزب الله» بعمليّته العسكريّة هذه، القرار 1701؟ البعض يشدّد على أنّ لا خرق على اعتبار أنّ المزارع لا تندرج في إطار القرار الدولي، فيما البعض الآخر لا يحسم الأمر بانتظار تحقيق «اليونيفيل».
أصحاب الرأي الأوّل، ومنهم نائب رئيس الأركان للعمليات سابقاً في الجيش اللبناني اللواء الركن (المتقاعد) عبد الرّحمن شحيتلي، يستندون إلى الفقرة التنفيذيّة العاشرة من القرار 1701 التي تتضمّن: «يطالب الأمين العام بتطوير - بالتنسيق مع فاعلين دوليين أساسيين والأطراف المعنية - اقتراحات لتطبيق بنود اتفاق الطائف ذات الصلة، والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006)، تتضمن نزع السلاح، وترسيم حدود لبنان الدولية، خصوصا في تلك المناطق؛ حيث هناك نزاع أو التباس، بما في ذلك معالجة مسألة مزارع شبعا، وتقديم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن في غضون 30 يوماً».
ويؤكّد شحيتلي لـ»السفير» أن «الدولة اللبنانيّة قدّمت آنذاك اقتراحاتها، من دون أن تفعل الحكومة الإسرائيليّة ذلك، ما يعني أنّ الإسرائيليين هم من خرقوا الـ1701 بعد شهر على إقراره وبالتالي عاد الوضع إلى ما كان عليه قبل آب الـ2006 لتكون المزارع محتلّة من قبل الإسرائيليين»، مشدداً على أنّ «الأرض هي محتلّة بالقانون الدوليّ والقيام بعمليات ضدّ أي محتلّ داخلها هي مشروعة بالقانون الدولي».
ويعتبر أنّه بغض النظر عن مسألة التنازع على سيادتها بين لبنان وسوريا، «فهي أرض محتلة، وهي لا تندرج في إطار الـ1701 ولا حتى ضمن عمل قوات «الإندوف» (قوة دولية لمراقبة الهدنة العسكرية بين سوريا والكيان الصهيوني بعد حرب تشرين العام 1973)».
كما يستند شحيتلي إلى الفقرة التنفيذية الخامسة من القرار 1701 التي تنص على أن القرار «يجدد دعمه القوي، كما ذكر في جميع قراراته السابقة ذات الصلة، لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده المعترف بها دوليا، كما هو منصوص عليه في اتفاق الهدنة العام بين لبنان وإسرائيل في 23 مارس 1949». ليؤكّد أن خطّ الهدنة يتّبع حدود لبنان مع دولة فلسطين التي كانت فيها المزارع لبنانية، وقد قام جيش العدو باحتلالها قضماً بعد نشوب الحرب الأهليّة في لبنان (أواخر السبعينيات).
أمّا في الجهة المقابلة، فهناك من ينتظر تحقيق «اليونيفيل» بشأن عمليّة مزارع شبعا. في حين أنّ قوّات الطوارئ الدوليّة، لا تدخل في تفاصيل هذه المسألة. ويكتفي الناطق باسمها أندريا تيننتي بالتأكيد «أنّنا نتواصل مع طرفي النزاع بغية ضبط النفس ومنع تطوّر الأمور نحو الأسوأ، ونعتبر أن الوضع حتى الآن هو مستقرّ». ورداً على سؤال حول ما إذا كان حصل خرق للقرار الدولي، يقول تيننتي لـ «السفير» إن «الأولويّة الآن هي لضمان التزام الأطراف بالـ1701»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «لا موعد محدّدا للاجتماع الثلاثي في الناقورة، ولكنّه قد ينعقد في أي وقت».
في المقابل، تشير مصادر مطلّعة على مسار المفاوضات بشأن وضعيّة المزارع إلى أنّ «مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هما منطقتان متنازع عليهما. أمّا لبنان فيؤكّد أنّها لبنانيّة ومن ضمن الـ13 نقطة المتنازع عليها مع إسرائيل، فيما الأمم المتحدّة لا تقرّ برأي لبنان، لتميل إلى أنّها سوريّة. وذلك بالرغم من أن الأخيرة أعلنت أكثر من مرة على لسان مسؤوليها (مثلاً: السفير السوري في واشنطن بشار الجعفري) أنّها لبنانيّة، من دون أن تقدّم الوثائق المطلوبة منها إلى الأمم المتحدة بعد إقرار الـ1701».
وعليه، فإن لبنان يتحفّظ على الخطّ الأزرق الذي وضع على حدوده، إلا أنّ ذلك لا يغيّر شيئاً، بحسب المصادر، التي ترى أنّ حسم إمكان أن تكون عمليّة «حزب الله» في المزارع قد خرقت الـ1701 من عدمه هو بيد قوات «اليونيفيل» التي ستقوم بتحقيقٍ مفصّل عمّا حصل.
وتشرح هذه المصادر بأنّه إذا تبيّن لـ «اليونيفيل» أن «هجوم الحزب» حصل من خلف الخطّ الأزرق (من داخل الأراضي اللبنانيّة)، فإن الأمم المتحدّة ستعتبره خرقاً، أمّا في حال لم يتمّ استخدام الأراضي اللبنانيّة أو تسلّل لعناصر إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة، فإنه لن يعتبر خرقاً.
وتوضح أنّ عدم الخرق قد يكون من خلال استهداف القافلة الإسرائيليّة من خلال أنفاق مثلاً أو من المناطق السوريّة، على اعتبار أن المزارع تقع عند حدود السفوح الغربيّة لجبل الشيخ والجولان، مذكرةً بأنّ الخبر الأوّل الذي صدر عن الإسرائيليين (قبل الإعلان عن العمليّة) هو أنّ جيش العدو يحفر على الحدود مع لبنان بحثاً عن أنفاق!
في حين أصدرت «اليونيفيل»، مساء أمس، بياناً لا يظهر أنّه يستند على تحقيقات مفصّلة بشأن العملية، إذ أعلن البيان أنّه «عند نحو الساعة 11:30 من قبل ظهر اليوم (أمس)، لحظت اليونيفيل إطلاق ستة صواريخ نحو إسرائيل من محيط عام منطقة الوزاني، شمالي الميسات في منطقة عمليات اليونيفيل، وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بنيران المدفعية على المحيط العام نفسه للمنطقة».
ولفت الانتباه إلى أنه «عند نحو الساعة 1:30 عصراً، تمّ إطلاق خمسة صواريخ من محيط منطقة كفرشوبا نحو إسرائيل، ردّ الجيش الإسرائيلي بالأسلحة المدفعية تجاه مصدر النيران».
http://assafir.com/Article/1/398930
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه