مع بدء بثّ «العربي»، يتبلور بصورة أوضح ما تحدّث عنه مراقبون خلال الأشهر الماضية، لناحية سعي أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، إلى إرساء منظومة إعلاميّة متكاملة، تشكّل بديلاً من مشروع أبيه حمد بن خليفة
انطلقت قناة «العربي» الأسبوع الماضي، تزامناً مع الذكرى الرابعة لثورة «25 يناير»، كباكورة قنوات «شبكة تلفزيون العربي» التي اتخذت من لندن مقرّاً لها. القناة الناشئة هي المشروع الشقيق لصحيفة «العربي الجديد» التي انطلقت العام الماضي، عن شركة «فضاءات ميديا ليميتد»، بإشراف المفكّر العربي والنائب السابق في الكنيست الإسرائيلي عزمي بشارة.
تتوزّع مكاتب القناة بين بيروت وتونس وغزّة ورام الله وصنعاء وواشنطن واسطنبول واليمن. وتتولّى إدارة مكتب بيروت جويس الحاج خوري التي عملت سابقاً مراسلة إخباريّة في «المؤسسة اللبنانيّة للإرسال»، ولاحقاً مسؤولة عن العلاقات الإعلاميّة للنائب سامي جميّل.
تسلّمت خوري مهامها كمديرة لمكتب بيروت في تمّوز/ يوليو الماضي، وبدأت بإعداد التقارير والمواد الإخباريّة في فترة تجريبيّة سبقت انطلاق القناة رسمياً. تؤكّد لـ «السفير» أنّ القناة «مستقلّة وليس لها أيّ علاقة بقناة أخرى، وجدت لتؤمّن مساحة لمن يرى نفسه بعيداً عن الاستقطاب السياسي».
مشروع تميم
انطلق بثّ «العربي» من لندن، بالتزامن تقريباً مع انطلاق بثّ «العرب» أمس من المنامة، وهي القناة الإخباريّة المملوكة من رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال. ولا بدّ أن تكون المقارنة حاضرةً بين القناتين، استكمالاً للمنافسة القطريّة السعوديّة الدائمة للسيطرة على الفضاء التلفزيوني العربي، والمكرّسة من خلال تجربتي «العربيّة» و«الجزيرة».
ومع بدء بثّ «العربي»، يتبلور بصورة أوضح ما تحدّث عنه مراقبون خلال الأشهر الماضية، لناحية سعي أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، إلى إرساء منظومة إعلاميّة متكاملة، تشكّل بديلاً من مشروع أبيه حمد بن خليفة، والمتمثّل بشبكة «الجزيرة» الإخباريّة. والهدف من ذلك هو إعادة قطر إلى صدارة المشهد الإعلامي، بعدما تراجعت شعبيّة «الجزيرة» خلال السنوات الماضية، لاختيارها نبرة تحريضيّة ومنحازة، خصوصاً في الملفين المصري والسوري. لذلك، يتمّ الترويج للقناة الجديدة كقناة «مستقلّة».
وكان حمد بن خليفة آل ثاني قد أطلق «الجزيرة» العام 1996، وكانت الذراع الإعلاميّة القادرة على جعل إمارته الصغيرة، قوّة مؤثّرة عربياً. وفقدت «الجزيرة» جزءاً كبيراً من تأثيرها، خصوصاً بعد تبنّيها الكامل لموقف «الإخوان المسلمين» إثر أحداث «30 يونيو» في مصر، وصعود عبد الفتاح السيسي إلى الحكم. ويرى بعض المراقبين أنّ «الجزيرة» باتت تشكّل عبئاً على الديبلوماسيّة القطريّة، ما يجعل فريق تميم يعوّل حالياً على أن تكون «شبكة العربي» قادرةً على إعادة بعض التوازن لسياسة بلاده الخارجيّة.
«أم بي سي» قطريّة؟
تسعى قناة «العربي» لمنافسة القنوات السعوديّة الصاعدة، لذلك لم تخرج بصبغة إخباريّة كاملة، وذلك مع تراجع نمط القنوات الإخباريّة عن صدارة نسب المشاهدة، ليس عربياً فقط، بل عالمياً أيضاً. لذلك تطلّ كشبكة تلفزيونيّة عامة، تتنوّع برامجها وتتوزّع بين الأخبار والبرامج السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والترفيهيّة، على غرار قنوات مجموعة «أم بي سي».
ترى مديرة مكتب بيروت جويس الحاج خوري أنّ ردّة الفعل الأولى على انطلاقة القناة، كانت «إيجابيّة بالرغم من أنّنا لم نقم بحملة ترويجيّة ضخمة، لكنّ الحضور على مواقع التواصل كان له دور كبير في التعريف بنا». وتلفت خوري إلى أنّ من تواصلت معهم من سياسيين لبنانيين لإجراء مقابلات، كانوا متجاوبين، ومرحّبين، وتعرّفوا إلى اسم القناة الناشئة بسرعة. وتؤكد خوري أنّ القناة «موجهة للشباب، وهناك العديد من البرامج التي تخاطبهم، إضافةً إلى تغطية كل اهتمامات المشاهد العربي». وتضيف أنّ «الأهمّ بالنسبة للقناة هو أن يكون الخبر المعروض خبراً أوّل بالنسبة للمشاهد».
وعن مكتب بيروت تقول خوري إنّ كادره يقتصر حالياً عليها مع مصوّر، إلا أنّ العمل يجري على توسيعه. وسيتخذ الفريق من الجميزة مقراً له بعد أسابيع، حيث يتمّ تجهيز استوديو خاص في المكان. كما ستتولى خوري تقديم «الأسبوع السوري»، وهو برنامج مشترك سيتمّ تقديمه بين بيروت واسطنبول، ويسلّط الضوء على معاناة السوريين ومواهبهم والأعمال الفنيّة التي ينجزونها في اللجوء.
مصر ترحّل بيتر غريست
رحّلت السلطات المصريّة الصحافي الاسترالي في قناة «الجزيرة» بيتر غريست إلى بلاده أمس، بعد قضائه أكثر من عام في السجون المصريّة، بحسب «فرانس برس». ونقلت الوكالة عن مسؤول في وزارة الداخليّة المصريّة قوله إنّ هناك «قراراً جمهورياً بترحيله إلى استراليا لاستكمال مدّة عقوبته». ونقل غريست على متن طائرة مصريّة إلى مدينة لارنكا القبرصيّة، على أن يتجه منها إلى بلاده.
وكانت محكمة مصريّة قد قضت في حزيران/ يونيو الماضي بالسجن سبع سنوات على غريست، وزميله في «الجزيرة الانكليزيّة» المصري الكندي محمد فهمي بتهمة نشر أخبار كاذبة، ودعم جماعة «الإخوان»، كما حكمت بالسجن عشر سنوات على زميلهما المصري محمد باهر في القضيّة ذاتها. لاحقاً ألغت محكمة النقض تلك الأحكام، وأمرت بإعادة محاكمة صحافيي «الجزيرة» في أوّل أيّام العام الحالي.
وأعلنت «الجزيرة» أمس في بيان عن ترحيبها بالإفراج عن غريست، مؤكدةً أنّ حملة المطالبة بالإفراج عن صحافييها «لن تتوقف إلا بعد الإفراج عن الزميلين المتبقيين باهر محمد ومحمد فهمي».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه