أكدالوزير السابق ميشال سماحة، في حديث لموقع المنار الإلكتروني، أن "الدرع الصاروخي الأميركي موجه بشكل مباشر نحو إيران وروسيا، أما الموقف التركي ضد اسرائيل فهو لتغطية الموقف الأميركي الاستراتيجي
من إسداء النصائح والتحذير إلى التهديد والوعيد فتوجيه الرسالة الأخيرة مروراً بإعلان الطلاق الرسمي وصولاً إلى مصادرة الأسلحة والتفكير بفرض عقوبات وعودة الحديث عن منطقة عازلة، هذه باختصار مراحل الإحتضار التي مرّت بها العلاقات السورية التركية قبل أن يفقد أردوغان صداقة من شرّع له من جديد أبواب الدخول إلى بلاد الشام التي عانت ما عانته من العثمانيين "الديمقراطيين" الذين لم يحفروا في ذاكرتنا سوى صور المشانق و"الخوازيق" وذكريات "التتريك".
إختلطت على أنقرة الأمور، وبدل أن تنفذ وعودها لشعبها بمعاقبة العدو الإسرائيلي على المجزرة التي افتعلها بحق أتراك "مرمرة"، أضاع أردوغان بوصلة عقوباته ووجهها نحو سورية! ولم يكتف بذلك، لا بل وافق على نشر درع صاروخي أميركي يهدد روسيا وإيران ويحمي "إسرائيل"!
من ناحية أخرى بدت وتيرة الأخطار المحدقة بالمنطقة في ازدياد مطرد، فبعدما كشف موقع المنار الإلكتروني في تقرير سابق عن إمكانية حدوث عمليات تفجير واغتيالات في لبنان وسورية والعراق في تشرين الأول المقبل، بادرت الإدارة الأميركية إلى تحذير رعاياها وسفرائها والطلب من بعضهم العودة فوراً إلى واشنطن ومن البعض الآخر الحد من تنقلاتهم حتى إشعار آخر.
إذاً الغليان قد بدأ تدريجياً، والأسئلة المطروحة اليوم هي ماذا بعد موافقة أنقرة على نشر الدرع الأميركي الصاروخي وقطع العلاقات السورية – التركية؟ هل بدأت فعلاً حرب المخابرات السرية؟ وماذا عن تورط بعض اللبنانيين بتهريب الأسلحة إلى سورية؟
درع صاروخي يحمي إسرائيل بعد الإنسحاب من العراق
الوزير السابق ميشال سماحة، وفي حديث مع موقع المنار الإلكتروني، يؤكد أن "الدرع الصاروخي الأميركي موجه بشكل مباشر نحو إيران وروسيا، أما الموقف التركي ضد اسرائيل فهو لتغطية الموقف الأميركي الاستراتيجي، فلا فائدة في قطع العلاقة مع اسرائيل طالما أن كل المعلومات التي كانت تقدمها تركيا لإسرائيل بشكل مباشر، أصبحت تصل للعدو بشكل غير مباشر عبر أميركا أو غيرها. بالإضفة إلى أن الموقف التركي يسهّل لعب الدور الأمبراطوري لدى الأردوغان، إلا أن الذاكرة العربية والواقع ستحول دون ترجمته عملياً".
ويضيف سماحة "مع مواقف أنقرة الأخيرة وموافقتها على نشر الجدرع الصاروخي سقطت نظرية أوغلو "صفر مشاكل" أو "zero problems" في السياسة الخارجية، فلتركيا اليوم مشاكل مع كل المحيط، مع سورية والعراق وإيران وروسيا على الأقل. كما يجب أن نأخذ بالإعتبار الوضع العراقي وعدم تأكد الأميركيين من بقائهم في قواعدهم بعد 31-12-2011، إذاً هم يحاولون تركيز منظومات بديلة في تركيا وليبيا".
الجيش التركي رفض أوامر أردوغان
أما بالنسبة لعودة الحديث عن منطقة عازلة على الحدود التركية فيقول سماحة "حاولوا في السابق أن ينشئوا عدة مناطق عازلة فلم ينجحوا، ولا بد من الإشارة إلى أن الجيش السوري لم يتمركز في تاريخه المعاصر عند الحدود التركية، إنما هذه المرة كان الموقف حازماً فسيطر على جسر الشغور حتى وصل إلى الحدود. وبرأيي فإن قيادة الجيش التركي وبقرار منها لم تطع أوامر أردوغان ولم تكن معادية للجيش السوري عند قيامه بخطوته المفاجئة، لأن الجيش التركي لا يريد أن تنشأ على حدوده منطقة فيها تطرف عرقي وإثني وطائفي يدخل الى العمق التركي، وهذه كانت إحدى أسباب الخلاف بين الجيش التركي وأردوغان ويالتالي الكلام عن منطقة عازلة قديم وتحقيقه غير ممكن اليوم".
ويتابع سماحة "اليوم يمكنهم أن يسلحوا العصابات كما يفعلون، وأن ينشئوا منطقة عصابات في جبل الزاوية نظراً لطبيعتها الجبلية والوعرة لكنها ليست عاصية على الجيش إن أراد قمعها، ولكنه حتى اليوم يحاول أن يعالج الموضوع بطرق أخرى لأن هذه المنطقة تتضمن قرى مأهولة وبعضها متطرف دينياً والبعض الآخر بات كرهائن في أيدي العصابات".
مجموعة عالية الكفاءة فجرت أنبوب النفط
إذاً المشهد اليوم بات محصوراً بتطويق اقتصادي من الخارج وتكثيف الدعوات الرسمية لعزل سورية، بالإضافة إلى استخدام مسلحين لضرب الأمن الداخلي في سورية، وهذه الخرطوشة الأخيرة بدأ الغرب بإطلاقها على النظام. فقبل ذلك كان هؤلاء يتحركون تحت غطاء المتظاهرين، أما اليوم وبعد أن ندرت هذه الأعداد سيطرت الأحداث الأمنية كالكمائن والإغتيالات والتفجيرات ...
ويقول سماحة "مع وجود الجنرال ديفد بيترايوس على رأس وكالة الإستخبارات المركزية، ولأن كل الأحداث في سورية تقاد من غرفة عمليات القيادة الوسطى للجيش الأميركي بالتنسيق مع القيادة السياسية الممثلة بفيلتمان ومجموعته، وغرفة عملياتهم في قطر وبتمويل قطري، لا أستغرب أن يكون هناك عمليات خاصة وسرية تقوم بها مخابرات أجنبية مع مخابرات عربية مع المسلحين ولكن النوعية التي رأيناها حتى الآن لا تشير إليهم، إلا واحدة وهي عملية تفجير أنبوب النفط، فأنا شاهدت في أوروبا التقرير الفني عن هذه العملية وهو يؤكد أن من قام بالتفجير هم مجموعة عالية الكفاءة في المعرفة والتنفيذ أي عمل محترفين".
لن يكون الرد السوري تقليدياً في مواجهة أي عدوان
ولكن ماذا لو قامت أميركا وحلفاءها بمهاجمة سورية كما فعلت في مناطق أخرى؟ يحذر سماحة من القيام بهكذا خطوة قائلاً "حزب الله موجود على بقعة أرض محدودة ومكشوفة وواجه العالم عام 2006 لمدة 33 يوماً ولم تستطع اسرائيل استكمال الحرب. سورية دولة ولا أحد يعرف ماذا يوجد لديها وكيف ستدافع عن نفسها، فإن أخطأوا وهاجموها فستكون طريقتهم تقليدية ومخابراتية أما الرد السوري فلن يكون تقليدياً أبداً، لا أعرف نوعيته، ولكن أذكّر أن حزب الله بقدراته أنتج ما أنتج، ولا أعتقد أن ما هو موجود في سورية أقل مما يملكه الحزب".
ويتابع سماحة "هذا عدا الموقف الروسي - الصيني الذي لا مبرر لأن يتبدل، فما هي الهدايا التي تقدم لروسيا؟ الدرع الصاروخي الذي يحيط بها ويحاصرها؟ أما الموقف التركي بقبول الدرع الموجه علناً ضد موسكو وطهران؟". وعند سؤالنا سماحة عن إمكانية نشر درع صاروخي روسي في سورية أجاب "سمعت كلاماً عن اجتماعات وتدريبات حصلت مؤخراً في روسيا هدفها تدريب مجموعات عسكرية سورية على نوعية أسلحة جديدة، وربما تكون أسلحة صاروخية".
قواتي يهرّب الأسلحة إلى غزة !
ولكن على الرغم من أن الأزمة التي تعيشها سورية اليوم متفرعة ومتشعبة وتدخل فيها المشاريع الإقليمية، إلا أنها لم تصل بعد إلى مرحلة تدفع حلفاءها للتدخل بشكل عملي لدعم النظام الممانع فيها بعكس المتواطئين عليها الذين استنفذوا تقريباً كل أوراقهم الإقليمية من قطر إلى البعض في العراق مروراً بتركيا وصولاً إلى لبنان. فالتآمر الكامل والجزئي لهذه الدول أو لبعض الأطراف فيها في أوجه، وتخاذل الأجهزة المعنية بضبط الأمن ووقف عمليات تهريب السلاح إلى المخربين أصبح جلياً وموثقاً، وإمكانية ضلوع بعض الجهات في التخريب الأمني الذي يمكن أن يحدث في الزمن القريب بأمر غربي غير مستبعدة.
"تصوّر أن يلقوا القبض على أحد المنتمين إلى حزب القوات اللبنانية، ولا أعلم إن كان للقوات علاقة بشكل مباشر، وهو يهرّب السلاح إلى سورية وأثناء التحقيق معه تتدخل بعض المرجعيات فيفرج عنه على أساس أنه كان يهرّب سلاحاً بالفعل ولكن ليس إلى سوريا بل إلى غزة!" يختم سماحة ضاحكاً ... فعلاً إن لم تستح فافعل ما شئت!