نجحت قوات المجلس الوطني الانتقالي اليوم في محاصرة مدينة سرت الليبية التي تتعرض لغارات حلف شمال الأطلسي
أعلن الرجل الثاني في المجلس الوطني الإنتقالي محمود جبريل في الامم المتحدة أن حلف شمال الأطلسي سيواصل عملياته في ليبيا حتى توقف سقوط قتلى في صفوف المدنيين. وأعرب جبريل، على هامش اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا،عن الأمل في رفع قرار مجلس الأمن القاضي بتجميد الأرصدة الليبية. كما اكد ان النظام الليبي الجديد لا يستهدف الأفارقة في ليبيا من خلال اتهامهم بدعم قوات القذافي. هذا وأعلن مجلس الأمن الدولي في 16 ايلول/سبتمبر رفعاً جزئياً لتجميد الأرصدة الليبية.
ميدانياً، نجحت قوات المجلس الوطني الانتقالي اليوم في محاصرة مدينة سرت الليبية التي تتعرض لغارات حلف شمال الأطلسي. كما تحدث المدنيون الذين فروا من المدينة عن ظروف حياة شاقة للذين مكثوا فيها. وقامت إذاعة موالية للقذافي في سرت ببثّ رسائل دعائية لتعبئة ما تبقى من أنصاره، بحسب سكان. وتقول الرسائل "يجب الموت من أجل الدفاع عن الدين والوطن والقذافي".
وقام الثوار بدفن القتلى الذين سقطوا في معارك مع قوات موالية لمعمر القذافي في غدامس. وقال نائب رئيس المجلس المحلي في غدامس سراج الدين موفق "قمنا ظهر اليوم بدفن ثمانية شهداء سقطوا في المعارك التي جرت أمس". وأضاف موفق أن "ثلاثة من الجرحى الذين بلغ عددهم سبعون يحتاجون الى أن ينقلوا الى طرابلس لتقلي العلاج، فيما يرقد في المستشفى حالياً 28 جريحاً فقط بعد أن غادرها آخرون إثر تلقيهم العلاج". وتابع موفق أن "الجبهة هادئة اليوم بعد أن قمنا بدحر الأعداء، إلا أن هناك معلومات غير مؤكدة بأن المهاجمين يحشدون قواتهم خارج غدامس لمهاجمتها من جديد".
من جهته، أوضح المقاتل علي السنوسي أنه "منذ صباح اليوم قمنا بتمشيط المدينة والوضع هادئ". وذكر السنوسي أن عدد الذين دفنوا اليوم عشرة وليس ثمانية، مشيراً الى أنه "جرى نقل عدد من الجرحى إصاباتهم خطيرة الى طرابلس". كما شنّ موالون للعقيد معمر قذافي فجر أمس هجوماً على مدينة غدامس، ما ادى الى مقتل ثمانية أشخاص وإصابة أكثر من خمسين بجروح. وأشارت صحيفة الخبر الى أن "قتالاً عنيفاً اندلع بين مسلحين ينتمون لقبائل الطوارق المحليين وقبيلة الغدامسية أسفر عن مقتل 43 شخصاً على الأقل" كما أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية غلق الحدود مع ليبيا باستثناء وجود حالات إنسانية.
من جهته، أعلن الحلف الأطلسي أن طائراته قصفت أمس مركز قيادة ومراقبة ومخازن ذخيرة ورادار وقاذفات صواريخ في سرت.
وعلى الجبهة الغربية، لم تقع معارك صباح اليوم بحسب القادة الميدانيين، فيما رصدت مواجهات شرقاً عند دخول قافلة من مئة وخمسين مقاتل تابع للمجلس الوطني الانتقالي الى المدينة. في بني وليد، تمركز المقاتلون على مدخل المدينة وما زالوا يتعرضون لإطلاق صواريخ من قبل قوات القذافي.
وعلى الصعيد السياسي، قال سياسيون في بنغازي إن تعثر تشكيل الحكومة الليبية المؤقتة الذي كان مقرراً في 18 أيلول/سبتمبر يخفي صراعاً محموماً على السلطة بين خصوم معمر القذافي الذين أطاحوا بنظامه. وسبق أن صرّح رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل السبت الماضي أن "الحكومة ستعلن خلال الأسبوع القادم"، معترفاً بوجود خلافات وصراعات أخّرت الإعلان عن تشكيلها.
وأكد عبد الجليل أن الكفاءة هي المعيار لتولي حقائب وزارية وليس "النضال" ضد القذافي أو الإنتماء لمنطقة أو قبيلة معينة.
من جهة أخرى، أعلنت الشركة الإيطالية النفطية العملاقة ايني اليوم أنها استأنفت انتاجها النفطي في ليبيا في حقل أبو الطفل الذي يبعد ثلاثمئة كلم جنوب بنغازي. وقالت أكبر شركة أجنبية منتجة للمحروقات في ليبيا إن "ايني تستأنف انتاجها في حقل أبو الطفل".
وبالتعاون مع الشركة الوطنية الليبية، استأنفت ايني العمل في خمسة عشر بئراً في الحقل يبلغ انتاجها حالياً ثلاثة عشر ألفاً وتسعمئة برميل يومياً. وأعلن المجلس العسكري في طرابلس أمس عن العثور على مقبرة جماعية تضمّ رفات أكثر من 1700 سجين قتلوا العام 1996 على أيدي حراس سجن أبو سليم في العاصمة الليبية.
وقال المتحدث باسم المجلس خالد الشريف في مؤتمر صحافي في طرابلس "توصلنا الى خيوط ثم الى مكان دفن هؤلاء الشهداء"، مضيفاً "نحن متأكدون من الناحية الجنائية والبحث الأمني ولدينا الأدلة على ذلك". وأضاف الشريف رداً على سؤال لوكالة فرانس برس أن "اللجنة الفنية المكلّفة التعرف على أصحاب الجثث تنتظر التأكد من هذا الأمر بشكل علمي وهي ستحتاج الى وقت لذلك". وتعتبر هذه المجزرة سببا غير مباشر للثورة التي اندلعت منتصف شباط/فبراير عندما نظمت التظاهرات الاولى التي انطلقت في بنغازي استجابة لنداء عائلات السجناء المقتولين الذين أرادوا الاحتجاج على توقيف محاميهم.
وتعتزم الأمم المتحدة وضع حدّ لعمليات المساعدة الإنسانية العاجلة التي تقوم بها في ليبيا نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، كما أعلن مسؤول كبير في المنظمة الدولية. وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة بانوس مومتزيس في مؤتمر صحافي إن "تخطيط" المساعدة الإنسانية "في الوقت الراهن متوقع للأسابيع الثمانية المقبلة وحتى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر". وأضاف مومتزيس "نأمل أن يدخل البلد في هذا الوقت مرحلة جديدة". وأعلن منسق الشؤون الإنسانية أن السلطات الليبية ستحتاج من الآن فصاعداً لدعم أكثر "تقنية" من الأمم المتحدة لتشجيع "التنمية وإعمار" البلاد، وخصوصاً عبر عملية "إصلاحات انتخابية وإصلاح النظام القضائي".