منذ اللحظة الاولى لعملية اغتيال الشهيد عماد مغنية، لم يتعاطَ محور المقاومة مع هذه الخسارة الكبيرة ببعد ضيق عبر حصر أدوات الجريمة بالعدو الاسرائيلي فقط
واشنطن تريد تطويع نتنياهو.. لا إسقاطه
داود رمال
منذ اللحظة الاولى لعملية اغتيال الشهيد عماد مغنية، لم يتعاطَ محور المقاومة مع هذه الخسارة الكبيرة ببعد ضيق عبر حصر أدوات الجريمة بالعدو الاسرائيلي فقط، انما انطلق في تحقيقاته وتعقبه لكل الآثار المرتبطة بالجريمة من مسلّمة أن «قائد الانتصارين» الذي رُصدت موازنات عالية من اجل الوصول اليه والذي تحقد عليه دول وليس أشخاص، يتشارك في عملية اغتياله أكثر من جهاز استخباري، وما نشرته إحدى وسائل الاعلام الاميركية مؤخراً لم يفاجئ قيادة المقاومة لانه جاء «ليؤكد المؤكد».
ويبقى توقيت نشر هذه المعلومات والتي جاءت في ظل أجواء عالية التوتر بين المقاومة والعدو الاسرائيلي، ولكن يبدو أن هناك إصراراً غربياً على المضي في كشف المزيد من اهداف رفع الغطاء عن هذه المعطيات، بعيداً من عملية قياس مدى صدقيتها من حيث السيناريو، ومع تأكيد الشراكة الطبيعية في التنفيذ بين الأجهزة المذكورة.
والسؤال عن التوقيت طرحته شخصية لبنانية على احد السفراء الغربيين البارزين، ليقدم تحليلاً بالاستناد الى معلومات، فما الذي قاله الديبلوماسي الغربي؟
على عكس قراءات المحللين «الإدارة الاميركية، وعلى رغم حماقات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا سيما بحقها، فهي لا تريد تشجيع عملية إسقاطه في الانتخابات الاسرائيلية المبكّرة في آذار المقبل، والسبب انه لا يوجد بديل عن نتنياهو على مستوى القيادة السياسية الاسرائيلية بعد وفاة او تقاعد القيادات التي توصف بالتاريخية والتي ادت الى اصابة المستوى السياسي الاسرائيلي بالهزال، إنما ما تريده الادارة الاميركية هو تطويع نتنياهو، وفي هذا السياق تم تسريب ونشر سيناريو اغتيال عماد مغنية».
ماذا تفيد عملية النشر نتنياهو؟ يجيب الديبلوماسي بالقول «الهدف المباشر هو التعويض عن الضربة المؤلمة جداً التي تلقاها رئيس الوزراء الإسرائيلي في عملية مزارع شبعا التي نفذها حزب الله رداً على العملية الاسرائيلية في القنيطرة. صحيح أن النتائج الميدانية لعملية شبعا لم تكن بمستوى نتائج عملية القنيطرة التي أدت الى خسارة حزب الله ستة كوادر بينهم قائد وضابط ايراني كبير، لكن ردّ الحزب السريع على العملية أعاد الاعتبار لموازين القوى وجعل الإسرائيلي يقف عند حدود لا يمكنه تجاوزها بعد الآن».
ويضيف الديبلوماسي «الإسرائيلي عمد الى القتل، ورد حزب الله عبر صفعة موجعة بحيث صار يحسب ألف حساب لكي لا يخطئ مع الحزب في عملية القتل. من المؤكد أن النتائج الميدانية كانت أعلى لمصلحة اسرائيل مع علمنا ان عدد خسائر اسرائيل في عملية شبعا أكثر مما أُعلن، الا ان رد الحزب كانت نتائجه أعلى على المستوى الاستراتيجي، بعكس النتائج التكتيكية لعملية القنيطرة».
ويوضح السفير الغربي نفسه «أن تسريب سيناريو اغتيال عماد مغنية جاء ليعوّض الخسارة الاستراتيجية التي مُني بها بنيامين نتنياهو، لتذكير الجمهور الاسرائيلي ان علاقة الولايات المتحدة الاميركية مع إسرائيل لا تؤثر بها حماقات رئيس وزرائها، وايضاً لطمأنة هذا الجمهور المذعور والخائف أن هناك تنسيقاً أمنياً رفيعاً جدا بين واشنطن وتل ابيب».
والابرز في كلام السفير هو «أن الأمر الآخر الذي يُقرأ بين سطور تسريب سيناريو الاغتيال والاعلان عن التخطيط الاسرائيلي والاميركي المشترك لعملية اغتيال مغنية، هو مقدمة لإفهام الطرف المقابل من قيادات الجماعات التكفيرية أن اليد الأميركية طويلة، وهي ـ كما إسرائيل ـ تعرف كل الأسرار المرتبطة بهذه الجماعات، وعندما يحين أوان التخلص منها فلا غطاء عليها وبالتالي سيأتي دورهم، وإلا لماذا لم يكشف عن الأمر من قبل طالما أن التمكن من الوصول إلى عماد مغنية استلزم 25 عاماً؟».
http://assafir.com/Article/2/400806
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه