اليمن ما بين مشهدين ..مشهد حضاري تقدمه حركة أنصار الله في الأمن والعكسر والمجتمع ومشهد دموي همجي وحشي يقدمه تنظيم القاعدة .
كان الإعلان الدستوري الذي شهدته العاصمة اليمنية صنعاء يوم الجمعة الماضية حدثا سياسيا تاريخيا في مسار اليمن وقد جعل موفد الأمم المتحدة جمال بن عمر يعود من العاصمة السعودية إلى صنعاء ويتدخل في هذه اللحظات التاريخية والحرجة ليرعى المفاوضات بين أنصار الله وحلفائها من جهة وبين القوى والأحزاب السياسية المضادة للثورة من جهة أخرى .
أنصار الله يحرصون على مشاركة الجميع وعدم إقصاء أحد وهذه ميّزة لا تتوفر واقعا عند الآخرين . فهذه الحركة رغم نجاح ثورتها على المستوى الشعبي وسيطرتها على زمام الأمور إلا انها تمد يدها وتحرص على مشاركة الجميع في بناء اليمن .
بالأمس كان هناك مفاوضات في فندق موفمبيك ولم يتمخض إعلان عن اتفاق .
حول المشهد الحضاري الذي تقدمه حركة أنصار الله والمشهد الدموي الذي تقدمه القاعدة سألنا الكاتب والمحلل السياسي اليمني الدكتور عبده البحش فقال إن "حركة انصار الله هي حركة حضارية تؤمن بوجود الآخر وبالشراكة مع الآخر فهي فجرت ثورة ب21 سبتمبر/أيلول 2014 وسيطرت على الأمور في العاصمة صنعاء وتوجهت اللجان الشعبية إلى مؤسسات وممتلكات الدولة العامة للحفاظ عليها وحمايتها من اللذين يريدون نهبها ولم يسجل أي حالة من حالات السرقة في العاصمة والمحافظات الأخرى وكذلك فعلت اللجان بالنسبة للأملاك الخاصة".
وأضاف في حديث خاص لموقع المنار "نجد أن في كل المحافظات التي تواجد فيها أنصار الله قد نشروا الأمن والسلام وقضوا على ظاهرة قطع الطرق والسلب والنهب وعمليات الخطف والقتل تراجعت نسبتها بشكل كبير، واللجان الشعبية تضبط الوضع الأمني بشكل جيد جدا" .
أما اللجان الثورية وهي التي تعمل في الميدان المدني والإجتماعي فهي منعت عمليات الفساد المالي والإداري والتسيب الذي كان موجودا في مؤسسات الدولة واللجان تجبر اليوم العاملين على تقديم افضل الخدمات للشعب".
ففي المستشفيات مثلا كان التسيب هو سيد الموقف واصبحت الآن تستقبل المرضى بعكس الايام السابقة .
في مجال القضاء وفي إطار عمل اللجان الثورية تمّ انشاء الهيئة القانونية للجان الثورة وهي مختصة بعمليات الفساد والمفسدين وهي تتابع الملفات وتحيلها على القضاء ".
وأوضح د.البحش أن "اللجان الشعبية واللجان الثورية يقومون بعملهم بشكل تطوعي ولا يتلقون اجورا ولا يوجد أي جهة تعطيهم رواتب يعملون من تلقاء إحساسهم بالمسؤولية وهذا شيء نادر في هذا الزمن ،خدمة للوطن وخدمة للشعب".
بينما في الجانب الآخر كل يوم نسمع عن تنفيذ القاعدة لهجمات وسطو على الأموال العامة سواء من البنوك التابعة للدولة أو من مكاتب البريد التي تقدم خدمات مصرفية مثل صرف رواتب موظفي الدولة والجنود.
أيضا نطالع بين الحين والآخر تنفيذ عمليات قطع طرق وسرقة بين العاصمة والمحافظات حيث ترصد السيارات التي تحمل مخصصات الرواتب الجنود والضباط ويتم تصفية من يحملها .
وأضاف البحش "القاعدة هي عصابات فلا أدري أي شريعة هذه التي تقوم على السرقة والقتل فهم يقتلون ويخطفون الجنود" .
وتابع "رأينا ماذا فعلوا عندما ذبحوا بالسكاكين حوالي 20 جنديا يمنيا بعد خطفهم من حافلة كانت تقلهم قرب مدينة شبام في محافظة حضرموت، في جنوب شرق اليمن، وقامت بإقتيادهم إلى مدينة الحوطة، وتم إعدامهم وإلقاء جثثهم أمام المواطنين في الطريق العام ، وقام المنفذون بنشر صور لهم وهم يقتلون الجنود في مواقع التواصل الإجتماعي وأقاموا الأهازيج والأحتفالات في مشهد وحشي بربي همجي لم يشهد تاريخ اليمني مثيلا له".
وأيضا التفجيرات والإغتيالات فالقاعدة تقتل الكوادر العلمية والعسكرية والنخب بطريقة الغدر والخيانة فهم يضعون العبوات الناسفة للسيارات المستهدفة وأيضا الإغتيالات التي تتم عبر الدراجات النارية بواسطة اسلحة كاتمة للصوت وهذا حصل في صنعاء والكثير من المحافظات ،يبررون ان ذلك من الدين والدين منه براء .
وأردف قائلا "ايضا استهدفوا التجمعات فعندما كان الطلاب يتوجهون لكلية الشرطة في صنعاء قاموا بتفجيرهم وهم يتجمعون عند البوابة واستشهد حوالي الخمسين طالبا وجرح حوالي المئة.
كما فجروا ميدان السبعين في صنعاء وهو هجوم انتحاري وقع في 21 مايو/أيار 2012 على جنود الأمن المركزي أثناء إعداد بروفات إستعداد لإقامة عيد الوحدة اليمنية في اليوم التالي ، وأدى التفجير إلى إستشهاد 120 شخصا أغلبهم جنود و يعتبر من أشرس الهجمات في تاريخ اليمن.
اما هجوم مستشفى وزارة الدفاع فهو جريمة العصر رأينا كيف كان عناصر القاعدة يتصيدون الأطباء والممرضات بلا رحمة وقتل غير مبرر بكل وحشية،ولا يقبله دين ولا شريعة ولا عرف .
ويقول د.البحش "القاعدة يدها ليس طويلة في اليمن وبعد ثورة 21 من سبتمبر/أيلول تقلمت أظافرها ولكن كان هناك في هرم المؤسسة العسكرية والسلطة السياسية أشخاص يساعدونها ويسهلون عملياتها وحركتها وتم إيصال عناصرها لمراكز صنع القرار".
وتابع "في محافظة البيضاء اليوم تمكنت اللجان الشعبية والجيش من طرد القاعدة منها ".
عناصر القاعدة يتواجدون الآن في مآرب ويستعرضون بالأسلحة ويتحدون ويريدون تفجير حرب في هذه المحافظة، وكذلك هناك تواجد لهم في محافظة شبوة وفي محافظة أبين وحضر موت ولكن بشكل اوكار وليس على نطاق واسع ". اما في المحافظات الأخرى فتم تدمير معسكراتهم ومراكز تواجدهم. وأضاف "القاعدة هي تنظيم دولي ويشغل عبر المخابرات الغربية ويعمل بحسب أجندة خارجية ويتحرك بالريموت كونترول سواء كانوا يعرفون أم لا" .
بالنسبة للتشويه الإعلامي الذي يشن على أنصار الله لفت د.البحش "نحن لا نمتلك اجهزة اعلامية كبيرة وفاعلة سواء في المرئي والمقروء وما يتعلق بالإعلام الإلكتروني بينما الطرف الآخر يمتلك امكانيات هائلة من قنوات فضائية محلية صحافة يومية اسبوعية كثيرة ومنتشرة وعبر الشبكة يمتلكون مئات المواقع التي تعمل على مدار الساعة في بث الأكاذيب والإشاعات والدعايات السوداء وهي حرب نفسية شعواء".
وختم بالقول"أنصار الله يقدمون اليوم مشهدا أمنيا ومدنيا حضاريا رائعا لم يعرفه اليمنيون من قبل يتحملون مسؤولية كبيرة على عاتقهم في المجال الامني والإجتماعي وانصاف المظلومين ومكافحة الفساد" .