خرج الصدام السياسي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشأن خطاب الأخير في الكونغرس، من الغرف المغلقة والدوائر غير المباشرة
حلمي موسى
خرج الصدام السياسي بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بشأن خطاب الأخير في الكونغرس، من الغرف المغلقة والدوائر غير المباشرة لينتقل بسرعة إلى صدام مباشر وشخصي وعلني.
فبعد مطالبات واسعة لنتنياهو بالعدول عن خطته لإلقاء خطابه أمام الكونغرس في تحد للإدارة الأميركية، أعلن من جديد إصراره على إلقاء الخطاب، فما كان من الرئيس باراك أوباما إلا أن تساءل في مؤتمر صحافي: «ما الذي يشتعل؟» لدى نتنياهو.
وفي هذه الأثناء، تزايدت دائرة المقاطعين للخطاب لتضم للمرة الأولى سيناتوراً يهودياً، في ظل حديث عن معضلة أوقع فيها نتنياهو يهود الولايات المتحدة بإظهار ازدواجية الولاء.
وقد غمز أوباما من قناة نتنياهو في مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حين قال: «وحتى أنجيلا ميركل، لم آمن لأدعوها قبيل الانتخابات، وهي أيضاً ما كانت لتطلب ذلك». وأشار إلى الخلافات بينه وبين نتنياهو بشأن إيران مضيفا أن «أنجيلا ميركل، و(رئيس الوزراء البريطاني) ديفيد كاميرون وآخرين يتفقون معي على أنه ليس صائباً المس في هذه المرحلة بالمفاوضات عبر فرض عقوبات أخرى. إذا أبرمت صفقة، فسوف نتبناها. وإذا لم تكن، فلست أول من سيعمل مع الكونغرس لفرض عقوبات أخرى. كرئيس لأميركا من واجبي أن أفحص الخيارات الأخرى إذا لم تنجح الديبلوماسية، وهي ليست جذابة».
وقال الرئيس الأميركي موجهاً كلامه لنتنياهو: «ما الذي يشتعل؟ إلا إذا كانت نظرتك أنه يستحيل التوصل إلى اتفاق مع إيران، وأنه لا ينبغي حتى فحص ذلك، وأنا لا يمكنني القبول بهذا، فكرئيس للولايات المتحدة أنظر لكل الخيارات إذا لم نتخذ قراراً سياسياً».
وعلى خلفية الإصرار الذي أبداه نتنياهو لعدم التراجع عن إلقاء خطابه أمام الكونغرس، توسعت دائرة المعارضين له في صفوف الكونغرس.
وكان بارني ساندرس أول سيناتور يهودي يعلن رسمياً أنه سوف يتغيب عن الخطاب، وذلك بعدما بدأت أوسع حملة توقيع بين أعضاء الكونغرس على عريضة تطالب رئيس مجلس النواب جون بوينر، لتأجيل الخطاب إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.
وساندرس، يهودي مستقل معروف بمساندته لإسرائيل، وسبق أن تطوع للعمل في «كيبوتس»، انضم بإعلانه التغيب إلى عدد من كبار الأعضاء الديموقراطيين وإلى رئيس مجلس الشيوخ نفسه، نائب الرئيس جو بايدن.
وجاء في العريضة الموجهة إلى بوينر: «إننا كأعضاء كونغرس مؤيدين لإسرائيل، شركاء في القلق بأنك تستخدم زعيماً أجنبياً كأداة سياسية ضد الرئيس». وينتظر نشر العريضة وأسماء الموقعين عليها في نهاية الأسبوع الحالي.
ولكن، كما سلف، فإن هذه الخطوات لم تردع لا نتنياهو ولا بوينر عن مواصلة التمسك بالخطاب في موعده. وكانت وكالة «رويترز» قد نشرت اقتباسات عن جهات إسرائيلية تفيد بأن نتنياهو يدرس أمر تغيير طابع خطابه أو حتى إلغائه كلياً لتخفيض التوتر مع الإدارة الأميركية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي في حفل تدشين الحملة الانتخابية لـ «الليكود»: «أنا عازم على السفر إلى واشنطن... إن أول واجباتي كرئيس للحكومة هو الحرص على الأمن في وقت يوجد فيه من ينشغل إما بالبروتوكول أو بالسياسة».
وأضاف نتنياهو أنه «يتبلور بشكل متزايد في ميونيخ اتفاق سيئ مع إيران. وبحسب التقارير، فإن الاتفاق سيسمح لهم بإنتاج عشرات القنابل النووية. كرئيس للحكومة من واجبي فعل كل شيء لمنع هذا الاتفاق الخطير، ولذلك فإنني عازم على السفر إلى واشنطن، وعرض موقفي أمام الكونغرس».
وأصر نتنياهو على أن الخلافات مع الولايات المتحدة ليست جديدة «فمنذ إنشاء إسرائيل وحتى اليوم كانت خلافات جوهرية وبقيت العلاقات صلبة، وهذا ما سيحدث هذه المرة أيضاً. هذا ليس موضوعا حزبياً».
وعلى خلفية الأزمة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، ألمح أوباما إلى استعداده إعادة النظر في المساعدات للدول الأجنبية بما فيها إسرائيل.
وجاء في مقابلة أجراها أوباما مع موقع «VOX» الإخباري، رداً على سؤال حول كيف تخصص الولايات المتحدة أكبر نسبة من مساعداتها الخارجية لإسرائيل «وهي دولة غنية نسبياً» في حين هناك حلفاء بحاجة لمساعدات أكبر، أن لدى الجمهور الأميركي مفهوماً خاطئاً عن المساعدات للدول الأجنبية. فالأميركيون «واثقون أن كل الرواتب التي يكسبونها بجهد كبير، ويدفعون عنها الرواتب، تنتقل بطريقة ما لأناس آخرين، ولكن الحديث يدور عن 1-2 في المئة».
وشدد أوباما على أن «علاقتنا بإسرائيل فريدة بطرق مختلفة. وهي الحليف الأقوى لنا في المنطقة، ولا شبيه للعلاقات بين شعبينا... وأيضاً بسبب التاريخ العالمي، فالجمهور اليهودي مكشوف أكثر في تلك الجيرة المعادية، وهذا يتطلب منا مساعدتهم».
وحملت صحف إسرائيلية عدة على نتنياهو وخطابه المفترض في مطلع الشهر المقبل أمام الكونغرس. وقادت هذه الحملة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه لاتهام صحيفة «يديعوت أحرنوت» وأصحابها بالتحريض عليه والعمل من أجل إفشاله في الانتخابات.
لكن شلومو شامير من «معاريف الأسبوع» كتب أن نتنياهو ورط يهود الولايات المتحدة في معضلة الولاء المزدوج. وأشار إلى أن «الخطاب، سواء ألقي أم لم يلق، قاد إلى ارتباك أصبح يتعذر وقفه، وسبب تآكلاً صعباً لم نتوقعه منذ البداية في مجال علاقة إسرائيل بالجالية اليهودية الكبيرة في الولايات المتحدة. في مقال طويل في الزاوية الدينية، الذي نشر في عدد يوم السبت في نيويورك تايمز، قيل إن الجدال حول الخطاب المختلف فيه لنتنياهو في الكونغرس يشكل سبباً للعملية المتسارعة للتباعد بين إسرائيل ويهود الولايات المتحدة».
أما «هآرتس»، فطالبت في افتتاحيتها نتنياهو بـ «التخلي عن الخطاب» لأنه يسعى عبره إلى بث «الشقاق بين المشرعين الأميركيين ورئيسهم، وهذا تدخل مرفوض».
وطالبت الافتتاحية نتنياهو بأن يفهم موجة الاعتراض والتغيب وأن يتصرف بشكل مسؤول وأن «يثبت أن مصلحة الدولة تسبق مصالحه الشخصية، ويتراجع عن نيته إلقاء الخطاب في الكونغرس».
http://assafir.com/Article/1/401418
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه