وهدّد المخترقون بتسريب البيانات الشخصيّة لأكثر من ألف وستمئة شخص من المتعاونين مع القناة، أو ممن يتواصلون مع القائمين عليها، معلنين أنّهم لن يتحمّلوا بعد ذلك مسؤولية ما قد يحصل لأولئك، خصوصاً بالنسبة للمقيمين في دمشق
يبدو أنّ المواقف الاستفزازيّة لقناة «أورينت»، وسّعت دائرة خصومها، لينضمّ إليهم تنظيم «داعش» أخيراً. إذ اخترق مناصرون للتنظيم مساء أمس الأوّل الموقع الالكتروني للقناة متوعّداً، ومهدّداً، احتجاجاً على سياستها الإخباريّة.
عند التاسعة مساء الأربعاء بتوقيت دمشق، ظهر شريط أحمر على موقع «أورينت.نت»، معلناً اختراقه. واختفت عن الموقع صفحات الأخبار والبرامج، لتحلّ مكانها شاشة سوداء، غطّت واجهته الرئيسيّة بالكامل. وتوسّطت الشاشة رسالة تضمّنت هجوماً على مالك المحطة غسان عبود، وعلى سياسة قناته التحريريّة، ممهورة بتوقيع «مساكين الغوطة الشرقيّة» و«أشبال الخلافة الإسلاميّة».
وطالب المخترقون القناة بعدم «المتاجرة بالضحايا لأجل بضعة دولارات، وبحجة نقل الحقيقة». وأضافوا أنّ «أورينت» تلجأ إلى تسمية التنظيم بـ «داعش» في حين أنّها «يجب أن تستخدم تسمية الدولة الإسلاميّة كما يقتضي قاموس الشرف في الثورة السوريّة»، بحسب تعبيرهم. ونشر المخترقون صورة على الموقع لبعض مقاتلي «داعش»، مرفقةً بشعار «باقية وتتمدّد».
وهدّد المخترقون بتسريب البيانات الشخصيّة لأكثر من ألف وستمئة شخص من المتعاونين مع القناة، أو ممن يتواصلون مع القائمين عليها، معلنين أنّهم لن يتحمّلوا بعد ذلك مسؤولية ما قد يحصل لأولئك، خصوصاً بالنسبة للمقيمين منهم في دمشق، على حدّ تعبيرهم.
تمّت استعادة الموقع بعد ساعات على علميّة القرصنة، ويؤكّد ناشطون معارضون أنّ المسؤولين عن الاختراق ليسوا مجموعة تتبع تنظيمياً لـ «داعش»، بل مجرد مناصرين له. وقد عمل المقرصنون أنفسهم في وقت سابق على اختراق عشرات المواقع والصفحات الخاصة بمجموعات إخبارية تابعة للمعارضة السورية، كان القاسم المشترك بينها انتقاد «داعش». ويشير خبير تقني لـ «السفير» بأنّ التهديد بتسريب أسماء المتعاونين مع القناة، يعني تمكّن منفّذي العمليّة من اختراق المخدم الخاص بالموقع والسيطرة على البريد الإلكتروني للمحطة، والذي يضم المراسلات وأسماء الصحافيين والناشطين وجميع من يتعاملون معها كافة. وبحسب الخبير، فإنّ التسريب قد يكشف هويّة مَن يتعاونون مع القناة بأسمائهم الحقيقيّة، وليس الناشطين الذين يراسلونها بأسمائهم المستعارة، ويعتمدون تقنيات تخفي هويّاتهم الحقيقيّة.
هذه ليست المرّة الأولى التي يحدث فيها تصادم بين «داعش» و «أورينت»، إذ أنّ مالكها غسان عبود لم يوفّر من مواقفه الاستفزازية أحداً في المعارضة السياسية والفصائل المسلحة وصولاً إلى «داعش»، ليدفع ثمن ذلك من خلال عمليّات خطف واعتقالات تعرّض لها مراسلو القناة في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أبرزهم عبيدة بطل في ريف إدلب.
وما قرصنة موقع «أورينت.نت» إلا ضربة جديدة تتلقاها القناة الموغلة في تفاصيل الحرب السورية، والتي تعلن انحيازها بشكل واضح، ولا تتردّد في التجييش الطائفي والتحريض العنصري. فيما يبدو أن أنصار «داعش» قد قرّروا توسيع حربهم الافتراضيّة، لتطال كلّ من يخالفونهم سواء في العناوين العريضة أو التفاصيل.
«الجيش السوري الالكتروني» مرّ من هنا
اخترق «الجيش السوري الالكتروني» الموالي للحكومة السوريّة، موقع «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مساء أمس، معطّلاً حركته بالكامل. وترك المخترقون رسالةً على الصفحة الرئيسيّة للموقع، موجّهة لمدير المرصد رامي عبد الرحمن، جاء فيها: «إلى رامي عبد الرحمن ربيب الاستخبارات البريطانيّة، كفاك كذباً، وتذكّر أنّ الشعب السوري لن ينسى يوماً دعمك لجيش إسرائيل الحرّ، ومرتزقة زهران علّوش، الجيش السوري الالكتروني مرّ من هنا».
وأصدر المرصد بياناً، أكّد فيها أنّه سيستمرّ «بالعمل لتوثيق ونشر انتهاكات حقوق الإنسان كافة، والجرائم، التي تنفذ وترتكب في سوريا، كائناً من كان وراءها». وأشار رامي عبد الرحمن في البيان إلى أنّه سيواصل «العمل مع مَن تبقّى لديهم ضمير إنساني في المجتمع الدولي، من أجل إحالة ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبت في سوريا، مع مرتكبيها، إلى محكمة الجنايات الدوليّة».