أعلن الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي في لبنان الشيخ بلال شعبان أنّ القمة الروحية التي عُقِدت في دار الفتوى هي إيجابية باعتبار أنّ أي نوع من أنواع التلاقي بين مكوّنات الأمة هو أمر إيجابي
حسين عاصي
المحتلّ الأميركي يطبّق قاعدة "فرّق تسُد"
القمة الروحية تؤكد على التكامل والتنوّع الايجابي
إدارة الشر الأميركية تسعى لزرع الفتن بمنطقتنا
المحكمة تريد معرفة كل شيء إلا من قتل الحريري
لو كانت المؤسسات الدولية مؤهلة لحاكمت بوش
أداء الحكومة مريح.. وعلى تيار المستقبل التواضع
المسلمون لا يهدّدون المسيحيين بل يحتضنونهم
سياسة إلغاء الآخر غير موجودة لا دينا ولا ممارسة
مشروع يُرسَم لمنطقتنا لانشاء دويلات مذهبية
أعلن الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي في لبنان الشيخ بلال شعبان أنّ القمة الروحية الاسلامية المسيحية التي عُقِدت في دار الفتوى هي إيجابية باعتبار أنّ أي نوع من أنواع التلاقي بين مكوّنات الأمة هو أمر إيجابي، لافتاً إلى أنّ القمة أكدت على التكامل والتنوّع الايجابي بين مختلف مكوّنات المجتمع، وهو الأمر الذي لطالما كان سائداً على مدى 1400 سنة ولم تتغيّر إلا بدخول المحتل البريطاني الفرنسي والأميركي إلى المنطقة.
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، أكّد الشيخ شعبان أنّ جميع الفرقاء يريدون أن يعرفوا من ارتكب جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري كما هوية من ارتكب الجرائم الأخرى التي هزّت لبنان على مدى السنوات الماضية، مشيراً إلى أنّ هذه الحقيقة لن تكون قطعاً عبر بوابات المؤسسات الدولية التي لا تريد الخير لمنطقتنا، معرباً عن اعتقاده بأنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تريد أن تعرف كلّ شيء إلا من قتل الحريري.
وفيما لفت الشيخ شعبان إلى أنّ المراجع الدينية تمتلك من العقلانية ما يؤهّلها لتتحدّث عن نفسها لا أن تكون تابعة لأيّ مشروع، تساءل عمّا إذا كان حزب المستقبل يعتبر نفسه الثابتة الوحيدة وما سواه متحرّكات، داعياً إياه لبعض التواضع ولمراجعة مسؤولة للمرحلة السابقة بكلّ مندرجاتها.
من جهة أخرى، لفت الشيخ شعبان إلى أنّ المخاوف التي عبّر عنها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مؤخراً هي هواجس مشروعة ولكن منقوصة، موضحاً أنّ الخوف ليس على المسيحيين فحسب بل على المسلمين والمسيحيين، مؤكداً أنّ المسلمين لا يهدّدون المسيحيين على الاطلاق، جازماً أن سياسة إلغاء الآخر ليست موجودة لا في الدين ولا في الممارسة ولا في التطبيق.
"فرّق تسُد"...
الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي الشيخ بلال شعبان رحّب في مستهلّ حديثه لموقع المنار بالقمة الروحية الاسلامية المسيحية التي عُقِدت في دار الفتوى والتي جمعت ممثلي مختلف الطوائف اللبنانية ووُصِفت بالتاريخية والاستثنائية، موضحاً أنّ كلّ نوع من أنواع التلاقي بين مكوّنات الأمة هو أمر إيجابي بشكل عام في وجه مشروع قوى الاحتلال الغربي التي تريد أن تغيّر صيغة عيشنا وحياتنا التي اختبرناها على مدى 1400 سنة. وإذ لفت إلى قول الله عزّ وجلّ "يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير" (ص)، شدّد على أنه لم يكن هناك في يوم الأيام حديث عن أقليات وأكثريات أو عن اختلاف بين المذاهب والأعراق، بل كانت مختلف مكوّنات المجتمع تعيش في رغد من العيش وفق قاعدة العدل الالهي.
ولاحظ الشيخ شعبان أنّ هذه الصيغة تغيّرت عندما جاء المحتلّ البريطاني الفرنسي في مطلع القرن الماضي ومن ثم المحتلّ الأميركي الذي يطبّق اليوم مقولة "فرّق تسد". وانطلاقاً من كلّ ما سبق، خلص إلى أنّ القمة الروحية الاسلامية المسيحية التي عُقِدت في دار الفتوى هي قمة تركّز وتؤكد على هذا التكامل والتنوّع الايجابي بين مختلف مكوّنات المجتمع وهو ما يشكّل ضرورة في هذه المرحلة الأساسية من تاريخ أمّتنا.
بين إدارة الشر الأميركية ومشروع الفتنة
ورداً على سؤال عن تفسيره لتجنّب القمة الروحية الدخول في زواريب السياسة والملفات السجالية على غرار المحكمة الدولية التي كانت في السابق من ثوابت دار الفتوى، اعتبر الشيخ بلال شعبان أنّ الانزلاق لزواريب السياسة يكون عندما يمتلك الانسان فسحة من الوقت ونوعاً من الترف، وهو ما ليس متوافراً بطبيعة الحال في هذه الفترة التي تجد المنطقة نفسها فيها على بوابة صراع مذهبي وعرقي تسعى ما أسماها إدارة الشر الأميركي لجعله عنواناً للمرحلة، وهو الأمر الذي يدفع كلّ صاحب عقل ليرتقي ويبحث عن المشتركات لا المختلفات ليؤسّس عليها للنهوض بالأمة ومكوّناتها أكثر فأكثر.
وفيما أكّد الشيخ شعبان أنّ جميع الفرقاء يريدون أن يعرفوا من ارتكب جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري كما هوية من ارتكب الجرائم الأخرى التي هزّت لبنان على مدى السنوات الماضية، أشار إلى أنّ هذه الحقيقة لن تكون قطعاً عبر بوابات المؤسسات الدولية التي لا تريد الخير لمنطقتنا. وفي هذا الإطار، لفت إلى الدور الذي لعبته المحكمة الجنائية الدولية بشخص المدّعي العام فيها لويس مورينو أوكامبو في تقسيم السودان، "والحبل عالجرار". كما أشار أيضاً إلى الدور الذي لعبته المؤسسات الدولية في تشريع حرب العراق، واضعة هذا القطر العربي تحت الاحتلال وهو ما عرّضه لمذبحة كبرى ذهب ضحيتها أكثر من مليوني قتيل حتى يومنا هذا.
وانطلاقاً من كلّ ما سبق، اعتبر الشيخ شعبان أنّ المحكمة الدولية تريد أن تعرف كلّ شيء إلا من قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، موضحاً أنّ هذه المحكمة تريد أن تصنع فتناً مذهبية وعرقية داخل أبناء الدين الواحد والوطن الواحد. وشدّد على أنّ المؤسسات الدولية لا يمكنها أن تكون الطريق الصالح لارساء العدالة والحق، موضحاً أنّ هذه المؤسسات مؤهلة لارساء الحق لحاكمت (الرئيس الأميركي السابق) جورج بوش في مجزرته الكبرى و(الرئيس الأميركي الحالي) باراك أوباما وقادة أوروبا على ما تقترفه أيديهم بحقّ المنطقة.
هل بات تيار المستقبل الثابتة الوحيدة؟
وتعليقاً على ما يُحكى عن عهد جديد ومرحلة جديدة في التعاطي خصوصاً على صعيد دار الفتوى وبكركي بظّل اتهامات يتعرّض لها البطريرك الماروني وقبله مفتي الجمهورية بالانقلاب على الثوابت، لفت الشيخ شعبان إلى أنّ المراجع الدينية تمتلك من العقلانية ما يؤهّلها لتتحدّث عن نفسها لا أن تكون تابعة لأيّ مشروع. وتساءل الشيخ شعبان عمّا إذا كان تيار المستقبل يعتبر نفسه الثابتة الوحيدة، وما سوى ذلك متحرّكات، متسائلاً عمّا إذا كان من الجائز لهذا التيار تصنيف المراجع الدينية باعتبارها تابعة. وأوضح أنّ الحكومة مثلاً انتقلت من مكان لآخر، دون أن يعني ذلك أنّها غيّرت ثوابتها. وأشار إلى أن تيار المستقبل اليوم في مكان فيما رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والمجلس النيابي ودار الفتوى في مكان آخر تماماً، متسائلاً عمّا إذا كان كل هؤلاء مخطئون ووحده تيار المستقبل على صواب.
ودعا الشيخ شعبان تيار المستقبل لبعض التواضع ولمراجعة مسيرته، متوقفاً عند مرحلة السنوات الخمس الماضية التي وصفها بـ"العجاف" والتي كان فيها اللبنانيون يجلسون كلّ مساء ليروا التسعير والخوف والترهيب على لسان هذا التيار ومؤيديه. ولفت إلى أنّ أداء الحكومة والمرجعيات الدينية اليوم، على العكس من ذلك، يريح المواطن، كاشفاً أنّ المواطن ينتظر اليوم تطبيق كل الوعود التي قُطِعت له خصوصاً على المستوى الاقتصادي بعد أن عاش حالة من الانماء غير المتوازن على امتداد الحكومات المتعاقبة التي تعاقبت على سدّة الحكم في لبنان.
المسلمون احتضنوا المسيحيين...
وتطرّق الأمين العام لحركة التوحيد الاسلامي في لبنان إلى الهواجس والمخاوف التي عبّر عنها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مؤخراً وأظهر فيها قلقاً على الوجود المسيحي في المنطقة في حال وصول الأصوليات المتطرفة إلى الحكم في سورية، فرأى أنّ مخاوف البطريرك الراعي مشروعة ولكنّها منقوصة. وأوضح أنّ التخوف لا يجب أن يكون على المسيحيين فحسب بل على المسيحيين والمسلمين ولا على الأقليات فقط بل أيضاً على الأكثريات والصراع بين الأكثريات.
وأشار الشيخ شعبان إلى أنه لا يشاطر البطريرك الراعي في تخوفه من المسلمين، موضحاً أنهم مثل المسيحيين ضحية الاحتلال ومشروع ما يُسمّى بالشرق الأوسط الجديد. وشدّد على أنّ المسلمين لا يهدّدون المسيحيين، موضحاً أنّ ما بين المسلمين والمسيحيين يمثل حالة شراكة استمرّت على مدى 1400 سنة ولم تتغيّر سوى بالاحتلال ومشاريع الغرب في منطقة تحت مسمّياتها الشتّى وفي مقدمها الحرب على الارهاب. وذكّر أنّ المسلمين احتضنوا المسيحيين، لافتاً إلى أنّ صيغة العيش المشترك هذه تكاد لا تكون موجودة في أيّ بقعة في العالم سوى في العالم العربي وبلاد الشام.
وأكّد الشيخ شعبان أنه لا يشاطر البطريرك الراعي أيضاً التخوف من أنّ المسلمين وتحديداً المسلمين السّنّة هم الذين يريدون أن ينقضّوا على المسيحيين، لافتاً إلى أنّ واقع المنطقة يستهدف المسلمين كما المسيحيين. وأوضح أنّ ما يحصل في العراق مثلاً هو صناعة أميركية وكذلك فإنّ ما حصل في فلسطين المحتلّة حيث تدنى الوجود المسيحي ليس بسبب الحركات الاسلامية على الاطلاق، مشدداً على أنّ التخوف هو مما يجري من صراع في المنطقة نتيجة صراع الكتل الكبرى. وقال: "نطمئن أنه لا توجد سياسة إلغاء الآخر لا في الدين ولا في الممارسة ولا في التطبيق اللهمّ إلا عند القلة القليلة ممّن لا يفهمون الدين بشكل صحيح أو ممّن ارتبطوا من حيث يدرون أو لا يدرون بمشاريع معادية".
بين الارادة الغربية وإرادة الشعوب..
وفي الختام، جدّد الشيخ بلال شعبان التأكيد على أنّ التنوّع الموجود في منطقتنا هو رسالة من الرسالات السماوية، مستنداً إلى قوله تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكنّ الله ذو فضل على العالمين"، بمعنى أنه لولا الجهاد لفسدت الأرض ذلك أنّ الجهاد يحضّ على المحافظة على الدور التي يُذكر فيها ذكر الله عزّ وجلّ.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان مطمئناً لمناعة المجتمع أم أنّ لديه خشية معيّنة خصوصاً بظلّ ما يُحكى عن مشاريع تقسيم وفتن تستهدف المنطقة تحت مسمّى الشرق الأوسط الجديد، لفت الشيخ شعبان إلى أنّ القضية تحتاج لوعي، ملاحظاً أنّ أكثرية لبنان اليوم باستثناء تيار المستقبل والقوات اللبنانية واعية لضرورة مواجهة هذه المشاريع. ولكنه حذر من أنّ تيار المستقبل والقوات اللبنانية يسعون لتسعير الأوضاع ويعتمدون لهجة تحريضية، منبّهاً إلى أننا نعيش في مركب واحد وبالتالي فإن غرق أي جزء منه لا سمح الله سيؤدي لغرق المركب بأكمله.
وأكد الشيخ شعبان أنّ هناك مشروعاً يُرسَم لمنطقتنا لانشاء دويلات عرقية ومذهبية في المنطقة، لكنه أشار إلى أنّ هذه الارادة هي الارادة الغربية، فيما إرادة شعوبنا هي إرادة الشراكة أولاً وآخراً، وهي التي سوف تنتصر إن شاء الله.