22-11-2024 11:13 AM بتوقيت القدس المحتلة

ما لا تعرفونه عن حسن عبدالله

ما لا تعرفونه عن حسن عبدالله

لم يكن عبد الله فقط المصوّر الأمين والحريص على إظهار بطولات المقاومين للعالم، بل كان أيضًا رفيق السيد حسن نصرالله إلى طاولة الحوار قبل عدوان تموز، حيث وَثَّقَ لقاءاته مع الأقطاب اللبنانيين.

قبل يومين، نَعَتِ «المنار» المخرج الشهيد حسن عبدالله الذي سقط في حلب، أثناء تصوير وثائقي يعمل على إعداده. وأمس، شُيِّع جثمانه في روضة الشهيدَين، حيث ووري في الثرى. ومنذ إعلان خبر استشهاده، تناقل زملاء عبدالله عبر مواقع التواصل قصصًا عن إنجازاته المهنيّة المتعدّدة التي اختصرتها «المنار» في تقرير يظهر تواجده خلف الكاميرا التي صوّرت معظم قادة وشهداء «حزب الله»، ومن بينهم عماد مغنية.

علي دربج/ جريدة السفير

ما لا تعرفونه عن حسن عبداللهكثيرة هي مآثر عبدالله التي أنجزها في الظلّ، إذ إنّه تولّى تصوير كمّ كبير من المادّة البصريّة التي تعرضها «المنار» من العمليّات النوعيّة، إلى وصايا الشهداء.

وما لا يعرفه عناصر «وحدة الإعلام الحربي» في المقاومة على سبيل المثال، أنّ ذلك الشاب المقاوم الذي شاهدوه في شريط فيديو خاص في إحدى الحصص التدريبية حاملًا بيده اليمنى بندقية، وباليسرى كاميرا، يسير خلف رجال المقاومة ليوثّق اقتحامهم لحظة بلحظة مَوْقِعًا للاحتلال في الجنوب قبل التحرير... هو نفسه «كرار» (اسم عبدالله الحركي) الذي كان يعطيهم دروسًا في فنّ تصوير عمليات المقاومة وحروبها.

كانت البسمة تعلو محياه، وهو ينصت لتعليقاتهم عن صلابة ذلك المقاوم، وهدوء أعصابه، وهو يصور دخول المقاومين إلى المواقع، وسط زخات الرصاص وأصوات القذائف. كان يضحك في سره لأنّ من يتحدّثون عنه يجهلون أنّه بينهم، يستعيد معهم لحظات طرد المقاومين للجنود الصهاينة.

حسن عبدالله صانع وصايا شهداء المقاومة، يلتحق بهم تاركًا وراءه الكاميرا التي كانت رفيقـه الدائم في السلم والحرب، وهو يعلم أنّها ستكون وفيّة له، وستروي يومًا ما قصّةَ عشقه لتوثيق مسيرة المقاومة وبطولاتها منذ ما قبل التحرير إلى اليوم. يترك عبدالله خلفه رصيدًا غنيًّا بالإنتاجات والأفلام الوثائقية منها «طيف اللقاء»، و«نقطة فداء» وغيرها من البرامج التي تحاكي قصص الشهداء والمقاومين.

لم يكن بال «كرار» يرتاح، إلا بعد أن يطمئن إلى أنّ شريط هذه العملية أو تلك، قد دخل بيوت اللبنانيين جميعًا، تتناقله الشاشات الصغيرة. وكان يُسِرُّ لرفاقه في ذلك الوقت، أنّ حملًا ثقيلًا قد انزاح عن ظهره، بعد عرض كلّ تسجيل.

لم يكن عبد الله فقط المصوّر الأمين والحريص على إظهار بطولات المقاومين للعالم، بل كان أيضًا رفيق السيد حسن نصرالله إلى طاولة الحوار قبل عدوان تموز، حيث وَثَّقَ لقاءاته مع الأقطاب اللبنانيين. وكما أنّ بصمته كانت حاضرةً في كلّ ساح، فإن صوته أيضًا لا يزال يتردد في آذان من كان يدربهم في الإعلام الحربي، وهو يكرّر على مسامعهم دائمًا عبارته الشهيرة: «مهمتكم في العمليات والحروب أهم من جميع الوحدات المقاتلة، احرصوا على نقل انجازات المقاومين ومشاهد الانتصارات، احفظوها بكل ما أوتيتم من قوة حتى لو كلّفكم الأمرُ دمًا».

أمس عاد جسد حسن إلى لبنان، وَحُمِل على أكفِّ رفاق الدرب، ووري في الثرى في روضة الشهيديَن، الأرض التي تمنّى أن تحتضنه يومًا، لينام قرير العين إلى جانب عماد المقاومة الحاج رضوان وسائر الشهداء.