أعلن الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان الوزير السابق فايز شكر أنّ ما صرّح به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من قلب الأمم المتحدة ينمّ عن رأيه ورغباته بالمطلق
حسين عاصي
القرارات الدولية لم تعد تعنينا بعد أن جرّبناها كثيراً
لم نحصد من الأمم المتحدة إلا الخيبات المتتالية
لميقاتي اعتباراته ولكنه رئيس حكومة كلّ لبنان
الفريق الآخر لا يكترث.. "ويروحوا يبلطوا البحر"
لن نستدرَج لمشروع الفتنة الذي يُرسَم لنا
عدم تمويل المحكمة خدمة لمشروع حماية لبنان
فلترحل الحكومة إذا كانت مرهونة بتمويل المحكمة
لبنان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسورية.. وليس ملحقاً بها
من يمدّ يده للاسرائيلي ويتعاون معه مجرم وخائن
كلّ ما يقوم به البطريرك الراعي هو.. قمة الوطنية!
أعلن الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان الوزير السابق فايز شكر أنّ ما صرّح به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من قلب الأمم المتحدة ينمّ عن رأيه ورغباته بالمطلق، مشيراً إلى أنّ الموقف اللبناني في مجلس الأمن كان يجب أن يكون أكثر صرامة، لافتاً إلى أنّ "القرارات الدولية لم تعد تعنينا بعد أن جرّبناها كثيراً وراهنّا عليها كثيراً ولم نحصد إلا الخيبات المتتالية".
وفي حديث خاص لموقع "المنار" الالكتروني، استغرب شكر إصرار ميقاتي على التعهد بتمويل المحكمة للهيئة الأممية، موضحاً أنّ أيّ قرار بمستوى تمويل المحكمة يجب أن يكون على مستوى مجلس الوزراء مجتمعاً، معرباً عن اعتقاده بأنّ تمويل المحكمة لن يمرّ في مجلس الوزراء، رافضاً كلّ ما يُحكى عن تسوية ما أو تدبير ما بطرق ملتوية ما لتمرير هذا البلد، داعياً الحكومة للرحيل غير مأسوف عليها إذا كان مصيرها مرهوناً بتمويل المحكمة.
وإذ أكّد شكر أنه لن يُستدرَج لمشروع الفتنة الذي يُرسم ليقع فريقه السياسي بفخّه، رفض أيضاً كلام رئيس الحكومة عن استعداده لتنفيذ العقوبات ضدّ سورية إذا صدر قرار عن مجلس الأمن الدولي حيالها، مشدداً على أنّ لبنان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسورية دون أن يعني ذلك أنه ملحق بها.
من جهة أخرى، رحّب شكر بالمواقف الأخيرة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، معتبراً أنّ كلّ ما يقوم به الأخير هو قمة الوطنية، نافياً أن يكون البطريرك الماروني بصدد الانقلاب على ثوابت بكركي، معتبراً أنه على العكس من ذلك يعيد بكركي لموقعها الأصلي.
التجارب علّمتنا...
الوزير السابق فايز شكر أكّد لموقع المنار أنّ كلّ ما صرّح به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من قلب الأمم المتحدة ينمّ عن رأيه ورغباته بالمطلق، لافتاً إلى أنّ كلام ميقاتي لا يتناغم مع الجوّ العام في البلد، مشدداً على أنّ موقف اللبنانيين والعرب يجب أن يكون صارماً في مجلس الأمن باعتبارهم أصحاب قضية وفي قلب الصراع مع العدو الغاصب لفلسطين المحتلة. وإذ لاحظ شكر أنّ التجارب علّمتنا أنّ هذه المؤسسة الأممية، في إشارة إلى مجلس الأمن، لم ترَ يوماً إلا بعين واحدة هي العين الاسرائيلية، ذكّر أنّ الانتصار في لبنان لم يكن ليتحقّق لولا وجود المقاومة في لبنان التي أجبرت العدو الاسرائيلي ليخرج من لبنان تحت ضربات المقاومين في العام 2000، مؤكداً أنه ما كان ليتحقّق لو تمّ الاتكال على هذه المنظمة الدولية. وأشار أيضاً إلى أنّ إسرائيل جاءت لتثأر من ذلك في العام 2006 برعاية أممية ودعم أميركي وأوروبي فكانت الهزيمة المدوية التي لا تزال إسرائيل تعاني منها حتى يومنا هذا اضطراباً نفسياً وانكساراً على مستوى المؤسسات.
وفيما رأى شكر أنّ الموقف اللبناني كان يجب أن يكون أكثر وضوحاً وصرامة، لاحظ أنّ معظم المسؤولين من رئيس الجمهورية إلى رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة وعدد من سياسيي لبنان يتحدثون عن وجوب الالتزام بالقرارات الدولية وكأنها خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وفي هذا الاطار، قال شكر: "نحن كفريق سياسي معني وفي قلب الصراع، لم تعد تعنينا كثيراً هذه القرارات، فقد جرّبناها كثيراً وراهنّا عليها كثيراً على مدى عقود من الزمن ولكننا لم نحصد من هذه القرارات ومن صانعي هذه القرارات إلا الخيبات المتلاحقة". ولفت شكر إلى أحدث هذه القرارات، القرار الدولي 1701، الذي تطالب الأمم المتحدة لبنان بالالتزام به، فإذا بالوقائع تُظهِر أنّ إسرائيل هي التي لم تلتزم به، ولكنّ أحداً لا يوجّه إليها كلمة، لدرجة أن إسرائيل تخرق القرار بصورة شبه يومية وتقوم بالانتهاكات الجوية والبحرية للسيادة اللبنانية دون حسيب أو رقيب، ثمّ تأتي الأمم المتحدة، راعية القرار، لتطالب لبنان بـ"ضبط النفس" ليس إلا.
ما بني على باطل هو باطل...
وفي سياق الحديث عن القرارات الدولية والالتزام بها، توقف الوزير السابق فايز شكر عند بند المحكمة الدولية الذي يشكّل المسألة الأساسية التي تطغى على السطح في هذه المرحلة في ضوء ما يُحكى عن استحقاق تمويلها. وإذ استغرب إصرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تقديم التعهدات بتمويل المحكمة في كلّ مناسبة، اعتبر أنه قد تكون له اعتبارات محلية وبالتالي فهو مضطر ليصرّح بما صرّح به ولكن عليه أن يدرك أنه رئيس حكومة لكلّ لبنان وليس لفئة محدّدة، بمعنى أنه لا يستطيع أن يرهن مستقبل البلد لارضاء فئة محدّدة، هي في الواقع أقلية، تعتبر موضوع المحكمة قضية مركزية بالنسبة لها.
وذكّر شكر بأنّ هذه المحكمة، التي يلتزم رئيس الحكومة بها، أنشئت بطريقة مخالفة للقانون حيث تمّ تجاوز القوانين والدساتير في طريقة تهريبها وجاءت معلّبة بطرق غير دستورية، وذلك كافٍ للتأكيد على أن هذه المحكمة وكلّ ما يصدر عنها باطل باعتبار أن ّما بني على باطل فهو باطل. وإذ شدّد على أنّ أيّ قرار بمستوى تمويل المحكمة يجب أن يكون على مستوى مجلس الوزراء مجتمعاً وليس رئيس الحكومة وحده، أعرب عن اعتقاده بأنّ بند تمويل المحكمة لن يمرّ في مجلس الوزراء، بغضّ النظر عن اعتبارات ميقاتي وعن الوسطية التي لا تسمن ولا تغني عن جوع. ورفض شكر في هذا السياق كلّ ما يُحكى عن تسوية ما أو عن تدبير ما بطرق ملتوية ما لتمرير هذا البند، معتبراً أنّ أيّ خطوة من هذا النوع ستكون بمثابة التأييد لهذا السيف المسلط على رقاب جميع اللبنانيين.
بئس هكذا حكومة!
وفيما لفت شكر إلى أنّ فريق الأكثرية النيابية يتجنّب الخوض في غمار هذا الملف لكي لا يُستدرج إلى مشكلة هو بغنى عنها، لاحظ أنّ الفريق الآخر، في إشارة إلى قوى الرابع عشر من آذار، يعتبر نفسه غير معني وهو مستعدّ لكلّ شيء شرط العودة إلى السلطة، وبالتالي فإنّهم لا يكترثون حتى لو خرب لبنان، والمهم بالنسبة لهم هو أن يعودوا للسلطة، وإن استدعى ذلك استدراج قوات الأطلسي إلى داخل لبنان. وقال شكر، متوجّهاً لهذا الفريق: "يروحوا يبلّطوا البحر".
واستغرب شكر أيضاً اعتبار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنّ عدم تمويل المحكمة يضرّ بلبنان ويشكّل خدمة لاسرائيل، موضحاً أنّ عدم التمويل يشكّل في الواقع خدمة لمشروع حماية لبنان من الاستهدافات الخارجية وفي مقدّمها الاستهدافات الأميركية والاسرائيلية. وشدّد على أنّ هذا الكلام غير مقبول على الاطلاق، معتبراً أنّ ميقاتي قد يبرّر كلامه بالحديث عن مخاوف من أن يؤدي عدم التمويل لمشاكل بين اللبنانيين أنفسهم، ولكنه أشار إلى أنّ ذلك غير صحيح، مؤكداً أن فريقه السياسي لن يُستدرَج للفخ الذي يرسَم له للوقوع في الفتنة.
ورداً على سؤال عمّا إذا كان من الممكن أن يكون التمويل لغماً يمكنه تفجير الحكومة بكاملها، استبعد شكر حصول أي إشكال انطلاقاً من القواعد الديمقراطية التي على الحكومة أن تلجأ إليها، متسائلاً عمّا إذا كانت المشكلة هي لدى رئيس الحكومة الذي قطع تعهدات أمام الهيئة الأممية قد لا يكون قادراً على الوفاء بها. أما إذا كان ميقاتي سينسحب من الحكومة بسبب هذا الموضوع، فقال شكر: "عندما، فلترحل الحكومة غير مأسوف عليها. لا بل بئس هكذا حكومة... ولتذهب إلى جهنّم وبئس المصير".
لا أنصاف حلول في السياسة
ورداً على سؤال عن إعلان رئيس الحكومة أن لبنان لن يصوّت مع العقوبات ضدّ سورية دون أن يعني ذلك أنه لن يطبّق هذه العقوبات بحال صدرت عن مجلس الأمن الدولي، أشار شكر إلى أنّ هذا الموقف يشبه موقف نأي لبنان لنفسه عن التصويت على العقوبات، مشدداً على أن لا أنصاف حلول في السياسة. ولفت إلى أنّ لبنان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسورية دون أن يعني ذلك أنه ملحَق بسورية، متحدثاً عن معاهدة الأخوّة والتنسيق الموقّعة بين لبنان وسورية والتي لم يتمّ التجاوب مع مقتضياتها. وأشار في هذا الاطار إلى تهريب السلاح الذي يتمّ ليلاً نهاراً من الشمال عبر تيار المستقبل وبشكل أساسي من خلال النائب خالد الضاهر، مجدداً مناشدة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري لوجوب لسير بالعملية الدستورية والقانونية، معرباً عن اعتقاده بأنّ القسم الأكبر من الأجهزة متورطة بالتغطية على هذا الخلل الحاصل. وتوجه إلى رئيس الحكومة، متسائلاً كيف يمكنه أن يلتزم بعقوبات، هو يعلم علم اليقين أنّ هدفها خلق فتنة، مشدداً على أنّ كلامه هو في غير مكانه.
واستهجن شكر الموقف الأخير للأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار التي اعتبرت فيه أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تضمّ وزراء ممثلين عن "الحزب المتهم حتى الآن بارتكاب الاغتيالات" كما قالت، في إشارة إلى حزب الله، متسائلاً كيف كان هذا الحزب مرحّباً به في الحكومات السابقة على أيام فؤاد السنيورة وسعد الحريري وبات اليوم مغضوباً عليه، متسائلاً ألم يكن متهماً في السابق، علماً أنّ المخطّط كان أن يُتّهم حزب الله منذ اللحظة الأولى. وقال: "الآن لا يصحّ أن يكون حزب الله داخل الحريري لأنّ سعد الحريري لم يعد داخلها. هذا هو منطقهم وهذه هي مقاربتهم. هذه ليست سوى مقدمة لاستكمال مشروع الفتنة". وتابع قائلاً: "أجزم أننا لم نستدرَج لأيّ فتنة لأننا الأقوى وأم الصبي، فيما الآخرون طارئون لا علاقة لهم بشعب لبنان ومؤسسات لبنان". وأردف: "من يمدّ يده للاسرئيلي ويتعاون معه ضدّ شعبه هو مجرم وخائن ويجب التعامل معه على هذا الأساس".
مواقف البطريرك.. قمة الوطنية!
وختاماً، تطرق الوزير السابق فايز شكر إلى المواقف الأخيرة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، فلفت إلى أنّ كل ما يقوم به البطريرك الراعي هو قمة الوطنية وقمة الرهان على مستقبل البلد. وأشار إلى أنّ الراعي شعر بمؤامرة على المسيحيين والمسلمين معاً وقد بدأت بالمسلمين لتطيح بالمسيحيين فيما بعد ولذلك فهو رفع الصوت عالياً واتخذ مواقف غير مسبوقة في تاريخ البطريركية المارونية إلا على أيام البطريرك الياس الحويك والبطريرك خريش.
ورأى شكر أنّ الدليل على صحة مواقف البطريرك الراعي هو التجاوب الشعبي في البقاع والجنوب مع هذه القامة الكبيرة. وأوضح أنّ البطريرك الراعي تحدث في الفاتيكان بلغة فاتيكانية وبحسابات مشرقية إسلامية ومسيحية، ملاحظاً أنّ البطريرك الراعي رفع شعار الشركة والمحبة لدى وصوله إلى بكركي لأنه يعلم علم اليقين أنّ هناك مؤامرة تُحاك ضدّ المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
ولفت إلى أنّ القمة الروحية الاسلامية المسيحية التي عقدت في دار الفتوى تقع في الخانة نفسها، ملاحظاً أنّ روحية البيان الختامي لهذه القمة جاءت منسجمة مع توجهات البطريرك الراعي وخطاباته، مشيراً إلى أنّ أهم مواقف الراعي هو ذلك الموقف الذي أخذه من قصر الاليزيه في باريس أمام "المجنون" ساركوزي، في إشارة إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. ونفى أن يكون البطريرك الراعي بصدد الانقلاب على ثوابت بكركي، مشيراً إلى أنه، على العكس من ذلك، يعيد بكركي لموقعها الأصلي.