تكثر الاسئلة حول مصير إعلان ورقة «النوايا» بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، واللقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. يؤكد جعجع في حوار مع "الأخبار" أن الورقة ليست بعيدة
هيام القصيفي
تكثر الاسئلة حول مصير إعلان ورقة «النوايا» بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، واللقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. يؤكد جعجع في حوار مع «الأخبار» أن الورقة ليست بعيدة، لافتاً الى أن التباينات بين الطرفين تحتاج الى وقت «كي يأتي الحوارعميقاً وفعلياً»، مشيراً في الوقت نفسه الى أن الطرفين لم يتوصلا بعد الى تصور واحد حول رئاسة الجمهورية.
■ تمنيت، لدى معايدتك العماد عون، أن ينتهي الحوار قبل عيد ميلاده المقبل، وهو تمنى أن ينتهي قبل نهاية الصوم. من منكما مستعجل أكثر ومن يتأخر؟
ــ القصة ليست من هو مستعجل أكثر. أتمنى لو كنا نستطيع أن ننتهي غداً، لأن الحوار سيكون حلاً لكثير من المشاكل، ومنها رئاسة الجمهورية. ولكن بحسب مسار الامور في الشهرين الاخيرين، جرّبت أن أكون موضوعياً في كلامي، لأنني رأيت أن الامور تحتاج الى وقت. بصراحة، لا أريد أن يكون الحوار والتفاهم شكلياً. يجب أن نذهب الى أعمق القضايا والنقاط ونتوصل الى تفاهم عميق وفعلي، لأن مثل هذا التفاهم بين التيار والقوات يوفر على البلد الكثير، ويساهم في دفع الحياة السياسية والوطنية أشواطاً الى الامام. من هنا تمنّيت أن ننتهي من الحوار قبل أن يصل العماد عون الى سن الواحد والثمانين. وكلامي ليس إصراراً على الوقت بقدر ما هو إصرار على الوصول الى الهدف الحقيقي، لأننا لا نعمل على مواضيع مرحلية وآنية.
■ يأمل المسيحيون نتائج إيجابية للحوار بحسب استطلاعات الرأي لطيّ الصفحة نهائياً بينكما. هل تعتقد أنه يوجد قواتيون وعونيون غير راضين عمّا يجري بينكما؟
ـــ القصة ليست أنهم غير راضين. قد يكونون مشكّكين. اطّلعت على استطلاعات الرأي، وتبيّن أن تسعين في المئة من المسيحيين مع هذا الحوار. ونحن، بحسب الاستطلاعات، نمثل 60 في المئة من الرأي العام المسيحي. يعني إذا نجح الحوار، فهذا يعني أننا يمكن أن نمثّل 90 في المئة من الرأي العام المسيحي. هناك مشكّكون في الحوار، ولكن لا يوجد حزب إلا فيه اختراقات. كل هذه العوامل تمثّل أحياناً عقبات في وجه الحوار، لذا يجب أن نعمل كي نتخطى المشككين ونصل الى خواتيم سعيدة. الهيئة التنفيذية في القوات، كاملة، تؤيد الوصول الى نهاية سعيدة للحوار، وأنا أكيد أن لدى قيادة التيار الوطني الحر، أي العماد عون وفريقه السياسي، النية نفسها أيضاً، بغض النظر عن نيّات البعض. لست متشائماً مهما كانت العقبات التي يجب أن نتخطاها.
■ هل ستأخذ ورقة إعلان «النوايا» وقتاً طويلاً؟ وبماذا تعد المسيحيين؟
ــ لا أعتقد أنها ستأخذ وقتاً طويلاً. توجد عقبات نحاول أن نتخطاها ونحلها في وقت ليس بعيداً. هناك طروحات متباينة عمرها ثلاثون سنة بين القوات والتيار، وليس سهلاً بتّها ومعالجتها.
■ عملياً، هل تعتقد أن المسيحيين يريدون فقط تفاهمكما أم إيجاد حل لرئاسة الجمهورية؟
ــ رئاسة الجمهورية جمرة حارقة في أحضاننا جميعاً. لذلك نحن مصرّون على النزول الى الجلسات. من دون انتخاب رئيس لن يتحرك شيء، لا بل إن البلد سيتراجع أكثر. وللأسف، لم نتمكن من التفاهم على تصور واحد مع التيار الوطني الحر حول رئاسة الجمهورية حتى الساعة. أكثرية المسيحيين واللبنانيين تهمّهم إشكالية رئاسة الجمهورية وملء الفراغ، ولكن قبل ذلك تهم هذه الاكثرية أيضاً ضرورة التوصل الى تفاهم فعلي بين القوات والتيار، خصوصاً في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة.
الهيئة التنفيذية وقيادة التيار مع الحوار رغم المشكّكين
■ هل تؤيد ما قاله البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عن أن الرئاسة ليست موضوعاً مسيحياً؟
ــ أكيد رئاسة الجمهورية ليست موضوعاً للمسيحيين فحسب، بل لجميع اللبنانيين. لكن، بحسب التركيبة اللبنانية، الثقل الاساسي للمسيحيين. وهذا أمر متعارف عليه لدى الآخرين، حتى بالنسبة الى الايرانيين الذين يقولون إن الموضوع عند المسيحيين، وإذا تفاهموا عليه نمشي به، بغض النظر إذا كانوا صادقين أو لا.
■ هل ترى انتخابات رئاسية في المدى المنظور، في ظل تحرك ديبلوماسي وفرنسي تحديداً؟
ــ بصراحة كلا. ليس في المدى المنظور اختراق في ملف رئاسة الجمهورية. مهمة الموفد الفرنسي تراجعت أخيراً، ليس بسبب الفرنسيين، بل بسبب ما سمعوه من أجوبة من الافرقاء، وخصوصاً المقاطعين. يجب أن نذكّر بأن المشكلة عند الفريق المقاطع. في 20 آذار المقبل لدينا جلسة للانتخاب. هناك 70 نائباً ينزلون الى الجلسات دورياً، في ظل مقاطعة كتلتين لها. نجرّب من جهتنا حلحلة الوضع، ولم ننجح حتى الآن. وأُضيف حالياً التصلب الايراني في المنطقة، من اليمن وصولاً الى ليبيا، ما انعكس تصلباً أكبر في لبنان. كان التصلب موجوداً سابقاً، لكنهم فتحوا الباب قبل شهرين لعله يمكن أن تمر الانتخابات، إلا أن تصلب الايرانيين أخيراً انعكس تصلباً في موقف جماعتهم في لبنان. لذلك نراهم أخيراً، وأكثر من أي وقت مضى، يرددون أنهم متمسكون بالعماد عون.
■ لكن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله فتح في كلامه الاخير باباً للحوار حول الانتخابات، هل رمى الكرة عند المسيحيين؟
ــ كلامه من قبيل التذاكي والمناورة السياسية. والدليل ما قاله لماذا نفتش وندور حول المؤسسات الدستورية والعنوان، وكأنه يحاول أن يزركنا جميعاً بالقول أنتم تعرفون خيارنا لرئاسة الجمهورية، فإما أن تمشوا به أو لا رئاسة للجمهورية.
■ أنت لست مشاركاً في الحكومة، واليوم هناك ضجة حول الآلية الحكومية؟
ــ حرام أن نتلهى بمعالجة العوارض ونترك السبب الرئيسي لكل هذه المشاكل، أي انتخاب رئيس بدل استنباط آلية لنعالج الفراغ الحاصل. أرفض تضييع دقيقة واحدة على الآلية، وكأننا نفتش عن دستور جديد وعن أساليب جديدة ستبقى إلى الأبد، لأنه لن يكون هناك رئيس. ما يحصل اليوم هو «تخبيص خارج الصحن»، لأن المقاربة كلها خاطئة.
■ بالعودة الى الدور الايراني، اليوم تخوض إيران حرباً مكشوفة في جنوبي سوريا، وتحدثت عن دورها من اليمن الى ليبيا، في حين نقترب من مهلة توقيع اتفاق أميركي معها. كيف ترى المشهد الاميركي الايراني؟
ــ بكل صراحة السياسة الخارجية الاميركية في هذه المرحلة غير جدية، وسأعطي مثلين: الاول، ما سمعناه عن نية أميركية لتدريب عناصر من المعارضة السورية. هل يمكن لأحد أن يصدق أن يتخذ قرار كهذا بعد أربعة أعوام على الحرب السورية؟ ومن ثم يتحدثون عن تدريب خمسة آلاف من المعارضة، في مقابل مئات الألوف من الذين يحاربون في سوريا، ويقولون إنهم سينتهون من تدريبهم بداية عام 2016؟ في كل الحروب التدريبات تكون سريعة ومختصرة، فهل يعقل ما نسمعه؟ هذا الكلام مزحة. المثل الثاني المفاوضات مع إيران. في أحسن الأحوال، إذا صار الاتفاق، سيكون صورياً وشكلياً ولا انعكاس له على أي حدث من أحداث الشرق الاوسط، وهو لن يحل الاشكالية النووية، وسيترك نقاطاً معلقة للبحث لاحقاً. هذه مسرحية كبيرة كي يقولوا وقّعنا اتفاقاً نووياً مع إيران. قد يكون من أجل أن ينالوا جائزة نوبل للسلام. عملياً لا سياسة أميركية جدية، وهو ما أدى الى هذه الاوضاع الراهنة، من اليمن الى ليبيا وأوكرانيا.
■ هل يدفع لبنان ثمن هذه السياسة الاميركية؟
ــ يجب ألا نحمّل الآخرين المسؤولية. نحن ندفع ثمن رفض البعض النزول الى ساحة النجمة، وثمن ذهاب البعض ليحارب في سوريا، وثمن محاولة البعض زجّ لبنان في حروب المنطقة من دون قرار الحكومة والشعب اللبناني. ورابعاً، نعم نحن ندفع ثمن السياسة الخارجية الاميركية، غير الجدية، منذ ثلاثة أو أربعة أعوام. لكن يجب أن نعترف بأننا ندفع ثمن سياسة بعض اللبنانيين. ولهذا يجب أن نعجّل أكثر فأكثر في انتخابات رئاسة الجمهورية، لأن الوضع في الشرق الاوسط في حالة هريان واستنزاف يمكن أن يستمرا طويلاً. فهل يمكن أن يصمد لبنان معلقاً بين السياسات في المنطقة، أم ننتخب رئيساً، ونطلب من المتورطين في سوريا الانسحاب منها؟
■ ألا يستفيد النظام السوري من الوضع الراهن؟
ــ قراءتي الموضوعية أنه لم يعد هناك نظام سوري. قرار الشام لم يعد في يد حكومة سوريا كما يتصور البعض، بل في يد إيران وروسيا. إذا زعل حزب الله من النظام السوري وانسحب من سوريا يسقط النظام فوراً، فكيف إذا زعلت إيران وروسيا. النظام السوري كالمريض الموصول الى آلة التنفس. قراءتي الفعلية أن لعبة إقليمية ودولية تحكم مصير سوريا ولبنان، والنظام السوري عنصر ضعيف في هذه اللعبة.
http://www.al-akhbar.com/node/226719
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه