أكد مصدر أمني خليجي لـ«البناء» أنّ معظم القيادات السياسية في دول الخليج تنتظر الاتفاق الأميركي ـ الإيراني لتبني على أساسه استراتيجياتها السياسية في المنطقة باستثناء المملكة السعودية التي ترفض هذا الاتفاق من أساسه
جهاد أيوب
أكد مصدر أمني خليجي لـ«البناء» أنّ معظم القيادات السياسية في دول الخليج تنتظر الاتفاق الأميركي ـ الإيراني لتبني على أساسه استراتيجياتها السياسية في المنطقة باستثناء المملكة السعودية التي ترفض هذا الاتفاق من أساسه، وتعتبره إعلان حرب عليها ويسهم في تقليص دورها في المنطقة، كما تؤكد لكل الزائرين إليها أنها غير راضية عنه ولا يعنيها، لكنها خائفة من تداعياته عليها، لذلك تعمل السعودية على اتفاقات أمنية سرية مع الكيان الصهيوني الرافض أصلاً للاتفاق الإيراني ـ الأميركي، وتحاول بناء خدمات عسكرية سياسية مع تركيا لتبقى الورقة السورية من ضمن أوراقها التي ستحاور عليها لتحقيق مكاسب كبرى مع الأميركيين.
وأضاف المصدر أن غالبية دول الخليج على يقين بأن هذا الاتفاق قد يبصر النور بعد الانتخابات «الإسرائيلية»، وبأن واقعها ما قبل الاتفاق سيختلف كلياً عمّا بعده، وأن الكثير من الأحداث الحاصلة حالياً تبشر بتوقيعه وبتداعيات ما بعد التوقيع وبالتأكيد لن تكون كما اليوم، وتحديداً في اليمن!
وتعتبر السعودية من أكثر الدول المتضررة من الاتفاق ومن مجريات ما يحدث في المنطقة وتحديداً في اليمن، لذلك تعيش اليوم القلق والخوف الأكبر من الأحداث السريعة الحاصلة في اليمن، والتي تصب في مصلحة الحوثيين والمشروع المقاوم في المنطقة «إيران وسورية والمقاومة في لبنان والعراق»، وأيضاً التحرك الروسي، وهذا ما يجعل السياسة السعودية تتخبط في أكثر من موقع كانت تعتبره تابعاً لها، وهي تكاد أن تخسر الورقة السورية، وخسرت الكثير من تمايزها وحضورها في اليمن، وتخبط جماعاتها في لبنان لا تحسد عليها، أما في العراق فقد تلاشت قوتها السياسية فيه، وحوصرت جماعاتها لتعصب سياساتها الداعمة للعناصر الداعشية الإرهابية، وهذه الأخيرة تسعى للانقلاب عليها أينما وجدت على مساحة الفوضى العربية الحالي!!
ونظراً إلى هذا الواقع المنحدر في السياسة السعودية، وفقدان المزيد من أوراقها في المنطقة تحاول الآن وبجهد لا يوصف، أن تضع يدها على الساحة اليمنية حيث تشكل أولوية سياسية وعسكرية وجغرافية واقتصادية لها، لذلك تقوم بدعم القاعدة هناك بالسلاح والعديد والعتاد، وقد تمكنت بأقل من شهر من إرسال أكثر من 32 ألف مقاتل للقاعدة من سورية ولبنان والأردن إلى اليمن، وتكلفت بنقلهم عن طريق تركيا ومطار الدوحة في قطر وصولاً إلى مرأب في اليمن حيث يتجمعون هناك في معسكرات خاصة، ويتم تدريب البعض منهم على سلاح جديد، والبعض الآخر يخضعون لدورات منوعة منها ما هو إعلامي ومذهبي، وآخر عسكري من أجل مقاتلة الحوثيين والجيش اليمني.
وأشار المصدر الأمني الخليجي إلى أن لبنان لم يعد من أولويات السعودية في المرحلة الراهنة وقد يكون أولوية رابعة بعد اليمن وسورية والعراق، وقد سلمت أن الحرب في سورية تنحصر تدريجياً وتتقلص مساحة العناصر الإرهابية الممولة من قبلها هناك، وأن الورقة التركية تتحكم في كثير من مفاصل الصراع وتحديداً في مناطق الشمال المتاخمة للحدود السورية ـ التركية، واستطاع العراق أن يتصدى لقوات «داعش» و«النصرة» والتكفيريين، وهذا أضعف الحضور السعودي الذي يجف انتشاره كلما ضاق الخناق على العناصر الإرهابية في المنطقة، وهذا يعني أن السياسة السعودية اليوم على قناعة بأن اليمن من أولوياتها الضرورية والسياسية، وإن ضعفت هناك ستضعف في كل المنطقة!
واختتم المصدر كلامه بأن دول منطقة الخليج تعيش على أكثر من بركان أخطره وأوله الاتفاق الإيراني الأميركي، والثاني الانتشار السرطاني الكثيف في مجتمعاتها للمتشددين الذين يؤيدون «داعش» ويؤمنون بمنهجه وفق ما يجدونه يصب في خانة ما يعتقدون من الدين الإسلامي، والثالث تزايد قوة «داعش» في أكثر من بلد خليجي كلما طالت الأزمة في سورية، وكلما ضاق الخناق عليهم في اليمن، وهذا يعني أن خريطة المنطقة ستتغير وأول ما ستطاول منطقة الخليج.
http://www.al-binaa.com/?article=30009
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه