24-11-2024 06:53 PM بتوقيت القدس المحتلة

"هل الدين نزعة إنسانية؟!".. سؤال يفرضه الواقع المر

نقل هذا الكتاب إلى الفرنسيّة يفتح الباب أمام العالميّة، خاصّة أنّ هذا المؤلَف غنيّ ومشبّع بالأسئلة والتحليل، فعندما نتمعّن بالنصوص نرى سماحة الشيخ شفيق جرادي يتجاوز النظر الشرعيّ ويرفع النظر العقليّ للفلسفة.

"نحن أمام رجل دين يتحرّك من موقع المحلّل والمحرّم ليذهب لروح السؤال المهاجر ويدعو إلى فلسفة دينيّة تصالح القطع الدينيّ مع العقل، ولا يخشى الفلسفة ولا يكرهها حتّى بما فيها من فظاظة" الأستاذة باسكال لحود .. "كيف لا نثني على تجربة الشيخ الفكريّة وهو لا يكتفي بأجوبة محدّدة للجمال أو العدالة بل يذهب للوصول إلى حقيقة الجمال والعدالة؟.  الشيخ شفيق جرادي يفرض نفسه على الساحة الفكريّة ليس ككاتب فقط، بل بكونه صاحب رؤية فكريّة في زمن انقرض فيه المفكّرون.

وهذا الفكر الذي قرأناه في هذا الكتاب، نموذجًا لربيع يدوم ويزدهر في بلادنا، فكر يؤمن بالحوار مع الذات، ومع الذات والآخر، ومع الأخر كون جزء من الذات. هذا الكتاب لا يقرأ فقط بل هو دعوة للتأمّل في الأساسيّات بدل التلهّي في القشور". 

هكذا احتفت الجامعة اليسوعيّة بالكتاب المنطلق نحو الفرنكفونيّة، في لقاء خصّصته في 26 من شباط 2015، لمناقشة واحد من أعمال مدير معهد المعارف الحكميّة سماحة الشيخ شفيق جرادي.

           

RELIGION, UNE QUESTION HUMAINE ? Une lecture musulmane chiite  هو كتاب قام بترجمته الأستاذ فادي عبد النور لصالح دار L’Harmattan الفرنسيّ الذي نشره في فرنسا ضمن مشروعه Pensée  والذي يشرف عليه البوفيسور انطوان فليفل.

وشارك في هذا اللقاء الفكريّ كلّ من:
البروفيسور سليم دكّاش اليسوعي، رئيس جامعة القدّيس يوسف.
    الأستاذة باسكال لحّود، باحثة.
    الأستاذ علي يوسف، باحث.

وبإدارة البروفيسور انطوان فليفل، قدّم كلّ من الأساتذة الكرام مداخلات عبّروا فيها عن إعجابهم بالكتاب ومضمونه الفكريّ ومشروعه الذي حمله، كمشروع حضاري ناهض في قبال موت الفكر في عالمنا العربيّ.

وقدّمت الأستاذة باسكال لحود أولى المداخلات حيث اعتبرت أنّه من المتوقّع والمشروع للفرنسيّ الذي يحمل هذا الكتاب السؤال: لماذا لا يكتفي الإمام الشيعيّ بتعاليم القرآن والسنّة الأئمّة في تناوله لمسائل الزمن والموت وغيرها، ويمّم وجهه شطر الفلسفة الإسلاميّة والغربيّة؟ وما الذي يقود هذا العالم إلى إيثار السؤال ورفض إرساء رياسة الحقيقة.

وأضافت الأستاذة لحود بأن "الشيخ شفيق جرادي يدعونا إلى التفريق بين روح الفلسفة والدين وبين نظم الفلسفة، وأراد لقرّائه أن يكابدوا إيمانهم ليذهبوا للسؤال، وأن يذكّر المؤمنين ومنتقديهم بأنّ وراء السكون العقائديّ الدينيّ كدًّا، ويذكّرنا أنّ صفات الله لا تنطبق علينا فنحن محكومون بانتمائنا لزمن ومكان محدودين يلزمنا أن نبقى في ظلّ سؤال دائم ويمنع عنا الحقيقة المطلقة".

وتحدّثت عن ثمرتين استطاعت تحصيلهما من قراءتها لهذا الكتاب وهما:

    1- إنّ موقف الشيخ شفيق جرادي يعيد للتاريخيّة معناها كمجال للحقيقة والسؤال والتفكّر.
    2- الإيمان هو فعل اتضاع أمام الحقيقة، لا فعل انتفاض عليها.

أمّا الأستاذ الباحث علي يوسف فرأى أنّنا أمام كينونة قطباها المتناقضان يشكّلان وحدتها الجدليّة بين أثار الطين وأثار النفحة الإلهيّة وهو ما عبّر عنه سماحة الشيخ في كتابه بأسلوب فريد ومميّز.وعرض الأستاذ يوسف محتوى الكتاب وقدّمه شارحًا عما تناول كلّ فصل فيه بشكل واف ومقتضب.

وآخر المداخلات كانت مع البروفيسور سليم دكّاش الذ ي افتتح مداخلته بإعلان محبّة "من موقع انتمائنا لأهل الفلسفة والحكمة، نحبّ أهل الحكمة، ونحبّكم محبّة من اختار كلمة الحكمة سبيلًا لطرح سؤال الحوار والتفكّر".

وأشار إلى أنّ نقل هذا الكتاب إلى الفرنسيّة يفتح الباب أمام العالميّة، خاصّة أنّ هذا المؤلَف غنيّ ومشبّع بالأسئلة والتحليل، فعندما نتمعّن بالنصوص نرى سماحة الشيخ شفيق جرادي يتجاوز النظر الشرعيّ ويرفع النظر العقليّ للفلسفة.
وبعد المداخلات الثلاثة تقدّم مؤلّف الكتاب سماحة الشيخ شفيق جرادي، ليشير إلى أنّ هذا الكتاب جاء ليعمل في قراءة موضوعات ترتبط بمحوريّة الإنسان في الدين "وأسمينا هذه القراءة بإلهيّات المعرفة، وحين نقيّد الإلهيّات بالمعرفة فلنقول أنّ زاوية المباحث هو الإنسان وليس الله وإنّي وإن كنت أعتقد أنّ هذا المشروع لم يكتمل بنيانه ولكن أسعى بأن نستقر بنحو من القلق الجديد من الأبحاث والموضوعات".

وختم سماحة الشيخ بأنّه يفتخر بولادته "في زمن نشارك في نحن المسلمون في بناء حضارة العالم".