21-11-2024 11:37 PM بتوقيت القدس المحتلة

النصرة ربحت المعركة "مع حزم" وخسرت "الحرب"

النصرة ربحت المعركة

ليست أولى المرات التي يقضي فيها تنظيم القاعدة في بلاد الشام على جماعة سورية مسلحة "معتدلة" وفق المسميات المتبعة إعلامياً، ولن تكون الأخيرة إذا ما راقبنا سلوك "جبهة النصرة" منذ صيف العام الماضي.

احمد فرحات

ليست أولى المرات التي يقضي فيها تنظيم القاعدة في بلاد الشام على جماعة سورية مسلحة "معتدلة" وفق المسميات المتبعة إعلامياً، ولن تكون الأخيرة إذا ما راقبنا سلوك "جبهة النصرة" منذ صيف العام الماضي.

ورغم تراجع "جبهة النصرة" عن حديث زعيمها أبو محمد الجولاني عن تأسيس إمارة في الشام، فإن جميع المعطيات تدل على أن فرع القاعدة في سوريا ماضٍ في تحقيق هذا الأمر، وهذا بات محل حذر لدى المسلحين في سوريا، خصوصاً المناهضين لحركات القاعدة.

وبعد أن كان سير "النصرة" على خطى "داعش" في القضاء على الخصوم وإعلان الدولة محل تكهنات، أصبح اليوم واقعاً ملموساً، خصوصاً وأن القضاء على حركة حزم المدعومة غربياً في ريف ادلب، جاء بعد أشهر على إقصاء "جبهة ثوار سوريا" ذات الدعم الغربي أيضاً في تشرين أول/اكتوبر 2014.

وكان يراد من تلك الجماعتين تقديمها على أنهما معتدلتان، بوجه جماعات القاعدة، وعلى رأسها "النصرة". ويلاحظ في هذ السياق أنه بالتزامن مع معارك النصرة مع حزم، أغارت طائرات التحالف على قرية سلقين بريف ادلب، وقتلت قياديين اثنين للنصرة هما، ابو مصعب الفلسطيني، وابو البراء الانصاري.

مصادر قريبة من جماعات "الجيش الحر"، شكك في نوايا "جبهة النصرة"، خصوصاً وأنه كان من الممكن حل الخلاف مع حزم بغير الطريقة التي تمت، بحسب ما اعتبرت. واستدلت على ذلك، بأن جبهة النصرة تستغل أي خلاف مهما كان حجمه مع أي فصيل لإبتلاعه، وهذا من شأنه أن يساهم في المستقبل بالتذرع بحجج واهية، والتخلص من جماعات أخرى.

وتفجر الخلاف بين الطرفين بعد اتهام النصرة لحزم بتصفيه القيادي "ابو عيسى الطبقة"، من دون إعطاء توضيحات عن كيفية التصفية، وهذا ما اعتبر ذريعة.

المعركة بين حزم والنصرة انتهت شكلياً بحل الأولى لنفسها، والإنضمام إلى "الجبهة الشامية"، غير أن إعلان الجبهة القاعدية إستمرار ملاحقتها قياديي الحركة، قد يضع الجبهتين (الشامية والنصرة) أمام مواجهة جديدة، ستكون أعنف وأكثرها خسائر.

ويرى متابعون للأحداث الميدانية في سوريا، ان النصرة ردت بطريقة غير مباشرة على الفصائل المسلحة، خصوصاً بعد عدم ضمها تحت أي تجمع في الشمال والجنوب السوريين، فعند تشكيل الجيش الأول في المنطقة الجنوبية كانت النصرة خارج المعادلة، وعند تشكيل الجبهة الشامية في الشمال، لم يكترث لها أحد أيضاً.

حرب الشرعية

ربحت النصرة معركتها مع حزم ومع جمال معروف، غير أنها خسرت الحرب على شرعية "الجهاد" بالنسبة إلى باقي الجماعات المسلحة، التي باتت تنظر إلى الجبهة على أنها "داعش اثنين".

وجهدت جبهة النصرة بعد خلافها مع داعش على تقديم نفسها على أنها من البيئة السورية، وتسعى إلى صالح الشعب، رغم انتمائها لتنظيم القاعدة، وحاولت إبراز نفسها على أنها لا تملك مشروعاً لإقامة دولة أو إمارة شبيهة بتلك التي أقامها "داعش"، لكن هذه السياسة يبدو أنها سقطت، وبات للنصرة مشروعها الخاص، في أكثر من منطقة.

وتناقلت صفحات إلكترونية كلاماً منسوباً لـ "عضو هيئة التحكيم" بين "النصرة" و"حزم" حسن أبو بكر جاء فيه أن النصرة تسعى للسيطرة على المناطق لإعلان ما أسماها "إمارة الجولاني".

جناحان داخل النصرة

وفي غمرة هذه الأحداث، بات واضحاً أن هناك جناحين داخل جبهة النصرة، الأول يريد تعاوناً مع جماعات الحر، ويتزعمه الشرعي العام السابق المدعو "أبو ماريا القحطاني"، والذي عبر عن ذلك عبر صفحته الرسمية على موقع "توتير" للتواصل الإجتماعي، حيث أشار في إحدى تغريداته تعليقاً على المعركة مع حزم أن هناك من "يدعشن النصرة".

والتيار الثاني في داخل النصرة هو التيار الذي يتزعمه الشرعي العام الحالي المدعو "سامي محمود العريدي"، والذي يسعى إلى تحكيم شريعة تنظيم القاعدة فوق أي اعتبار، ويرى في حركة طالبان الأفغانية مثالاً يحتذى.

وبين التيارين، يقف أبو محمد الجولاني وقد بات موضع تشكيك لدى العديد من التيارات، بعد معلومات تناقلتها صفحات مؤيدين لجبهة النصرة على "تويتر" بأنه أراد "العودة لحضن البغدادي"، غير أن العديد ممن حوله رفضوا ذلك، وأضاف آخر أن الجولاني "ركب سيارته أكثر من مرة يريد التوجه لمبايعة داعش في بداية تمدد البغدادي، إلا أن العقلاء جعلوه يعدل عن ذلك".

وتسعى جبهة النصرة إلى الهروب للأمام، في ظل المناكفات الداخلية، عبر اختلاق حروب مع جماعات مسلحة أخرى، تهدف فيما تهدف من خلالها إلى شد عصب مسلحيها، تقيها من حالات التسرب نحو غنيمها التقليدي "داعش"، من جهة، وتحقيق إمتيازات على الأرض من جهة أخرى، تمهيداً لإعلان إمارة، قد لا تكون سهلة المنال، أقلها في الظروف الحالية.