ويتألف المتحف من 23 قاعة، ويعرض فيه حالياً نحو عشرة آلاف قطعة، من الأحجار الصغيرة، إلى التماثيل الضخمة البالغ ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، أو الجداريات الممتدة بعرض أمتار عدة.
بعد نحو 12 عاماً من تعرضه لنهب بعيد الاجتياح الأميركي في العام 2003، أعادت الحكومة العراقية، اليوم السبت، افتتاح المتحف الوطني في بغداد، الذي خسر نحو 15 ألف قطعة أثرية، تمكنت السلطات العراقية من استعادة نحو ثلثها.
ووصف مسؤولون عراقيون إعادة افتتاح المتحف، الذي يضم آثاراً تعود إلى العصور الحجرية (نحو 100 ألف عام قبل الميلاد)، بأنها "رد" على تدمير تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"- "داعش" تماثيل وقطعاً أثرية في مدينة الموصل (شمال) الواقعة تحت سيطرته، بحسب شريط مصور نشره أمس الأول.
وقال وكيل وزير السياحة والآثار قيس حسين رشيد، لوكالة "فرانس برس": "كنا نستعد لإعادة المتحف، وهذا عمل نقوم به منذ أشهر لأنه يجب إعادة افتتاح المتحف أمام الجميع".وأضاف أن "أحداث الموصل (في إشارة الى تدمير الآثار) سرّعت من عملنا، وأردنا أن نفتتحه اليوم رداً على ما فعلته عصابات داعش.
وقال مسؤولون عراقيون إن مجموع القطع التي نُهبت من المتحف العراقي في العام 2003 هو نحو 15 ألف قطعة، استعادت بغداد نحو 4300 منها. وأوضح رشيد "تم استرداد نحو 4300 قطعة من أصل 15 ألفاً، وهذا عدد جيد"، مضيفاً: "نتابع أكثر من 10 آلاف قطعة في الأسواق والمزادات".
ويتألف المتحف من 23 قاعة، ويعرض فيه حالياً نحو عشرة آلاف قطعة، من الأحجار الصغيرة، إلى التماثيل الضخمة البالغ ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، أو الجداريات الممتدة بعرض أمتار عدة. وتعود الآثار إلى العصور الآشورية والسومرية والبابلية والإسلامية وغيرها.
وقام رئيس الوزراء حيدر العبادي اليوم بقص شريط افتتاح المتحف، قبل أن يقول للصحافيين "اليوم الرسالة الواضحة من بغداد من أرض الرافدين، أن حضارة الإنسان، سنحفظها، وسنلاحق هؤلاء الذين يريدون تدميرها".
وشدد العبادي على أنه "لدينا تفاصيل كل قطع الآثار في الموصل، كل قطعة محفوظة، وبالتالي سنلاحق كل القطع التي يتم تهريبها من قبل داعش والجماعات الإرهابية المرتبطة بها، وسنلاحقهم ومعنا العالم".
وطالب وزير السياحة والآثار عادل فهد الشرشاب، المجتمع الدولي بالتعاون مع بغداد للحد من تهريب الآثار، لا سيما في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي 2199، الذي صدر قبل نحو إسبوعين بهدف تجفيف مصادر تمويل تنظيم "داعش"، ومنها الإتجار بالآثار.
وقال الشرشاب "القرار كان تطوراً مهماً لأنه ألزم تجريم كل من يتعامل بالآثار العراقية.. لكن على المجتمع الدولي أن يحترم قراراته".واعتبر أن تدمير آثار الموصل "كان تحدياً للمجتمع الدولي"، متخوفاً من أن يخفي نشر "داعش" للشريط "وراءه نية سرقة آثار أخرى" لم يدمرها الارهابيون.
ووضع المسؤولون العراقيون إعادة افتتاح المتحف الذي يفتح أبوابه رسمياً أمام الجمهور غداً الأحد، كمحاولة لبث بعض "السعادة" بعد الحزن الذي تسبب به تدمير آثار الموصل.وقال رشيد "لا نريد أن يكون 26 شباط (تاريخ نشر شريط تدمير الآثار) يوم حزن وإحباط، نريد أن نحوله إلى يوم مفرح وانطلاقة لعمل جديد"، مضيفاً أن اعادة افتتاح المتحف "رسالة للداخل والخارج، يجب أن يعود المتحف العراقي ليكون مؤسسة سياحية ويؤدي رسالة ثقافية".
وسيكون الدخول إلى المتحف بموجب تذاكر، بسعر 1500 دينار (1,25 دولار أميركي) للعراقيين، وعشرة دولارات للعرب، و20 دولاراً للأجانب. واعتبر قيس أن اليوم هو "يوم سعيد جداً"، مضيفاً أن "ثمة جيل من العراقيين لم يعرف ما هو المتحف الوطني"، وأنه بدءاً من الغد ثمة "أطفال وعوائل سيزورون المتحف لمشاهدة القطع الأثرية ولمسها".
جوهرة صغيرة
وفي العام 2003، تعرض متحف الموصل، الذي يصفه الخبير في علم المتاحف لدى منظمة يونيسكو ستورات غيبسون، بانه "جوهرة صغيرة" بنيت على حدائق القصر السابق للملك فيصل، للنهب أيضاً". وكان التنظيم نشر قبل يومين شريطاً يظهر قيام عناصره بتحطيم تماثيل أثرية معظمها من العصر الآشوري، في متحف الموصل. كما قام العناصر باستخدام آلات كهربائية لتشويه تمثال ضخم لثور مجنح عند بوابة نركال في المدينة التي تعد من الأقدم في الشرق الأوسط.
وأثارت عملية التدمير موجة استنكار عالمية، وطالبت منظمة "اليونيسكو" بعقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن الدولي لحماية التراث العراقي، وسط مخاوف من قيام "الجهاديين" بإلحاق أضرار مماثلة بمواقع أثرية أخرى موجودة في محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل.
وقارن علماء آثار بين التدمير في الموصل، وقيام "حركة طالبان" الأفغانية في العام 2001، بتفجير تمثالين ضخمين لبوذا محفورين بالصخر في منطقة باميان، في ما اعتبر في حينه من أسوأ الخسائر التراثية عالمياً". وفي شريط تنظيم "داعش"، يقول أحد عناصره أن تدمير التماثيل يعود إلى كونها "أصناماً وأوثاناً"، مقارناً بين ما يقوم به، وما قام به الرسول محمد من تدمير لأصنام العبادة عند فتح مكة قبل زهاء 1400 في العام.
ويعد تدمير الآثار في الموصل أسوأ الكوارث التي أصابت التراث العراقي منذ العام 2003، حينما تعرض المتحف الوطني في نيسان من ذلك العام، لعمليات نهب واسعة اثر دخول القوات الأميركية بغداد وسقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين.