24-11-2024 06:54 PM بتوقيت القدس المحتلة

«درب البرابرة».. شاطئ نيلي للاستشفاء

«درب البرابرة».. شاطئ نيلي للاستشفاء

«درب البرابرة « أو «درب الأربعين»، الذي بات يعرف بـ «شاطئ البربر»، طريق بري يقع في منطقة النوبة في أقصى جنوب مصر، كان يقصده المصريون القدماء، ومن بعدهم العرب، لتكوين شبكة تجارية عبر الجمال تصل مصر بالسودان

«درب البرابرة « أو «درب الأربعين»، الذي بات يعرف بـ «شاطئ البربر»، طريق بري يقع في منطقة النوبة في أقصى جنوب مصر، كان يقصده المصريون القدماء، ومن بعدهم العرب، لتكوين شبكة تجارية عبر الجمال تصل مصر بالسودان في 40 يوماً، فاكتسب الدرب التاريخي اسمه من هنا.

ويوضح المرشد السياحي محمد فهمي انه ومع مرور السنوات، وظهور وسائل مواصلات أكثر حداثة، تحولت الأنظار بعيداً عن الدرب التاريخي، إلا أن أهالي النوبة استخدموه بشكل آخر.

ويتميز الدرب بنقاء مياهه، لدرجة تجعل الزائر يرى صخور الغرانيت والبازلت المستقرة في عمق مياه النيل بوضوح من على سطحه. كما يتسم هذا الشاطئ بجودة طمي النيل الذي يجيد أهالي النوبة استخدامه لعلاج الكثير من الأمراض، فضلاً عن رماله التي تستخدم لعلاج أمراض الروماتيزم والمفاصل والعظام.

يوضح عبد الحكيم حسب الله، مدير إدارة البرامج في شركة الخدمات البيئية بالنوبة وأحد المسؤولين عن العلاج برمال وطمي شاطئ البربر، إن «العلاج بالدفن في الرمال يتم بين آذار وتشرين الأول من كل عام». وأضاف: «في هذه الفترة تكون درجة الحرارة تحت الأرض مناسبة لاستقبال جسم الإنسان وعلاجه، أما إذا قمنا بدفن جسد المريض في فترة الشتاء فستكون درجة الحرارة تحت الأرض منخفضة جداً ما سيؤدي إلى مضاعفة آلامه بدلا من معالجتها. لذلك يتوافد علينا السيّاح في هذه الفترة من كل عام ليسترخوا تحت رمال شاطئ البربر في سلام، ويبرأوا من آلامهم».

«درب البرابرة « أو «درب الأربعين»، الذي بات يعرف بـ «شاطئ البربر»، طريق بري يقع في منطقة النوبة في أقصى جنوب مصر، كان يقصده المصريون القدماء، ومن بعدهم العرب، لتكوين شبكة تجارية عبر الجمال تصل مصر بالسودان وأشار حسب الله إلى أن «نسبة السيّاح الذين يقبلون على شاطئ البربر في هذه الفترة تكون كبيرة، لأسباب عديدة أبرزها ارتفاع درجة الحرارة، وَحِدَّةُ أشعة الشمس التي يهرب منها المصريون خشية إصابتهم بالدوار، بينما يقبل عليها السيّاح الذين يعانون من وطأة البرد والعواصف الثلجية في بلادهم».

وأوضح أن «السيّاح الفرنسيين والألمان هم الأكثر زيارة لشاطئ البربر، والأكثر إيمانا بالعلاج بالدفن في رماله، كما أن نسبة النساء اللواتي يفدن إلى الشاطئ للعلاج برماله أعلى من نسبة الرجال». وقال إن «علاج آلام الروماتيزم والمفاصل بدفن الجسد بالكامل، باستثناء الرأس، أمر لا يمكن تنفيذه، إلا في الشواطئ التي تتميز برملها الخشن، وذلك لأن هذا الرمل يتمتع بتركيبة فريدة قادرة على جذب الأشعة فوق البنفسجية إلى جسم المريض ما يساعد على شفائه».

ووفقا لحسب الله «تحدد المدة التي سيقضيها المريض مدفوناً تحت الرمال وفقا لحالته، فإذا ما كانت متدهورة يمضي 45 دقيقة، أما إذا كانت حالته متوسطة فقد نكتفي بعشرين دقيقة فقط لا غير، وفي هذه الفترة نزود المريض بمشروبات عصائر طبيعية كي نعوضه عن الأملاح التي يفقدها جسده جراء الدفن». وتابع: «نراعي في تحديد مدة دفن جسم المريض ما إذا كان يعاني من أي أمراض أخرى كالقلب أم لا» .

حول العلاج بطمي النيل، قال حسب الله إن «ما يميز شاطئ البربر هو أن الطمي الذي يحويه تَكَوَّنَ منذ عشرات السنين، حتى من قبل تشييد السد العالي (افتتح في العام 1971)، لذلك له طبيعة خاصة تساعد في علاج التهابات المفاصل، والتهابات البشرة مع شدّها وتنعيمها وتفتيح مسام الجلد، فضلا عن علاج الحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم». وأضاف: «مؤخرا، بدأنا في استخدام الطمي لامتصاص الشحنات الكهربائية الزائدة في الجسم عن طريق تغطية الرأس به، خاصة لأولئك الذين يمضون ساعات طويلة أمام شاشات الحاسوب» .

قالت السائحة الفرنسية آلان ديدييه (39 عاما) إن «للرمال المصرية سمعة عالمية واعدة، دفعتني للبحث عنها لمعرفة المزيد من خلال الإنترنت»، مضيفة: «شاهدت صور شاطئ البربر فاستمتعت بجمال طبيعته الخلابّة فقررت زيارته».
أما تجربة الدفن تحت الرمال لمدة نصف ساعة على مدى ثلاثة أيام فكانت مثيرة للغاية، بحسب ديدييه، مضيفة ان «الاستمتاع بلذة حرارة حبّات الرمال الساخنة تحت الأرض منح جسدي قوة وطاقة، وساعدني على التخلص من آلام رطوبة الجسم التي كانت تسبب لي آلاما في ظهري وعظامي».