24-11-2024 07:27 AM بتوقيت القدس المحتلة

أوروبيون يشيدون بدور حزب الله في المعركة السورية

أوروبيون يشيدون بدور حزب الله في المعركة السورية

تعكس الزيارة التي قامت بها مجموعة من النواب الفرنسيين والحركة الأوروبية الموازية لها الى لبنان نقاشاً معمّقاً في أوروبا حول الإرهاب، والمسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه الوجود المسيحي في المنطقة.

مارلين خليفة - صحيفة "السفير"

تعكس الزيارة التي قامت بها مجموعة من النواب الفرنسيين والحركة الأوروبية الموازية لها الى لبنان (زيارة إلمار بروك وجيل دي كرشوف) نقاشاً معمّقاً في أوروبا بدأ يطفو الى السطح ويتعلّق بملفيّن متّصلين: الإرهاب كظاهرة تهدّد عمق أوروبّا، والمسؤولية السياسية والأخلاقية تجاه الوجود المسيحي في المنطقة والذي تتفاوت مقاربته بين متشبث به وبضرورة الدفاع عنه، وبين مَن يعتبره عائقاً أمام المشاريع الغربية، على غرار الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي قال يوماً للبطريرك الماروني بشارة الراعي: لا يجب أن يبقى 4 أو 5 ملايين مسيحي في الشرق عائقاً أمام سياساتنا فليأتوا ويعيشوا عندنا!

كثر من الساسة الفرنسيين يصفون هذه السياسة تجاه المسيحيين بـ «الخرقاء واللا أخلاقية» وقد أشاع نوابهم الذين زاروا سوريا ولبنان أخيراً مناخاً إيجابياً تجاه «حزب الله»، خصوصاً لجهة دوره في الدفاع عن الوجود المسيحي عند الحدود الشرقية في القرى والبلدات اللبنانية المحاذية لمنطقة القلمون السورية.
واللافت للانتباه أنّ البرلمانيين الفرنسيين والأوروبيين الذين زاروا لبنان حرصوا في لقاءاتهم على الاطمئنان الى قدرة «حزب الله» والجيش اللبناني في المواجهة الحدوديّة مع الإرهابيين من تنظيم «داعش» و «جبهة النّصرة».
وجاء هذا الاهتمام الفرنسي المستجدّ ليتقاطع مع انطباعات لبعض الديبلوماسيين الأوروبيين العاملين في لبنان والذي روى أحدهم (دولته عضو في مجموعة «أصدقاء سوريا») لسياسي لبناني كيف أنّ أهالي بعض القرى الحدودية عبروا أمامه عن ثقتهم واطمئنانهم لأن «حزب الله» موجود عند الحدود. وجاءه الجواب بأنّ الثقة هي بـ «حزب الله» وبالجيش اللبناني أيضاً، لكن السكان هناك لا يثقون بالقرار السياسي الذي يحكم القرار العسكري للجيش.

بالعودة الى زيارة النواب الفرنسيين فإنّ اثنين منهم: جيرار بابت وجاك ميار زارا الضاحية الجنوبية لبيروت واجتمعا بمسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» السيّد عمّار الموسوي، وقد اعتذرا عن عدم حضور رفيقيهما، بسبب تأخرهما في دمشق، وقد أمضى النائبان الفرنسيان والوفد المرافق لهما بضع ساعات في الضاحية حيث تناولا العشاء أيضاً في أحد مطاعمها ووصفت الجلسة معهما بأنها «أنيسة وشيقة».
ولعلّ هذه الزيارة أوضحت كيف أنّ بعض السياسيين الفرنسيين يسبقون حكومتهم في انعطافة يرونها ضرورية، بل ملحة، خصوصاً لجهة مكافحة الإرهاب التي لا يرونها ممكنة من دون التعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد الذي وصفوه بأنه كان خلال اللقاء معهم «مرتاحاً وواثقاً».

لفت النظر في لقاء بابت ـ ميار في الضاحية التقارب الكبير في وجهات النظر بين الجانبين في بعض القضايا، فيما كان هناك تطابق كامل في قضايا أخرى، ومنها أهمية مشاركة «حزب الله» في المعركة في سوريا، حيث عبر النائبان عن تقديرهما للتضحيات التي يقدمها «حزب الله»، كذلك للدور المميز الذي يؤديه في هذه المعركة، حتى أنّهما اعتبرا وجود «حزب الله» في سوريا «شرعي، لأنه أولاً حليف لسوريا ويحظى تالياً بموافقة الحكومة السورية الشرعية، بحسب ما نقلت لـ «السفير» أوساط واكبت زيارة النائبين الفرنسيين.
كذلك عبّر النائبان عن وجع فرنسي وأوروبي عام يتعلق بتعاظم خطر الإرهاب إضافة إلى الاعتراف الواضح بخطأ إغلاق السفارات الأوروبية، خصوصاً الفرنسية في دمشق لجهة تأثير ذلك في جمع المعلومات الحقيقية عن مجريات الأمور في سوريا، كذلك عن حركة تنقل ما يُسمّى بـ «الجهاديين الأوروبيين».

ولعلّ أجوبة المسؤولين السوريين المتكررة حول أن مفتاح أي تعاون أمني أو غير أمني يكمن في إعادة العلاقات إلى سابق عهدها، أُشْعِر النوابُ مرة جديدة بفداحة خطأ إقفال السفارات، علماً بأنّ دولاً أوروبية عدة حافظت على خطوط التواصل ولم تغلق أبواب سفاراتها في دمشق، وأنها وبسبب الأوضاع الأمنية لجأت إلى بعض التدابير، ومنها تقليل عدد الديبلوماسيين المتواجدين في دمشق، بينما نقل القسم الآخر إلى بيروت، ومن هذه الدول: النروج، السويد، النمسا، الدنمارك، رومانيا والمجر، وهذه الدول باتت تتباهى اليوم بأنها أبقت على صلتها بدمشق وبأنها لم ترتكب خطأ المقاطعة كما فعلت دول أخرى ومنها فرنسا وبريطانيا.
وقد التقى نواب فرنسيون وأوروبيون زاروا لبنان على مبدأ مفاده أنّه لا تمكن مكافحة الإرهاب ودولهم «فاتحة مشكل» مع النظام السوري الذي وصفه أحد النواب بأنّه «حجر الزاوية في المعركة ضدّ الإرهاب، ومن لا يتفاهم معه فهو غير جدّي».

واللافت للانتباه ما ورد على لسان النائب ميار في حديث صحافي بعد عودته إلى باريس، حيث أشار إلى أن سقوط الأسد سيؤدي إلى خراب لبنان، وهذا ما اعتبرته أوساط متابعة في «قوى 8 آذار» بأنه ربط منطقي للأحداث والتطورات، «فالكلام عن تحييد لبنان في ظل المعركة الكبرى في سوريا والعراق وتفشي المجموعات الإرهابية ووجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري على الأراضي اللبنانية والتهديد المتواصل لهذه المجموعات عند الحدود الشرقية ووجود الخلايا النائمة في العديد من المناطق اللبنانية بما في ذلك مخيمات النزوح، يصبح نكتة سمجة لا تطرب أحداً ولا تسترعي انتباهاً، بل تثير الكثير من علامات التعجب والاستهجان».

وعن الوضع في جنوب سوريا، سمع الزوار الفرنسيون من «قوى ٨ آذار» تقييماً عميقاً لوجهة المعركة هناك، خصوصاً «في ظل الدعم الإسرائيلي ـ الأردني ـ الدولي للمتطرّفين الذين باتوا يشكلون مصلحة مشتركة، خصوصاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تقدم في باريس التظاهرة العالمية ضد الإرهاب، فيما هو يفتح أبواب التنسيق والدعم للمجموعات الإرهابية في الجولان على مصراعيها»، كَمَا قيل لهم.
في الخلاصة، ثمة مراجعة فرضت وتفرض نفسها على الدول الأوروبية، والنقاش بات يجري بصوت مرتفع، «بشار لم يسقط والإرهاب ينتشر وها هو في قلب أوروبا»، إنه لسان حال عدد لا يُستهان به من المسؤولين الأوروبيين.


http://assafir.com/Article/20/405737

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه