ما يقوم به ويمارسه داعش وجبهة النصرة ومعهما بوكوحرام وعشرات التنظيمات الإرهابية التي تدعي زورا وبهتانا انتمائها للدين الإسلامي الحنيف من أعمال شائنة يندى لها جبين الإنسانية يعكس حالة من الهمجية والكفر والشرك.
محمد خضر قرش – القدس
ما يقوم به ويمارسه داعش وجبهة النصرة ومعهما بوكوحرام وعشرات التنظيمات الإرهابية التي تدعي زورا وبهتانا انتمائها للدين الإسلامي الحنيف من أعمال شائنة يندى لها جبين الإنسانية يعكس حالة من الهمجية والكفر والشرك والجهل والنازية لا يمكن فهمها ولا مقارنتها إلا بما فعله المغول(التتار)حينما غزت جيوشهم الانكشارية بقيادة جنكيز خان عاصمة الخلافة العباسية في بغداد عام 656 هجرية الموافق للعام 1258 ميلادية كما يمكن مقارنة أفعال داعش في بعض جوانبها بما فعلته النازية والفاشية. لقد استباح المغول حضارتها وآثارها وألقوا بكتبها وكنوزها الثقافية في مياه نهر دجلة وقتلوا بلا رحمة عشرات الآلاف من العرب.فالتخريب والقتل والتدمير الذي يمارسه كفار ومشركوا داعش للحضارة العربية الإسلامية ولكل الأمم والديانات التي وجدت وسكنت وعاشت في بلاد العرب والمسلمين وخاصة في سوريا والعراق، يظهر مدى الهمجية والجهل والكفر والفاشية والتخلف والحقد الذي يسيطر على سلوكياتهم ونفسيتهم المريضة والمختلة عقليا والمهزوزة دينيا. من المؤكد أنهم لا يعلمون ما هو جزاء قتل النفس الإنسانية البريئة التي خلقها الله، بغض النظر عن دينها ومعتقداتها.
فالله سبحانه وتعالى خلق الناس من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا وليس ليجز بعضهم رقاب بعض.ولو أراد الله أن يخلقنا أمة واحدة ويبعث نبيا واحدا وشعبا واحدا ونتكلم لغة واحدة ودينا واحدا لشاء وقدر وفعله وبسهولة ويسر، لأنه حينما يقول للشيء كن فيكون.
لذا فأن ما يقوم به داعش والنصرة ومن لف لفهما من تدمير وتخريب للحضارة الإنسانية والاعتداء على الأديان الأخرى إنما يعكس جهلهم بالتفكر والتمعن في حيثيات ومبررات خلق الله للسموات والأرض بما فيها الشعوب والقبائل وتعدد الأديان والأنبياء.
فالحضارة العربية والإسلامية تمكنت بل واستطاعت وأتاحت وعلى مر العصور للأمم الأخرى بناء حضاراتها وإقامة شعائرها الدينية بحرية تامة.
لقد استفادت وأفادت من التنوع الثقافي والحضاري كما أثرت وتأثرت بالأمم التي عاشت قبلها ومعها قرون طويلة. ولو كانت داعش تعلم من هم الأشوريون حقيقة لما فعلوا فعلتهم الدنيئة بتدمير رموز حضاراتهم وآثارهم في شمال العراق والتي باتت ملكا للعرب والمسلمين.فهم يُنسبون إلى آشور بن سام بن نوح عليه السلام. وكما ذكر المفكرون العرب الأوائل وكتب السيرة والتاريخ أنه كان لسيدنا نوح أربعة أبناء هم يافت وسام وحام وكنعان وهذا الأخير هو الذي لجأ إلى الجبل ليعصمه من الماء فكان من المغرقين. وسام هو أبو العرب والنصارى واليهود وفارس.فعن أبن كثير قال " كل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم يُنسبون إلى أولاد نوح الثلاثة".
لقد رحب الآشوريون بقدوم الإسلام لقناعتهم بأنه لا يحدُ من حريتهم الدينية ولا يتدخل في ممارسة معتقداتهم وإقامة شعائرهم في معابدهم.لقد بنى الآشوريون حضارتهم في كنف العرب والذين حافظوا عليها وحماها الإسلام بعد ذلك.ولم يتدخل أو يتعرض المسلمون الحقيقيون الأوائل للآشوريين ولبقية الديانات الأخرى طيلة فترة الخلافة الإسلامية منذ أيام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين، واستمر هذا الأمر طيلة العصور الأموية والعباسية والفاطمية والأيوبية ..الخ.
لقد بقيت الآثار الأشورية والفرعونية والآرامية والبيزنطية والكلدانية والرومانية وغيرها كثير، محمية ومحافظ عليها ومصانة لتعكس سماحة ونبل الإسلام وكيفية تعاطيه وتعامله وتعايشه مع الديانات والثقافات والحضارات غير الإسلامية.فلا يمكن أن تكون داعش والنصرة أكثر معرفة وممارسة بأصول الدين وأحكامه من الخلفاء الراشدين بما فيهم العشرة المبشرين بالجنة وكل من جاء بعدهم.
مآثر وكنوز حضارية وليست أصناما ولا أوثانا ما دمره خوارج وكفار داعش في العراق وسوريا هي مآثر وكنوز حضارية لا تقدر بثمن وذات نفع ومعرفة للإنسانية من المستحيل تعويضها أو استبدالها فهي ليست أصناما كما يدعوا هؤلاء الخوارج الجهلة. وقد أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانا أكدت فيه، "أن الآراء الشاذة التي اعتمد عليها "داعش" في هدم الآثار واهية ومضللة ولا تستند إلى أسانيد شرعية، خاصة وأن هذه الآثار والتماثيل والكنوز الثقافية كانت موجودة في جميع البلدان التي فتحها المسلمون ولم يأمر الصحابة الكرام بهدمها أو حتى سمحوا بالاقتراب منها، وهم رضوان الله عليهم كما نعرف ونعلم كانوا أقرب عهدًا ومعرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم وسلوكه، منا جميعا.
فالصحابة الذين جاءوا إلى مصر إبان الفتح الإسلامي ووجدوا الأهرامات وأبو الهول وغيرها لم يصدروا فتوى أو رأيًا شرعيًا يمس هذه الآثار والكنوز التي تعد قيمة تاريخية عظيمة". لقد فتح المسلمون أرض فارس والعراق كلها بعد معركة القادسية التي تمت في السنة الخامسة عشر للهجرة الموافق للعام 636 م، وعدة معارك أخرى لحقت بها مثل ذات السلاسل وجلولاء والمدائن، بزمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب وبقيادة سعد بن أبي وقاص وغيره من القادة مثل القعقاع بن عمرو التميمي وهاشم بن عتبة القرشي وقد كانت كل هذه التماثيل والكنوز والآثار موجودة ولم يقم احد بهدمها رغم علم الخليفة عمر بها ونفس الشئ حصل حينما فتح عمر بن العاص مصر حيث وجدوا الأهرامات وأبو الهول ورمسيس وتحتمس وغيرهم ولم يأمر الخليفة بهدم أي منها، وحينما اتجه المسلمون بقيادة خالد بن الوليد لمحاربة الروم في بلاد الشام وانتصروا في معركة اليرموك كانت كل الآثار والتماثيل في البتراء وتدمر وبعلبك وعشرات غيرها موجودة أيضا، وكذلك حينما فتح المسلمون شرق آسيا وبلغوا حدود السند في الهند وكانت تماثيل بوذا المحفورة بالصخر موجودة فلم يفكر أي قائد إسلامي بتدميرها ولم يقل أي واحد منهم بأنها أصنام أو أوثان،فهل إيمان الإرهابي ابوبكر البغدادي وابومحمد الجولاني والظواهري وكل رجال داعش والنصرة ومن لف لفهما أكثر من إيمان الخليفة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبا عبيدة عامر بن الجراح وجعفر الطيار وغيرهم كثير؟ عن أي إسلام يتحدث داعش والنصرة وبوكوحرام ؟ ما هي الأسانيد الدينية والحيثيات والسوابق التي استندت إليها هذه التنظيمات في تدمير المآثر والكنوز الحضارية والكتب الثقافية والتماثيل.أكثر من هذا فقد ذهبت بهم الجاهلية الأولى إلى قيامهم بتدمير وهدم عدد كبير من الجوامع السنية والأضرحة في العراق وسوريا وليبيا. ثم أليس الحجر الأسود والكعبة حجارة فلماذا يذهب المسلمون إليهما في مواسم الحج والعمرة ليتعبدوا ويتقربوا إلى الله من خلال زيارتها بما فيها تقبيل الحجر الأسود نفسه. فإرهابوا داعش لا يريدوا أن يتذكروا ما قاله الخليفة عمر بن الخطاب حينما وقف أمام الحجر الأسود وقال كلمته الشهيرة "والله إني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك؟ فلماذا لم يحتجوا على تقبيل رسول البشرية للحجر الأسود ومن بعده الخلفاء الراشدين وبقية المسلين!أم أنهم سيدمرونه حينما يتمكنوا من الوصول إليه لا سمح الله وقدر!وبالمناسبة فأن المغول لم يفعلوا رغم تخلفهم وجهلهم وكفرهم بأي دين ما فعله إرهابيو داعش والنصرة وبوكوحرام من تدمير للحضارة التراثية وللتماثيل ومن حرق الإنسان وهو حيَ وجز رؤوس 21 مصريا قبطيا في ليبيا.ربما لا يعلم أبو بكر البغدادي بان النجاشي القبطي ملك الحبشة قد استقبل 15 مسلما(11 رجلا و4 نساء) وحماهم من بطش قريش ورفض تسليمهم رغم الإغراءات المالية والتجارية التي عرضت عليه وكان المسلمون حينها بضعة عشرات لا أكثر.
أين رجال الدين ؟
جميعنا في حالة وجوم وصدمة واستغراب من سكوت رجال الدين عن الأفعال المجرمة والدنيئة التي يقوم بها تنظيم داعش والنصرة في بلاد العراق والشام وليبيا من تدمير للحضارة والجسور والمباني والمرافق الاقتصادية والمدنية والمصانع وآبار النفط والعديد من الجوامع التاريخية.
لم نسمع ما يوحي بتصدي رجال الدين السنة بالذات لممارسات داعش والنصرة من قتل وحرق وبعضها لم تفعلها النازية.فنحن نذهب إلى المسجد الأقصى بشكل منتظم وخاصة يوم الجمعة فلم نسمع خطبة واحدة تدين هذا العمل الإجرامي الذي تتولاه داعش، من حرق وقتل وتدمير ونهب وإباحة جهاد النكاح وبيع النساء في سوق النخاسة.
يا رجال ديننا الإسلامي أن داعش يشوه ديننا الحنيف وخاصة المذهب السني ويذبحه من الوريد إلى الوريد على مسمع ومشاهدة منا جميعا ونحن للأسف ساكتون وكأننا عميٌ بكم طرش .نحن بسكوتنا وصمتنا وعدم تحركنا لاستئصال واقتلاع الفكر الداعشي المجرم من جذوره سمحنا وأجزنا لفكر أبي بكر البغدادي أن يتمدد في مدننا وقرانا وما حصل في البيرة يوم الجمعة الماضية من تشويه نُصب للطيار الأردني معاذ الكساسبة مثال حي على ذلك. لقد أجرم العديد من العرب حينما أحضروا البغاة والمتعطشين لسفك الدماء من كل أنحاء العالم ومولوا حضورهم ودفعوهم لتدمير ليبيا وسوريا والعراق وأطلقوا عليهم لفظ الثوار لتحرير الدول المشار إليها!!
بل أن احد المسوؤلين العرب قال وبكل وقاحة: سنسقط بشار الأسد حتى لو دمرت كل سوريا!يا رجال ديننا الكرام، داعش والنصرة تركب معنا في سفينة الإسلام الكبيرة التي تبحر وسط أمواج عاتية وبدأوا بحفر قاعدتها وأخذ الماء يتسرب إلى الداخل وبدأت السفينة تترنح بنا جميعا بسبب استمرار اتساع الثقب والخرق الذي أحدثه تنظيم داعش والنصرة ،فإذا لم نمنعهم ونضرب على أيديهم بقسوة ونوقف ممارساتهم البغيضة ونخرجهم من ديننا ستغرق السفينة وسنهلك جميعنا.
فنجاتنا وحماية ديننا مرتبط بوقف هذه الفئة الباغية الضالة الإرهابية ومنعها من توسيع الخرق الذي تمكنوا من فتحه في قاعدة السفينة وسيتمرون في توسيعه، للحؤول دون مواصلة إبحارها وهي رافعة راية الإسلام الحنيف والنبيل. الله عز وجَل سيسأل رجال ديننا لماذا عزفوا عن مواجهة التشويه المتعمد للإسلام فماذا سيكون جوابهم؟ اللهم إني قد بلغت وكتبت وأعلنت، اللهم فأشهد.