25-11-2024 02:24 PM بتوقيت القدس المحتلة

العملة المصرية في بلاد الشام: من هنا أتت كلمة «مصاري»

العملة المصرية في بلاد الشام: من هنا أتت كلمة «مصاري»

ومن هنا تأتي كلــمة «مصــاري» المشتــقة من العملة الورقيــة المصــرية التي فرضها الانكليز لبسط هيمنتهم الاقتــصادية، ومحاولة سحب مدخرات السكان المحــليين من القطع الذهبية.

من أين تأتي كلمة «مصاري»؟
هذه الكلمة غير موجــودة في «لسان العرب»، ما يشي بأنها كلمـة دخــيلة على اللغة العربية.كذلك فإنّ استعمال هذه الكلمة لا يعم العالم العربي بل ينحصر في بلاد الشام لا سيما سوريا ولبنان. ولتفسير أصل هذه الكلمة ينبغي بنا العودة إلى مطلع القرن العشرين، زمن الحرب العالمية الأولى والفوضى المالية التي شهدتها المنطقة عقب هزيمة السلطنة العثمانية وانسحابها من المنطقة العربية.

وسام اللحام/جريدة السفير

http://assafir.com/ViewAuthor.aspx?AuthorID=4919&ArticleID=406698ونتيجة للأعباء المالية الكبيرة المترتبة جراء دخول الدولة العثمانية الحرب سنة 1915، اضطرت هذه الأخيرة إلى اصدار النقد الورقي، وحاولت فرضه على السكان الذين اعتادوا تداول القطع الذهبية والفضية.

ولجأ جمال باشا إلى إصدار إنذار هدد فيه بنفي عشرة أشخاص من التجار يختارون بالقرعة بشكل دوري إلى الأناضول والرومللي في حال استمر الرفض للنقد الورقي.

تدهورت قيمة الأوراق المالية العثمانية بشكل كبير،وهبطت من مئة قرش ذهبي إلى تسعة قروش ذهبية سنة 1918.

وعندما دخلت القوات البريطانية بقيادة الجنرال اللنبي، قادمة من مصر، إلى بلاد الشام، أصدر الأخير قراراً سمح بموحبه بتداول القطع الذهبية لجميع الدول، لكنه حصر استخدام النقد الورقي بالعملة المصرية الورقية الصادرة عن «البنك الأهلي المصري» والتي كانت بحوزة الجنود الانكليز.

وأثار هذا القرار استياءً كبيراً لدى الفرنسيين، الذين وجدوا فيه ضرباً لنفوذهم. وهكذا انتشر تداول الجنيه المصري بين السكان المحليين، لكنه لم يشمل المنطقة الداخلية لسوريا، بل اقتصر على السواحل حيث تتواجد القوات الأجنبية.

ومن هنا تأتي كلــمة «مصــاري» المشتــقة من العملة الورقيــة المصــرية التي فرضها الانكليز لبسط هيمنتهم الاقتــصادية، ومحاولة سحب مدخرات السكان المحــليين من القطع الذهبية.

لذلك، وبعد إعلان الانتداب الفرنسي، سارع المفوض السامي الجنرال غورو إلى اصدار قرار منع بموجبه تداول الجنيه المصري. ومن ثم تم تأسيس المصرف السوري، وهو مؤسسة تجارية فرنسية منحتها سلطات الانتداب امتياز اصدار النقد الورقي، على أن تكون تغطيته بالفرنك الفرنسي، ما سمح للفرنسيين مع الوقت بسحب كميات كبيرة من النقود الذهبية المدخرة في بيوت السكان وإرسالها إلى فرنسا.

وتعتبر العملة المصرية التي أصدرها «البنك الأهلي المصري» في الحرب العالمية الأولى هدفاً لجميع هواة العملات، ليس لندرتها وجمال تصميمها فحسب، بل أيضاً لارتباطها الوثيق بتاريخ العملة اللبنانية. ولولاها لما كنا نستخدم كلمة «مصاري» التي تشغل بال وعقول الكثيرين.