22-11-2024 11:43 PM بتوقيت القدس المحتلة

الرئاسة اللبنانية.. بين الحوارات والرهانات

الرئاسة اللبنانية.. بين الحوارات والرهانات

بغضّ النظر عن تطورات الاقليم وما ستؤول اليه، لماذا لا يكون الاتفاق الداخلي لانهاء الموضوع الرئاسي. من ينتظر تطورات الاقليم فمن يضمن له انها ستكون لصالحه؟



"لكي نوصل رئيسا قويا علينا ان نتفق بالسياسة".. كلام قاله رئيس حزب القوات سمير جعجع منذ يومين، هو كلام حمّال أوجه في التفسير فهل يعني به جعجع ان الاتفاق مع العماد ميشال عون على مبادئ سياسية -من قبيل ورقة اعلان النوايا التي يقترب التوصل اليها بحسب اجواء الطرفين- هو ما سيمهد لمسألة الاتفاق على الموضوع الرئاسي وعلى الرئيس، ام يعني بذلك الخيارات السياسية المتعلقة بالمرحلة المقبلة في الاقليم ككل بملفاته المتداخلة؟

لن يغير اي من الاطراف السياسية قناعاته الاستراتيجية التي يسير عليها ولكن لا شك ان تطورات الاقليم وما سيذهب اليه وضعها، قد تدفع ببعض الاطراف في المرحلة المقبلة الى الركون لأمر واقع، يحمل في طياته تغيرات واعادة ترتيب توجهات وقد يكون الملف اللبناني برمّته جزءا منه.

فهل الحوارات الداخلية ومن ضمنها الحوار المسيحي المسيحي بين التيار الوطني الحر والقوات ، والتي تفيد قبل كل شيء في اشاعة طمأنينة سياسية وشعبية بغض النظر عن الملفات العالقة، هي الطريق نحو حل رئاسي وتوافق سياسي، ام ان البعض لا يزال ينتظر الخارج ومسار الأمور خارج لبنان ليبني على الشيء مقتضاه في هذا الملف مستبعدا  من اجندته حاليا الاتفاق في الموضوع الرئاسي بعملية داخلية؟.

يرى الكاتب السياسي اللبناني الاستاذ سركيس ابو زيد في حديث مع موقع قناة المنار "ان الحوار المسيحي- المسيحي له شق على صعيد تهدئة سياسية وتنفيس اجواء محتقنة داخليا وتاريخيا، اما الاتفاق فمتعلق بالخيارات حول المستقبل".


في هذا الاطار يلفت ابو زيد ان هناك 3 ملفات اساسية على الصعيد الاقليمي ولها انعكاساتها:
-اولاً موضوع الحوار الايراني الغربي: ملف اساسي سيعيد النظر بترتيب العلاقة بين الغرب وايران وهو سيشكل اذا تم اعترافا بدور ايراني اقليمي متنام وفاعل، وباقي القوى عليها ان تتكيف وتتأقلم مع هذه الحالة الجديدة، فانتهاء الملف سيعني اعترافا بقوة ايران وسيعيد ترتيب العلاقات في المنطقة.

-الملف الثاني الذي له تاثير هو ما يسمى التسوية في الموضوع الفلسطيني الاسرائيلي: هو موضوع عالق، وهذا الموضوع في حال تصفية المسالة الفلسطينية او ايجاد حلول سلمية لها او تصعيد اسرائيلي "لخربطة" الوضع سيكون له انعكاس على الملفات الاخرى.

-الملف الثالث هو ما يسمى بالارهاب التكفيري : حتى الان لا تزال  بعض الدول العربية تستغله لتحقيق اهدافها وبعض الدوائر الغربية  لا سيما الاميركية تستفيد من هذا الوضع لبعض الاهداف، فهي اججت الصراعات ونشرت الفتنة في العالم العربي واضعفت العرب واظهرت الاسلام بشكل يؤلب الرأي العام الغربي عليه.

إذاً "الارهاب التكفيري لا يزال ورقة بيد الولايات المتحدة تستعمله لترتيب شؤون العلاقات ورسم حدودها حتى ما يسمى التحالف الغربي لمواجهة داعش هو لاعادة رسم حدود داعش في المنطقة اكثر من القضاء عليه" يقول ابو زيد.. ويشير هنا الى بعض الامثلة المتعلقة بالتعاطي مع داعش من تمرير سلاح وخدمات بدهاء وخبث الى داعش واحيانا توجيه ضربات للقوى التي تحارب داعش كما حصل امس عندما استهدف القصف الجيش العراقي الذي يتقدم في مناطق يسيطر عليها داعش، وكما رأينا منذ اسبوع هناك سلاح تم تمريره -بالخطأ بين هلالين- الى داعش.

يعتبر ابو زيد ان "كل هذه الملفات متداخلة سيكون لها اثر في رسم شرق اوسط جديد من ضمنه سيكون لبنان كما ان كل هذه الامور مرتبطة بتطور العمل العسكري الميداني ففي سوريا خاصة معارك الجنوب و حلب لها تاثير وكذلك المناوشات التي تحصل احيانا في الجولان". 


هل يتفق المسيحيون على رئيس ام سيكون انتظار لهذه الملفات التي تحدثت عنها؟ يقول ابو زيد ان "جعجع له خيارات واولويات مختلفة كليا عن خيارات ميشال عون، واولويته لا تزال العداء لسلاح المقاومة وهو يحاول ان يغيّب الخطر التكفيري لأنه اذا اعترف به تتغير الاولويات التي يطالب بها.. الحوار حاليا نوع من التهدئة ونتائجه على الصعيد الرئاسي مرتبطة بتغيير اولويات جعجع وهذا غير موجود بالوقت الحالي".


بغضّ النظر عن تطورات الاقليم وما ستؤول اليه، لماذا لا يكون الاتفاق الداخلي لانهاء الموضوع الرئاسي. من ينتظر تطورات الاقليم فمن يضمن له انها ستكون لصالحه؟ ومن يراهن على الانتظار وكسب الوقت وكسب سياسي قد تكون رهاناته خاطئة وقد يتجه نحو الخسارة وليس المكسب، لذا فانتخاب الرئيس بعملية داخلية هو الاسرع والافضل وليس الانتظار، وانتخاب الاجدر بالرئاسة والاكثر تمثيلا للمسيحيين وصاحب الخيارات الجامعة وطنياً هو الاختيار الاسلم.