انتهت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ شهور، ولا تزال غزة بانتظار مساعي إعادة الإعمار
انتهت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ شهور، ولا تزال غزة بانتظار مساعي إعادة الإعمار.لكن في الجهة المقابلة، لا تزال تلك الحرب تثير عواصف، ليس فقط أمنية وسياسية، وإنما اقتصادية أيضاً. فإلى جانب ما ينشر حول مئات الجنود المصابين بالصدمة النفسية جراء مشاركتهم فيها، و300 جندي آخرين مصابين بإعاقات دائمة، هناك الخسائر التي يجري كشف النقاب عنها.
وأمس أعلن بنك إسرائيل أن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي المباشرة من حرب «الجرف الصامد» على قطاع عزة تقدر بـ3.5 مليار شيكل (حوالي 860 مليون دولار). ويعتبر هذا الرقم أقل قليلاً من تقدير البنك ذاته لخسائر الاقتصاد الإسرائيلي من حرب لبنان الثانية.
وجاءت هذه المعطيات في فصل نُشر أمس ضمن التقرير السنوي لبنك إسرائيل، ويحمل اسم «أثر المواجهات العسكرية على النشاط الاقتصادي». ويختلف هذا التقدير مع تقديرات سابقة نشرتها معاهد بحثية إسرائيلية قدّرت الأضرار الاقتصادية المباشرة، وغير المباشرة، للحرب بـ12 مليار شيكل. ومعروف أن الجيش الإسرائيلي طلب من وزارة المالية تحويل تسعة مليارات شيكل لتعويض ذخائر ومعدات بسبب الحرب.
وحسب التقرير فإن الصادرات والإنتاج الصناعي حافظ على استقرار نسبي خلال أيام الحرب على غزة، لكن الضرر وقع أساساً في جانب الطلب وليس العرض. فتقلصّ الطلب أضرَّ في تصدير خدمات سياحية وفي الاستهلاك الفردي الجاري. وأشار التقرير إلى أن خسائر القطاع السياحي من الحرب بلغت ملياري شيكل، موضحاً أهمية هذا القطاع في الاقتصاد الإسرائيلي بسبب الوظائف التي يوفرها، فهذا القطاع يوظف الكثير من العمالة متدنية الأجر والتي غالباً ما لا تملك بدائل تشغيلية.
ويشدد التقرير مع ذلك على أنه كان لهذا انعكاس إيجابي يتمثل في أنه رغم القتال المتواصل، والتوقف المؤقت لإعمال قسم من شركات الطيران الأجنبية في مطار اللد، فإن السياحة لم تتضرر بشدة أكبر مما حدث في حرب لبنان الثانية. ويشير التقرير بشكل مباشر إلى الأبعاد المركزية للتأثيرات الاقتصادية المباشرة لعملية «الجرف الصامد» عبر مقارنتها بمواجهات عسكرية سابقة، سواء في غزة العام 2012 أو 2008 أو حرب لبنان الثانية العام 2006.
وحسب معدّي التقرير فإن حرب لبنان الثانية هي الأساس الأنسب للمقارنة مع الحرب الأخيرة على غزة، رغم أنها خلافاً للعمليات الأخرى جرت في الجبهة الشمالية وليس مع القطاع. وسبب ذلك يعود إلى استمرار حرب لبنان الثانية 34 يوماً، وإلى واقع أنها جرت أيضا في تموز وآب. والعمليات الأخرى على غزة، سواء «الرصاص المسكوب» أو «عمود السحاب»، لم تستمر أياماً طويلة، وكان أثرها على الاقتصاد الإسرائيلي محدوداً.
ويستخلص تقرير البنك المركزي الإسرائيلي أن أثر المواجهات المسلحة على الإنتاج الصناعي ليس كبيراً، رغم وجود فوارق بين القطاعات التكنولوجية والتقليدية. وهكذا لم يظهر أثر واضح على الصادرات التكنولوجية، في حين كان الأثر واضحاً على صناعات النفط والكيميائيات في حرب لبنان الثانية بسبب تمركز هذه الصناعات في خليج حيفا. وقد تأثرت الصناعات التقليدية في الحرب الأخيرة على غزة بشكل معتدل خلافاً لأثر حرب لبنان الثانية عليها. ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حقيقة أن الصناعات التقليدية المتمركزة في الشمال تبلغ ضعف حجم المتمركزة في الجنوب. فقط الصناعات الغذائية المتمركزة في الجنوب تضررت أكثر في الحرب على غزة.
ويشرح التقرير واقع أن الاستهلاك الفردي في إسرائيل لم يتضرر كثيرا في حرب لبنان، خلافاً لما جرى في الحرب على غزة حيث تقلص هذا الاستهلاك. وأشار إلى أن سبب ذلك يعود إلى مدة الحرب الأطول مع غزة، وحقيقة أن صواريخ «حماس» وصلت إلى مراكز التجمعات الاستيطانية الكبرى. وهكذا قلّص الإسرائيليون بشكل حاد استهلاكهم الخدماتي وكذلك استهلاك الوقود. واستقلت أعداد أقلّ المواصلات العامة، وذهب أناس أقلّ إلى المطاعم والفنادق في شهري الحرب. ويقدر التقرير تراجع الاتفاق الفردي بحوالي 1.5 مليار شيكل.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير بنك إسرائيل لا يشير إلى الإنفاق العام خلال الحرب، والذي زاد بنسبة كبيرة، سواء بسبب تزايد نفقات الحرب أو نقل المستوطنين وحمايتهم عبر تشغيل الملاجئ وخدمات الطوارئ. ومعروف أن سلطة الضرائب قدمت تعويضات بحوالي 1.5 مليار شيكل للمتضررين في الحرب، بعد أن رفعت 18 ألف دعوى تعويض.
وفور انتهاء الحرب دفعت وزارة المالية للجيش 3.6 مليار شيكل تعويضاً عن خسائر في المعدات وتكاليف خوض الحرب. لكن الجيش طالب بما لا يقل عن تسعة مليارات شيكل لسد النقص في مخزوناته من المعدات والذخائر.
http://assafir.com/Article/20/408056
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه