قبل يومين من الإنقلاب الأميركي الذي صَعَق حلفاء أميركا، من خلال موقف جون كيري ودعوته للحوار مع الرئيس الأسد للبحث في حلٍّ سياسي للأزمة السورية، كانت إطلالة لمرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي عرَّف خلالها م
أمين أبوراشد
قبل يومين من الإنقلاب الأميركي الذي صَعَق حلفاء أميركا، من خلال موقف جون كيري ودعوته للحوار مع الرئيس الأسد للبحث في حلٍّ سياسي للأزمة السورية، كانت إطلالة لمرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي عرَّف خلالها مجدداً بأميركا وأتباعها، وتطرَّق الى السياسة الخارجية الأميركية وزيفها وأكاذيبها وتقلُّباتها وقال: "إن جبهة الاستكبار استخدمت سلاح الحظر ضد شعب إيران إلى أقصى حدّ ممكن" وأضاف ان "هدفهم الأساسي من هذه الممارسات هو إذلال الشعب الإيراني وإيقاف حركته العظيمة"، مشددا على أن "شعب إيران سيقف في المستقبل غير البعيد على قمة الشرف و الفخر".
وقال الإمام الخامنئي في حديثه يوم الخميس الماضي: "أعتقد أننا حتى لو وافقنا في الملف النووي على مطالبهم التي يُملونها، فإن الحظر لن يرفع لأنهم يعارضون أصل الثورة"، وأكد أن الشعب هو المالك الأصلي للثورة والبلاد، داعيا للاستفادة من الإمكانيات العالية جدا للشباب وخصوصا الشباب التعبوي في قضايا البلاد والتقدم نحو أهداف الثورة، وشدَّد على أن الشعب الايراني قادرٌ على فرض حظر على الاميركيين والغرب الذين يهددون بشكل تعسفي بفرض عقوبات جديدة، ولفت الى أن للشعب الإيراني إرادة قوية جدا وأن الجمهورية الاسلامية أثبتت عزيمتها الراسخة في أية قضية تخوضها، وأن المواجهة الجادة لإيران مع داعش هي نموذجٌ لهذه الإرادة القوية، وأن أكاذيب أميركا وحلفائها وتزييفهم بشأن مواجهة هذه الجماعة الإرهابية باتت مكشوفة، وأضاف أن الأميركيين راسلوا وزارة الخارجية الإيرانية وأفادوا أنهم لا يدعمون داعش ولكن بعد بضعة أيام نُشرت صُور المساعدات الأمريكية تنهمر على داعش!
العداء الأميركي الحاقد على إيران ليس جديداً ولا يرتبط بالملف النووي، وهو يعود الى العام 79 يوم قال الشعب الإيراني "لاء" كبيرة لأميركا ولإستكبارها وظلمها، و"لاء" أكبر للكيان العنصري الصهيوني، وأميركا ما اعتادت على اللاءات من العروش الإقليمية العائلية الخانعة المدجَّنة، ولا اعتادت على شعبٍ عقائديٍّ مؤمنٍ بالقيم الدينية السماوية، وبحضارته الفارسية الضاربة جذورها في التاريخ، وبقوميته التي تجمع كافة شرائحه من أيِّ دينٍ أو مذهبٍ كانت، ولا بجيشٍ عملاق أو حرسٍ ثوري يحمي الإنجازات بالأهداب، بل اعتادت على نواطير عروش دكتاتورية وشعوبٍ خاملة وجيوشٍ من المرتزقة وحرسٍ وطني لحماية العائلات الحاكمة.
كل الحركات التحررية الإقليمية التي تحصل في الإقليم متَّهمة بها إيران، بدءاً من القضية الفلسطينية التي طمرها العرب في رمال خذلانهم، وصولاً الى شرف دعم المقاومة الإسلامية اللبنانية في انتصاراتها العظيمة على أعتى كيانٍ عنصري في الشرق، وانتهاء بكل ما يحصل منذ حلول لعنة "الربيع العربي" ومشاريع "الإسرائيليات المذهبية" التي ترسمها أميركا.
إنتفاضة الغالبية الشعبية في البحرين للمطالبة بأبسط حقوقها "جريمة" تدعمها إيران، لكن تجنيس الغرباء وقمع المواطنين الأصليين وسحب الجنسية والأسر والإعدام فهي إجراءات محمودة.
الحوثيون المقهورون في اليمن شُنَّت عليهم ستُّ حروبٍ خلال حُكم النظام السابق لأنهم طالبوا بالعدالة الإجتماعية، واتُّهِمت إيران بأنها خلف ثورتهم، أما ألاعيب الأنظمة المجاورة لليمن وإفقار وتجويع وإذلال الشعب اليمني فهي من الفضائل.
المُلفت مؤخراً، أنه بعد دخول الجنرال قاسم السليماني على رأس مجموعة من الإستشاريين والخبراء العسكريين لتقديم المشورة للجيش العراقي، تطبيقاً لمعاهدة وقِّعت بين إيران والعراق عام 2005 لمكافحة الإرهاب، فإن الإنتصار الذي يتحقَّق في تكريت على داعش التي لا تُحاربها أميركا بل تُحارب بها لتمزيق الشرق الأوسط، أزعج أميركا وحرَّضت بعض الزعامات العراقية على اللغة المذهبية، ووصلت الأمور بالبعض الى حدود تفضيل بقاء داعش في المحافظات السنّية على أن ينتصر الجيش العراقي ومعه قوات الحشد الشعبي التي تضمّ كافة مذاهب الشعب، كي لا يُسجَّل لإيران بشخص الجنرال السليماني أنها انتصرت على جماعةٍ شيطانية إرهابية تدَّعي أنها نصيرٌ للسنَّة، وغَدَا هدم بضعة منازل كانت تحتلها داعش وفخَّختها قبل هروبها وكأنه استهدافٌ للسنّة بهدف تهجيرهم!
بصرف النظر عن بدايات تأسيس عصابات داعش منذ العام 2003، إنطلاقاً من محافظة الأنبار تحت ذريعة تظلُّم من طالهم اجتثاث البعث، وكي لا تتمادى أميركا في تضليل الرأي العام العربي والدولي، فإن قراءة كتاب "بول برايمر" تحت عنوان "عامي في العراق" يكشِف حقيقة أميركا بقلم الحاكم الأميركي يومذاك في العراق، وبدايات تحريض السنَّة على الشيعة، ومن هناك كانت البداية لتمزيق الكيانات العربية على أسُسٍ مذهبية، وتبقى إيران العدو الأكبر والدائم لأميركا لأن "اللاء" الإيرانية تُتَرجم قولاً وفعلاً على امتداد الإقليم، وتبقى إيران قنبلة سياسية نووية بإسم الحقّ في مواجهة أميركا وعملائها سواء تم التوافق على الملف النووي أم لم يتمّ...