شهدت الايام الاخيرة اهتماماً غربياً لافتاً باحتمال نجاح السعودية في تعويم «جبهة النصرة» وسحبها من تنظيم القاعدة، ورصد المحاولات المتكررة لفصلها عن «التنظيمات الارهابية»
هيام القصيفي
شهدت الايام الاخيرة اهتماماً غربياً لافتاً باحتمال نجاح السعودية في تعويم «جبهة النصرة» وسحبها من تنظيم القاعدة، ورصد المحاولات المتكررة لفصلها عن «التنظيمات الارهابية».
فيما تتجه الانظار الى ما ستؤول اليه المفاوضات النووية الاميركية ــــ الايرانية واحتمال تأثرها، في ربع الساعة الاخير، بنتائج الانتخابات الاسرائيلية وارتفاع حدّة المعارضة الاميركية الداخلية ضدها، برز الى الواجهة رصد غربي في دوائر معنية بالمنطقة لمصير «جبهة النصرة» ومستقبلها، في مواجهة تمدد النفوذ الايراني.
وبحسب معلومات مطلعين، تزايد الاهتمام الغربي اخيراً بوضع «جبهة النصرة»، وخصوصا في ضوء التطورات الأخيرة لجهة مقتل اربعة من قادتها في غارة جوية في ادلب، ومن ثم المعلومات التي تحدثت عن احتمال انشقاقها عن «القاعدة»، والتركيز على امير الجبهة «ابو محمد الجولاني» ورفضه هذا الانشقاق. ومردّ الانشغال بـ «النصرة» يكمن، بحسب المعلومات، في احتمال ربط تعويم الجبهة عبر فك ارتباطها بـ «القاعدة»، بتوجه سعودي ــــ تركي ــــ قطري وخليجي، يستهدف تجميع السعودية مجدداً اوراقاً فاعلة في يدها، على الارض السورية.
وتتحدث معلومات الدوائر الغربية المعنية عن متابعة جدية لهذا الاحتمال، في ضوء توجه السعودية الى احياء دورها في سوريا، بعدما عزّزت ايران نفوذها وأوراقها في هذا البلد، ونجحت في تطويق المحاولات العسكرية التي جرت في جنوب سوريا لاحكام السيطرة على هذه المنطقة. ففي مقابل امتلاك طهران لنفوذ مترامٍ من اليمن الى العراق وسوريا وصولاً الى لبنان، وقعت الجبهة السورية في الاونة الاخيرة تحت ضغط عسكري من ايران وحزب الله والجيش السوري، في شكل يعيد تثبيت مواقع الاطراف الثلاثة على حساب قوى المعارضة السورية.
تغطية السعودية لـ «النصرة» قد تنتج منه ايجابية في ملف العسكريين
وخشية تفاقم الاوضاع، بين صعود تنظيم «داعش» والحملة الغربية ضده، والمخرج الذي تفتش عنه بعض الدول لابقاء الرئيس بشار الاسد ضمن تسوية سياسية لمستقبل سوريا، يمكن ان يكون للسعودية دور فاعل، وان تنفذ من بوابة «النصرة» الى سوريا. وبحسب تقويم هذه الدوائر، فان الرياض التي لا يمكن ان تعيد استقطاب «النصرة» بحلتها الحالية، تفترض لاعادة تعويمها اعلان انشقاقها عن «القاعدة»، كتدبير ضروري، ومن ثم اعلان عدائها لتنظيم «داعش» وللنظام السوري معاً. هذا التوجه يعيد الى الاذهان الدور الذي أدته السعودية ودول الخليج في المرحلة الاولى من الثورة السورية حين دعمت «الجيش السوري الحر» و»الجبهة الاسلامية»، الا ان تطور الحرب السورية على مدى السنوات الماضية، وصعود «داعش»، اديا الى تآكل الطرفين الاخيرين وتراجع وضعهما العسكري.
تمثل «النصرة»، بجاهزيتها العسكرية، قاعدة صالحة لاعادة النفوذ السعودي والقطري والتركي الى ارض سوريا، وخصوصا اذا ما التزمت الشروط الآنفة الذكر، الامر الذي يمكن معه تسويقها لدى قوى التحالف الغربي، وخصوصا لجهة محاربتها «داعش». علما ان اصواتاً سورية معارضة، بينها رئيس «الائتلاف السوري» السابق معاذ الخطيب، سبق ان رفض تصنيف الولايات المتحدة عام 2012 ومن ثم مجلس الامن عام 2013، «جبهة النصرة» تنظيماً ارهابياً. وهذا الامر عاد بقوة اليوم الى اوساط المعارضين السوريين. واذا تمكنت السعودية من فك ارتباط «النصرة» بـ «القاعدة»، فان ذلك يفترض اعادة هيكلتها وتمويلها ومدّها بتجهيزات واسلحة حديثة في معركتها المحتملة مع التنظيم والنظام السوري معا.
اعادة امساك السعودية بورقة «النصرة»، اذا تمكنت من سحبها من «القاعدة» من ضمن الاستراتيجية الجديدة التي رسمتها القيادة السعودية الجديدة بعد وفاة الملك عبد الله، تمثل حاليا محور اهتمام غربي في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة، في مواجهة تمدد النفوذ الايراني، لكن إذا نجحت السعودية بمساعيها، وتمكنت مع قطر وتركيا من تعويم «النصرة»، فأي تاثيرات ستكون على لبنان؟
اولاً، ان احتمال اعادة النصرة الى «الحضن العربي» في مواجهة تنظيم «داعش» والنظام السوري، يعني انها ستتمتع وفق ذلك بغطاء عربي ــــ اقليمي يجعل منها قوة عسكرية في مواجهة حزب الله وايران. وهذا يمكن ان يؤدي الى حصولها على تغطية «من الشارع السني» في لبنان وإلى تغير النظرة اليها، ولا سيما في رفضها اساليب «داعش». والاهم ان تزويدها سلاحا حديثا وتجهيزها وتمويلها، سيكون له ارتداد مباشر على معركة القلمون المحتملة. ما يعني ان هذه المعركة لن تكون سهلة على الجيش السوري وحزب والله وايران، لان الاطراف الثلاثة لن تكون في مواجهة عدو كـ «الجيش السوري الحر»، بما كان يفتقده من اسلحة وتجهيزات. وهذا الامر سيفتح الباب امام احتمالات امنية وعسكرية ومخاطر غير محسوبة.
ثانياً، ان عاملا محليا بحتا سيدخل على الخط، وهو ان تغطية السعودية لـ «النصرة» بمفهومها الجديد، قد ينتج منه امر ايجابي يتعلق بمصير العسكريين المخطوفين لديها، لأن مصير هؤلاء سيكون مرتبطا بالسعودية وتركيا وقطر، ولن يكونوا كما هو حال رفاقهم المحتجزين ورقة في يد تنظيم «داعش»، الامر الذي قد يسهل عملية الافراج عنهم واقفال ملف المحتجزين لدى الجبهة.
http://www.al-akhbar.com/node/228736
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه