23-11-2024 10:23 AM بتوقيت القدس المحتلة

بحث إسرائيلي: نصر الله يتغلب على تل أبيب بالضربة القاضية في الحرب النفسية

بحث إسرائيلي: نصر الله يتغلب على تل أبيب بالضربة القاضية في الحرب النفسية

"في نظرة للوراء، بعد مرور 5 سنوات على حرب لبنان الثانية، يُمكن القول الفصل إن زعيم حزب الله اللبناني، الشيخ حسن نصر الله، لقن الإسرائيليين وما زال دروسا في الحرب النفسية"

زهير أندراوس - القدس العربي

في نظرة للوراء، بعد مرور 5 سنوات على حرب لبنان الثانية، يُمكن القول الفصل إن زعيم حزب الله اللبناني، الشيخ حسن نصر الله، لقن الإسرائيليين وما زال دروسا في الحرب النفسية، وهذا الأمر ساهم إلى حد كبير في انتصار المقاومة على الدولة العبرية في الحرب، التي أدت في ما أدت، بحسب الخبراء، إلى فقدان تل أبيب قوة الردع، هذا ما توصل إليه العالم النفساني الإسرائيلي، د. تسفي غيل، المختص في الحرب الإعلامية على الجبهة النفسانية، في بحث جديد نشره على موقعه الالكتروني، لافتا إلى أنه خدم في السابق، ضمن الوحدة النفسية في الجيش الإسرائيلي، ولكنه بالمقابل أشار إلى أن هذه الوحدة فشلت فشلا ذريعا في حرب لبنان الثانية. وقال غيل: لقد واكبت حرب لبنان الثانية على أرض المعركة ومن الناحية الإعلامية، وتوصلت إلى نتيجة لا لبس فيها هي أن الحرب النفسية الإسرائيلية فشلت أكثر من الجنود الذين كانوا يحاربون.

ولفت إلى أن الإعلام الإسرائيلي والغربي على حدٍ سواء، كبروا من قدر انتصار حزب الله، ولكن الأخطر من ذلك، أن الإعلام نفسه حول حسن نصر الله إلى قائدٍ من الدرجة الأولى.

وبرأيه فإن قيام إسرائيل بتصفية الشيخ عباس موسوي، كان بمثابة كيد مرتد على الدولة العبرية، ذلك أنه في حركات التحرر الوطني أو في التنظيمات الإرهابية، فإن الوريث للزعيم الذي تمت تصفيته، يكون أكثر تطرفا وأكثر تزمتا، وفي الحركات الدينية المتشددة، فإن الوريث يتحول إلى ما يُشبه القديس، وحسن نصر الله هو أكبر نموذج لذلك، فهو عدو لا يُمكن قهره بسهولة، وتابع الباحث قائلا إن نصر الله يُدير الحرب النفسية ضد إسرائيل ببراعة، فعلاوة على كونه يتمتع بجميع مزايا القائد، فإنه أيضا فنان في مجال الحرب النفسية، وفي خطاباته بالتلفزيون يُقنع المشاهدين، وبالتحديد في إسرائيل، كما أنه يُقلل الخطابات لكي ينتظر العالم ماذا سيقول، وهذا الأمر هو أيضا سر نجاحه الثاني. ويُشير الخبير الإسرائيلي إلى أن نصر الله لا يصرخ خلال الخطابات، إنما يُجري حديثا أخويا، كما أنه ليس مندفعا، وبالتالي فإنه قائد حكيم للغاية، يُجبر المشاهدين على الاستماع لأقواله بشغف.

وأوضح الباحث، الذي واكب نصر الله من خلال التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى، أن الرجل خلال حرب لبنان الثانية دأب على تقليل عدد المرات التي ظهر فيها على الشاشة، ربما لخوفه من تحديد مكانه واغتياله، وخلال خطاباته هدد، ولكن في أمر واحد حقق نجاحا باهرا: لقد أفقد العمق الإسرائيلي الثقة بنفسه، ليس في الممتلكات أو الأرواح، إنما في إحباط معنوياته، ذلك أنه ملم جدا في العقلية الإسرائيلية، وبالتالي فإنه استغل هذا العامل حتى النهاية، مشددا على أن الطعنة أو الندب التي سببها نصر الله للجمهور الإسرائيلي من الصعب التخلص منها. ولفت الباحث إلى أن الخبير الإسرائيلي في الشؤون الإستراتيجية، أمير تسانداكوفيتش، اختار نصر الله ليكون رجل العام في الـ2006، مبررا ذلك بأن زعيم حزب الله كان المسؤول الأول والمباشر على قيادة الحرب التي غيرت نظرة الإسرائيليين إلى أنفسهم، وأنه هو الذي وضع للإسرائيليين المرآة الحقيقية لرؤية أنفسهم بالحجم الطبيعي، ورأى أن نصر الله تصرف على نفس النحو الذي تصرف فيه الرئيس المصري السابق، أنور السادات، في حرب أكتوبر 1973، فالسادات ونصر الله تغلبا على إسرائيل في الحرب النفسية، على حد تعبيره.

علاوة على ذلك، جاء في البحث أن نصر الله ينتمي إلى أولئك الزعماء الذين يتحولون إلى نجوم تلفزيونية، هكذا في العالم، وهكذا أيضا في إسرائيل، ذلك أن كل خطاب مرتقب لنصر الله في التلفزيون يتحول إلى خبر رئيسي ويثير ويُحرك الشعور بالانتظار، وهذا الأمر نابع من سببين، بحسب الباحث، الأول أن نصر الله يُقلل جدا من ظهوره على التلفزيون، ويُقلل أيضا من المقابلات التي يُدلي بها باحاديث، وإذا قرر فعل ذلك فإنه يختار التلفزيون، لأنه الوسيلة الأنجع له لتمرير رسائله، كما أنه ليس اندفاعيا، حتى عندما يُعبر عن مواقفه المتطرفة، إنه هادئ جدا ومرتاح للغاية وبالتالي فإنه يُرسل للمتابعين رسالة قوية تؤكد أنه واثق من نفسه، الأمر الذي يزيد من مصداقيته.

ولاحظ الباحث أنه في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد أن وضعت حرب لبنان أوزارها شن هجوما على وسائل الإعلام العربية، ولكن بالمقابل في خطوة تدل على مدى حكمة الرجل، فقد قال إن إسرائيل عدو، ولكن في نفس المؤتمر كال المديح للإعلام العبري الإسرائيلي، وقال إنه عادل ونزيه أكثر بكثير من الإعلام العربي، وهذا الأمر برأي الباحث هو تلاعب ذكي للغاية، والهدف من ذلك إثارة الشارع العربي على وسائل الإعلام العربية التابعة للأنظمة، على حد تعبير الباحث.

ويشير الباحث إلى خصلة أخرى مميزة وايجابية لدى نصر الله، ذلك أنه يُمثل الجمهور الذي يؤيده بشكل ممتاز ليس فقط على الصعيد الداخلي، إنما، وهذا الأهم، خارج حدود الوطن العربي.

كما أوضح الباحث، أن نصر الله اكتشف سريعا أن الداخل الإسرائيلي هو الحلقة الضعيفة جدا لدى أركان الدولة العبرية، وبالتالي استغل هذا الأمر إلى أبعد الحدود، فأصاب العمق الإسرائيلي من الناحية المعنوية وأيضا سبب الأضرار للممتلكات وأيضا في الأرواح، وهذا أيضا أحد أسباب نجاحه في الحرب النفسية ضد إسرائيل. وبرأي الباحث فإنه لو كان نصر الله هو الرئيس الإيراني وليس أحمدي نجاد لكان امتنع عن إطلاق التهديدات بمحو إسرائيل عن الخريطة، كما يفعل الرئيس الإيراني الحالي، وبواسطة هذا الأسلوب كان سيُخفف من الضغوطات والعقوبات المفروضة على إيران، إذْ أن إسرائيل وأمريكا والغرب يُشددون في خطابهم على أن الرئيس الإيراني والشعب الإيراني يريدون القضاء على دولة عضو في الأمم المتحدة، كما قال تسفي غيل في خلاصة البحث إنه ليس على ثقة بأنه لو كان نصر الله هو الزعيم الفلسطيني، لكان من غير الممكن التحدث معه، إذْ أن الحديث يدور عن رجل متطرف، ولكنه في الوقت نفسه حكيم وعملي، على كل الأحوال، خلص الباحث إلى القول في الحرب النفسية الماهرة والذكية التي يقودها حسن نصر الله لا يوجد له منازع في الحلبة، وبالتالي علينا أنْ نتعلم منه، على حد تعبيره.