وأشار الخزرجي الباحث في دائرة المعارف الحسينية الى شواهد من القرآن الكريم والسنة النبوية وعمل الراسخين في العلم، التي تقر جميعها بضرورة الإيمان بالتنوع والتعددية كقاعدة تبنى عليها الحريات المدنية من أجل تأسيس نظام سياسي
استضافت جمعية أم البنين الثقافية في العاصمة البريطانية لندن الباحث العراقي الدكتور نضير الخزرجي للحديث عن التعددية وعلاقتها بالحريات المدنية لتأسيس نظام سياسي مستقر.
وتطرق الخزرجي الاستاذ في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية، في الندوة التي عقدت مساء السبت 21/3/2015م الى مفاهيم ومفردات على علاقة مباشرة بالتعددية من قبيل الاختلاف والتنوع والضدية والحرية والسياسة وتعدد الأحزاب، مؤكداً أن التعدد والتنوع أمر فطري لا يمكن الغاؤه أو التغاضي عنه لأنه يتناسب كليا مع الناموس الكوني، والقبول بالتنوع والتعدد يفضي الى احترام حرية الآخر الموالف والمخالف، والقبول بالثاني كما هو ما لم يرفع السلاح، لأن الاختلاف لا يتساوق مع الضدية، فهناك خصوص وعموم من وجه، فكل ضدين هما متخالفان وليس كل متخالفين ضدان، فالبيت الواحد يختلف فيه الأبناء والآباء وكذا المجتمع والأمة، فالاختلاف المحمود لا ينتهي الى الضدية، لأن الضد النوعي يحمل في ثناياه استئصال الآخر فكراً أو جسداً أو وجوداً، في حين أن الاختلاف فيه مفاعيل التنافس والوصول الى سنام الشيء وأحسنه، ولكن إذا تحول الى اختلاف مذموم ومحاولة إلغاء الآخر واستئصاله دخل في دائرة الضدية المرفوضة عرفاً وشرعاً وناموساً، معتبراً ان مفهوم التفاضل أصل من أصول الإختلاف، بل هو من نتائجه الإيجابية.
وأشار الخزرجي الباحث في دائرة المعارف الحسينية الى شواهد من القرآن الكريم والسنة النبوية وعمل الراسخين في العلم، التي تقر جميعها بضرورة الإيمان بالتنوع والتعددية كقاعدة تبنى عليها الحريات المدنية من أجل تأسيس نظام سياسي مستقر، مستشهداً بوثيقة المدينة المنورة التي تم توقيعها من قبل قادة الأديان الأخرى بوجود نبي الإسلام محمد بن عبد الله(ص)، معتبراً أن أسلمة المجتمع بالقوة والإكراه ليس من ديدن الرسالة الإسلامية، فلو كان الأمر كذلك لفعل ذلك الرسول الأكرم(ص) بنفسه، وهو في أوج قوته وعنفوان حكومة المدينة الإسلامية، ولكن البعض ممن حكم تحت لافتة الاسلام أعمل السيف في رقاب المسلمين وغير المسلمين لقهرهم على الإيمان بما يؤمنون به خلاف آيات القرآن الكريم وسنة الحياة التي تقر بحرية الآخر ديناً ومذهباً وعقيدة، وهذا ما ابتليت به الحركات الدينية على مر التاريخ التي غالت في فهم الدين فجعلها تسفك الدماء تحت مدعى الولاء.
وخلص الباحث الى أن الإيمان بالتعددية وبحرية الآخر كمدخل الى تحقيق نظام سياسي مستقر، يؤدي بالنتيجة الى قبول وجود التكتلات والأحزاب السياسية مادامت تسعى الى تقديم الأفضل للمجتمع، لأنه مهما بلغت أخطاء الأحزاب السياسية الفاعلة، فهي أفضل بكثير من نظام سياسي أحادي وشمولي يقوم بالتفكير بدلاً عن الناس له أن يسلب حرياتهم في أي وقت، وهذا ما لا يستطيع فعله النظام السياسي التعددي القائم على المراقبة الذاتية والمنافسة المستمرة والتفاضل الأجود.
وفي ختام الندوة الثقافية التي حضرتها شخصيات علمية وعلمائية وطلبة دراسات جامعية وعليا من جنسيات مختلفة، أجاب الدكتور نضير الخزرجي على أسئلة الحاضرين، كما أهدى لطلاب المعرفة بعضاً من مؤلفاته، وهي: أشرعة البيان، أجنحة المعرفة، التعددية والحرية في المنظور الإسلامي، وربع قرن من الإبداع.
واستذكر الحاضرون في نهاية الأمسية الثقافية الذكرى السنوية لرحيل السيدة فاطمة الزهراء(ع) في محاضرة قيمة لسماحة الشيخ رشاد الأنصاري.