"مسؤوليّتكم كبيرة في أن تقدّموا الصّورة النقيّة عن هذا الدّين، ولا سيّما في هذه المرحلة الخطيرة والصّعبة من تاريخ أمّتنا، حيث يعمل البعض على تشويه صورة الإسلام
في إطار زياراته لمؤسَّسات جمعيَّة المبرات الخيريَّة، قام العلامة السيّد علي فضل الله بزيارة ثانويّة الإمام جعفر الصّادق(ع) في منطقة جويا ـ الجنوب، وكان في استقباله مدير الثانوية الأستاذ محمد نصرالله، وعدد من الهيئة التعليميَّة والإداريَّة وطلاب الثانويَّة.
بدأ السيّد فضل الله زيارته بجولة تفقديّة في الصّفوف، اطّلع خلالها على طريقة التَّدريس والأساليب والمناهج المستخدمة، واستمع إلى آراء الطلاب ومطالبهم.
ثم ألقى سماحته كلمة في الاحتفال التكريمي للنّاجحين من المعلمين والمعلّمات في مسابقة معهد "اِقرأ"، مثمّناً حرصهم وإصرارهم على تعلّم كل ما يحتاجونه في أمورهم الدينيَّة والشرعيَّة، مشيراً إلى أنَّ هذه المؤسَّسات لا يقتصر دورها على التَّربية والتَّعليم والتَّثقيف، بل هي حريصة على تقديم الصورة الحقيقة للإسلام، البعيدة عن أي غلوّ أو تطرّف أو تعصّب أو تكفير.
وتابع سماحته: "مسؤوليّتكم كبيرة في أن تقدّموا الصّورة النقيّة عن هذا الدّين، ولا سيّما في هذه المرحلة الخطيرة والصّعبة من تاريخ أمّتنا، حيث يعمل البعض على تشويه صورة الإسلام، وإلصاق تهم الإرهاب والقتل به، من خلال ما يرسم له من مؤامرات، وما يواجهه من تحديات داخليَّة وخارجيَّة تهدف إلى إسقاطه وإسقاط كلّ قيمه ومبادئه، وإضعاف واقعنا، وتدمير عناصر القوة التي يمتلكها، وإشغاله بالحروب المذهبيَّة والطائفيَّة والعرقيَّة، أو إيجاد هوّة وشرخ بين الدين وجيل الشباب، من خلال ما يطرح من علامات استفهام وتشكيك في الكثير من الطروحات والقضايا التي تقدّم باسم الدّين".
وأضاف: "مهمّتكم أن تثبتوا المفاهيم والقيم الصَّحيحة لهذا الدّين في عقولهم وفي نفوس طلابكم، ليستطيعوا مواجهة كلّ هذه التحديات التي تنتظرهم، وفي مقدمتها التحدّي الثقافيّ والفكريّ".
وقام سماحته بتوزيع الشّهادات على الناجحين في المسابقة، وتحدّث إلى طلاب المرحلة المتوسطة والثانوية، معرباً عن سعادته بلقائهم، "لما يمثلونه من جيل واعٍ نتوسّم فيه خيراً، ونراهن على نضجه، ونرى فيه المستقبل الواعد والمشرق لهذا البلد على مختلف المستويات، بالرغم من كل هذه الظروف الصعبة والمأساوية التي تحيط بنا وتعصف بواقع منطقتنا، من فتن وحروب وانقسامات، وفي ظلّ هذه الأجواء المشحونة بالتوتر المذهبيّ والطّائفيّ والسّياسيّ، والاعتداءات والاختراقات التي يقوم بها العدوّ الصّهيونيّ، الَّذي ما زال يحتل جزءاً من أرضنا، والأعمال الإجرامية لجهات أضاعت البوصلة عن العدو الحقيقي لهذه الأمة، ووجهت سلاحها وكل أحقادها إلى داخل هذه الأمة، من خلال التكفير والقتل باسم الدين".
وخاطب سماحته الطلاب قائلاً: "عليكم أن تكونوا الجيل الَّذي يحمل الإيمان ويتسلّح بالعلم، فالإسلام شدد على ضرورة طلب العلم، ودعا الطلاب إلى الأخذ بكل الوسائل التعليمية الحديثة ووسائل البحث والتواصل، وعليكم الاستفادة منها في تطوير قدراتكم ومعرفتكم، لتكونوا الجيل الواعي الذي يملك القدرة على التمييز بين الحق والباطل، ووعي ما يخطط له من مؤامرات داخليَّة وخارجيَّة، لإغراقه في كهوف التخلّف والتقاتل والجهل".
وتابع سماحته: "عليكم أن تكونوا الفعل، وليس رد الفعل، وأن تكونوا الصوت، وليس الصدى، وأن تكون خطواتكم وأفعالكم مدروسة، وأن تدققوا في كل معلومة تصلكم، قبل إطلاق أي مواقف أو حكم عليها".
وفي الختام، توجّه سماحته إلى الطلاب قائلاً: "عليكم أن تكونوا على قدر اسم ثانويّتكم؛ ثانوية الإمام جعفر الصادق(ع)؛ هذا الإمام الَّذي يمثّل قيمة كبيرة في الإيمان والعلم والعبادة والانفتاح والحوار على الآخر، ونحن في هذا البلد أحوج ما نكون إلى أن نقتدي بهذه القيم الّتي تجعلنا نعيش الإنسانية مع الذين نختلف معهم، كما مع الّذين نتّفق معهم، لأن يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرّقنا؛ يجمعنا وطن واحد، علينا أن نحافظ عليه ونتمسّك به، وأن ندفع عنه كلّ الأخطار الّتي تحدق به".
كما قصَّ سماحته شريط الافتتاح لمكتبة النّبي إدريس(ع)، بحضور رئيس بلدية جويا السيد حسين طاهر فضل الله، وعدد من الفاعليات الاجتماعية والثقافية والدينية، ثم كانت جولة في أقسام المكتبة.