وآل كوثراني من الأسر العلمية القديمة حيث بدأت رحلة العلم فيهم منذ الشيخ جمال الدين أحمد بن إبراهيم بن الحسين الكوثراني العاملي وهو من تلامذة الشهيد الأول
أكد عضو المجلس المركزي في حزب الله سماحة الشيخ حسن بغدادي أن الحلّ في المنطقة هو أن يتراجع بعض قادة هذه الأنظمة عن استمرارهم في مواجهة خيار الشعوب التي لم ترَ مصلحتها مع الأمريكيين والإسرائيليين، معتبراً أنّ ما يجري في العراق وسوريا واليمن اليوم من مواجهة الإرهاب التكفيري هو خيار داخلي إلتزمته شعوب المنطقة وليس إملاءاً خارجياً مفروضاً عليهم، كما يحلو للبعض أن يصوّره.
وأضاف سماحة الشيخ أنّ البعض يحاول أن يعود إلى الوراء ويسير عكس عجلة الزمن، فيعود إلى تقسيمات المنطقة في الحقبة المنصرمة من العهدين العثماني والصفوي ويسقطها على الأحداث الحالية دون الأخذ بالتغيرات والتحولات في المنطقة، فاليوم، العثماني بات غير موجود ولا أحد قادر على أن يعيده إلى دوره الذي كان عليه في السابق لا أردوغان ولا أجداده.
أما إيران اليوم فهي تفكر بطريقة مختلفة ومغايرة عما كانت عليه أيام الملوك الصفويين، فطهران اليوم تُحكم بالنهج الذي رسم ملامحه الإمام الخميني قدس سره الذي هو أحد مراجع المسلمين وسار عليه خَلفُه الإمام القائد السيد الخامنئي الذي يحمل نفس العقلية والذهنية المنفتحة. فإيران اليوم على المستوى الفكري والعقائدي والسياسي تختلف عن الماضي، إذاً لما كل هذه المهاترات الفارغة التي تضحكون بها على الناس وعلى أنفسكم؟.
واختتم الشيخ بغدادي كلمته في الندوة التي نظمتها جمعية الإمام الصادق (ع) في مقرها في بلدة (أنصار) الجنوبية حول "المدرسة الدينية في أنصار وعصر النهضة العلمية: العلامة الشيخ خليل آل كوثراني أحد روّادها" بالقول: "أمام هذه الأحداث والمؤامرات الكبرى، لولا وجود العلماء والمدارس الدينية وشجاعة بعض الأمراء وتضحية الكثير من الناس، لما تخطّينا تلك العقبات، ولما حافظنا على اللغة والهوية، ولما بقي مجتمعنا موالٍ ومحباً لأهل البيت (ع). بل أكثر من ذلك، لم يكن دور جبل عامل محصوراً بالمحافظة على وجوده، بل كان محطة تنير درب الآخرين وتنصر المظلومين وتبني أمجاداً، من سوريا إلى العراق ومكة المكرّمة وإيران وصولاً إلى (الهند)، وما يجري في المنطقة اليوم هو خيرُ شاهدٍ على ما نقول.
ومن هذه المدارس مدرسة أنصار الدينية التي أسّسها المقدّس الشيخ سلمان العسيلي من قرية (رشاف) في جبل عامل، حيث قام وفد من أهالي أنصار في سنة 1277هـ بالطلب إلى الشيخ سلمان بالحضور إليهم ليكون مرشداً لهم وبالفعل شيّد مدرسة وتوفي في أنصار سنة 1290هـ، ثم نهض بتلك المدرسة صهرُه العلامة السيد حسن إبراهيم الذي ولد في حدود سنة 1247هـ في بلدة (النميرية) حيث كان يسكن فيها وتوفي في أنصار سنة 1329هـ. ودرس السيد حسن إبراهيم في النجف على الأساطين ومنهم أستاذ الفقهاء الشيخ مرتضى الأنصاري، وكان قد صاهر الشيخ سلمان العسيلي على كريمته الوحيدة.
وبعد وفاة الشيخ سلمان دعاه أهالي أنصار ليكون مكان عمّه في إمامة البلدة والإستمرار بهذه المدرسة التي استطاع أن يُضفي عليها نكهة خاصة لما تميّزت به شخصية السيد حسن العلمية والسلوكية. إنضمَّ إلى هذه المدرسة طلبة كثيرون منهم أخوه السيد محمد، والدته كريمة الشيخ حسن القبيسي، والذي كان عالماً فاضلاً له الفضل على مدرسة أنصار والنبطية، ومن الذين نهضوا بالمشروع الأدبي واللغوي، نجلا السيد حسن إبراهيم السيد مهدي والسيد محمد، والشيخ أحمد عبد المطلب مروة، والشيخ باقر بن الشيخ الحافظ محمد حسين مروة، والشيخ طالب سليمان البياضي، والشيخ حسن إبن الشيخ محمد علي القبيسي، والشيخ سليمان ظاهر والشيخ خليل آل كوثراني الذي نلتقي بسببه هذه الليلة.
إنضمّ قسمٌ من طلاب هذه المدرسة إلى مدرسة النبطية التي أسّسها العلامة السيد حسن يوسف مكي سنة 1309هـ بعدما عاد من العراق وسكن النبطية بدعوة من أهلها. واستطاع السيد حسن مكي أن يحوّل النبطية إلى مدينة وإلى إحدى مراكز جبل عامل العلمية والإجتماعية والسياسية كما فعل الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في مدينة (صور).
طلاب هاتين المدرستين نهضوا ليواجهوا الإنحراف الفكري والثقافي والبغي المستمرّ على أهلنا من العثمانيين، ومن تداعيات نهاية حكمهم الذي أنتج الإحتلال الفرنسي، والذي بدوره أيضاً لم يُقصّر من النيل من كرامة أهلنا ومن لقمة عيشهم، مضافاً للفتن التي زرعها بينهم وبين النصارى مستفيداً من بعض العملاء المسيحيين، فكان هناك خطر على اللغة وعلى الهوية، وكان لا بُدّ من المواجهة، وقد اعتبر الشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر وغيرهما من العلماء أن العلم والتربية: هما شرطان أساسيان لأية نهضة وللمحافظة على الهوية، لهذا عملوا على نشر الأدب والشعر وتشيّيد المدارس العصرية.
كما تحدّث في الندوة سماحة القاضي الشيخ جعفر كوثراني، ومما قاله: لقد كلّفني سماحة الأخ الشيح حسن بغدادي بالحديث عن جدّنا الشيخ خليل كوثراني وعن ذريته التي كان لها دور فاعل في الحياة العلمية في جبل عامل.
فالعالم التقي الورع الشيخ خليل بن الشيخ محمد باقر بن الشيخ صالح بن منصور الكوثراني الذي هو النموذج والمحور لهذه الندوة، دخل في سلك العلم الديني وانقطع للعلم والتبليغ الديني، ويبدو أنه انتقل إلى بلدة أنصار العاملية للإلتحاق بمدرستها الدينية وأتم فيها تحصيله العلمي وذلك أواسط القرن التاسع عشر الميلادي أواخر القرن الثالث عشر هجري تقريباً، وكان أحد أعلام حوزة أنصار المرموقين، لذلك استبقاه أهل أنصار ليكون عالماً دينياً في تلك المرحلة فيقوم بتكليف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الأمور المتعلقة بالتبليغ.
الشيخ خليل حرص على استمرار العلم في ذريته فربى أبناءاَ علماء وهم الشيخ جواد والشيخ حسين والشيخ زين العابدين، بالإضافة إلى ولده الأكبر إبراهيم الذي قتل بسبب التجنيد الإجباري الذي فرضه العثمانيون.
وآل كوثراني من الأسر العلمية القديمة حيث بدأت رحلة العلم فيهم منذ الشيخ جمال الدين أحمد بن إبراهيم بن الحسين الكوثراني العاملي وهو من تلامذة الشهيد الأول كما ينقل السيد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل، واستمرت حتى يومنا هذا مع أبنائهم وأحفادهم أمثال الشيخ محمود آل كوثراني وذريته المنتشرة في جبل عامل في الغسانية والصرفند والسكسكية وتفاحتا وغيرها من البلاد.