22-11-2024 10:02 AM بتوقيت القدس المحتلة

الحرب على اليمن: الصحافة المصرية مع الريس «في أي حاجة»

الحرب على اليمن: الصحافة المصرية مع الريس «في أي حاجة»

جريدة «الوفد» اعتبرتها «حرب اليمن الثانية»، واتخذت ذلك عنواناً رئيسياً لها، لكنها لم تتجرأ على مناقشة الخسائر المصرية في الحرب الأولى، ولم تفتح حواراً جاداً عن الفارق بين الحرب الأولى التي كانت في 1962 وبين الحرب الحالية.

لم يعد هناك ما يجعل تلك الصحف مختلفة. جميعها بات متشابهاً حدّ التطابق، كأنّ شخصاً واحداً هو من يوجه، ويكتب مانشيتات صفحاتها الأولى. وما عنوان «مصر تستيقظ» ببعيد. هذا العنوان الذي جعلته 11 صحيفة مصرية مانشيتاً رئيسياً لصفحاتها الأولى صباح اليوم التالي لانتهاء المؤتمر الاقتصادي قبل أيام.

محمد الخولي/ جريدة الأخبار

الحرب على اليمن: الصحافة المصرية مع الريس «في أي حاجة»ربما لم يكن هناك قصد في اختيار هذا العنوان الواحد، فالجميع استقطع الجملة من خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في نهاية المؤتمر. ربما حدث ذلك مصادفة، لكن الأمر الذي لا يمكن أن يكون صدفة أبداً، هو تعاطي تلك الصحف مع عملية «عاصفة الحزم» التي يشنّها عدد من الدول على جمهورية اليمن، بدعوى محاربة الانقلاب، وإعادة الشرعية إلى كرسي الحكم. متابعة الصحف لتلك العملية تشبه متابعتها لباقي القضايا الكبرى.

يبدو كأنّ هناك اتفاقاً بين كل الصحف المصرية ـ باستثناء جريدة «التحرير»- على التأييد المطلق للعملية من دون حتى توجيه السؤال الأهم في القصص الخبرية: «لماذا؟».

جريدة «التحرير» تقريباً هي الوحيدة التي عنونت صفحتها الأولى صباح بدء العمليات بسؤال «معركة لتحرير اليمن أم حرب طائفية؟». وأعربت الجريدة عن مخاوف من تحوّل التدخل العسكري إلى صراع مذهبي بين السعودية وإيران. تقريباً، هذه الجريدة الوحيدة التي تجرأت على السؤال بينما باقي الصحف هلّلت للمعركة، وأيدت الرئيس على قراره بالمشاركة في حرب لا حاجة حقيقية لمصر بها.

جريدة «الوفد» اعتبرتها «حرب اليمن الثانية»، واتخذت ذلك عنواناً رئيسياً لها، لكنها لم تتجرأ على مناقشة الخسائر المصرية في الحرب الأولى، ولم تفتح حواراً جاداً عن الفارق بين الحرب الأولى التي كانت في 1962 وبين الحرب الحالية. الأولى كانت لمساندة الثورة اليمنية. أما الآن، فلمساندة السعودية في حربها على الحوثيين. الحرب الأولى كانت في سياق حركة من التحرر الوطني كانت سائدة في العالم كله، أما الآن، فلا يوجد دافع واحد يجعل مصر تشارك في هذه الحرب إلا رد الجميل لمساندة الخليج لمصر منذ «30 يونيو» وما تلاها.

السيسيجريدة «الشروق» الخاصة لم تختلف عن مثيلاتها. جاء عنوانها الرئيسي صباح بداية الاعتداء على اليمن «العرب يطلقون حرب الشرعية في اليمن». اعتمدت الصحيفة على آراء خبراء يؤيدون الحرب، بل يعتبرون أن احتمالات التسوية السياسية في اليمن بدون تدخل عسكري هي «صفر» وأن الضربات الجوية منعت تمدد الحوثيين وأوقفت التدخل الإيراني.

وكانت «المصري اليوم» إحدى اكثر الصحف المصرية الخاصة انتشاراً، أجرت حواراً مع وزير الخارجية اليمني قبل يوم واحد من بدء العمليات، واعتمدت على ما قاله عن ضرورة التدخل العسكري «لإنقاذنا من العصابات». وأخذت من ذلك عنواناً رئيسياً لصفحتها الأولى. وبالطبع واصلت تأييدها للحرب. وفي اليوم التالي للعملية، اختارت أن تسمي العملية «عاصفة العرب» بدلاً من اسمها المعلن.

أما جريدة «الوطن»، فلم تختلف عن زميلاتها. نشرت في صفحتها الأولى أمس خبراً تقول فيه إن الحوثيين يحصلون على أموال من إيران التي تهرّب لهم السلاح.

كل ما سبق نماذج لصحف خاصة وحزبية. لم يعد هناك داعي لأن نحكي عن كيفية تناول الصحف الحكومية للعدوان. وبالطبع هي لم يكن لها رأي آخر أو مختلف، فهي بالأساس جرائد حكومية.

الحرب على اليمن مثلها مثل باقي القضايا الكبرى التي باتت تعرّي الصحافة المصرية أخيراً أمام نفسها قبل قارئها. لا صوت يعلو فوق، صوت «الرئيس»، ولا أحد يناقشه أو يجادله. هو وحده الذي يملك الحقيقة ويسير نحوها.