نشرت القناة، أول من أمس، صورة ادعّت أنها تعود إلى رتل عسكري لحركة "أنصار الله" في صعدة دمرته "سفن حربية" تابعة لحملة "عاصفة الحزم"، ولم تخبر المشاهدين بهوية هذه السفن..
منذ انطلاق العدوان العربي الخليجي بقيادة السعودية على اليمن، حدث انقلاب جوهري في السياق الإعلامي في كل الدول العربية قاطبة، بشكل يوحي بفرز جلي يأخذ مختلف التيارات السياسية والفكرية والثقافية نحو واحد من خيارين إما مع وإما ضد.
زينب الطحان/ موقع المنار
مع لحاظ بروز أصوات جديدة تقف إلى جانب هذا العدوان وهي المعروفة بانتماءاتها اليسارية والقومية، وكان هذا الحدث الجلل على ما يبدو المصفاة التي تبقي الثمين وتنزل الغث.
وما يثير الاستغراب أكثر أنه حتى هذا "الغث" المعروف بخطه الإعلامي الغارق في موجة البترودولار السعودي ذات السطوة النافذة على معظم القنوات الإعلامية العاملة في الفضاء العربي قد زاد وكثّف من حملته ضد الحق اليمني في تقرير مصيره وانتخاب سيادته الوطنية ورفع التبعية لأل سعود عنه التي كانت قابضة على أعناقه من عقود طويلة تمتص خيراته وتمنع عنه أي حركة للتقدم والعمران.
قناة "العربية" واحدة من هذا الفريق الإعلامي المأجور إلا إنها هذه المرة تقف رأس حربة للدعاية لعدوان "عاصفة الحزم"، بشكل ممنهج وحازم في تلميع صورة المملكة السعودية وتسويغ عدوانها "الإنساني"، من خلال حملة دعائية تمارس لعبة التأليب والتزوير في فبركة التقارير والأخبار ملصقة كل ما هو "شرير" و"توحش" صفة تلازم حركة "أنصار الله" اليمنية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية تقوم بعملية "تطهير" للحلف العربي المعتدي، وخاصة المملكة، من آثام سفك دماء الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ في اليمن بغارات جوية ترتكب المجازر دون حسيب أو رقيب.
ولوحظ ما قامت به قناة "العربية" من حركة واسعة في هذا الاتجاه، فأول من أمس، أعلن المدير العام للقناة تركي الدخيل على حسابه على تويتر أن "العربية" باتت تستخدم في إيراد أخبارها ما أسماه "هشتقة الشاشة" بمعنى تصنيف المصطلحات المستخدمة في هذه الحرب لتصبح "هاشتاغ" أو وسماً على الشاشة السعودية، وهذا من شأنه توسيع الحملة الدعائية على شبكات التواصل الاجتماعي، مثلما استخدمت وسم :”#عاصفة_الحزم» أو «#سعود_الفيصل» مثلاً للدلالة على مضمون ما قاله وزير الخارجية السعودي.
ولكنّ مهما حاولت القناة ادعاء المصدقية فلم توفق في ذلك، إذ إن "حبل الكذب قصير" - كما يقول المثل العربي - ففي إجراء إعلامي عار عن أخلاق المهنة نشرت القناة، أول من أمس، صورة ادعّت أنها تعود إلى رتل عسكري لحركة "أنصار الله" في صعدة دمرته "سفن حربية" تابعة لحملة "عاصفة الحزم"، ولم تخبر المشاهدين بهوية هذه السفن، وطبعاً الهدف الذي أوردته في التقرير أنه لوقف زحف "الحوثيين" باتجاه عدن.
ولكنها على ما يبدو تنسى أن المشاهد العربي لم يعد يستغفل كما في السابق، فقد تبين أنّ الصورة تعود الى العام 1991 أثناء حرب الخليج الثانية. وسرعان ما تلقفت منصات مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت هذه الفضحية الإعلامية المفبركة، ما أجبر مديرو القناة على إزالة الخبر عن موقعها.
وطبعاً، من باب تنشيط الذاكرة أمام القراء، فإن "العربية"، نتيجة إيمانها بمقولة "إكذب إكذب حتى تصدق نفسك"، لفّقت العديد من الأحداث والأخبار في مجريات الحرب على سوريا، إلا إن عدم مصدقيتها تتكشف بشكل حقيقي أمام المرحلة التي ارتدت فيها على رجال الدين الوهابيين الذين كانوا يزكّون حرب الفتنة المذهبية ويدعون الشباب للمشاركة فيها حيث كانت تمثّل بوقاً إعلاميا لهم قبل صدور قرار سياسي من المملكة السعودية التي حاولت التبرؤ من هؤلاء حين أُتهمت بشكل مباشر أنها الراعية للإرهاب في البلاد العربية. ويمكنك أخي المشاهد العودة إلى "اليوتيوب" لتسمع الاتهامات المتبادلة بين "العربية" والعريفي"، على سبيل المثال وليس الحصر.