عقود من الحصار السياسي والاقتصادي وحتى الحروب شنت بالوكالة على الجمهورية الاسلامية الايرانية لمنعها من تعزيز نقاط قوتها من كافة النواحي.
عقود من الحصار السياسي والاقتصادي وحتى الحروب شنت بالوكالة على الجمهورية الاسلامية الايرانية لمنعها من تعزيز نقاط قوتها من كافة النواحي.فالغرب دأب منذ اللحظات الاولى لقيام الثورة الاسلامية في اواخر سبعينات القرن الماضي بقيادة الامام الخميني الى ضربها ومحاولة إضعافها بكافة السبل بدءاً من الاغتيالات التي طالت عدداً من قادة الثورة مرورا ً بالحروب العسكرية ( حرب صدام حسين ضد الجمهورية الاسلامية) وليس انتهاء بالحرب الاقتصادية التي سُعرت وتيرتها في السنوات الاخيرة بذريعة وقف البرنامج النووي الايراني.
كثيرون توقعوا الوصول الى اتفاق حول برنامج النووي الايراني خلال المفاوضات الماراتونية التي خاضها المفاوضون الايرانيون في مدينة لوزان السويسرية. ولكن السؤال الذي يُطرح بقوة لماذا تم الاعلان عن الإتفاق الان؟ ومن تنازل لمن ؟ وماذا حققه الايرانيون؟
الاقرار الغربي بحقوق الجمهورية الاسلامية اتى بعد نفاد كافة الخيارات الاخرى ، من حروب الوكالة الى الحصار الاقتصادي وحتى التحريض الذي يُمارس ضد ايران في الاقليم والعالم. ورغم ذلك لم يجد الغرب بقيادته الاميركية الا الاعتراف بحقوق ايران النووية بعدما فشلت خياراته الاخرى..
طبعاً القوى الغربية وتحديداً الاميركيون لم يكونوا ليرضخوا الى الاتفاق والتنازل في لوزان لولا اسباب عدة اهمها:
*التمسك الايراني بالحقوق النووية السلمية
*فشل سياسة الاحتواء تجاه الجمهورية الاسلامية
*عجز الغرب عن وقف التقدم النووي الايراني
*فشل خيار العقوبات الاقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية
*عجز الاميركيين عن الذهاب الى خيار الحرب في ضوء تجاربهم الفاشلة في افغانستان والعراق
*الخشية الاميركية - الاوروبية من اللجوء الى الحرب في ظل الصعوبات الاقتصادية
هذه الاسباب وغيرها دفعت الاميركيين الى الرضوخ الى "اتفاق الاطار" مع الجمهورية الاسلامية بعد سنوات من سياسة الترهيب والتهويل.
ومما لا شك فيه ان الايرانيين كانوا الرابحين الاكبر من الاتفاق ومن بعدهم شعوب المنطقة خاصة وان الاتفاق بعد اقراره بشكله النهائي اواخر حزيران / يونيو المقبل ، من المتوقع ان يطوي صفحة الحرب على ايران في السنوات المقبلة ، لكن هذا الامر على اهميته لم يكن الاساس بالنسبة الى الجمهورية الاسلامية. فالقيادة الايرانية بخبرتها المعهودة استطاعت وعبر سنوات من المفاوضات انتزاع حقها في تخصيب اليورانيوم على اراضيها مع ما يعنيه ذلك من التأكيد على استقلالية القرار الإيراني النووي وعدم تبعيته للغرب كما كان يُخطط الأميركيون...
إنتزاع الاعتراف الغربي بالبرنامج النووي الايراني لم يكن ليتحقق لولا سلسلة من العوامل ابرزها:
*تأكيد القيادة الايرانية على حق الجمهورية الاسلامية في برنامج نووي سلمي
*توحد الايرانيين خلف قيادتهم حيال طريقة ادارة الملف النووي
*عدم رهن البرنامج النووي السلمي بأي من الدول الخارجية
*تأكيد ايراني على الدفاع عن الحقوق النووية حتى آخر الطريق
*نجاح عمل المفاعلات النووية الايرانية
*فشل خيار العقوبات الاقتصادية على ايران
*فشل محاولات العرقلة التقنية للبرنامج النووي الايراني
*فشل محاولات الترهيب والتهويل التي مُورست طوال سنوات على الجمهورية الاسلامية
*وجود نخبة من العلماء النوويين الايرانيين الذين حققوا انجازات كبيرة
*فشل سياسة الاغتيالات التي شنها الكيان الصهيوني وحلفاؤه ضد العلماء النوويين الايرانيين
امام هذا الواقع لم يكن امام الغربيين الا خياراً من اثنين ، الاول: الاقرار بحقوق ايران النووية السلمية ، والثاني الذهاب الى الحرب العسكرية واستهداف المفاعلات النووية الايرانية.
تفضيل الغرب للخيار الاول كان هرباً من الخيار الثاني ولكن ليس بسبب كره واشنطن وحلفائها للحرب بل لقناعة أميركية راسخة ان العدوان على الجمهورية الاسلامية لم ولن يُوقف البرنامج النووي بل سيؤخره في احسن الاحوال.
فالعدوان على ايران كان من شأنه ان يتسبب باندلاع حرب تطال نيرانها الاقليم والعالم ، فالجمهورية الاسلامية بموقعها الاسترايتجي وامكاناتها الضخمة العسكرية والاقتصادية وجغرافيتها المترامية الاطراف ستلحق اضراراً فادحة بخصومها وتحديداً واشنطن التي عانت في السنوات الاخيرة من تداعيات حربي افغانستان والعراق ودفعت ضريبة باهظة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية. ضعف ارخى بثقله على الدور الاميركي في الشرق الاوسط الذي بدأ يضعف مقابل التماسك الايراني.
باختصار وبدون جهد كبير تُعد الجمهورية الاسلامية ومعها شعوب المنطقة أبرز الرابحين من اتفاق الاطار النووي بانتظار تثبيته في حزيران المقبل ، فهو حسم حقها النووي السلمي وسمح لها برفع للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إقتصادها منذ سنوات طويلة ، لتحصد ايران بذلك نتائج سياسة الصمود والمقاومة، وهي أضحت مقصداً لدول في الشرق الاوسط والعالم حتى كبريات الشركات العالمية بدأت تعد العدة للعودة الى السوق الايرانية من اوسع ابوابها حتى اوردت بعض الصحف البريطانية "ان فنادق طهران تعج بالمستثمرين الاجانب"..