- هناك إجماع دولي وإقليمي على اعتبار الفترة الفاصلة عن توقيع الاتفاق النهائي بين إيران ودول الغرب وعلى رأسها أميركا، هي آخر المهل المتاحة لتعديل وضع حلفاء واشنطن الغاضبين من الاتفاق
ناصر قنديل
- هناك إجماع دولي وإقليمي على اعتبار الفترة الفاصلة عن توقيع الاتفاق النهائي بين إيران ودول الغرب وعلى رأسها أميركا، هي آخر المهل المتاحة لتعديل وضع حلفاء واشنطن الغاضبين من الاتفاق، سواء تركيا أو «إسرائيل» أو السعودية، لذلك قامت تركيا بتقديم الدعم لـ«جبهة النصرة» لدخول إدلب شمال سورية في هذا التوقيت الاستباقي للاتفاق، ولذلك قامت السعودية بشنّ حربها على اليمن بالتوقيت نفسه، ولهذا أيضاً ترتفع صيحات الحرب «الإسرائيلية».
- الاحتمال الأبسط أن يكون كلّ ما يراهن عليه السعوديون والأتراك و«الإسرائيليون»، بلا قيمة، ومصيره الفشل والإفلاس، فتضطر السعودية إلى الاعتراف بفشل حربها على اليمن، وتعجز عن إطلاق دينامية يمينة داخلية تزعزع سيطرة الحوثيين وتخلق موازين قوى جديدة، وتتوسل بالتالي المتاح لولوج أبواب التسويات، سواء عبر الباب الأميركي مع إيران، أو عبر الشباك الباكستاني، وكذلك أن تكشف «إسرائيل» عن عجزها في ترجمة تهديداتها وتحويل أقوال الحرب إلى أفعال، فترتضي حجمها الجديد ومخاطر تعرّضها للمزيد من الاهتراء والتآكل، بينما تقف تركيا متفرّجة أمام تقدّم الجيش السوري لاسترداد إدلب، وهي عاجزة عن التفكير في ورطة حرب شاملة تفادتها طوال أربع سنوات.
- الاحتمال الأسوأ، أن تقف واشنطن وراء نظرية الحروب التي يتولاها حلفاؤها بين الاتفاقين، المبدئي والنهائي، فتضمن تحريك الموازين واختبار القوى قبل التوقيع النهائي وتثمير نتائجها فيه، من جهة، وإنتاج التسويات الإقليمية على الساخن، وهي لا تنتج إلا كذلك، من جهة أخرى، حيث لا السعودية ولا «إسرائيل»، تقدران على دخول التسويات من موقع المهزوم، ولا تقدر أميركا تركهما معلقتين على حبال الانتظار وسط موازين ستتغيّر ضدّ صالحهما تباعاً وبسرعة، من دون بوليصة تأمين توفرها التسويات، لكن الأهمّ أن تتمّ اختبارات القوة والقدرات والمصالح الأميركية خارج دائرة الاستهداف من إيران وقوى المقاومة، وهو ما يفترض أن يحققه التفاهم على إطار للحلّ مع إيران.
- بين الاحتمالين فرضية ثالثة، أن يلجأ حلفاء واشنطن الغاضبون إلى محاولة نسف التفاهم النهائي عبر خلق جبهات حرب بينهم وبين إيران، ويضعوا على المحك التزام أميركا بحمايتهم من أيّ خطر خارجي، وهذا ما قد يكون سبباً سعودياً لحرب لا تورّط برّياً فيها يمنياً، بل سعي إلى التحرّش بإيران، ينتج في نهايته تسوية، وينتج موازين قوى، كما قد يكون سبباً «إسرائيلياً» لحركة مشابهة نحو إيران أو نحو سورية، من ضمن الحساب نفسه، والهدف تحريك الموازين واختبار التوازنات، وتخديم المفاوضات، لكن الأهمّ أنّ هذا التحريك الساخن يمهّد للتسويات برعاية واشنطن بحدود ما أظهرته التجارب.
- ما يمنح أحد هذه الاحتمالات الثلاثة فرصة الظهور، ويبلوره كاحتمال جدي، هو كيف سيتصرّف أردوغان، خصوصاً تجاه إدلب، وبدء الهجوم السوري لاستردادها، فالجيش والاستخبارات التركية، سيعرفون قبل الكثيرين تقدير الموقف الأميركي لحركة الجيوش السعودية و«الإسرائيلية» وما يدور حولها وفيها، وعبر هذه المعرفة سيُتاح لتركيا أن تضع خطوط تحرّكها، بين الاندفاع نحو إيران، لضمان مقعد التسوية، أو التصعيد في سورية لحجز كرسي النار وربط مصير الدور التركي بنتائج الحروب التي يخوضها الحلفاء.
- من يراقب رجب أردوغان يعرف أنّ حركته ستشكل بارومتر التسويات والحروب، في المنطقة.
http://www.al-binaa.com/?article=37010
موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه