24-11-2024 03:52 PM بتوقيت القدس المحتلة

"أميرة الروم" .. الاسلام والمسيحية أبعد من التكامل

إخترقت مؤسسة رائدة في العمل المقاوم عالم الانتاج الكرتوني السينمائي، مقدّمة إلى جمهورها واحدا من روائع الافلام الهادفة والمرتكزة على حقائق تاريخية موثّقة.

"أميرة الروم"، فيلم كرتوني ثلاثي الأبعاد يحكي قصة السيدة مليكة (عليها السلام)، والدة الامام المهدي المنتظر(عج) لنشر العدل والسلام في أرجاء المعمورة.  

ندى رعد/ موقع المنار

إنجاز جديد في عالم الإبداع تحقق مطلع الأسبوع الحالي في العاصمة اللبنانية بيروت. كما في الحرب والسياسة والعلم والتكنولوجيا، إخترقت مؤسسة رائدة في العمل المقاوم عالم الانتاج الكرتوني السينمائي، مقدّمة إلى جمهورها واحدا من روائع الافلام الهادفة والمرتكزة على حقائق تاريخية موثّقة.

ساعة وربع الساعة، هي مدّة الفيلم الكرتوني ثلاثي الأبعاد "أميرة الروم"، من إنتاج جمعيّة كشافة الامام المهدي (عج) ومركز بيروت الدوليّ للإنتاج الفنّي وشارك في التنفيذ المؤسستان الايرانيتان: هفت سنك وسلوك أفلاكيان.

دقائق معدودة كفيلة بنقل المشاهد من عالم يئنّ تحت وطأة الإرهاب والمجازر الطائفية ورفض الآخر، إلى عالم رحب يجمع قيم المسيحية والإسلام، ويبرز الدور التكاملي بينهما منذ نشأتهما وحتى نهاية العالم.

يروي الفيلم قصّة حفيدة ملك الروم، مليكة بنت يشوعا ابن القيصر، تلك الشابّة المتلريمون عريجيهّفة لمحاربة الظلم والتسلّط وإحقاق العدل والسلام والامن بين البشر. لا تعنيها الثروات المادية من حولها، ولا يشغلها شاغل عن التضرّع لله، راجيةً أن يُرشدها الى الدور الإنساني الذي يجب أن تضطلع به لإنقاذ العالم.

"رسالة الفيلم هي رسالة حضارية وإنسانية عن كيفيّة التعايش بين الاديان، وهذه الرسالة تبرز كل أهميتها في هذه المرحلة التي تحاول بها بعض القوى إلغاء كل ما هو مختلف". هكذا يعلّق وزير الثقافة اللبناني روني عريجي في حديث لموقع قناة المنار، وهوراعي حفل الافتتاح، الذي أقيم في قاعة رسالات في الضاحية الجنوبية لبيروت.

بدوره يؤكد معاون مسؤول وحدة الأنشطة الثقافية في حزب الله الشيخ حسين زين الدين هذا الإنطباع: "أبرز ما يميّز هذا العمل السينمائيّ هو الجمع بين الرسائل القيّمة للدين الاسلامي والمسيحي. فهو يذكّر بالعلاقة الإيجابية بين تراث النبي محمد (ص) وتراث السيد المسيح برغم الخلافات السياسية بين الأنظمة الحاكمة".

إذاً، الهدف الرئيس من الفيلم هو التذكير بحقائق تاريخية ثابتة، كان لها الدور البارز بالتقاء المسيحية مع الاسلام لحفظ القيم الانسانية، القائمة على الاعتراف بالآخر ورفض التسلّط والهيمنة. في حين أنّ الحروب التي تعصف اليوم بالعالم، تتّخذ من الدين غطاء وذريعة لتبرير الجرائم بحقّ البشرية.

الاسلام والمسيحية: أبعد من التكامل

اللافت أيضا في مضمون الفيلم هو التكامل الواضح بين الديانتين: فالمسيحية وكتابها المقدّس بشّرا بالمخلّص الموعود في آخر الزمان، وهو ما بشّر به كذلك نبيّ الإسلام ورسول الله الخاتم، محمد (ص)، حينما قال أنّ منقذ البشريّة سيكون من ذريته.

الشيخ حسين زين الدين فكرة تكررت مراراً في عظات الأسقف الأعظم أمام الحشود الشعبية، معبّراً عن يأسه من حال الناس والمدينة، وتضامنه مع السيدة مليكة، الرافضة لزواجها من القائد العسكري كرايتوس كونها مقتنعة بعدم قدرته على بسط العدل في بلاد الروم.

"المسيحية والاسلام ليسا فقط متكاملين بل سيلتقيان في نهاية التاريخ. السيد المسيح من إرث امرأة إسمها مريم وهي التي تبشّر السيدة مليكة بزواجها من سيّد جليل على قدر ما تطمح إليه. والامام المهدي من إرث امرأة اسمها فاطمة، بنت رسول الاسلام"، يضيف الشيخ زين الدين.

ففي نهاية الفيلم الكرتوني، تظهر شخصية السيدة مليكة هانئة بزواجها وراضية بما اختاره الله لها. وتبلغ قمّة سعادتها عند ولادة طفلها، الأمل الذي سيعمّ البشرية. وفي المشهد الاخير، تبدو الجموع البشريّة منبهرة بفيض النور الذي يغمرها لحظة الولادة.

مجابهة الحرب الناعمة والعبثية الفكرية

عباس شرارةمن الأهداف الأساسية لهذا الفيلم الكرتوني، إيجاد مساحة لصغار السنّ للتعرّف على قيم الديانات السماوية وتكوين الوعي المعرفي لديهم. الرسوم المتحركة هي وسيلة مميّزة تستهدف الاطفال. الرسوم العادية تغلّب الطابع الفكاهي لكنّها تنطوي على أفكار ومرتكزات تربوية خاطئة. إستطعنا أن نخترق تقنية الرسوم المتحرّكة ثلاثية الابعاد بطريقة هادفة وتربوية. وهذا الفيلم ليس سوى بداية لمشوار طويل في عالم الانتاج الكرتوني السينمائي الهادف"، يقول لموقع المنار عباس شرارة، المشرف على الإنتاج.

ويضيف الشيخ حسين زين الدين حول هذه الفكرة: "هذا الفيلم ينطوي على فائدة تربوية كبيرة من خلال تعريف الاطفال على مفهوم العدل والشخص المخلّص. بينما تعمل الرسوم المتداولة على تكوين ذهنيّة عبثيّة وخيال قاتل للإنتماء، يقدّم هذا النموذج رسوماً ذات مضمون تربوي، يوجدُ تحفيزاً لدى الأطفال لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنّها الغرب على المسلمين".

إذاً، أميرة الروم، والدة المخلّص، شبيهة القدّيسات أو المؤمنة الجليلة، تختلف التسميات بين ديانتين سماويتين، لكنّها تلتقي جميعها لتجسّد حياة امرأة رسالية، مهّدت الطريق للبشريّة لتنعم بعدل مرتقب. فمهما اشتدّ سواد أيّامنا، لن تحجب الغيوم شعاع النور!..