ظل امتناع أي من أعضاء مجلس الأمن الدائمين عن التصويت على القرارات تحت الفصل السابع، يُعد نقضاً للقرار... بقي هذا العُرف الدولي قائماً، قبل أن تكرس الولايات المتحدة الأميركية عُرفاً آخر عام 1950
إسراء الفاس
ظل امتناع أي من أعضاء مجلس الأمن الدائمين عن التصويت على القرارات تحت الفصل السابع، يُعد نقضاً للقرار... بقي هذا العُرف الدولي قائماً، قبل أن تكرس الولايات المتحدة الأميركية عُرفاً آخر مع اندلاع الحرب الكورية عام 1950، وفق ما يذكر الخبير في القانون الدولي د. علي فضل الله.
عام 1950، اضطر الرئيس الأميركي هاري ترومان للجوء إلى مجلس الأمن الدولي لتوفير الغطاء الشرعي للتدخل العسكري الأميركي في كوريا. استغل الأميركيون يومها غياب ممثل الاتحاد السوفيتي جاكوب مالك الذي كان محتجاً على منح مقعد الصين الشعبية لصالح تايوان، فأصدر مجلس الأمن قراري (82) و(83) الذي تم على أساسه التدخل العسكري الغربي في كوريا، ليُكسر العرف الدولي الذي كان يعتبر الامتناع بمثابة نقض، ويغدو منذ ذلك الحين، الامتناع مجرد تعبير عن موقف معارض لمشروع، دون أن يكون له مفعول إبطال تمرير القرار.
في هذا الإطار، رغم تأييد 14 دولة لم يحل إمتناع روسيا عن التصويت دون تبني القرار الخليجي، بشأن اليمن تحت الفصل السابع، يوم الثلاثاء 13 نيسان/أبريل. ونص القرار الدولي على فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي، وعلى حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية للحركة.
وبعد تبنى القرار سارع الإعلام السعودي إلى التهليل والاحتفال بصدوره، ووصف القرار بأنه "عاصفة حزم سياسية". فماذا عن موقف حركة أنصار الله من القرار الدولي؟ وكيف علقت على الموقف الروسي؟
"لم يقدم قرار مجلس الأمن أي جديد، بل إنه أتى كخطوة واضحة تؤكد سياسة المجتمع الدولي في الوقوف أمام مطالب التغيير الموجودة في الداخل... وأتى لرد اعتبار نسبي لأموال السعودية، التي تصرف على هذه الدول"، وفق ما علق عضو المجلس السياسي لحركة أنصار الله علي العماد.
والواضح في القرار الدولي أنه أتى ليشكل "رفداً ودعماً معنوياً للتحالف السعودي-الأميركي"، حاولت استغلاله الاعلام السعودي لتسجيل "انتصار معنوي أمام شارعه"، لكنه "لم يلب الرغبات السعودية بجر المجتمع الدولي لتدخل عسكري مباشر في اليمن"، يقول عضو المجلس السياسي في حركة انصار الله علي العماد في حديثه لموقع قناة المنار.
ولم تكن السعودية بحاجة إلى قرار دولي- لا شك أنه كلفها مادياً- لولا العجز العسكري والضعف السياسي الذي أخذت تعاني منه. عسكرياً، لم يُسجل للقوات السعودية ومن معها تسجيل أي إنجاز عسكري ولم تتمكن القوات نفسها من دفع اليمنيين للخضوع بشكل كامل للرغبات السعودية. أما سياسياً، فوجئ حلفاء آل سعود بأن المملكة زجت بهم في حرب قررتها ومضت بها دون مشورة أو أخذ علم مسبق، إلا ان المملكة نفسها صُدمت لاحقاً بالموقف الباكستاني الرافض للمشاركة العسكرية، والموقف المصري المتذبذب بين الحاجة للمال السعودي ورفض مؤسسته العسكرية للمشاركة في معارك خارج الحدود المصرية، كما فاجأها الموقف التركي المنحاز للحل السياسي في اليمن.
يؤكد علي العماد أن السعودية "حاولت أن تزج بالأطراف زجاً في معاركها. هي حاولت استثمار أموالها التي دفعتها للحكام والأنظمة، ولكن حالة التغيير التي وجدت داخل الأنظمة لم تفسح المجال لهذه الأنظمة أن تذهب بعيداً بسياساتها، هذا خارجياً. أما داخياً، توهمت أن أنصار الله سينشغلوا بمواجهة الخارج ويتركوا الأدوات السعودية لتعبث في الداخل، إلا أن القوات اليمنية واللجان الشعبية تحركوا بوجه القاعدة والأدوات السعودية العابثة بالأمن والسلم الاجتماعي، لافشال المشروع السياسي للسعودية الذي يريد نقل الصراع من صورة إلى صورة أخرى."
لجأت السعودية إلى مجلس الأمن، الذي أرادت توريطه بتدخل مباشر، إلا انها أخطأت حساباتها هذه المرة أيضاَ. يقتنع عضو المكتب السياسي لأنصار الله أن " هناك لعبة دولية قذرة شاركت السعودية بها" معتبراً أن حليف آل سعود الاستراتيجي (الولايات المتحدة الأميركية) دفع بهم إلى مسارات رسمتها سياساتهم "غير المدروسة". واليوم فشل وعجز السعودية هو ثمن "تدفعه نتيجة استكبارها" بحسب العماد.
ماذا عن الموقف الروسي؟ يجيب علي العماد: "نحن ننظر من زاوية واقعية، الموقف الروسي مدروس - بغض النظر عما اذا كان موقفاً قريباً أو بعيداً عن موقف أنصار الله - ويأتي في سياقات معقولة". منذ بداية الأزمة "استطاعت روسيا كبح الجموح السعودية باتجاه دفع المجتمع الدولي لاتخاذ مسارات خطرة وكارثية في اليمن، الموقف الروسي استطاع ان يضبط، وهو موقف مقبول في سياق سياسات الدول ومصالحها الخاصة".
في مورد تعليقه على نص القرار، كتب ضيف الله الشامي ساخراً في حسابه على الفايسبوك "جديد القرارات..!! حظروا على اليمن استيراد اﻷسلحة...!! أغبياء لم يفهموا الدروس بأننا لن نستورد السلاح منهم بل سنأتي ﻷخذه منهم....."، في تلميح إلا أن تسليح أنصار الله كان بمعظمه مما غنمته الحركة من الجيش اليمني والسعودي في حروب سابقة لم تهزم يوماً فيها.
بدوره، يسخر علي العماد - في حديثه مع موقع قناة المنار - من الشق المتعلق بتجميد أرصدة السيد عبدالملك الحوثي وقيادات في الحركة قائلاً: " لا يوجد لدينا أرصدة وبنوك وبعضنا ليس لديه حساب مصرفي حتى.. السيد عبدالملك الحوثي مشروع وطني خالص، ليس في حساباته إلا الحج وهذه لها ظروفها وستأتي أيامها إن شاء الله".